قل ما تشاء في الدكتور المرزوقي فأنت حر فهو ليس بشيطان ولن يكون ملكا، فلذا لن أرمي الكلمة في فم أي إنسان فقد انتهى زمن الصمت الحرام، فلن يعدم القلم ولن يشنق القرطاس، فكل إنسان حر في اختياره ولذا نحن خلقنا مختلفين من بصمات اليد الى فكرة العقل، ولكنني سأسوق رأيي الخاص عبر «القدس العربي» حول المرحلة الثانية من الانتخابات الرئيسية.
منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي ومن خلال جريدة «الرأي» المستقلة التي كانت تصدر بتونس في تلك الفترة، كان الدكتور المرزوقي يخوض معركة حقوق الإنسان، تونسياً ودولياً، ولن أتعرض إلى ما حدث له من قبل نظام بورقيبة وبن علي، فهذه ضريبة الحرية وحقوق الإنسان، ولكن الشيء الذي ظل الدكتور المرزوقي وفياً له أنه لم يغير أفكاره تلك على مدى أربعين سنة من النضال الحقوقي وهذا ما أحوجنا إليه نحن اليوم.
تونس اليوم أهم نقطة محتاجة اليها هي إعادة الحقوق إلى أصحابها، فالمظالم التي وقعت على فئة كبيرة من الشعب التونسي من مختلف المدارس الفكرية والعقائدية من افتكاك الاحباس والاستيلاء على أملاك البايات، بدون أي موجب قانوني وتصفية الحركة اليوسفية في منطقة (صباط أظلام) بمنطقة القصبة وزاوية سيدي عبد القادر الجيلاني بمعتمدية بني خيار بولاية نابل، وما سبقه من تصفية للمناضل صالح بن يوسف في ألمانيا. والمفارقة الغريبة انه يوجد عالم زيتوني اسمه (صالح الشريف) معروف لدى حكام المانيا ويعد أحد المقربين لهم في بداية القرن العشرين. ولا يمكن لنا ان ننسى هنا ما تعرض له اليسار والعروبيون والإسلاميون على اختلاف أفكارهم من محاكمات ظالمة ونفي واعدامات، ودفن العديد منهم بالمنافي واغتصبت اعراض نساء ورجال (وما حدث لإحدى النساء المحجبات بولاية المنستير زمن التجمع وحكم بن علي المخلوع) شيء لا يصدقه العقل من قبل أناس أبعد ما يكونون عن الأمن ورجاله، هذه الأشياء لا بد ان يحاسب جلادوها وان يقدموا الى العدالة، لأن من قتل الطلبة في المركب الجامعي في بداية التسعينات لا يمكن لهم ان يفلتوا من العقاب، فالشهداء أمانة في أعناق التونسيين بعد الثورة، هم الذين سقوا بدمائهم الطاهرة تونس الخضراء، هم أمانة في رقبة الرئيس الذي آمن بالعدالة الانتقالية وكرامة المرأة. موقفي الخاص هذا أقوله للدكتور منصف المرزوقي فهو الرجل الذي قد يعيد لليتامى والأرامل بسمة الحياة وإن جاءت متأخرة.
ستة عقود كانت كافية للفشل الاقتصادي ولم تقدم الى التونسيين سوى حصاد الهشيم، ما جعل البلاد تنام على قوارب الموت الهاربة نحو ضفة الجنة المزعومة نحو الغرب، وتستيقظ على طوابير التأشيرات نحو الدول الأحسن حظاً.
تقارير البنك الدولي كانت اكذوبة غربية فبعد الثورة اتضح جليا للعيان ان الفقر في البلاد قد تجاوز العشرين بالمئة، فأصحاب القروض والمانحون شهاداتهم لا تُعتمد. الرئيس الفرنسي السابق (جاك شيراك حين ادعى ان تونس معجزة اقتصادية) اتضح انه كان يغازل الدكتاتور المخلوع الهارب من عدالة الشهداء وجرح الثورة.
الحقيقة نقولها إن الغرب كمؤسسة اقتصادية لا يعرف عن تونس سوى (الحمامات وفنادق سوسة والمنستير وجربة) ويتجاهل أماكن الفقر في الشمال وفي الجنوب وفي الوسط وفي كل أحواز العاصمة التونسية، لذا أحسن الدكتور المرزوقي سياسة الدبلوماسية الاقتصادية والتوغل نحو أفريقيا وأمريكا اللاتينية لإيجاد أسواق أخرى للنهوض بالاقتصاد التونسي، عكس ما كانت عليه سياسة الستة عقود الفاشلة، بكل ما للكلمة من امتياز، وأصبحنا مرهونين للغرب وديونه المتكاثرة، فما الذي جنيناه من فرنسا، خاصة اقتصادياً فهل أعادت لنا جميع أموالنا المنهوبة من قبل بن علي وعصابته؟ وهل أن فرنسا أيضاً أرسلت لنا كل ما تكتشفه من تكنولوجيا ومعلومات؟ إن على الغرب اليوم أن يتركنا وحالنا ويكفيه ما نهب من خيراتنا عبر شركات التنقيب عن الغاز والنفط، فهل ان تونس اليوم ستظل تابعة للغرب،.
كما كانت من قبل تابعة لروما. نحن اليوم بحاجة الى التكنولوجيا الزراعية الموجودة في البرازيل والهند وجمهورية ايرلندا، فالسفراء والقناصل التونسيون عليهم أن يقوموا بإرسال ما يكتشفه العالم من بحوث متطورة في ميادين الاقتصاد والصناعة والزراعة والحاسوب. السفارات التونسية التي كانت تتجسس على مواطنيها قبل الثورة وكانت تكتب عنهم تقارير وتمنعهم من دخول البلاد بسبب كتاباتهم للمقالات ضد بن علي وحزب التجمع، هؤلاء يجب أن يحاكموا جراء ما اقترفت أياديهم. نحن نريد سفراء يخرجون تونس من قاع الزجاجة ويرتفعون بها الى سلم الدول المتقدمة، كما فعل قادة البرازيل من نهضة اقتصادية يشهد بها العالم بأجمعه. كوريا الجنوبية التي كنا معها في مستوى واحدا أصبحنا خلفها بملايين السنوات الضوئية، وماليزيا التي جاءت بعدنا أرسلت أحد طلبتها إلى سطح القمر من سنوات خلت، وجامعاتنا لا محل لها من الإعراب داخل قاموس الخمسمئة جامعة المشهود لها عالمياً بالتقدم، وهو ما يساوي زيادة عدد المقاهي الموجودة في البلاد التونسية التي تضم من الأمي إلى خريج الجامعة! ومما يزيد الطين بلة ان الأفلام والمسلسلات المدبلجة تتجاوز عدد الكتب المترجمة إلى العربية، والمختصة في العلوم المختلفة من تكنولوجيا وحاسوب وهندسة.
هذا السرطان لا بد من القضاء عليه في معقله فتونس شمالا وجنوبا شرقا وغربا بلد واحد والثورة رسخت هذا وقضت على كل جهوات الماضي، فمدينة مكثر لا فرق بينها وولاية جرجيس وبن ذرت شقيقة المهدية وقعفور اخت جربة إذاً فالعكاري والعياري والبرقاوي والنابلي والكافي والجلاصي والقروي والفرشيشي والقمراسني والساحلي والصفاقسي كلنا تونسيون لحماً ودماً نؤمن بشيئين
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر
وتونس قلبها على العالم والعالم قلبه على حجر
وأشهدي يا ثورة العدالة الانتقالية أشهدي
جلال العكاري – كاتب من تونس
أبتسم عندما أسمع أحدا ينادي بالمحاكمات.بأي قضاة ستحاكم المجرمين ؟ قضاة اليوم هم قضاة الأمس و مستعدون جميعا أن يحكموا ببراءة أسيادهم و الأمثلة عديدة.لنطو هذه الصفحة و نؤجلها ليوم لا ريب فيه عندما نقف جميعا أمام قاضي القضاة.
كلّ ما كان عليه المرزوقي “صعصعة” في أوّل أيّامه صحيح ….ولكن عندما صار مؤقّتا أصبحنا لم نعد نعرف ذلك الرجل الذي عرفناه ….السلطة المؤقّتة أفسدته وهرّأته الى درجة أنّها أنسته نفسه فضاع فيها وتاه توهة الذّي لم يعد يعرف شمالها من جنوبها فكرهه الجميع ونتائجه التشريعيّة تدلّ على ذلك ولو كان هناك مرشّح للرئاسة من النهضة لكان هو أوّل جماعة الصفر فاصل ….لقد أفلس وهجره أقرب المقرّبون اليه ونعتوه بشتّى النعوت ….زد على ذلك اصداره للكتاب الأسود وكان فضّا غليظ القلب فانفضّوا من حوله …الرّئاسة شيء والحقوقيات شيء آخر وللرئاسة رجالاتها كما للحقوقيات رجالاتها ….يقول المثل الفرنسي بما معناه “هذا الرجّل يجب أن ينسى ” CET HOMME C’EST A OUBLIER ET QU’IL FAUT TOURNER LA PAGE .