بطلب من الوزير وتواطؤ المدير.. إسرائيل ترفض تطعيم الأسرى الفلسطينيين ضد كورونا

حجم الخط
1

بصورة غير مفاجئة، طالب وزير الأمن الداخلي أمير أوحانا، بأن لا يتم تطعيم السجناء الأمنيين (أي الفلسطينيين) ضد كورونا. ومثلما كتب غوش برايمر أول أمس، جاء في الإعلان الذي نشره مكتب أوحانا “يجب عدم تطعيم السجناء الأمنيين بدون مصادقة وطبقاً لتقدم التطعيم في أوساط الجمهور بشكل عام”. المدير العام للوزارة الذي ترجم إعلان الوزير إلى تعليمات رسمية لمصلحة السجون، قام بحذف كلمة “أمنيين”.

هل تم هذا الحذف بشكل متعمد من خلال إدراك بأنه من الصعب حتى على المحكمة الإسرائيلية، الدفاع عن تعليمات الوزير الوحشية؟ لا نعرف. ولكن، أمْر “يجب عدم إعطاء التطعيم بدون مصادقة” يبقي المجال مفتوحاً للتمييز ضد السجناء الفلسطينيين، بدون التلويح به.

أوحانا يطور المقاربة الإسرائيلية السائدة التي بحسبها يجب مواصلة تعذيب السجناء الفلسطينيين وعائلاتهم طوال الوقت، إلى جانب سلب حريتهم. عندما يتم تقديم الفلسطينيين للمحاكمة، تتم محاكمة كل منهم بصورة منفصلة عن السياق العام لحياته في ظل العنف الممنهج والممأسس للنظام الإسرائيلي. خارج السجن وفي السجن، يكون التعامل مع الفلسطينيين مثل التعامل مع جماعة يجب مواصلة قمعها وتحطيمها. ليصابوا بالفيروس وليعانوا المزيد وليموتوا قبل التحرير. هذا هو معنى تعليمات أوحانا.

باستثناء أن الفلسطينيين جماعة من السجناء المحتاجين للتطعيم، التي من حقها الحصول عليه، يسير أوحانا في المسار الذي رسمه اتفاق أوسلو، مثلما طبقته إسرائيل من البداية. المبدأ الذي يوجه إسرائيل – غير العلني، بل الذي تجسد ويتجسد حتى الآن بنشاطاتها في المناطق – واضح جداً. فهي تخلد السيطرة على الأرض والموارد الطبيعية (المياه والمحاجر) التي هي للفلسطينيين، وتستغلها لصالحها كما ترغب. وهي تسيطر على الحدود وعلى فضاء الفلسطينيين وعلى حرية حركتهم وأموالهم واقتصادهم. وهي ومواطنوها يكسبون من عملهم ومن ممتلكاتهم ومن أراضيهم.

ومن جهة أخرى، تلقي إسرائيل على السلطات الفلسطينية عبء مواجهة التداعيات المدمرة لهذه السيطرة – بما فيها الإفقار وعجز مزمن في الميزانية – أو المشاكل العادية الموجودة في أي مجتمع، مثل الأزمة العميقة التي يحدثها وباء عالمي.

حسب المنطق المشوه، لكن الثابت هذا، مستوطنو “معاليه أدوميم” المبنية على أراضي العيزرية وأبوديس، يحصلون على التطعيم. وسكان البلدات الذين فقدوا المورد الأرضي لهم ومعه مصادر الدخل لصالح إسرائيل واليهود، تم شطبهم من القائمة. هكذا بخصوص كل بؤرة استيطانية ومستوطنة، سكانها – مواطنون إسرائيليون يعيشون خارج دولتهم – هم بالطبع في قائمة الحاصلين على التطعيم. أما أصحاب الأرض التي سرقها المستوطنون والذين يعيشون وراء الشارع، فهم خارج الحساب.

بنفس الطريقة، الفلسطينيون غير مشمولين في بيانات المكتب المركزي للإحصاء، ويتم طرح احتياجاتهم ومستقبلهم من اعتبارات المخططين الإسرائيليين، عندما يقوم هؤلاء بتوسيع أو شق طرق في الضفة ويخصصون أرضاً لتوسيع المستوطنات أو يطورون البنى التحتية للمياه حتى حدود الأقفاص الفلسطينية.

القفص الأكبر والأكثر إغلاقاً هو قطاع غزة، الذي فصلته إسرائيل عن سكان الضفة قبل فترة طويلة من فوز حماس في الانتخابات؛ لتحويله إلى كيان منعزل ومنفصل. بهذه الصورة لا يستطيع ولن يستطيع القطاع أن يكون قائماً بذاته. حماس، قوتها وسياستها، ليست هي سبب فصل القطاع عن العالم، بل الرد على سياسة عمرها ثلاثين سنة ونتائجها.

سواء في قطاع غزة أم في الضفة الغربية، تقيد إسرائيلية السيطرة، بصورة مباشرة أو عن بعد، والقدرة على كسب الرزق وإمكانية تطورهم الجماعي. وقد حولت السلطات الفلسطينية إلى متسولة للصدقة، التي فقط بمساعدتها يمكنها شراء المعدات الطبية والتطعيمات. تحظى إسرائيل وتتمتع بالأموال غير المنقولة دون أن تتحمل المسؤولية عن رفاه وصحة الفلسطينيين الذين يعيشون في فضاء سيطرتها. كم هو مريح وموفر ومجد اقتصادياً هذا الأمر لإسرائيل!

بقلمعميرة هاس

 هآرتس 29/12/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عساف:

    هذه هي حقيقة ما يسميه الغرب المنافق الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط ،والتي يتسابق العربان للتطبيع معها!.

إشترك في قائمتنا البريدية