وثائقي عن «داعش» يستقطب ملايين المشاهدين ويثير جدلاً في بريطانيا وأمريكا

حجم الخط
0

لندن – «القدس العربي»: أثار فيلم وثائقي باللغة الانكليزية عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» ضجة واسعة داخل بريطانيا، وجدلاً كبيراً حول مدى قانونيته بعد أن تمكن من استقطاب نحو خمسة ملايين مشاهد على شبكة «يوتيوب» ودفع الكثير من وسائل الإعلام إلى الحديث عن الفيلم وسط اتهامات بالتورط في الترويج للتنظيم الذي سمح بتصوير غالبية المشاهد والمقابلات المستخدمة فيه.
وحمل الفيلم الذي أنتجته وبثته قناة (Vice News) البريطانية على «يوتيوب» اسم «الدولة الإسلامية» أو (The Islamic State) ورصد من عدة جوانب كيفية إدارة «داعش» لشؤون الناس في مدينة الرقة، والمؤسسات التي أنشأها التنظيم هناك، بما فيها «الحسبة» التي تمثل ما يشبه وزارة التموين وتقوم بتفقد أحوال الناس والتأكد من سير شؤونهم التجارية والحياتية دون أية مشاكل وتسير دوريات منتظمة في الشوارع على مدار الساعة، إضافة إلى أنها تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على غرار ما تفعل الشرطة الدينية في السعودية.
كما يرصد الفيلم العديد من المؤسسات الأخرى التي أنشأها تنظيم «داعش» في مدينة الرقة، ومن بينها ديوان المظالم، والمحاكم التي تقضي بين الناس، إضافة إلى رصد للحياة اليومية للسكان والتي تبدو حياة طبيعية، حيث يلهو الأطفال ويلعبون في الأماكن المخصصة لهم، ورصد الكثير من الأطفال والمدنيين الذين يسبحون في النهر من أجل اللهو والاستمتاع.
أما أهم ما يورده الفيلم الذي يصاحبه تعليق بالانكليزية، فهو حالة الرضى التي يعبر عنها غالبية أو كل من تحدثوا للكاميرا، إضافة إلى عمليات مبايعة الخليفة الأمير أبو بكر البغدادي والتي تتم في المساجد والأماكن العامة، فضلاً عن مقابلات مع عدد من المقاتلين الأوروبيين الذين تركوا بلادهم وهاجروا إلى دولة «داعش» الإسلامية، ومن بينهم رجل يتحدث إلى العامة في احتفال كبير ويقول إنه هاجر إلى «الدولة الإسلامية» بعد 25 عاماً قضاها في أوروبا، أما رجل آخر فيحمل الجنسية البلجيكية ويظهر إلى جانب طفله الصغير ملقناً اياه بأن «من هم في بلجيكا كفار، وأنه مواطن يتبع الدولة الإسلامية وليس بلجيكيا».
ويتوعد مقاتل آخر بأن يرفع علم «الدولة الإسلامية» على البيت الأبيض، فيما يتوعد آخر بهزيمة أمريكا وتفتيتها وتقسيمها.

جدل واسع في بريطانيا

وأثار الفيلم جدلاً كبيراً في بريطانيا، كما استقطب حتى ساعة رصده من «القدس العربي» نحو خمسة ملايين مشاهدة، مسجلاً رقماً قياسياً كبيراً مقارنة بغيره من الأفلام ومقاطع الفيديو التي تزدحم بها شبكة الانترنت.
وتساءلت مجلة «ذا أتلانتك» عن مدى قانونية ومشروعية الفيلم مشيرة إلى أنه يأتي في الوقت الذي أصبح فيه عمل الصحافيين الغربيين مستحيلاً في دولة «داعش» بعد أن تم إعدام كل من الرهينة جيمس فولي، والرهينة ستيفن سوتلوف.
وتشير المجلة في تقريرها إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تصنف الفيلم على أنه «جريمة فيدرالية» في حال أرادت أن تقاضي القناة المنتجة «vice news» على الانترنت، أو رغبت في مقاضاة منتج الفيلم مدين ديرية. وبحسب المجلة فإن الوثائقي يمكن أن يمثل انتهاكاً للقوانين التي تحظر إنتاج وبث المواد الفيلمية التي تمثل ترويجاً ودعماً لمنظمات إرهابية أجنبية، لكن المجلة تشير إلى أن الاهتمام في الولايات المتحدة وأوروبا ينصب بالدرجة الأولى على وقف تدفق الأموال والمقاتلين إلى صفوف «داعش»، وهو ما يجعل من الالتفات لمثل هذه الأفلام أمراً ثانوياً بالنسبة لأجهزة الأمن في الدول الغربية.

منتج الفيلم: حملة مغرضة

واعتبر منتج الفيلم مدين ديرية في تصريحات لـ»القدس العربي» أن الجدل الذي انشغلت به وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية في الآونة الأخيرة ليس سوى «حملة مغرضة من اليمين، وخاصة في الولايات المتحدة»، إلا أنه أشار إلى أن الحملة هدأت بعد أن حصل الفيلم على جائزة «فرود لاين» للنزاهة والشجاعة والتي تمثل بحد ذاتها رداً على الشبهات التي أثيرت حوله وشهادة على حياديته ونزاهته.
وأوضح ديرية لــ»القدس العربي» أن الفيلم استقطب أكثر من 40 مليون مشاهدة، وأن ما حصد خمسة ملايين مشاهدة على «يوتيوب» ليس سوى أحد الأجزاء الخاصة بالفيلم، حيث تم تحميله أكثر من مرة وبأكثر من جزء.
ويشير ديرية إلى أن الفيلم تمت ترجمته إلى 28 لغة حتى الآن، وهو ما يؤكد الاهتمام العالمي بموضوعه، وما كشفه للمشاهد في العالم الغربي، من مضمون مهم وذو قيمة عالية.
ويؤكد ديرية أن الفيلم لم يتضمن ما ينتهك القوانين في بريطانيا والولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه «عمل صحافي ومهني بحت، وتم عرضه على محامين ومستشارين قانونيين حيث أكدوا نزاهته وعدم انتهاكه للقوانين بأي شكل من الأشكال».
ويبدي ديرية استعداداً لأي مواجهة قانونية وقضائية بشأن الفيلم، مؤكداً أنه تعرض لحدث بالغ الأهمية، ولم يكن سوى توثيق لما يجري في سوريا والعراق.
يشار إلى أن ديرية منتج أفلام فلسطيني كان قد سافر إلى سوريا أكثر من مرة من أجل توثيق ما يجري هناك، كما سافر إلى ليبيا أيضاً خلال فترة الثورة والنزاعات المسلحة التي تلتها وصور الكثير من المواد الفيلمية من هناك أيضاً، كما أقام العديد من المعارض وعرضت أفلامه في العديد من الأماكن، وحصل على جوائز تتعلق بأعماله الفنية وإنتاجاته من الأفلام الوثائقية.

فايس نيوز

وتمثل شبكة (Vice News) واحدة من أهم القنوات على موقع «يوتيوب» في العالم، كما أنها من أشهر القنوات في بريطانيا وتنافس كبريات المحطات التلفزيونية رغم أن بثها يقتصر على الانترنت وعلى شبكة «يوتيوب» فقط، وليس لها أي بث تلفزيوني تقليدي.
وتأسست قناة «فايس نيوز» قبل عام واحد فقط، وتحديداً يوم 20 تشرين ثاني/ نوفمبر 2013، إلا أنها خلال عام واحد تمكنت من إنتاج وبث أكثر من أربعة آلاف فيديو، كما استقطبت هذه المواد الفيلمية أكثر من 1.5 مليار مشاهدة في مجموعها، وهو رقم قياسي لا تصل اليه كبريات الشبكات الإعلامية في العالم.
ولدى «فايس نيوز» أكثر من 9 ملايين مشترك على «يوتيوب» يتابعون ما تنشره باستمرار وعلى مدار الساعة، فيما تمكنت صفحة «فايس نيوز» على فيسبوك من الوصول إلى أكثر من مليون «لايك» خلال عام واحد من التأسيس، وهو ما يعكس حجم الاهتمام بما تنشره من فيديوهات مثيرة ومهمة.
ولدى شبكة «فايس نيوز» موقع الكتروني استطاع أن يحقق صعوداً صاروخياً على مستوى العالم خلال فترة زمنية قياسية، حيث يحتل المركز الـ328 على مستوى العالم بحسب مؤشر «أليكسا» ليتفوق بذلك على وسائل إعلام عملاقة مثل جريدة «الغارديان» البريطانية وجريدة «فايننشال تايمز» وغيرهما من المواقع الالكترونية الكبرى على شبكة الانترنت.

محمد عايش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية