ودّعت دول العالم، على مدى 24 ساعة ماضية، سنة 2020 بمشاعر يغلب عليها الأسى ومنازعة الأمل، بدءا من جمهورية صغيرة في المحيط الهادئ، وانتهاء بسكان جزيرتي ساموا وميدواي، الأمريكيتين، ونييوي النيوزيلندية، فيما مرّت المناسبة، في منطقتنا العربية، بدءا من سلطنة عُمان والإمارات وانتهاء بموريتانيا.
ورغم أن سكّان المنطقة العربية غير معتادين على حصول أحداث إيجابية كبرى عبر سنوات طوال من عصرهم الحديث، الذي تهيمن عليه وقائع الاحتلالات الأجنبية، والهزائم العسكرية، والانقلابات، وتغوّل السلطات الاستبدادية، فإن عام 2020 كان استثنائيا بسوئه وآثاره الكارثية على أوطانهم، وعلى العالم أيضا.
ارتبطت بعض الأحداث الأولى في العام الماضي بالصراعات العالمية والإقليمية، حيث اغتالت الولايات المتحدة الأمريكية الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، وتبعها إسقاط إيران عن طريق الخطأ، طائرة ركاب أوكرانية فقتل 176 شخصا كانوا على متنها.
شهد العالم العربي أيضا عددا من الحوادث الخطيرة، فانفجر مرفأ بيروت انفجارا ضخما، مما أدى لدمار كبير شمل مناطق واسعة من المدينة وقتل 140 شخصا وجرح المئات، كما توفّي عدد من الزعماء العرب فتوفي سلطان عُمان قابوس بن سعيد، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر، والرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.
ولعل الحدث العربي الأبرز (والأكثر بؤسا؟) كان توقيع أربع دول عربية، هي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، اتفاقات للتطبيع مع إسرائيل، ورافقت ذلك، وخصوصا في أبو ظبي والمنامة، أشكال من الاندفاع الكبير لتوقيع اتفاقات أمنية وعسكرية واقتصادية ومالية وسياحية وترفيهية ورياضية، شملت أنشطة تعد مخالفة للقانون الدولي، من قبيل الموافقة على استيراد منتجات المستوطنات غير الشرعية.
من الأحداث اللافتة على صعيد السياسة كان هزيمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة، والتداعيات التي تلتها، من زعم حصول «تزوير غير مسبوق» في الانتخابات الأمريكية، ورفع فريق ترامب عشرات الدعاوى الخاسرة لقلب النتيجة، وهو حدث أساء للديمقراطية الأمريكية، في متابعة للمسلسل «الترامبي» الذي لا ينتهي.
لكن الحدث العالمي الأبرز، بالطبع، كان إعلان الصين في 11 كانون الثاني/يناير عن أول حالة وفاة بفيروس كورونا، وأدى انتشار الوباء بعد هذا الإعلان في كل أنحاء العالم إلى إصابة أكثر من 80 مليون شخص، وتصدرت الولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك وإيطاليا عدد الحالات المصابة، وطبقت أغلب بلدان المعمورة إجراءات تمنع السفر والعمل واللقاءات، وخسر عشرات الملايين وظائفهم، وتضررت مجمل منظومات الاقتصاد البشرية، وتغيّر السلوك العام في مجالات التسوق والتدريس والاستشارات الطبية وغيرها من الوظائف، ورغم إعلان ظهور لقاحات عديدة، فإن السنة لم تنته من دون إعلان ظهور سلالة متحوّرة جديدة خطيرة من المرض في بريطانيا، وهو أمر خفّف الآمال بانتصار قريب على الكارثة الصحية التي ضربت الكوكب، وأعاد التذكير ببداية العام الذي لا تريد تداعياته الكارثية أن تنتهي.
مضت غير مأسوف عليها، درب تسد لا ترد، أسوأ السنوات العجاف!
لم اسمع أو أقرأ أحدا عدد شيئا من محاسن هذه السنة وهي كثيرة!
هلا قام أحد بإحصاء:
١. حوادث السير في الاعوام الماضية ومقارنتها بهذه السنة؟
٢. انخفاض عدد جرائم السرقة والمخدرات والاغتصاب وخطف الأطفال؟
٣. تقلص الأزمات والحروب والمشردين واللاجئين.
٤. تقهقر دول وحكومات اقتصاديا وعسكريا وغوصها في رمال متحركة مع دويلات تابعة وتغيرات في موازين القوى.
٥. انخفاض مستوى استيراد البضائع السيئة الجودة من دول، وانخفاض مستوى النفايات البلاستيكوالكترونية المسرطنة تباعا.
٦. حد من نشاطات الشعبويين واعتداءاتهم على اللاجئين.
٧. فضح وكشف عورات دول وحكومات جعلها كورونا تسارع بسياسات انتهازية لصالحها كاشفة عن وجهها وسرائرها.
٨. تصاعد الهدوء والسكينة في دول كانت الاحياء الفقيرة لا تنام بطبل اخرق وزمر زاعق “فول كلور” وتفحيط المركبات.
٩. تغيب التلاميذ (تحرر) عن المدارس الإملائية والمناهج الموحدة (المحتوى) حيث شعائر وطقوس ومحتوى من الطابور للمغادرة أيا كانت المادة تقديس وتبجيل وتعظيم وتسليم ومديح وأناشيد لملاحم فضائية وهمية وإنجازات دونكيشوتية، …