لم يعد هناك أدنى شك أن أحلام البلدان المغاربية، في مغرب كبير سواء كان عربيا أو بكل الملل والنحل به، لم يعد قريبا، ولم يعد أحد ينتظره في ظل الظروف الراهنة التي تزداد تشنجا، ليس فقط سياسيا كما تعودنا بل ثقافيا واجتماعيا، للحروب التي تشتعل على مواقع التواصل الاجتماعي، وبين النخب، ناهيك عن طبول «الحرب» التي قد تشتعل لا قدّر الله، فلا التاريخ المشترك والجغرافيا ولا العادات والتقاليد استطاعت أن تشفع لهذا «المغرب» الحلم، الذي يتحول في كل مرة لـ»كابوس» أو لحلم مستحيل، ولأننا لم نفلح في ملفات سياسية وقومية مشتركة، فلن نفلح في ملفات تراثية وثقافية مشتركة تقارب بين الشعوب، فها هي تظهر خرافة «الكسكس» الذي يوحّد المغاربة في دولهم المتفرقة في كل شيء، خرافة زادها المثقفون هشاشة، باجترار شعارات جوفاء، عوض البحث الجاد في التقارب وخلق جبهة تحاول اعادة الاشقاء إلى مائدة مهجورة وإعادة تأثيث العلاقات وبث الروح فيها، وإن كانت الوجبة «خفيفة وسريعة، لكنها لا تجعل الجيران يتربصون بعضهم لبعض الدوائر.
غضب المغاربة من اليونسكو… بسبب «الكسكس»
لنفتح أعيننا على أن «الكسكس» بعدما أُريد له أن يلج العالمية من بوابة اليونسكو، لن يكون طبقا يوحد المغاربة والشمال افريقيين، وإن أصبح طبقا عالميا يتلذذ به الجميع وكل بطريقته، هاهو يفتح «شحنات» غلّ بين البلدان المغاربة، لاسيما بعد العريضة التي وقّعها نشطاء مغاربة تتضمن رفضهم قرار اليونسكو تسجيل الطبق على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي، حيث نقل موقع «هسبريس» الخبر السيت الماضي، الذي تناقلته مواقع عربية وعالمية كثيرة» وأكد أصحاب العريضة التي تروم جمع 1500 توقيع، أنهم يرفضون «توزيع» الكسكس المغربي على بلدان شمال افريقيا، وهو ما عبروا عنه بعبارة «لا للتعميم الأحمق لثقافة شمال افريقيا، نعم لتعزيز الثقافة المغربية على المستوى الدولي» واعتبرت العريضة الموسومة بشعار «لنحمي التراث المغربي» أن الترشح المشترك بين الدول المغاربية الأربع «يشوه ثراء فن الطهي لدينا» مشيرة إلى الخصوصية المغربية للكسكس، وكذلك الأصناف الاقليمية لهذا الطبق التقليدي «تستحق التسجيل الفردي لدى اليونسكو».
هكذا يريد الأشقاء المغاربة ان يجنّسوا الطبق المغاربي بجنسية «ضيقة» على حساب الجنسية الكبيرة الجامعة للدول المغاربية، ولو تفحصنا الموضوع من باب آخر، ومن الأول، كان على كل بلد من هذه البلدان تقديم ملف «خاص بها وبكسكسها» لليونيسكو، ولا ندري ما الذي حوّل تلك «النيات» المغاربية نحو «الفردانية والتميز» إلى المشترك الأصم غير الواقعي في ظل الظروف والرهانات الحالية، وليس ما يحدث شيئا غريبا على اليونسكو، فقد تعودت على «خشونة الرأس» هذه وغيرة الجماعات على ما ينظر إليه على انه مشترك للبلدان التي تشترك في الحدود، وقد تصنف التراث الذي يحدث جدلا بين البلدان باسم كل بلد على حدى، وقد ترفض الملف في الحالات القصوى.
الدعوة عامة لأن يعد كل بلد ملفه لتشكيل المختلف من النكهات والأذواق للكسكس ويقدمه ويستلم علامة اليونسكو، ربما ستتغير خريطة البلدان المغاربية وتزول «حمى الغيرة» ونرجسية المطابخ، للتفكير في ما عظم من الأمور بين بلداننا التي شتتها «تصنيف» الكسكس المشترك.
عاشور العاشر… الرغبة في التجديد والكف عن التنبؤات؟
سيكون الموسم الثالث من «عاشور العاشر» حاملا لتنبؤات كثيرة، ستفاجئ الجمهور، ليس تلك التنبؤات التي كانت محط تفاعل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي والتي وصلت إلى خمسة تنبؤات، التنبؤ بالحراك وبالجائحة والبكالوريا للجميع، ووطن او مملكة بدون شعب أو رعية، وتمرد النساء وتظاهرهن سلميا لتغيير النظام، الخ، لكن سلسلة بدون الممثل القدير «صالح أوقروت» الذي صرح لقناة «جيل أف أم» عن ملابسات انسحابه من عاشور العاشر، وبأنه انسحب في آخر لحظات تصوير المسلسل وبأن هناك مشاكل مع مخرج العمل جعفر قاسم، السؤال الذي جعله يقسم عدة مرات بأنه لا مشكلة مع مخرج العمل ويعتبره كأخ وصديق وتربطهما صداقة واحترام، وقال «هناك قضية أخرى، البطولة كانت ستبقى لي في الموسم الثالث، وجعفر حكى لي وأعطى لي خلاصة للأحداث التي ستمر في السلسلة الجديدة، أعطاني رؤوس أقلام، من خلال رؤوس الأقلام تلك اتضح لي الاتجاه الذي اختاره المخرج، أي أنه خارج سياق العمل المعتاد، كنت محرجا قليلا ولم أفصح عن مواقفي، عاشور العاشر خرج من سياقه ولم اتعرف على شخصية عاشور العاشر، وخفت أن أوافق (على العمل) مباشرة لأن تلك الشخصية لم أحس بها ولا يمكنني أن أتقمصها، أنا أمثل بالإحساس، وقلت ربما أخطأت، وطلبت منه إرسال السيناريو لي حتى تكون بيننا الموافقة أو الانسحاب، لكن لم يرسل لي أي سيناريو، والمشكل بقي معلقا، أوجه كلمة للمشاهد الجزائري المشكل ليس مني ولست أنا من رفض التمثيل في السلسلة، لكن على الفنان أن يقرأ السيناريو قبل الالتزام، وهذا لا يدفع للقول بأن العمل غير جيد، ربما سيكون أفضل من عاشور العاشر الأول والثاني، هذه وجهة نظري الخاصة ولم أحس بشخصية عاشور العاشر الجديدة، لم أرفض، لم يصلني السيناريو، ولا يمكن أن أمثل بدون قراءة السيناريو، السيناريو هو السبب، لا أفهم لماذا لم يصلني السيناريو والكرة في ملعب المخرج» أما جعفر قاسم فبرر على نطاق ضيق جدا (كما جاء في صفحة إكسترا سكووب ميديا على «فيسبوك») قرار «تخليه» عن عاشور العاشر برغبته في التجديد ومنح الفرصة لوجوه جديدة يمكنها ان تصنع الاختلاف وتعطي نفسا جديدا للسلسلة.
عاشور العاشر بدون «صالح أوقروت» لا يعني شيئا، وفي ظل هذا الحجر الصحي، نريد أن نضحك، ودون صالح أوقرت، سأبيع التلفزيون، حسب اتصال أحد المستمعين ببرنامج ، لكن الأمر وقع، وعاشور العاشر سيكون دون صالح أوقروت، وبوجوه جديدة وأماكن تصوير جديدة، بعد التصوير في الحمامات في تونس، سيكون في مواقع في الجزائر في وهران وتلمسان والصحراء، وكان قد صرح جعفر قاسم بأن عاشور العاشر 3 سيكون بديكور جزائري مئة في المئة، ثم يبين أن المسؤول عن الديكور مغربي، أما التقنيين، مثل مدير التصوير لا يمكن أن يكون جزائريا فلا أكذب عليك ردا على الصحافي في برنامج رمضان سطوري على قناة الشروق، انطلق التصوير في مدينة السينما في العاشور التابعة لوزارة الثقافة.
للتذكير فإن عاشور العاشر عرض لأول مرة على قناة الشروق في رمضان 2015 من انتاج «برود آرت» من اخراج جعفر قاسم والتأليف كان مشتركا مع مخرج المسلسل وشمس الدين العمراني وشفيق بركاني وسمير زيان، بطولة صالح أوقروت وسيد أحمد اقومي ومدني نعمون، ياسمين عماري وسهيلة معلم، بينما كان الموسم الثاني في 2017 شارك في كتابة السيناريو سبعة كتاب من بينهم « أنس تينا» الذي صرح لجريدة الشروق، أن دوره كان محاولة إسقاط السيناريو على الواقع، هناك بعض الحلقات استغرقنا فيها أكثر من 15 يوما لكتابتها، في حين حلقة «ليلة الشك» مثلا، أكملناها في يوم واحد فقط، والفرق بين سيناريو الموسم الأول والثاني هو ان الحلقات في هذه المرة كانت متسلسلة ومترابطة فيما بينها وليست متفرقة، وهذا أمر صعب، فإذا استبدل عاشور العاشر بممثل آخر، بسبب السيناريو، فإن «حمامة» الشخصية التي جسدتها الممثلة «ليليا بويحياوي» أيضا ستغادر المسلسل في جزئه الثالث حسب ما صرحت به على قناة «الجزائرية وان»: «… فقيل لها بأنها ستقوم بتمثيل أربعة مشاهد خلال يومين من التصوير وفي بداية السلسلة، وهذا يجعل اي واحد ذكي يفهم بأن هذا يحدث لقتل الشخصية وتبرير سبب اخراج «حمامة» وسألتهم «هل سأكون في الموسم الرابع؟ فقالوا: لا الكل سيتغير في الموسم الرابع، وقالت «سايرتهم، وأن المقابل سيكون 25 ألف دينار، هنا وجدت أن ذلك قلة احترام كبير تجاهي، تجاه مساري وما قمت به» العمل الذي شكل علامة فارقة في الدراما الرمضانية وسجل أعلى المشاهدات والمتابعات، كان بالإجماع على عبقرية «صالح اوقروت» الفنية وموهبته في جعل الجزائريين يضحكون دون ابتذال، وفي إمكان فنان في حجمه أن يمزق خيوط العنكبوت التي سدت أفواه الجزائريين ومنعتهم من الابتسامة، كيف سيكون الموسم الثالث وهل ستحقق السلسلة النجاح الذي حققته في الموسمين الماضيين، والأهم هل سينجح الممثل الذي عوض «صالح أوقروت» في ادخال البسمة والتلقائية في قلوب الجزائريين وجعلهم يتحلقون حول الشاشة؟
كاتبة من الجزائر
الجسم المغاربي كذات الإنسان لما يصيبها عنصر غريب، فتراه مصفرا هزيلا لا يعود نسغ الحياة إليه مالم يرمى خارجا، هكذا الاتحاد المغاربي دخله مكون باسمه ومسعاه فمرض ويوشك أن يموت موتة أبدية، وما لم تهاجمه المكونات المناعية الداخلية سيأتي عليه المنون.
بلاد لم يوحدهم الدين ولا اللغة ولا التأريخ, لكن الطعام وحدهم!
إنه الكسكس … إنه العودة إلى الأصل الأمازيغي
Tarrasteno@
هذه نعرة جاهلية. المغاربة (اي سكان المغرب العربي) لم يوحدهم الا الاسلام، لا الاصل الأمازيغي ولا الكسكس.
الكل يعلم أن الطعام “سميد مفتول مع بقايا خضر” هو أكل البسطاء من الفلاحين في الأراضي الشاسعة المعروفة بزراعة القمح قبل أن تجرى عليه تعديلات حسب كل منطقة بما فيها المناطق التي لا تحترف مثل هذه الزراعة. الغريب أن بعض المناطق المغاربية المعروفة بطابعها الجبلي والقارس أصبحت تنسب الطعام أو الكسكس لنفسها مع أنها أصلا لا تنتجه؟ في السنوات الأخيرة أصبح بعض المهتمون بالقافة والعادات واتقاليد يحترفون السطو على الثقافات الأخرى بما فيها الأوربية وغيرها مع الأسف.
أما عاشور العاشر فمشكلته مع الاتجاه الغريب الذي يريد فرضه المخرج الذي يعكس توجه فرنكوبربر الشمال من خلال الشخصيات والسيناريوهات المفروضة كما سبق وأن شاهدناه وما يميزهامن طابع جهوي
الكذب حرام. الكسكسی طبق جزاٸری خالص مثله مثل موسیقی الراي