نواكشوط- “القدس العربي”:
أنهى تعديل صادقت عليه الجمعية الوطنية الموريتانية أمس لقانون الجمعيات نظام الترخيص المسبق الذي ظل مشروطا منذ عام 1964 في تأسيس الجمعيات والروابط، واستبدل بنظام التصريح المبسط.
وأكد مجلس الوزراء الموريتاني “أن مشروع القانون الحالي الذي يلغي ويحل محل القانون رقم 098.64 الصادر بتاريخ 09 يونيو 1964، قد تم إعداده تماشيا مع روح الدستور الصادر بتاريخ 20 يوليو 1991 المعدل، وخصوصا المادة 10 منه، كما يجسد رؤية جديدة تنسجم مع آليتنا الدستورية من حيث حريات الانتماء إلى جمعيات أو تنظيمات من أجل قيام حركة جمعوية فاعلة وشريكة في التنمية الوطنية، ولهذا الغرض، فإن مشروع القانون يستحدث عدة إصلاحات هامة من أبرزها الانتقال من نظام الترخيص المسبق إلى نظام التصريح”.
ويتهم المعارضون السلطات الموريتانية المتعاقبة بأنها ظلت منذ عام 1964، تستغل قانون الترخيص المسبق لمنع الاعتراف الرسمي بالجمعيات التي لا ترضى عن مؤسسيها.
وتنص المادة 3 من القانون الجديد على السماح للجمعيات “بالمشاركة في مسارات الحوار حول السياسات العمومية في إطار التشاور، والتبادل حول السياسات العمومية، كما يحق للجمعيات أن تشارك في مسارات الحوار سواء كان منظما على المستوى المركزي أو الجهوي أو المحلي حول القضايا ذات الصلة بمجال تدخلها.
ودافع وزير الداخلية واللامركزية الموريتاني محمد سالم مرزوق عن تعديل قانون الجمعيات المثير، مؤكدا “أن المقاربة التشاركية والحضور الفاعل للمجتمع المدني في تعزيز دولة القانون يتطلّبان وضع إطار قانوني ملائم، لذا تم إعداد مشروع القانون الجديد الذي يلغي ويحلّ محل القانون رقم 64-098 الصادر بتاريخ 09 يونيو 1960 المتعلق بالجمعيات ونصوصه المعدّلة، انسجاما مع روح الدستور الصادر بتاريخ 20 يوليو 1991 المعدل”.
وشدّد الوزير في هذا الإطار على التأكيد “على أن القانون المستحدث يُجسّد رؤية جديدة تنسجم مع الدستور من حيث حرية الانتماء للجمعيات أو التنظيمات لخلق حركة جمعوية فاعلة وشريكة في التنمية الوطنية”.
وذكر الوزير أبرز التحديثات التي تضمّنها النص الجديد ومن بينها، حسب قوله، إدخال نظام التصريح وإحلاله محل نظام الترخيص المسبق، ودعم الرقابة، وتحديد طرق الطعن في حالة الشطط في استخدام السلطة، وإدراج تشريع متكامل حول نُظم إلغاء وتعليق وحلّ المنظمة، وإدخال ترتيبات تسمح للجمعيات بالاستفادة من أموال أو دعم فني من أية جهة عمومية أو خصوصية، وطنية أو أجنبية، وفق شروط محددة، وتحديد نظام الهيئات الموقعة على اتفاقية إطار واتفاقية مقر مع الدولة”.
وأوضح الوزير أن مشروع القانون يُؤسس لنظام متابعة ورقابة وتقييم تقوم به قطاعات وزارية منها وزارة الداخلية التي تتولى إدارة نظام التصريح ومتابعة النظام العام، ومنها القطاع المكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني ويتولى متابعة النشاط الجمعوي وفقا للنظم المعمول بها”، مبرزا “أن المحاكم المختصة تتولى فض النزاعات القضائية”.
وأشار الوزير محمد سالم إلى “أن النص الجديد يُحدّد آليات تكتل الجمعيات في شبكات ومنتديات وكذا الهيئات والوداديات والجمعيات المعترف بها ذات النفع العام والجمعيات الأجنبية”.
وشهدت الجلسة العلنية التي خصصتها الجمعية الوطنية الموريتانية بحضور وزير الداخلية، للمصادقة على تعديل القانون، نقاشات حادة انتقد فيها نواب معارضون القانون الجديد مؤكدين أن القانون القديم أفضل منه بكثير.
وأكد النائب المعارض محمد الأمين سيدي مولود “أن جميع التسهيلات التي تضمنها القانون الجديد رافقتها تقييدات تقضي على تلك التسهيلات، مما يفرغ النص الجديد من مضمونه”.
وانتقدت النائبة المعارضة كاجاتا مالك جالو، تعديل قانون الجمعيات، وقالت: “يجب ألا نعتقد بأننا انتصرنا، فوزير الداخلية ما زال يتحكم في منح التراخيص، وما زال محتفظا بسلطة سحبها”.
وأعلن النائب البرلماني المعارض بيرام الداه اعبيد، “أن حركة (إيرا) التي يتزعمها تلقت بكل ارتياح تمرير الحكومة الموريتانية لقانون التصريح للجمعيات المدنية”.
وأوضح البيان “أن تطبيق هذا القانون يعتبر ركيزة أساسية لدولة القانون وشرط نفاذ لحرية التجمع والتنظيم وواجب المساهمة في الهم العام”.
أما نواب الأغلبية، فقد أكدوا “على أهمية القانون في تنظيم مجال العمل الجمعوي وتلبية المتطلبات الضرورية لمنظمات وهيئات وشبكات المجتمع المدني، في الدولة الديمقراطية، مع اعتماد الشروط والضوابط التنظيمية الواردة في القانون وهو ما يشجع الجمعيات الجادة ويمنع من تمييع العمل الجمعوي، مع الحفاظ على هامش الحرية”.