الرئيس التونسي مخاطبا مجلس الأمن الدولي: يجب التذكير دائما بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه- (فيديو)

عبد الحميد صيام
حجم الخط
0

نيويوورك (الأمم المتحدة)- “القدس العربي”: تحت عنوان “تحديات الحفاظ على السلام والأمن في البلدان الهشة أو المتأثرة بالصراعات”، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة رفيعة المستوى، الأربعاء، ترأسها الرئيس التونسي، قيس سعيّد، كون بلاده ترأس مجلس الأمن لشهر كانون الثاني/يناير الحالي. كما شارك في الاجتماع الذي عقد عن بعد بواسطة الفيديو كل من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والرئيسة السابقة لليبيريا والحائزة على جائزة نوبل للسلام إلن-جونسون سيرليف، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، وعدد من وزراء الخارجية من الدول الأعضاء في المجلس.

وقال الرئيس التونسي إن اختيار بلاده موضوع “تحديات حفظ السلم والأمن الدوليين في البلدان الهشة أو المتأثرة بالصراعات” لمناقشته على مستوى دبلوماسي رفيع في مجلس الأمن الدولي يأتي ضمن رغبتها في الوقوف على عوامل الهشاشة والتي تمثل المحركات الرئيسة للعنف وتطيل أمد النزاعات القائمة وتمهد لاندلاع نزاعات إضافية، كما تساهم في تقويض أسس الدول وتضربها في وجودها وأعماقها.

وأكد سعيد على “التزام الجمهورية التونسية بمواصلة خدمة السلم والأمن والتنمية المستدامة من أجل تحقيق التطلعات المشروعة لكل شعوب الأرض للوصول إلى عالم أكثر أمنا وعدلا وازدهارا لا يتخلف فيه أحد عن الركب.” ثم أضاف: “ومن بين الحقوق المشروعة التي يجب التذكير بها والتأكيد عليها في كل اجتماع وفي كل مقام حق الشعب الفلسطيني في أرضه”.

وقال في كلمته التي ألقاها باللغة العربية إن تلك التحديات تساهم في تقويض جهود تعزيز الديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاقتصادي في عدد من المناطق في العالم، وخاصة في القارة الأفريقية التي عانت كثيرا من التهميش والحروب والنزاعات. وأضاف أن أنهاء الحرب، رغم أهمية هذا الهدف، لا يؤدي بالضرورة إلى السلام الدائم في تلك المناطق. وأن وقف إطلاق النار خطوة ضرورية أولى نحو التسوية السلمية لكنه غير كاف من أجل إنهاء النزاعات. وقال “يجب اتخاذ مقاربة شاملة متعددة الأطراف وطويلة الأمد تركز على معالجة الأسباب الهيكلية العميقة للصراع وفي مقدمتها عوامل الهشاشة”.

وأشار الرئيس التونسي إلى جذور النزاعات والتي يجب التركيز عليها والتي “تشمل الفقر والبطالة والتهميش والاقصاء وتراجع مؤشرات التنمية البشرية وتدني فعالية مؤسسات الدولة، وهذا من أكبر المخاطر التي تهدد الدول، مثلها مثل ضعف الحوكمة، والإرهاب، والتطرف العنيف، ونشاطات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، فضلا عن تأثيرات التغييرات المناخية، وشح الموارد، وانتشار الأوبئة”.

وقال الرئيس سعيّد إن عوامل النزاع تلك لا تغذي بعضها بعضا فحسب، بل تدفع كذلك باتجاه يؤجج مظاهر العنف، والنزاعات، والصراعات، وتعمق تأكل التماسك الاجتماعي، وتتسبب في موجات اللجوء والهجرة غير المنظمة، كما تمثل تقويضا جدياً لجهود الحكومات والمجموعات الدولية لتحقيق الاستقرار في المراحل التي تلي النزاعات.

وناشد الرئيس التونسي مجلس الأمن الدولي باعتماد مفهوم أشمل وأوسع لمفهوم الأمن الدولي يأخذ بعين الاعتبار التداخل والتفاعل بين عوامل الهشاشة من ناحية والعنف والنزاعات المسلحة من ناحية أخرى. ودعا الرئيس التونسي على ضرورة أن تكون اللقاحات لجائحة كورونا متاحة للجميع حيث “لن يكون أحد في مأمن ما لم يكن الجميع في مأمن”.

من جهته دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، خلال كلمته التي افتتحت بها الجلسة، على ضرورة دراسة الصلات بين هشاشة الدول وبين النزاعات من أجل ضمان أفضل للسلم والأمن الدوليين. ولفت الانتباه إلى أن الهشاشة والنزاع من أكبر العوائق لتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وقال “حسب تقرير الهشاشة والنزاع الصادر عن البنك الدولي يعيش خمس سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالقرب من منطقة نزاع، ما أدى إلى تزايد الاحتياجات الإنسانية لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية. إضافة إلى ذلك فإن عدد الناس المعرضين للمجاعة قد تضاعف. كما تعرضت الآليات الدولية لإدارة النزاعات لضغوطات قد تتجاوز قدرتها على التحمل”.

وقال الأمين العام إن جائحة كورونا أدت إلى زيادة نسب الفقر المدقع حول العالم للمرة الأولى منذ 22 عاما. وأضاف “من المتوقع أن يؤدي الانكماش الاقتصادي في البلدان الهشة والدول التي تعاني من النزاع إلى ازدياد عدد الفقراء ما بين 18 و27 مليون شخص”. وأشار إلى تراجع مشاركة المرأة في سوق العمل إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود، كما اتسعت الفجوة بين الجنسين، وهما شرطان من شروط النمو الجامع. وقال” “إن أزمة المناخ سبب آخر من أسباب الاضطرابات الأمنية.” وللخروج من دائرة الفقر والنزاعات دعا غوتيرش إلى قيام الدول باتخاذ عدد من الخطوات من بينها التكافل واعتماد رؤية شاملة من أجل بناء السلام والحفاظ عليه مع التركيز على الصلة بين العمل الإنساني والتنمية والسلام.

أما رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، فشكر تونس على تنظيمها لهذا الاجتماع العام رفيع المستوى حول هشاشة الدول وصون السلام والأمين الدوليين وقال إن هذا يقع في صلب شواغل الاتحاد الأفريقي. وتحدث فقي محمد عن عمل الاتحاد الأفريقي ودوره في تعزيز مبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية مؤكدا أن هذا النهج قد ساعد في علاج عدد من النزاعات والأزمات في القارة والتصدي سلفا لأسباب جذرية أخرى للنزاعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية