غزة- “القدس العربي”:
بالرغم من الظروف الصعبة الحالية التي فرضتها جائحة “كورونا”، والتي أثرت بشكل كبير على الأسرى في السجون، من خلال حرمانهم من الزيارات، وعدم تلقي الرعاية الصحية اللازمة، إلا أن سلطات الاحتلال تواصل تنفيذ حملات الاعتقال بشكل مكثف.
وفي هذا السياق، قال نادي الأسير الفلسطيني إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت أكثر من 3 آلاف و300 أسير فلسطيني، منذ بدء انتشار فيروس “كورونا” في مارس الماضي. وأوضح النادي أن حملات الاعتقال شملت الأطفال والنّساء، وكبار السّن، والمرضى والجرحى.
وأكد أن الاحتلال حوّل الوباء لـ”أداة قمع وعنف بحق الأسرى”، لافتا إلى أنه رغم تزايد تسجيل الإصابات بين صفوفهم، لا سيما في نوفمبر الماضي، إلا أنه استمر في عمليات الاعتقال اليومية الممنهجة، والتي رافقتها عمليات عنف وقمع وترهيب بحق المعتقلين وعائلاتهم.
وذكر نادي الأسير أن أعلى نسبة اعتقالات كانت في يونيو الماضي، حيث وصل عدد حالات الاعتقال إلى 469، لافتا إلى أنه ومنذ شهر نيسان الماضي، سُجلت قرابة 140 إصابة بفيروس “كورونا” بين صفوف الأسرى، وفقًا لما أُعلن عنه، ومتابعة المؤسسات المعنية، حيث يمكن أن تكون حالات أخرى لم يُعلن عنها، خاصة أن بنية السجون تُشكل بيئة محفزة لانتشار الوباء، عدا عن احتكار مصلحة السجون للرواية الخاصة به.
وأوضح أن عرقلة زيارات المحامين للأسرى تضاعفت في تلك الفترة، حيث توقفت لمدّة مع بداية انتشار الوباء، ثم جرى استئنافها ضمن قيود محددة، الأمر الذي وضع الأسرى في عزل مضاعف ما شكل خطرا مضاعفا على مصيرهم، حيث ما تزال هناك تخوفات كبيرة من احتمالية انتشار الوباء بين صفوفهم بشكل أوسع، خاصة بعد ما شهده سجن “جلبوع” خلال نوفمبر الماضي.
وأكد على ضرورة الضغط جديًا على مصلحة سجون الاحتلال، من الجهات المختصة والمؤسسات الحقوقية الدولية، خاصة الصليب الأحمر الدولي، وذلك من أجل السماح بتوفير مكالمات هاتفية للأسرى مع عائلاتهم.
وكانت الجهات التي تتابع ملف الأسرى، أكدت أن سلطات الاحتلال تمنع عنهم وصول المواد المعقمة، وكذلك الأطعمة التي تقوي المناعة، وتصر على وضعهم في أماكن مكتظة ولا تصلح للعيش الآدمي.
وكانت جامعة الدول العربية، قد أكدت أن عام 2020، يعد الأكثر انتهاكاً بحق الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وجاء ذلك في تقرير صدر عن قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة، وتضمن أبرز الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى خلال العام الجاري.
وقد أكد التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي أمعن في الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى، وتجاهل توصيات المنظمات الدولية بالإفراج عنهم خوفا من تفشي فيروس “كورونا”، في ظل اكتظاظ السجون، واستمرار الاعتقال الإداري دون لائحة اتهام، وارتكاب مزيد من الانتهاكات لاتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، والقانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بحقوق الأسرى، موضحا أن الاحتلال سعى خلال عام الجاري، لإعادة أوضاع الأسرى للمربع الأول من تجربة الاعتقال في بداية الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة، وعمل على منع الزيارات بحجة “كورونا”، وعزل الأسرى بظروف صعبة.
ولفت إلى أن الأسرى عانوا خلال العام الجاري، من انعدام أدنى المعايير لحقوقهم الإنسانية والمعيشية، كما انتشرت أجهزة التفتيش والتشويش والكاميرات في كل زوايا الأقسام، كذلك اكتظاظ الغرف، وانعدام التهوية، وسوء الطعام كما ونوعا، والتفتيش اليومي، والغرامات المالية الباهظة، والبرودة والرطوبة في الشتاء وشدة الحرارة في الصيف، والحرمان من زيارة المحامين وإدخال الرسائل والمس بالشعائر الدينية، وعدم توفير أماكن للعبادة، وعدم التعاطي مع مطالب الأسرى في شعائر رمضان والأعياد والمناسبات الدينية، ومنع التعليم الجامعي وتقديم الثانوية العامة وإدخال الكتب، خلافا للمادة 94 من اتفاقية جنيف الرابعة التي أكدت على تشجيع الأنشطة الذهنية والتعليمية والترفيهية والرياضية للأسرى.
وذكر التقرير أن السياسة الإسرائيلية القمعية مستمرة تجاه الأسرى في مخالفة وخرق الالتزامات والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وقامت باقتطاع وخصم مخصصات أسر الشهداء والأسرى من العائدات الضريبية.
وأوضح التقرير، أن العام الجاري شهد ارتفاعا في عدد شهداء الحركة الأسيرة، حيث استشهد 4 أسرى جراء الإهمال الطبي المتعمد بحقهم، وتعرض كل من دخل سجون الاحتلال لكافة أشكال التعذيب النفسي والجسدي، الأمر الذي يخالف المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1979 و1990 على التوالي، والتي أكدت على حماية صحة السجناء والرعاية الطبية للأشخاص المحتجزين في استهتار واضح من قبل الاحتلال بحياة الأسرى، ما أدى لانتشار فيروس “كورونا” بينهم.
وكان التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين، قد أعلن عن إطلاق حملة دولية للتضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي واعتبار 2021 عاما للوفاء لهم، وذلك في ختام أعمال مؤتمره الافتراضي السادس، تحت شعار “كل التضامن مع الأسرى المرضى والحرية لأسرى فلسطين”، الذي عقد في رام الله وأوروبا، بمشاركة 45 دولة عربية وأوروبية وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، والذي عقد الأسبوع الماضي واستمر لمدة أربعة أيام.
وأوصى التحالف، بتكثيف الجهود والضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل إطلاق سراح الأسرى المرضى الذين يعانون أمراضا خطيرة، وإنقاذ حياتهم، ووقف سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحقهم، وتقديم العلاج اللازم لهم، وطالب في بيانه الختامي بالضغط على الاحتلال لإلغاء سياسة الاعتقال الإداري، وإطلاق سراح كافة المعتقلين الإداريين، والأطفال والنساء وكبار السن، والإفراج عن جثامين الشهداء الأسرى المحتجزة لديه، وتسليمها إلى عائلاتها ليتم دفنها وفقا للأصول.
وشدد على أنه سيتم تشكيل فريق طبي قانوني فلسطيني ودولي قادر على قراءة الملفات والتقارير الطبية المتعلقة بالمعتقلين، وإبداء الرأي والملاحظات عليها، وإثارتها دوليا، والعمل على تدويل قضية الأسرى والإسراع في إحالة الجرائم المرتكبة بحقهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، والقضاء الجنائي الدولي، حتى لا تبقى إسرائيل كسلطة محتلة فوق القانون الدولي، وتستطيع الإفلات من العقاب، وأعلن رفضه قرار حكومة الاحتلال بخصم مخصصات الأسرى من أموال المقاصة، ودعا المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات حاسمة وواضحة، لمعاقبة إسرائيل ومحاسبتها على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، والحركة الأسيرة على وجه الخصوص، وفرض عقوبات دولية عليها.