عندما شاهدت القناة الثانية المصرية تنقل وقائع صلاة الجمعة، بعيداً عن الخطبة المملة لوزير الأوقاف، اعتقدت أنها خطوة جديدة، ومن ثم أذعت البشارة هنا، بعد اطلاعي على ما كتبه كثيرون أنهم قاطعوا عادة فتح التلفزيون في وقت صلاة الجمعة بسبب المفروض عليهم، وقد تبين لي أن هذا يحدث منذ فترة طويلة نسبياً، لكننا لا نهتم بمشاهدة هذه القناة، ربما في هذا التوقيت!
كان التلفزيون المصري ينقل صلاة الجمعة من مسجد التلفزيون، ولا ينقلها من خارجه إلا في المناسبات القومية، ولعل مقالاً كتبه الكاتب الراحل محمود السعدني، كان سبباً في أن يكون الأصل في النقل التلفزيوني هو من خارج هذا المسجد الصغير الذي وصفه السعدني بـ «القبو»!
وقد أكد في مقاله أنه لا يجوز في بلد عاصمته تعرف ببلد الألف مئذنة، أن يكون نقل صلاة الجمعة من مسجد التلفزيون المتواضع، ولهذا عندما رأيت نقل الصلاة منه مؤخراً عبر القناة الثانية، اعتبرت أن هذا عملاً جديداً، لكن هناك من أخبرني بأن هذا يحدث منذ ثورة يناير، لأنه كان من الصعب خروج سيارات التلفزيون للبث الخارجي.
وظني أن هذا لم يكن – فقط – بسبب الفوضى الأمنية، لكن نظراً لحالة العداء بين الشارع والتلفزيون المصري الذي لم يتجاهل فقط ثورة الشعب المصري،لكن عمل على تشويهها، وفي مذكراته قال رئيس قطاع الأخبار عبد اللطيف المناوي، إن السبب في عرض الصور التي تجعل من الميدان فارغاً من المتظاهرين، هو أنهم لم يُمكنوا من دخول كاميرا التلفزيون بسبب رفض المتظاهرين، في حين أن هناك من أخبرني أنه صور ثلاث ساعات في يوم جمعة الغضب، لم تعرض منها لقطة واحدة!
وقال الراوي إنه ظل نقل صلاة الجمعة من مسجد التلفزيون بعد الثورة عبر القناة الثانية، من باب الاحتياط، خوفاً من تعطل سيارة البث، التي تعطلت ثلاث مرات، واحدة منها كان النقل من منطقة الواحات، وقد اختفت الإشارة، وبالتالي أذاعت القناة الأولى ومن ينقل عنها الصلاة نقلاً عن القناة الثانية، ومن يومئذ بدأت القناة تذيع الآذان وعلى غير عادتها، فلما تولت صفاء حجازي رئاسة اتحاد الإذاعة والتلفزيون أوقفت هذا من باب توفير النفقات (هكذا قالت) وإن استمرت الجمعة من مسجد التلفزيون مستوفية الشكل تماماً، من وجود قارئ ومذيع ونحو ذلك، لكن لا تعرض على الشاشة.
وقد أوضح محدثي أن هذه «الجمعة الاحتياطية» استمرت على هذا النحو إلى أن حدث منذ عام كان النقل من مسجد الحسين وعند الآذان الثاني حدث عطل في إشارة البث، فتم نقل الجمعة الاحتياطية، ومن يومها والقناة الثانية تقدم الصلاة من مسجد التلفزيون!
النقل من الأزهر
ولم يكن نقل صلاة الجمعة من الجامع الأزهر – التي كتبت عنها هنا – تحدث للمرة الأولى،لكن تبين أن هناك تقليد متبع منذ قيام الثورة (حسب قول محدثي) بنقل صلاة الجمعة منه مرة كل شهر، وإذ كان المسجد والعاملون فيه يخضعون لوزارة الأوقاف وظيفياً، فإن هذا لم يكن يمنع شيخه أو مكتبه الفني من تحديد الخطيب، وفي عهد الرئيس محمد مرسي حدث ذات جمعة أن اختار شيخ الأزهر وزير الأوقاف الحالي مختار جمعة ليخطب فيه.
وسبحان من يغير ولا يتغير، فالعلاقة بين الإمام الأكبر ووزير الأوقاف الآن ليست على ما يرام، لكن الإمام كان يتبناه بعد الثورة، وبعد طرده من الجمعية الشرعية، لأنه كان معلوماً بأنه رجل أمن الدولة فيها وعين الأمن على أنشطة الجمعية، وقد عينه شيخ الأزهر في درجة وظيفية في كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر أعلى من رئيس الجمعية الشرعية، الأستاذ بنفس الكلية.
قال محدثي إنه في 2014 صارت تبعية الجامع الأزهر لمشيخة الأزهر، ويختار الإمام أو مكتبه الفني خطيب الجمعة، التي ينقلها التلفزيون، ومن هنا فإن الخطبة التي يفرضها وزير الأوقاف ليست معتمدة في الأزهر. ومعلوم أن الشيخ الطيب كان ضد فكرة الخطبة الموحدة التي أقنع بها الوزير السيسي الذي يعمل على تأميم الخطاب الديني.
وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر، فقد تعرض الأزهر في الأسبوع الماضي لهجوم من قبل وزير الثقافة السابق جابر عصفور، والذي تم استدعاؤه من الدار الآخرة، لبرنامج «عمرو أديب» ولمهمة بدت دوافعها غامضة فليست هناك مناسبة للهجوم على شيخ الأزهر، لكن اتضح أن الشيخ وضع للسيسي العربة أمام الحصان.
لقد كان القانون ينص على أن اختيار مفتي الديار حق أصيل لهيئة كبار العلماء، لكن السيسي انتزع هذا الحق بأن جعل من دور الهيئة أن تختار ثلاثة يختار منهم واحداً، وقد أجريت الانتخابات مؤخراً في سرية تامة، وأشرف عليها الدكتور علي جمعة، فإذا بالثلاثة الذين أفرزتهم الانتخابات، ليس من بينهم شوقي علام، المفتي الحالي، فكانت حملة الهجوم على شيخ الأزهر!
عموماً، فإن على الذين قاطعوا خطبة الجمعة، كراهية في الخطيب المفروض وهو وزير الأوقاف، أن يعلموا أن القناة الثانية تنقل وقائع شعائر صلاة الجمعة من مسجد التلفزيون، حيث أن الخطيب ليس هو مختار جمعة!
هذا فضلا عن أن هناك جمعة في كل شهر تنقل من الجامع الأزهر، لا يخطبها «مختار جمعة» وكان النقل من الأزهر على أيامنا يعني أن مسؤولاً سعودياً في زيارة لمصر، حيث اختيار الجامع الأزهر المقابل لمسجد الإمام الحسين له دلالته عند المذهب الديني السعودي! وذات زيارة لمسؤول سعودي، شمر رئيس تحرير لصحيفة كبرى عن ساعديه، وكتب خبر الزيارة حيث جاء فيه، وسيصلي الجمعة بعد غد الأربعاء في الجامع الأزهر!
يا له من رئيس تحرير غاية في الدقة المهنية.
أرض- جو: فلما كانت الذكرى العاشرة لثورة يناير، هتفت الأذرع الإعلامية للثورة المضادة ومن عمرو أديب إلى إبراهيم عيسى، وفي ليلة واحدة، محذرة من عودة الإخوان، لتخويف الناس من الثورة وحتى لا يأتي الإخوان للحكم باعتبارهم هم فقط البديل للسيسي. ألم تقولوا إن الشعب هو من أسقط الإخوان في 30 يونيو المجيدة؟!
إذا أفلس التاجر فتش في دفاتره القديمة، وكذلك قناة «الحرة» التي بشرتنا بعودة برنامج «إبراهيم عيسى» من جديد. وبعد كل هذا الفشل للقناة الأمريكية أرى أن إكرام الميت دفنه، ما دامت الخيارات محدودة وتدور مع الفشل وجوداً وعدماً. اتضح أن من يتم تقديمه على أنه «المحلل الأمريكي» ماك شرقاوي، صاحب مقولة بايدن دخل البيت الأبيض على ظهر دبابة، منتشر في القنوات المصرية، وقد عرض «اليوتيوبر» عبد الله الشريف جانباً من اسهاماته في القنوات المختلفة، وإن أخطأ في القول إنه من أقباط المهجر، والصحيح إنه من مسلمي المهجر واسمه «محمود» ويمكن سؤال نقابة المحامين عن أسبابه شطب عضويته فيها.
علق أحدهم على زاوية الأسبوع الماضي بأن الجزيرة سبق لها واستضافت «ماك شرقاوي» وقد سألت وتأكدت من صحة تعليقه، ولا ضير في ذلك فالجزيرة أيضاً هي من اكتشفت لنا اختراعاً اسمه «محمود إبراهيم» يفوق في قوته اختراع اللواء عبد العاطي لجهاز علاج الايدز بالكُفتة!
وكأنه مطلوب منا أن نصدق أن نواب البرلمان يمكن أن يتحركوا من تلقاء أنفسهم فيهاجموا وزير الدولة للإعلام، وهو البرلمان الذي شهد طرد نائب لأنه تمضمض باللبن الحليب وانتقد حزب «مستقبل وطن». وكأنه مطلوب منا أن نصدق أن هؤلاء النواب الذين جرى اختيارهم من خارج دائرة السياسة يعرفون وزير الإعلام. إنه جزء من حملة تصفية وزير الإعلام لصالح الضباط الذين يشرفون على الإعلام، ولا يعني هذا أن الوزير هو «خضرة الشريفة» في هذه المعركة. ترفض السلطة المصرية نقل جلسات البرلمان بغرفتيه على الهواء، كما كان حاصلاً بعد الثورة، وذلك إيمانا من السلطة بالقول المأثور: «إذا ابتليتم فاستتروا»! ليست السخرية أن يتحول الكاتب إلى «الفنان شكوكو» وليس على مقدم البرامج الفكاهية أن يصبح مهرجاً لإضحاك المشاهدين، وفي الجملة ليست السخرية في الابتذال، وقد نجح برنامج «فوق السلطة» على قناة الجزيرة، في أن يرد الاعتبار لهذا اللون من البرامج، وبما يليق بقناة وقورة. إن «نزيه الأحدب» إضافة مهمة، بسخريته المسكونة بجدية الشكل والأداء.
لم نفقد سامي حداد في الأسبوع الماضي بوفاته، وإنما فقدناه يوم أن توقف برنامجه «أكثر من رأي» الذي كان يقدم وجبة دسمة، ويمثل التنوع المطلوب للجزيرة، ومراعاة كافة الأذواق، من «الاتجاه المعاكس» إلى «أكثر من رأي» والناس فيما يعشقون مذاهب!
كل هذه السنوات ولم يفقد «الاتجاه المعاكس» جاذبيته، أدهشني أن يقول لي مهتم إنه لا يزال الأول، بمقاييس السوشيال ميديا.
«اليوتيوب» مثله مثل اختراع «صحافة المواطن» كلها اختراعات لا تعني أن أي وسيلة إعلامية حديثة قد أنزلت التلفزيون من فوق عرشه، ولا يمكن تجاهل أن السوشيال ميديا نالت من قيمة مهنة الصحافة، وأكدت ضرورة العودة لصقل المهارات المهنية في المؤسسات الصحافية، بعد أن أصبحت الصحافة هي الفريضة الغائبة، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.
«عاجل: الرئيس السيسي يبكي» كان هذا ما بثته بوابة الكترونية مصرية، في يوم ذكرى عيد الشرطة (25 يناير) على نحو كاشف بإهانة مفهوم «العاجل» وقد تم ابتذاله كثيراً منذ أن انتقل للفضائيات العربية، فتنام وتستيقظ وعلى الشاشة نفس «العاجل» الذي وضع قبل ساعات، حتى تمنيت أن أعرف أول من اخترع «عاجل» تلفزيونياً، لكي ألعنه دبر كل صلاة.
تكلم «مصطفى الفقي» مدير مكتب مبارك للمعلومات سابقاً في برنامج «شريف عامر» على قناة «إم بي سي مصر» عن ثورة يناير، وكيف أن الأزمة في الحاكم العربي الذي يأتي للحكم ولا يعرف متى ينصرف، والذي لا تنقل له الحقيقة، والذي لا يسمع صوت الناس، فاعتقدت أنه يقصد السيسي.
صحافي من مصر
” تمنيت أن أعرف أول من اخترع «عاجل» تلفزيونياً، لكي ألعنه دبر كل صلاة.” اضحكتني بصوت مسموع حتى ان زوجتي شكت بما افعل في ساعه متأخره من الليل :( ….و على اي حال اذا تحصلت على الاسم بصفتك ابن كار ولكم معارف…لاتبخل علينا بمشاركة اسمه حتى نقول امين
يتم طبع خطبة الجمعة داخل مخابرات طغاة العرب!
وبعد نسخها يتم توزيعها على أئمة المساجد!! ولا حول ولا قوة الا بالله
لا ينفع التعليق ما أفسده الدهر ….
( يتم طبع خطبة الجمعة داخل مخابرات طغاة العرب!وبعد نسخها يتم توزيعها على أئمة المساجد ).كيف عرفت ذلك ياكروي؟ الا إذا كنت تعمل في المخابرات!!
اتفق مع الاستاذ سليم، على اننا فقدنا الراحل الاستاذ سامي حداد، يوم توقف عن تقديم برنامج “اكثر من رأي” و للأسف مع كل عمالقة الجزيرة أمثال كريشان و القاسم و الأحدب و منصور، لا يوجد من يعوضه برأيي، قدرة و إمكانية و لغة و خبرة و تحكماً بمحاور البرنامج و ضيوفه…
كنت اتمنى على الأستاذ سليم ان يرشح بديلاً عنه و يقترح إعادة الحياة إلى ذلك البرنامج الهام جداً و المعبّر الامثل عن روح قناة الجزيرة و شعارها و توجهها!
..
ربما هذا سيكون اعظم تكريم و تقدير للراحل الموهوب رحمه الله و غفر له.
…
شخصياً من خلال متابعتي ،ارشح شخصية تمتلك من الخبرة العميقة في الصحافة و الإعلام و في التمكن من اللغة العربية بالتخصص (و كذلك الإنكليزية و ربما لغات أخرى) ناهيك عن الكاريزما و الاستقلالية و تشعب العلاقات، لكن المشكلة انه من خارج القناة و ممن يوجه سهام الانتقاد إليها بين الحين و الآخر ،ولكنه النقد البناء، و لا أعلم ان كان سيقبل ذلك لو عرض عليه الأمر حتى؟!