الكسكس طبق للكرامة…أم للإهانة… وزيرة الثقافة… الجدل المتواصل

بقيت ردود الأفعال التي تراوحت بين السخرية والسخط، متواصلة، بسبب تصريحات وزيرة الثقافة والفنون الجزائرية مليكة بن دودة والتي اعتبرت بأن المرأة التي لا تجيد فتل الكسكسي تشكل تهديدا لعائلتها… بتلقائية أو بقصد، فقد فتحت العبارة دون غيرها شهية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ووصلت حتى مجلس النواب، حيث سألت أميرة سليم النائب في المجلس الشعبي الوطني وزيرة الثقافة إن كانت تحسن صنع الكسكسي، حيث نشرت على حسابها الخاص على «فيسبوك» تقول «… من الواجب سؤالك معالي الوزيرة، هل تحسنين صنع الكسكسي؟» وتابعت تقول «ألا تعلمين أن هذا الطبق الشعبي هو رمز اجتماعي للأسرة الجزائرية في يوم الجمعة على مائدة الطعام؟ يتساوى فيه الغني والفقير، المسؤول والأجير؟ كما تساءلت أميرة سليم «ركزت على طبق الكسكس وتهديد العائلة فماذا عن برنامجك الوزاري، وانجازاتك الوظيفية؟»
أما النائب ابراهيمي لخضر، فبعث برسالة للوزيرة يقول فيها «بأن حتى الرجال يحسنون طهي الكسكس لكن أين الثقافة؟ بصفتي أنتمي لمنطقة في معقل وموطن الكسكسي (الجلفة) التي أصبحت موضع جدل بين الوزراء والنواب والمثقفين والنخبة حيث الكرم لا يتجسد إلا من خلال موائد الكسكسي ولحم الخروف وقلوب عامرة بالحب والشهامة»… ويضيف في منشوره الطويل «… ولأن السيدة وزيرة الثقافة فرحانة جدا بتصنيف الكسكسي كموروث ثقافي جزائري مشترك مع بعض دول الجوار، ودفعتها حماستها لشتم النساء… بل اعتبرتهن خطرا على العائلة الجزائرية وهو ما أثار حفيظة الزميلة النائبة أميرة سليم التي دافعت عن المرأة الجزائرية أمام هذه الاهانة…» ويبدو أن النائب جاءته الفرصة ذهبية ليوجه للوزيرة سيلا من الانتقادات بشأن عجزها في تسيير قطاعها حيث يواصل قائلا: «… اتركي الكسكسي للعائلات الجزائرية وانشغلي بشؤون الثقافة والمثقفين وانهيار المسرح واهتراء قاعات السينما… سيدتي، اتركي لنا شأن الكسكسي وقولي لنا ماذا قدمت للثقافة الجزائرية في عهدتك الوزارية غير الانزياحات والاستعراض ولغو الكلام والاستفزاز لقيمنا ولثوابتنا لدرجة أنك تستحين أن تقولي بأن العربية هي لغة القرآن في تغريدتك حول اليوم العالمي للغة العربية… سيبقى في تاريخك سيدتي الوزيرة أنك دشنت عهدك بسجن أحد إطارات الوزارة وهو مدير الثقافة لولاية المسيلة بسبب رأيه واجتهاده في قضايا تاريخية مختلف فيها». وفي نهاية المنشور يخاطب الوزيرة قائلا «سيدتي الوزيرة سترحلين من الوزارة قريبا ولن يبقى في تاريخك على رأس الوزارة سوى أنك فشلت في كل شيء ولم تنجحي إلا في نصرة الكسكسي في اليونيسكو حتى كدنا نسميك وزيرة الكسكسي، فنحن قبل الكسكسي شعب الكرم والشهامة والتضحيات، فضلا عن كوننا شعب الثقافة التي لم تقدمي لها شيئا.»

الخطر الحقيقي على الثقافة

كما أجمع العديد من المثقفين والفنانين بأن الكسكسي ليس في خطر وأرسلوا، من خلال حساباتهم على «فيسبوك» حزمة من الانشغالات، بل الكثير من مظاهر الفن والثقافة التي هي في خطر… وتحتاج من الوزارة أن تصنفها على قائمة اليونيسكو للصون العاجل… من هؤلاء عامر محمد الذي نشر على صفحته يقول «… ماشي الكسكسي هو اللي راه في خطر (ليس الكسكسي من هو في خطر) وماشي المرأة اللي ماتعرفش تفتل الكسكسي هي التي تهدد الأسرة» يواصل «الذي في خطر هي الثقافة الوطنية والتهديد المتمثل في نكران تاريخنا ونسيان عاداتنا وتقاليدنا واستيراد ثقافة غريبة وفرضها علينا باسم الدين وباسم اللغة. الخطر والتهديد هو انغلاقنا وتقوقعنا على واقع ثقافي بائس… الخطر هو غلق المسارح ودور السينما وانعدام الانتاج المسرحي والسينمائي، الخطر هو قلة تأليف وترجمة الكتب وطباعتها. الخطر كما جاء في منشوره يمس الموسيقى وتقهقرها لاسيما الشعبية منها والوطنية… الخطر هو اندثار التراث الشعبي بمختلف مكوناته… الخطر هو انعدام المتاحف وغلقها… الخطر هو تهميش الباحثين في الثقافة والمثقفين والفنانين الحقيقيين وتجميع المهرجين والسحرة والمشعوذين… الخطر الذي يهددنا هو استمرارنا في استيراد ما نفتله من كسكسي.»
أما خديجة عتو، فنشرت على صفحتها في «فيسبوك» بشأن تصريحات وزيرة الثقافة «… المرأة التي لا تحسن فتل الكسكس تشكل تهديدا لعائلتها… تهمة جديدة… ليست مجرد عبارة جنسوية اختزالية لشاب من شباب الحي شبه أمّي… لا، بل كلمات امرأة ناضجة، وذات تكوين فلسفي وإطار سامي من إطارات الأمة… لذلك نحن نعلم الان، بأن الجنوح بمختلف أشكاله: الاغتصاب، السرقات، الاعتداءات… سببته قوى الشر للأم التي لاتعرف «تدوير» الحبوب «الإلهية» (المقدسة) والتي تكرس وقتها لأعمال شيطانية بالضرورة…»
بينما هناك من اعتبر بأن الكسكسي أكثر من الدين والسياسة واللغة وحّد أبناء المنطقة… مثل الروائي أمين الزاوي وبسبب الغوص في التاريخ العميق والعريق للكسكسي وربطه بمملكة نوميديا… والحماس بأنه جزائري أكثر، جعل الوزيرة تقع في المحظور وتهين المرأة التي لا تحسن تدوير وتكوير حبات الكسكس… ماذا لو لم ترفض المجاهدات أثناء الثورة التحريرية البقاء في البيت والتآنس بالمطبخ وفتل الكسكسي… ماذا لو لم يتمردن ويحملن السلاح وكسرن التقاليد في تلك الفترة… وقمنا بأعمال الأبطال وحمل السلاح … حتما كنا سنبقى فتالات للكسكس بامتياز وما كنا سنشكل تهديدا لأسرنا….
يبدو أن من انتصر لكرامة النساء الجزائريات اللواتي يشكلن تهديدا على أسرهن، أكثرهن من الرجال، لان من يمس بكرامة المرأة يمس بكرامة الرجل مهما كانت صفته زوجا أو اخا أو زميلا في معركة بناء المؤسسات… إلا من دجنتهم السياسة والمناصب من الرجال والنساء فأكلوا الكسكس، مع كرامة النساء…

سميرة الداودي…وفتاوى رأس السنة الجديدة

في الأيام القليلة الماضية انتفض المغاربة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، على مقطع فيديو للراقصة ومغنية الملاهي سميرة الداودي التي وجهت رسائل للعديد من هيئات ووزارات في الحكومة المغربية، مثل وزير النقل وللقائمين على مراكز الشرطة ورئيس الأوقاف (أم تقصد وزير الأوقاف)… وهذا بمناسبة اقتراب رأس السنة الميلادية الجديدة…2021… « الله يستر من اللي جاي»… حيث قالت «أوجه نداء خاصا لوزير النقل أرجوك سيدي الفاضل أن توفر النقل للمواطنين الذين سيسهرون (في الملاهي) وأن تكون وسائل النقل كسيارات الأجرة والحافلات نظيفة… لنقل السكارى وايصالهم إلى بيوتهم «بخير وعلى خير» وبأمان». مضيفة بأن «هذا حق وواجب مشروع، حق الحكومة على المواطنين (تقصد واجب الحكومة على المواطنين) فيجب على الحكومة أن تهتم بالشعب ليلة رأس السنة، فيكفينا ما رأيناه من الهموم طوال السنة، لابد للإنسان أن يخرج ويفرج عن نفسه ويفرح»… كذلك توجهت بندائها لرجال الأمن الذين تحبهم وتقدرهم بما أن الشرطة في خدمة الشعب، وتطلب منهم تنظيف مراكز الشرطة ووضع أفرشة نظيفة، لإخوانها السكارى الذين سيدخلون تلك المراكز في حالة اعتقالهم… فكل واحد وظروفه… كما تطالبهم بتوفير سبل الراحة لهم في الصباح عندما يستيقظون لكي يتقدموا إلى السيد وكيل جلالة الملك… وذلك بتوفير «البيرة الباردة» لهم لكي «يعرفوا واش يقولو»… وتعتبر هذا مطلبا مشروعا… كما تطلب من أصحاب الملاهي أن يبقوا فاتحين محلاتهم… والأدهى والأمر أنها تتوجه لرئيس الأوقاف الذي تكن له الاحترام على حسب قولها، والذي لاتريد ذكر اسمه، أن يترك المساجد مفتوحة حتى الفجر حتى يستطيع الاخوة المغاربة المسلمين من الاحتفال، برأس السنة الدخول للمساجد والصلاة، وأن يدعوا لهم (للمحتفلين برأس السنة) بالهداية والغفران والصراط المستقيم…
والله فيها الخير تطلب رفع الحظر على الملاهي والمساجد أيضا، فهي تفكر في الجميع وليست أنانية…
لاقى المغاربة نداءها بسخط كبير، وممن قمن بالردّ عليها السيدة فاطمة البحرية والدة الضابطة وهيبة، حيث طلبت منها الاحتفال برأس العام بمفردها… وبأن الديمقراطية تخص فقط «العاهرات» و»ملوثات المجتمع» وبسبب من مثلكن جعلتم عباد الله يضحكون علينا… وأضافت «أنت لم تحتقري نساء المغرب، احتقرت مؤسسات المملكة» وتتمنى «من السلطات أن تعطي هذه الزنديقة جزاءها»… «افسدي بينك وبين خالقك… لكن تضيف فاطمة البحرية على الداودي « تريد أن تدوس على كرامة المغارية كلهم… مستحيل أن يقبل الشعب المغربي والشباب المغربي محرضة مثلك… « لله في خلقه شؤون…
الشيخة سميرة الداودي تدلي برأيها في كل المواضيع السياسية والدينية وغيرها… فنشرت أيضا فيديو وهي تأكل المسمن وتشرب الشاي لتتكلم عن موضوع التطبيع وبأنها تؤيده وهي تحتفل به كسائر كل المغاربة… وانتقدت الفلسطينيين الموجودين خارج فلسطين وبأنهم لا يحبون المغاربة ولا يهتمون بقضيتهم… الخطابات التي تسوغ للتطبيع وتؤيده وتشرعنه… وليست فقط «الشيخة» من تقول بذلك بل النخب حتى بالبلدان التي لم تطبع… ويبقى المغاربة من مختلف الفئات والأوساط، يرفضون التطبيع كغيرهم من الشعوب العربية، بالرغم من تركيز وسائل الاعلام المختلفة على الاستثناءات بالنخب والفاعلين بالمجتمع…

٭ كاتبة من الجزائر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول موسى مشعل ، فلسطيني في شيكاغو، امريكا:

    لقد زرت المغرب الحبيب في 2018 واكلت كسكس ، كان جيد وزاكي جدان ، افتخر بي الشعبين المغربي وي الجزائري

  2. يقول ام سلمى:

    السلام عليكم ورحمته وبركاته
    مريم بوزيد اختي العزيزة يا ابنة المغرب الكبير لن امنع نفسي كما افعل كلما قرات لك لاقول لك اعشق كتاباتك الراىعة التي هي من السهل الممتنع .كتابات تغوص في تفاصيل الحياة المغاربية دون الشعور بالملل او التكرار .ايضا ما يجعلني اتابع مقالاتك هو هذا الشعور بالانتماء لمنطقة كبيرة دون السقوط تحت حصار الهوية مما أعطى لهذه المقالات طعما معرفيا وإخباريا مغلفا بورق بنة هذه الجهة من العالم الاسلامي .
    اقولها بكل افتخار احبك اختي العزيزة ???

إشترك في قائمتنا البريدية