أتابع على الشاشة تقريرا تلفزيونيا عن ساحر الكرة البرازيلية «بيليه»، وذلك على خلفية توعكه الصحي الأخير، وقد بلغ من العمر والمجد عتيا.
كانت «كرة القدم» لعبة المسحوقين والطبقات العادية، التي إعتادت أن تجري وراء لقمة العيش، فكانت الكرة رمزية للجري وراء الدحرجة المستمرة.
التقرير المشار إليه أعاد إلى الذاكرة تلك الأيام للبث التلفزيوني لمباريات كرة القدم، ورغم بدائية التقنيات نسبة إلى اليوم، فإن المادة المبثوثة كانت زوادة سهر الليالي لمحبي اللعبة الساحرة.
وكالعادة، وبعد الفضائيات تحديدا، تحولت الكرة المستديرة إلى استثمار مالي وصارت لعبة التقنيات تمتزج مع البزنس، وصارت كرة القدم منتجا فضائيا له مشتقاته الإنتاجية، ليس بدءا من ستوديوهات التحليل الكروي، والتي صار لها جنرالاتها الموسوعيون، ولا انتهاء بالتقارير الخاصة عن حياة اللاعبين والفرق.
الكرة المتدحرجة التي كانت تعكس بشكل ما الجري وراء لقمة متدحرجة، صارت سلعة وبقيت لقمة المتلقي تتدحرج إلى ما لا نهاية.
حتى بيليه نفسه، هذا الأسمر الساحر، تحول مع الأيام إلى منتج، تكاد تنتهي صلاحيته ولم يبق منه إلى تقرير أشعل الذاكرة، والذاكرة في عالم اليوم المتسارع، قابلة للإنطفاء السريع.
جنازة تشبه صباح
جدل كبير أثير حول جنازة الراحلة صباح، وهو جدل رافقها طوال حياتها المديدة. على أغلب وسائل التواصل الاجتماعي، كانت الجنازة على الطريقة الصباحية مثار سخرية الكثيرين وانتقادهم، بينما رأى فيها آخرون جنازة تشبه صباح نفسها.
تذكرت مقولة إن الموت مشكلة الأحياء وليست مشكلة الميت نفسه، لكن في جنازة صباح المفعمة بروحها، لم أرد إلا انسجاما بين صباح وذاتها المحبة للحياة حتى آخر نفس.
الموجع، هو ما قبل وفاة صباح وفي السنوات الأخيرة، حيث كانت السيدة الراحلة تقرأ بكامل ما فيها من حياة ونبض تهكم الناس على عمرها المديد، ومنهجيتها في حب الحياة، والإشاعات العديدة التي كانت تصدر معلنة وفاتها إما بجلطة مفاجئة، أو سرطان بسبب مستحضرات التجميل وغيرها من أسباب الموت، وفي كل مرة كانت الصبوحة تنبثق في مقابلة أو لقاء أو صورة ضاجة بالحياة بأقصى ما تستطيع، وكما علق الكاتب الأردني عارف البطوش مرة، فإنه لم يبق أمام مطلقي الإشاعات إلا تحويل أوراق صباح إلى فضيلة المفتي، في إشارة منه إلى طريقة إصدار أحكام الإعدام في المحاكم المصرية.
رحلت صباح، وعلى قول زياد الرحباني، فقد «رحمها الله منا».
طرائف مجلس النواب
الأردني في الإعلام العربي
وتنقل الأخبار عن مجلس النواب الأردني مزيدا من طرائفه الممتعة، والتي صار فيها نجما في عالم الترفيه المحلي في الأردن.
أحد نجوم الكوميديا في المجلس الأردني، وفي حالة عصبية قلما تغادره أساسا، وردا على زميلة له في المجلس، صار يصرخ بقوله «الله ينتقم من اللي جاب المرأة تحت القبة» والله يكسر جاه اللي عمل الكوتا النسائية.
وبعيدا عن إمكانية التفلسف والتأويل بلؤم على من يجب أن يسقط عليه دعاء هذا «المشرع» مما قد يؤدي لو فكرنا منطقيا بنهايات أمنياته ومداها فقد يتم اتهامه بإطالة اللسان أو قدح مقامات عليا، فإن الفيديو الذي يوثق الحادثة انتشر على طرائف الأخبار في الفضائيات، ووسائل التواصل الاجتماعي.
مجلس النواب الأردني، وهو ذخيرة مستمرة لقسم الطرائف الإخبارية في الإعلام العربي، تكيف كثير من أعضائه مع تلك الحالة الكوميدية، حتى صار البعض منهم يتقن حركات ولغة الجسد منتبها إلى وجود كاميرات المصورين عالية الجودة، والتي تلتقط أقل حركة في أقل جزء من الثانية، وصار من هوايات البعض، الثورة بدون سبب أثناء الجلسات فقط للتلويح بالأيدي أثناء الصراخ والعصبية والتلويح يتم أكثر من مرة أثناء المشهد لاتاحة المجال للكاميرا أن تلتقط اللقطات المناسبة، ليتم الاختيار بينها لما يتم نشره على صفحة النائب العتيد الفيسبوكية، تحت عناوين نشرح الصورة مثل (غضبة من أجل الوطن) وحفظ بعض الصور الأخرى لفترة الانتخابات بغية طباعتها وتوزيعها تحت عناوين انتخابية مثل (انجلطنا من أجلكم، فانتخبونا).
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الكل يعرف سعيد عقل
..كتب الراحل نزار قباني في مقال له – وكان يكتب المقالات في مجلات عربية- ما مفاده أن الكل يعرف شكسبير، لكن لا أحد يتذكر اسم رئيس وزراء بريطانيا في وقته.
في دلالة على غلبة المثقف على السياسي في التاريخ، وهذا ما خطر على بالي وأنا أقرأ سيل التعليقات على رحيل اللبناني الأديب سعيد عقل، والذي كتب في حياته ما غنته أجيال من بعده عايشها وستبقى خالدة كمأثورات لا تتلاشى ولا تفنى إلى ما شاء الله.
الجدل كله كان حول المواقف الشوفينية العنصرية للراحل سعيد عقل، وقد جلبت عليه اللعنات بقدر ما جلب موته طلب الرحمة لروحه من محبيه.
شخصيا، أعتقد وأنه على قياس مقولة شكسبير، ستذهب كل مواقف الراحل السياسية إلى مزبلة التاريخ، مع بقاء مسؤوليته التاريخية عنها، لكن كلماته وأشعاره المغناة تحديدا، ستبقى مغناة.. لأنها الأثر الذي لا يزول.
كاتب وإعلامي أردني يقيم في بروكسل
مالك العثامنة
(وتنقل الأخبار عن مجلس النواب الأردني مزيدا من طرائفه الممتعة) هذا التي اتى به القانون الانتخابي المعاق. شكر على خطوات الاصلاح الجدية التي اتت بها حكوماتنا نسائل الله الفرج.
لبنان يودع شاعره العنصري
ودع لبنان شاعره سعيد عقل، هو من تغنت فيروز بأشعاره، فرأت مكة وأهلها الطيب، وصدحت في شام ياذاالسيف ، وعمان في القلب، رغم كل هذا الزخم العروبي المحمول في شعر عقل إلا أنه أبرز عنصرية ملفتة ونادره ، خصوصا تجاه الفلسطينيين ووجودهم في مرحلة حرب لبنان الأهليه، لم يكن موقف عقل من الفلسطيني مجرد موقف سياسي يعترض على تواجده المسلح في لبنان، بل تعداه ليظهر احتقار للإنسان الفلسطيني مشكلا حاله صارخه من العنصريه، هو من خرج في أوج الإجتياح الإسرائيلي لبيروت أمام التلفزيون الإسرائيلي ليعلن ترحيبه بما سماه جيش الخلاص الإسرائيلي من اللوثة الفلسطينيه ، مالبث بعدها بأن خرج بعنوان عريض في صفحة جريدته الأولى التي يرأس تحريرهاليشد على أيدي من سماهم بأولاده جزاري صبرا وشاتيلا ليقول لهم كملوا. يبقى الشاعر عقل حاله فريده وليست فردية لحالة الكراهيه التي سادت ومازالت في بعض أوساط المجتمعات العربيه تجاه الفلسطينيين ، لربما أنها أضحت ثابته من الثوابت في الثقافة ألعربيه العامه، تنقلت هذا الثقافة من لبنان إلى العراق إلى سوريا وغيرها من باقي بلاد العرب، ومارستها كل الطوائف على اختلافاتها، من مفارقات المشكلة أن تجد من يحمل شعار فلسطين هو أيضا قد تورط بنفس الممارسة لتتجلى فيما بعد بمجازر ترتكب وعمليات تطهير، فنجد مثلا أن الإمام الخميني قد تغنى بالقدس وأسس فيلقا بإسمها وما يلبث هذا الفيلق بعد أن يدخل بغداد ليقوم بقتل الفلسطينيين في حي العامرية ، فيهربوا طلبا للنجاه لتستضيفهم البرازيل بعد ان ضاقت بهم بلاد العرب الواسعه. نفس المشهد ارتكبه الأسد الإبن والأب تجاه الفلسطينيين في مخيمات اليرموك وبرج البراجنة وتل الزعتر، كما مارسا هذا القتل بالتوازي على شعبهما السوري الأعزل ولو كان ذلك بوتيرة أشد وأنكى. ما يثير الغرابة والإستعجاب أن نظام الأسد الذي يتباكى على دماء الفلسطينيين ومظالمهم في غفوته وصحوته وعبر أثير إعلامه الممانع هو نفسه يسفك هذا الدم في أرضه، لربما لا غرابه في ذلك فبلاد العرب هي بلاد العجائب ومن يدخلها سيجدها مليئة بما هو غريب وعجيب ويصبح حاله مشابه لحالة أليس في بلاد العجائب في تلك القصه الشهيرة. مات سعيد عقل وماتت معه عنصريته ، لكن ثقافة العنصريه باقيه تنفخ فيها وتوجهها حكومات ومؤسسات رسميه، وهي لم تعد تقتصر على المقت العنصري والوطني، بل تحولت لما هو أشد وأخطر فأصبحت كراهيه مذهبيه طائفيه، تستثمر لشد حالات الاستقطاب الطائفي ولتولد صراعات دموية تمزق الأوطان ويندثر بها مشروع الدولة ليحل محله مشروع الدويلات والطوائف والقبليات في بلاد العرب.
(وتنقل الأخبار عن مجلس النواب الأردني مزيدا من طرائفه الممتعة) هذا الذي اتى به القانون الانتخابي المعاق. شكر على خطوات الاصلاح الجدية التي اتت بها حكوماتنا نسائل الله الفرج.
أطرف ما قرأت هنا هو الفقرة الاخيرة من طرائف البرلمان الاردني و لغة الاشارات التي اصبح يتقنها النواب والتي اصبحت مجالا للتوظيف في الدورات الانتخابية المقبلة
والله ضحكت من قلب
انها دقة ملاحظة عبقرية جدا من طرف الكاتب
تحياتي وتقديري العميق سيدي
أعتقد وأنه على قياس مقولة شكسبير، ستذهب كل مواقف الراحل السياسية إلى مزبلة التاريخ، مع بقاء مسؤوليته التاريخية عنها، لكن كلماته وأشعاره المغناة تحديدا، ستبقى مغناة.. لأنها الأثر الذي لا يزول
شكرا أستاذ مالك
هذا بالضبط ما يجب أن نصبح عليه إذا ما أردنا السمو
أن ننتقد ما يستحق النقد ونمتدح ما يجب التعزيز
وبذلك نستقيم
أشكركم
حراحشة والله جبتها
شكسبير لم يكن عنصرياً و لم يحرض الأخ على قتل أخيه. لا أعتقد أن المقارنة أصلا تجوز بين الرجلين لأن عقل ليس بحجم شكسبير و شهرته ليست بالحجم الذي يعتقده معجبوه. ما يقوله الإنسان و هو صادق هو ما يخلد به أو يذهب به إلى مزبلة التاريخ.
الاردن ارض الحرية
الشخص يعرف بانسانيته وليس بقصائده واذا كانت هناك قصائد للاديب العنصري سعيد عقل رائعة فهي قصائد مصطنعة تنبع من شخص فقد الاحساس بالاخرين وباع عروبته وتجرد من اخلاق الانسانية فالقصائد الرائعة لاتفرق بين الناس في اللون والجنس والدين تنبع من وجدان الشاعر ويحس بها