صدر للناقدة نادية هناوي كتابان جديدان، الأول بعنوان «قصة القصة دراسة ميثولوجية في جريان القصة العراقية من المنابع إلى المصبات» والثاني عنوانه «في الجدل النقدي» والكتابان صادران عن دار غيداء للتوزيع والنشر في عمان في الأردن.
تتبع الكتاب الأول (الذي جاء في 400 صفحة من القطع الكبير) مسيرة القصة العراقية تاريخيا وفنيا، وما أفرزته هذه المسيرة من تجارب منها تشكلت تقاليد السرد العراقي، خلال قرن من عمر القصة العراقية، مستعيدا إلى الواجهة عيون هذه القصة، ونصوصا قصصية أخرى كانت بحكم تقادم الزمن متوارية عن عين النقد، أو أنه أهمل فك شيفرات بنياتها الفنية ،غبنا أو تقصيرا أو قصورا، مع أنها شكلت اللبنات الأساس التي انبنى عليها السرد العراقي عبر مراحله المتعددة، وكانت فيها نماذج سردية هي بمثابة محطات لا يمكن تجاهلها أو نسيانها. وقد سعى الكتاب إلى تقديم قراءات حولها تحاول الإفلات مما هو مكرر وتمحيص ما كان قد درج عليه النقد الأدبي من مسلمات وتطامنات بهدف الوصول إلى التجارب الفاعلة في خلق تقاليد القصة العراقية، مع تبيان المستوى الفـــــــني الذي بلغته بحرفية وإخلاص، حتى احتلت لها موقعا متقدما في عالم السردية العربية.
وأغلب النصوص القصصية التي تناولها الكتاب تقرأ لأول مرة والقليل منها تمت قراءته بخلفيات نقدية مختلفة، سواء تم تناولها نقديا لوحدها، أو ضمن نصوص أخرى؛ ومع ذلك فإن تقادم العهد على تلك الخلفيات النقدية يجعل القراءة لها بمثابة اشتباك معرفي معها وبالشكل الذي يجعل لكل قصة قصتها التي تدلل على موقعها في خريطة السرد القصصي العراقي، وهي تواصل مشوارا متواترا يجري متدفقا من المنابع ويتجه واثقا صوب المصبات، انطلاقا من حقيقة أنّ النص الغني فنيا والغزير معنى وعطاء، يظل قابلا دائما للتحليل والتفسير والتأويل وبأي شكل كُتب به هذا النص وفي أي أوان قُرئ. والسبب أنّ ما في بنيته من العمق والأصالة والتفرد يجعله نابضا بالحياة، متدفقا بالجمال صالحا للقراءة مهما تباينت المناهج النقدية وتغايرت اتجاهاتها واختلفت منعرجاتها وتباعدت مفاضاتها.
وقد توزع الكتاب بين جزأين، تضمن الجزء الأول ثلاثة فصول هي على التوالي (مرحلة البواكير: نصف قرن من الريادة والتأسيس) و(الوضوح والتبلور: ربع قرن زاهٍ سرديا وحياتيا) و(القصة النسوية). أما الجزء الثاني فخُصص كله لـ(مرحلة الاستقرار والاستمرار: ربع قرن عاصف سرديا) واشتمل على فصول ضمت دراسات لنماذج قصصية نوعية بعضها انعطف بالسرد العراقي انعطافات مهمة وحقيقية، وبعضها الآخر شكَّل مع غيره ظاهرة أدبية فكان من الضروري دراستها والوقوف عندها.
وعُني الكتاب الثاني «في الجدل النقدي» الذي جاء في 170 صفحة من القطع الكبير بالجدل بوصفه فاعلية نقدية سمتها الرد بالاعتراض أو التعضيد، أو ما بينهما، أو هو ممارسة قرائية لاحقة تتخصص في مناقشة وتحليل قراءة نقدية بعينها سابقة عليها بهدف إعادة إنتاج ما طرحته القــــراءة الأولى، أما بالإضافة إليها أو معارضة طروحاتها أو بدحض مزاعمها أو مغايرة توصلاتها ونتائجها، جزءا أو كلا، أو بكشف تسويف وفضح سطو كان قد وُري فيها، أو بتوكيد نهج واجتراح مفهوم اجترحه كاتبها أو بالإشادة بصحوة اتسم بها أو غفلة وقع فيها.
وقد جاء الكتاب مجموعا في فصول ثلاثة، وكل فصل تخصص حسب الوظائفية الجدلية التي احتواها كل مبحث. فكان عنوان الفصل الأول ( في الجدل النقد نظري) وضم المقالات التي دار التجادل فيها حول مسألتين نظريتين: الأولى هي المتوالية السردية Narrative Sequence بوصفها مجموعة أحداث بعينها يتم التلاعــــب في تسلسلها على مستوى الحبك. والمسألة الثانية تتعلق بالقول بأفول النظريات وملابسات فهم التداخل النصي.
وجاء الفصل الثاني بعنوان (في الجدل النقد أدبي) وفيه تحدد الجدل بالفاعلية القرائية وكيفيات التعاطي مع النصوص الأدبية، والفرق بين أن تكون الممارسة النقدية عن دراية وقصدية، أو تكون عن تغافل وتراخ ولا غائية. وتمحور الفصل الثالث وعنوانه (في الجدل النقد ثقافي) حول مسائل ثقافية كالترجمة ومثقفي الداخل والخارج والاستكتاب البحثي والتفكر المعرفي وغير ذلك.
كيف واين ومتى يتسنى لي الحصول على نسخة ورقية او ألكترونيّة لو سمحتم