بتاريخ 15/1/2021، أصدر الرئيس محمود عباس مرسوماً بشأن الدعوة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية واستكمال عضوية المجلس وطني، وبالتتابع بحيث تجري انتخابات للمجلس التشريعي في 22/5/2021، وتجري انتخابات «لرئيس دولة فلسطين» في 31/7/2021 «ويستكمل تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني في 31/8/2021».
وقبل مناقشة هذا المرسوم الرئاسي، لابد من تسجيل ملاحظة تتعلق بالكاتب ووجهة نظره القانونية والسياسية، من أن ما يجري أو سوف يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت مظلة أوسلو من انتخابات أو اتفاقيات هي إجراءات وتصرفات باطله بطلاناً مطلقاً ومخالفه لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وللقانون الدولي الإنساني، وضارة سياسياً لمخالفتها للميثاق الوطني الفلسطيني وللقانون الأساسي للمنظمة.
وما أتناوله في ما يلي لا يقدح في التحفظ أعلاه، ولكني أتناوله لكي أبين المثالب التي وقعت فيها القياده الفلسطينية وأن ما تدعو إليه يناقض بعضه بعضاً.
أولاً- الانتخابات في الإطار القانوني الفلسطيني القائم
أ- في القانون الأساسي
ضمن الإطار القانوني القائم (وهو إطار فاسد على أي حال لأنه تمّ تشريعه حسب مواصفات سلطة الاحتلال) فإننا نتحدث عما يسمى بـ»القانون الأساسي» الذي وضع موضع التنفيذ في عام 2003، والذي شرّع للانتخابات كأداه من أدوات تداول السلطة، وقد ورد في المادة (26) منه أن المشاركة في الحياة السياسية حق لكل الفلسطينيين أفراداً وجماعات، بما في ذلك حق تشكيل الأحزاب والنقابات والجمعيات، ولهم حق الترشح والتصويت لاختيار ممثلين عنهم طبقاً لما يقرره قانون الانتخاب. وتنص الماده (34) منه على أن «الشعب الفلسطيني» هو الذي ينتخب رئيس السلطة انتخاباً عاماً ومباشراً، وكذلك يتم انتخاب أعضاء المجلس التشريعي بموجب المادة (48).
ب- في قوانين الانتخابات
جرت الانتخابات الأولى في ظل اتفاقيات أوسلو في عام 1996، بموجب القانون رقم (15) لسنة 1995 بشأن الانتخابات الفلسطينية والذي صدر في غزة في 7/12/1995. وقد حدد القانون أن لكل فلسطيني أو فلسطينية «مقيم» في الضفة الغربية وقطاع غزة حق الانتخاب، ونصت الماده (2) منه أن يجري انتخاب رئيس السلطة وأعضاء المجلس التشريعي في وقت واحد. وكان عدد الأعضاء 83 عضوا.
وجرت الانتخابات الثانية بموجب القانون رقم (9) لسنة 2005 الذي أصدره المجلس التشريعي الأول بتاريخ 18/6/2005، والذي حلّ محل قانون 1995. ويؤكد هذا القانون في المادة (2) منه على أن يتم انتخاب الرئيس وأعضاء المجلس التشريعي في آن واحد، وابتدع القانون النظام الانتخابي المختلط، أي نظام الأكثرية النسبية ونظام القوائم، واعتبار الأراضي الفلسطينية دائرة انتخابية واحده (المادة 3) وقد زيد عدد أعضاء المجلس التشريعي إلى 132 عضواً.
وعلى ضوء هذا القانون جرت انتخابات 2006، الذي فاز معظم أعضاء المجلس التشريعي فيها من جانب حماس و/ أو من الاأنصار أو المؤيدين لها. وهنا تدخّل الحاكم العسكري الإسرائيلي وسجن وطارد الغالبية العظمى منهم، ولم يتمكن المجلس من عقد جلساته على نحو منتظم، وبالتالي لم يصدر عنه أي تشريعات ذات بال.
العملية الانتخابية عملية سياسية ابتداء وانتهاء، ولذلك لا يمكن عزلها في النطاق القانوني حصراً بدون استكشاف بعدها السياسي
وبتاريخ 2/9/2007، صدر قانون الانتخابات الثالث وذلك بمرسوم رئاسي، حيث لم يكن هناك مجلس تشريعي لإصداره. وحسب المادة (43) من القانون الأساسي يحق للرئيس «في حالات الضرورة القصوى التي لا تحتمل التأخير إصدار قرارات لها قوة القانون» ولم يبين لنا قانون الـ2007 ما هي «الضرورات» التي أوجبت إصدار ذلك القانون.
ومن أهم ما يلحظ على هذا القانون أنه استحدث في المادة 36/5 شرطاً في الترشح لمنصب رئيس السلطة، وهو أن «يلتزم بمنظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبوثيقة إعلان الاستقلال وبأحكام القانون الأساسي». كما استحدث القانون كذلك في المادة 45/6 شرطاً في عضوية المرشح للمجلس التشريعي وهو الشرط المشار إليه أعلاه. ومن المهم ملاحظة أن هذا القانون ألغى قانون الانتخابات الصادر عام 2005.
لقد فوجئنا قبل إعلان الرئيس مرسوماً بإجراء الانتخابات بيومين صدور قرار بقانون رقم (1) لسنة 2021، وذلك لتعديل القرار بالقانون الصادر عام 2007 بشأن الانتخابات العامة، ومن أهم ما ورد في هذا القرار في القانون الأخير أن المادة (2) منه تنص على أن «تستبدل عبارتا السلطة الوطنية، رئيس السلطة الوطنيه» أينما وردت في القانون الأصلي (أي القرار بقانون عام 2007) بعبارتي «دولة فلسطين، رئيس دولة فلسطين». وتنص المادة (3) منه على أن «يصدر رئيس دولة فلسطين… مرسوماً رئاسياً، خلال مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل تاريخ انتهاء مدة ولايته، أو ولاية المجلس التشريعي، يدعو فيه إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية».
ثالثاً ـ في المناقشة القانونية
أ- في الشكل
من المهم التأكيد بدايةً على صفة أساسية في التشريعات التي تصدر عن سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية، أنها تصدر على مقاسٍ محدد، وعلى عجله، وبدون تدقيق، ولا تصدر أحياناً بلسان عربي مبين. وللتدليل على صحة ذلك، نورد أمثلة، مجرد أمثلة، فالمرسوم الصادر عن الرئيس لإجراء الانتخابات صدر بدون رقم، وورد في الديباجة خلط بين ما يسمى القانون الأساسي للسلطة والنظام الأساسي لمنظمة التحرير، كما وردت الإشارة إلى قانون الانتخابات رقم (1) لسنة 2007 بينما لم ترد الإشارة إلى التعديل بالقانون رقم (1) لسنة 2021، وأن المادة (2) من القرار بقانون رقم (1) لسنة 2021 نصت على أن «تستبدل عبارتا السلطة… بعبارتي دولة فلسطين، رئيس دولة فلسطين». وهذا نص خاطئ لغةً، إذ كان يجب أن يرد على أن تستبدل عبارتا دولة فلسطين، رئيس دولة فلسطين «بعبارتي السلطة» ذلك أن حرف الباء يلحق المتروك، وهي هنا السلطة، كما يلحظ أن المادة (7) من القانون نصت على تعديل المادة (33) بينما نصت المادة (8) على تعديل المادة (32) وكان حسن الترتيب يقتضي العكس، ما يدل على العجله وعدم التبصر.
ب- في الموضوع
نصت قوانين الانتخابات الصادرة عام 1995 وعام 2005 على أن « تجري انتخابات الرئاسة والعضوية في المجلس التشريعي في آن واحد» وشرط التزامن يرد في الغالبية العظمى من التشريعات. فما الذي اضطر الرئيس لتغيير ذلك منفرداً، وما الذي اضطر حركة حماس للتخلي عن مطلبها الأساسي وتنازلت عن إجراء الانتخابات بالتتابع بدلاً من التزامن؟ ومن اللافت للنظر أن القانون رقم (1) لعام 2007 والقانون رقم (1) لعام 2021 لم يصدرا عن سلطة تشريعية، بل صدرا عن رئيس السلطة بدون أن نجد المبرر الذي نصت عليه المادة (43) من القانون الأساسي، وهي حالة الضرورة التي «لا تحتمل التأخير» التي تمنح الرئيس سلطة استثنائية، وفي حالة غياب هذه الحالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير، يكون التشريع الرئاسي مصابا بالفساد لأن في ذلك افتئات من السلطة التنفيذية على صلاحيات السلطة التشريعية. وليس بمكنة السلطة التنفيذية التذرع بالضرورة، ومناط الضرورة هو المصلحة العامة، فما هي المصلحة العامة التي تذرعت بها السلطة التنفيذية؟ إن ظروف الحال تدحض أي ذرائع. فالانتظار الذي امتدّ منذ صدور القرار الرئاسي في عام 2007 إلى القرار الرئاسي الصادر عام 2021 يدلل أنه لا توجد هناك حالة ضرورة «لا تحتمل التأخير» بل تراخت هذه «الضروره» عبر سنين طويلة، وخلالها جرت مفاوضات وعقدت اتفاقيات بين فتح وحماس مما ينفي عنصر الضرورة.
2 ـ يضاف لذلك أن التعديلات التي أدخلت على قانون الانتخابات لعام 2007 من أن من شروط الترشح للرئاسة والعضوية في المجلس التشريعي عليه أن يعترف بمنظمة التحرير، ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وهو شرط لا غبار عليه، وقد اعترف العالم بها بهذه الصفة، ولكن حماس ربما اعترفت بها ممثلاً «شرعياً» ولكن ليس «وحيداً» إذ أنها تعتبر نفسها ممثلاً كذلك للشعب الفلسطيني. والأهم من ذلك، أن الذي يسمو على سلطة الحكم الذاتي هي القيادة المهيمنة على قيادة منظمة التحرير، فهي المرجعية لكل ما يتمخض من انتخابات، سواء كانت الأغلبية لحماس أو لفتح. كما أن إضافة شرط الاعتراف بوثيقة الاستقلال تعني انه على حماس الاعتراف بما انطوت عليه هذه الوثيقة من آثام ابتداءً من قبول قرار التقسيم والشرعية الدولية الممثلة بقرارات الجمعية العامة، ومجلس الأمن الدولي بما في ذلك الاعتراف بالقرار 242 وكذلك ضرورة اللجوء لحل النزاعات بالطرق السلمية، وفي ذلك ما يمكن تفسيره بأنه ينطوي على التخلي عن المقاومة المسلحة أو غير المسلحة. من الواضح أن إضافة هذه الشروط هي محاولة لإحباط أي مسعى للمصالحة، أو لحمل حماس على التخلي عن سلاحها، كما أسقطت فتح سلاحها، ودخلت في نفق مفاوضات لا تنتهي، أي أن قبول هذه الشروط سوف ينتهي بحماس إلى أن تقع في الفخ، الذي وقعت فيه فتح، وهو فخ أوسلو.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن صلاحية التعديل في القانون الذي صدر عن السلطة التشريعية عام 2005 من المفروض أن تعود إلى الجهة ذاتها فهي صاحبة الصلاحية، ابتداءً. فهل يملك الرئيس إجراء وحذف وتغيير نصوص وافقت عليها السلطة التشريعية، لاسيما أنه لا توجد ظروف «الضرورة» التي تمنح الرئيس سلطة استثنائية.
3 ـ آخر انتخابات للرئاسة الفلسطينية جرت عام 2005 وكان ذلك بعد رحيل المرحوم ياسر عرفات، وتم انتخاب السيد محمود عباس خلفاً له، وبذلك يكون قد مضى على رئاسته الآن أكثر من خمسة عشر عاماً. وإذ أعلنت حركة فتح أن الرئيس محمود عباس سيكون المرشح الوحيد للرئاسة في الانتخابات المقبلة، ويبدو أن حركة حماس وافقت على ذلك، وهكذا يتولد الانطباع أن الفترة التي انقضت من عام 2005 إلى عام 2021 تعتبر فتره رئاسية واحدة، مما يعطي الحق للرئيس أن يترشح لفتره ثانية. فهل يتفق هذا الموقف مع نص وروح المادة (36) من القانون الأساسي، التي حددت مدة الرئاسة بأربع سنوات تجدد لمرة واحده فقط، بينما ستكون مدة رئاسة أبو مازن عشرين عاماً؟ فهل يستساغ هذا التفسير في سياق المادة المذكورة؟
ـ إن التشريعات الفلسطينية الخاصة بالانتخابات، تنطوي على تناقضات عديدة. فالقانون الأساسي ينص في المادة (34) منه على أن ينتخب رئيس السلطة الفلسطينية من قبل «الشعب الفلسطيني» بينما في الواقع ينتخب من قبل نصف الشعب الفلسطيني أو أقلّ قليلاً، ذلك أن الشخص الذي له حق الانتخاب يجب أن يكون «مقيماً» في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يستثني فلسطينيي الشتات وفلسطينيي»فلسطين» وهذا من شروط اتفاقيات أوسلو التي فرضها الحاكم العسكري الإسرائيلي. كما أن الماده 45/5 من قانون الانتخابات لعام 2007 اشترطت على المرشح أن يكون كذلك «مقيماً» في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فالانتخاب سيكون من قبل «الشعب الفلسطيني» الذي لا يقيم نصفه في فلسطين، وبالتالي فإن استخدام مثل هذه التعابير هو استخدام غير دقيق، بل قد يكون مضللاً.
نص قانون الانتخابات لعام 2005 في الماده (3) منه على أن يكون النظام الانتخابي مختلطا، أي يقوم نصفه على أساس نظام الأكثرية النسبية، بينما يقوم النصف الآخر على أساس نظام القوائم. ومن الواضح أن هذا الترتيب لابدّ أ\نه استند إلى إجماع ما بين الكتل والفصائل الممثلة آنئذٍ في ذلك المجلس التشريعي. وجاء القانون الانتخابي لعام 2007 ليقلب هذه المعادلة، ويشرع نظام القوائم، واعتبار الأراضي الفلسطينية دائرة انتخابية واحدة. إن المسألة المثارة هنا ليست في المفاضلة بين هذا النظام أو ذاك، إنما تكمن المسألة في صلاحيات الرئيس في تعديل هذا النظامن على نحو لم يتم التوافق عليه، ولا يظهر إن كانت هناك عجلة أو ضرورة «لا تحتمل التغيير» لإجراء هذا التغيير.
إن القانون الأساسي يتحدث عن الانتخابات باعتبارها حق للفلسطينيين المقيمين في الأراضي المحتلة، وبالتالي لهم الحق في المشاركة في الحياة السياسية، والتأثير في اتخاذ القرارات والتشريعات والرقابة على أداء الحكومة، والانتخابات بهذه الصفة ذات طبيعة تنافسية، وتقوم على أساس المفاضلة التي تفرز قيادات قادرة على القيام بالرقابة التشريعية، والتأثير في اتخاذ القرار. أما ما يطرح حالياً من توافق بين الفصيلين الرئيسيين في الساحة الفلسطينية، فهو أفضل وصف لبناء نظام شمولي بعيد عن المنافسة والشفافية، وأقرب ما يكون «لنظام التواطؤ» وهذا تطور سلبي وضار بالعملية السياسية، بل إنه يتجافى وفلسفة الانتخابات.
حسب التعديل الوارد في القانون رقم (1) لسنة 2021 فإنه سيتم الآن انتخاب رئيس دولة فلسطين، وليس رئيس السلطة الفلسطينية. لا يخفى أن هذا التعديل لابدّ إن حصل على موافقة من سلطة الاحتلال الإسرائيلي، أو على عدم معارضتها، ذلك أن أي تعديلات في اتفاقيات أوسلو لن تمرّ إلاّ إذا وافقت عليها إسرائيل، وقد نادى شمعون بيرس منذ توقيع اتفاقيات أوسلو بأن الإسرائيليين لا يعيرون اهتماماً لما يسمي الفلسطينيون سلطتهم، إن كانت سلطة أو دولة أو امبراطورية، طالما أن الشروط التي تحكم هذا الكيان لا تتغيّر إلا بإرادة الاحتلال. وبالتالي، فإن إطلاق مسميات جديده على سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني لن يغيّر من الحال شيئاً، والرئيس محمود عباس يدرك ذلك جيداً، وقد قال المرحوم صائب عريقات:»سأقول أموراً قد تغضب الرئيس الفلسطيني محمود عباس.. أنا اعتقد أن الرئيس الحقيقي للشعب [الفلسطيني] هو وزير الجيش أفيغدور ليبرمان»(صحيفة «الشرق الأوسط» 20/2/2018) وبعد ذلك كله، فلنبارك إلى رئيس الدولة.
ومن اللافت للنظر أن المرسوم الرئاسي يدعو إلى «استكمال» تشكيل المجلس الوطني، وهذا يعني أن عدد أعضاء المجلس التشريعي سوف يشكلون الدفعة الأولى من أعضاء المجلس الوطني، وسوف يتم «استكمال» العدد من فلسطينيي الشتات. ولم يوضح المرسوم كيفية استكمال العدد ما يفتح الباب واسعاً على تجنيد الأزلام والمحاسيب والمناصرين، كما جرت العادة في استكمال عضوية المجلس الوطني الذي عقد في غزة لإرضاء الرئيس كلينتون لفرط العقد الاجتماعي للفلسطينيين، بتعديل الميثاق الوطني الذي لم يبق منه – عملياً- إلاّ الاسم.
وختاماً، ماذا لو رفضت إسرائيل مرة اخرى طلب الأخ أبو مازن بالسماح لأهالي القدس بأن يمارسوا حق الانتخاب، لاسيما وقد رفضت ذلك الطلب في عام 2019؟ فهل سيكون هذا سبباً لتأجيل الانتخابات؟
رابعاً- في الجوانب السياسية
من المسلم به أن العملية الانتخابية هي عملية سياسية ابتداءً وانتهاءً ولذلك لا يمكن عزلها في النطاق القانوني حصراً بدون استكشاف بعدها السياسي، ليس مستساغاً الادعاء بعد مرور أربعة عشر عاماً تقريباً أن تخرج علينا حماس بعد هذا الزمن الطويل من إعلان الإيمان «بضرورة وحتمية إنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة الوطنية والشراكة الاستراتيجية والمسؤولية الوطنية، تجاه شعبنا وقضيتنا» (رسالة هنية إلى عباس) وأنا هنا لا أناقش النوايا، فهي ليست محل مطاعن أو تشكيك، بل ما هي الأسباب التي دعت للموافقة على المصالحة والقبول بشروط السلطة في الانتخابات، مع العلم أن الاعتبارات الواردة في رسالة الأخ هنية كانت موجوده دائماً.
إن حماس تعلم علم اليقين أن السلطة عادت إلى التنسيق الأمني، وأنها مرتهنة الآن للأموال التي تحصلها إسرائيل من الجمارك على البضائع المستوردة من قبل التجار الفلسطينيين. فهل سوف تشترك حماس في التنسيق الأمني، وإذا لم تشترك فهل سوف ستصمد المصالحة؟
لابدّ أن حماس تدرك إدراكاً واعياً أنها سوف تقف مع السلطة الفلسطينية على البساط السياسي ذاته، الذي تقف عليه السلطة، وهو بساط أوسلو. فهل تغفل حماس ما هي المستحقات المترتبة على كل من يقف على البساط ذاته، لاسيما وأن التجربة مع أوسلو ومستحقاتها قد مضى عليها زمن طويل، والخبرة في هذا الطريق خبرة طويلة وعريضة وعميقة.
وختاما، ما هو موقف حماس والسلطة الفلسطينية لو قام الحاكم العسكري الإسرائيلي بمثل ما قام به بُعيد انتخابات عام 2006 من التنكيل بالنواب الذين لم يأتوا على مقاس سلطة الاحتلال؟
كاتب ومحام فلسطيني