شرائح إلكترونية ترتبط بالجيل الخامس للاتصالات وتزرع في أجسادنا مع لقاح كورونا الجديد أياً كان مصدره… حديث جارٍ لا يتوقف، يتم فيه التأكيد على نظرية المؤامرة الكونية، ومفهوم التحكم ورصد البشر، ومتابعة شؤون حياتهم. هكذا نسمع ونقرأ كل يوم، فما حقيقة الأمر؟
البشرية سلمت نفسها منذ عقد أو يزيد لمن يريد الحصول على بياناتها، إما عن علمٍ أو عن جهلٍ
قبل الإجابة على هذا السؤال الأكثر تكرراً في حياة البشر هذه الأيام، والمرتبط بعالم التقانة، وجب التأكيد على أن بعض الحقائق ربما تساهم في توضيح الأمور، والبت في عقلية المؤامرة، خاصة أمام قرب دخول تقنية الجيل الخامس للاتصالات حيز الخدمة عالمياً، وتسارع الخطى الدولية بسرعة فلكية، نحو فرض لقاح كورونا الجديد. ولعل ما عزز هذا الفكر أيضاً هو ما انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي من أفلام قصيرة محكمة الصياغة، ساهمت في ترسيخ القناعة بأن المؤامرة مقبلة لا محالة. أياً كانت التفاصيل والمعززات فإن ذكر الحقائق التقنية باتت أمراً واجباً، حتى تتضح الأمور أمام جمهور القانعين بمفهوم التجسس والشريحة الإلكترونية والجيل الخامس والحقن المبرمج وغيرها من الأساطير وذلك عبر مجموعة الحقائق التالية:
1 ـ لقد قام الإنسان وطيلة السنوات العشر الماضية تقريباً، وفي تعايشه مع عصر السرعة والهواتف الذكية والتطبيقات المختلفة، بتحميل برامج متنوعة تسمح في معظمها بالوصول إلى ملفاته الشخصية، من صورٍ وأفلامٍ وأرقام هواتف الأصدقاء والأهل، إضافة إلى بياناتهم، وهو ما قد وفّر لمن يبحثون عن تلك البيانات الفضاء المناسب للحصول عليها دونما عناء.
2 ـ كما أننا من حيث نعلم أو لا نعلم، قمنا وباستخدامنا لمنصات الإعلام الاجتماعي، بالتعبير الصريح عن مواقفنا واهتماماتنا وآرائنا وتوجهاتنا، وما بان أو استتر منها، ومن محاور تشغل تفكيرنا، وهو ما يعني في مجمله أننا سلمنا أنفسنا طواعية للباحثين عن معلوماتنا، والراغبين في تحديد مشاربنا ومدارس تفكيرنا.
3 ـ كما أنني أجزم بأن تطبيقات الوسائط المخزنة في أجهزتنا، حصلت في غالبيتها على إذن صريح منا بتفعيل المايكرفونات والكاميرات المثبتة في هواتفنا وحواسيبنا، دونما إذن مسبق، كوننا وباستعجالنا في الحصول على التطبيقات التي نريد، لم نأبه بقراءة شروط التشغيل والتحديث.
4 ـ إضافة إلى أن تقنيات اليوم، تبنت مفهوم الذكاء الاصطناعي، القادر على تحديد مواطن اهتماماتنا وميولنا دونما عناء يذكر.
5 ـ ناهيكم من أن تقنيات الصوت والصورة باتت قادرة اليوم على متابعة تفاصيل التفاصيل، والعمل وفق أوامر محددة تضبط إيقاع الصوت ودرجات علوه وخفوته في أجهزتنا، وتضبط الحركة وتيقظ الشخص من عدمه، وهي تقنيات باتت تستخدم في التعليم الإلكتروني لضمان تنّبه المشاركين ودرجة إصغائهم ومتابعتهم.
6 ـ ولا أنسى طبعاً نظام التموضع العالمي والمعروف بـ»جي بي أس» الذي يحدد مواقع لأشخاص، حيث يعتمد الناس اليوم في معظمهم على تفعيل تلك الخدمة واستخدامها بشكل واسع في تحديد مواقعهم ومواقع غيرهم، بما يضمن وصول من يرغبون إليهم ووصولهم إلى المواقع التي ينتقلون منها وإليها.
7- وما يزيد القدرة على تحديد موقع الوجود، هو استخدام الهاتف النقال والمرتبط بعمل خلايا الاتصالات، بحيث يرتبط كل جهاز بخلية محددة حيثما وجد، توصل المكالمات والإنترنت إليه وتوصل مكالماته إلى وجهتها.
ما ذكرته ما هو إلا غيض من فيض، أردت من خلاله القول بأن الذين يعتقدون بأن «قوى الشر» إنما تبحث عن لقاحٍ ما لرصد حياة الناس والتحكم بها إنما هم مخطئون لا محالة، إذ سلمت البشرية نفسها ومنذ عقد أو يزيد لمن يريد الحصول على بياناتها، إما عن علمٍ أو عن جهلٍ. علينا لذلك التخلص من التركيز على أن اللقاح مرتبط باجتياح الخصوصية، لأن الاجتياح قد تم، والتخلي عن الشعور بأن تطعيم كورونا إنما سيتحكم بنا، لأن معظم وسائل الاتصالات وأنماط التواصل الرقمي بما فيها شبكات الإعلام الاجتماعي إنما باتت تتحكم بنا من حيث نعلم أو لا نعلم. علينا التخلص من إشعار أنفسنا بأننا في دائرة الإجرام والاستهداف عبر الإمعان في تغليب عقلية المؤامرة، فمن يخاف الرصد إنما هم شرائح معينة من الناس وليس كل الناس. لذا لا بد من الخروج من إطار الشعور بأن لقاحات كورونا إنما ستجتاح خصوصيتنا وحياتنا وتتحكم بنا، والتركيز أكثر على مدى مصداقيتها وفاعليتها وترخيصها واعتمادها من قبل منظمة الصحة العالمية، بعد استيفائها لشروط الترخيص وتجاوزها بسلام لشروط الفحص المخبري. لا آراكم الله مكروهاً.
كاتب فلسطيني
[email protected]
فيما يخص انتهاك الخصوصية، بعض البشر غير مدرك لها، والبعض الآخر يعرف أنها حقيقة ويقوم فقط بالتغاضي عنها لتسير الحياة، لكن يخشى أن يأتي يوم لا قدر الله، وتنفجر هذه القنبلة ، ويتضح مدى كون الخصوصيات البشرية كانت مشرعة أمام القراصنة وأجهزة الاستخبارات العالمية