على ماذا ستركز حملة الانتخابات التي افتتحت – بشكل غير رسمي – هذا الاسبوع؟ حسب الصورة المتحققة منذ الان سينقسم مجال استماع الناخبين بين المعسكرين مع نقطتي تركيز. الجانب اليميني سيركز على مسائل الدولة، الأمن والامة. الجانب الوسط – اليساري سيركز على المجتمع، الاقتصاد ونتنياهو.
بتقديري، اذا كان هذا بالفعل هو تقسيم العمل في الحملات الانتخابية للطرفين، فان اليمين سيحقق انتصارا عظيما وسيقيم الحكومة التالية وحده. الاحتمال في أن تتعزز أحزاب الوسط واليسار في الانتخابات القريبة القادمة لتصبح كتلة ذات قدرة على تشكيل ائتلاف مستقر، منوط بقرارها هي للتركيز بالضبط على ذات المواضيع التي نسبها اليمين لنفسه: السياسة، الأمن، القومية.
ثمة لذلك شهادات من التاريخ السياسي لاسرائيل. اسحق رابين قاد حزب العمل إلى الانتصار على اساس برنامج امني – سياسي. ايهود باراك انتصر في الانتخابات التي تعهد فيها باخراج الجيش الاسرائيلي من لبنان. ورغم أن الوضع الاقتصاد – الاجتماعي لاسرائيل كان في تلك السنين اسوأ بلا يقاس مع اليوم، فان حزب العمل ذكره في الحملات الانتخابية الناجحة التي خاضها في بند واحد من بنود كثيرة، وأبقى كل التزلف الاقتصادي لليكود.
أما حزب الوسط الكبير في العقود الاخيرة، كديما، فقد انتصر في الانتخابات في 2006 بفضل فك الارتباط عن غزة وليس لانه أخرج إلى حيز التنفيذ التوصيات (التي يكرهها الجمهور) للجنة بخر. وقد حافظ على بعض من قوته في الانتخابات التالية ايضا بسبب التشديد الصحيح، من ناحيته، على ما يسمى «شؤون الخارجية والأمن» بالمعنى الواسع للكلمة.
وبالمقابل، فان القوة البرلمانية لاحزاب الوسط واليسار ضعفت على نحو شبه دائم عندما أدارت حملة انتخابات ذات اتجاه اقتصادي – اجتماعي وامتنعت عن عمد عن التصدي للافق السياسي – الأمني المتكدر مبقية المستقبل الوطني لليمين.
انتخابات 2013 عقدت بعد وقت قصير من الاحتجاج الاجتماعي، والوسط واليسار ركزا عليه. وعلى الرغم من ذلك فان كتلة الليكود – اسرائيل بيتا – البيت اليهودي حققت فيها انتصارا مثيرا للانطباع. وتبددت كتلة الوسط إلى ثلاثة احزاب، واحد منها فقط، يوجد مستقبل، كان مرتبطا بالاحتجاج.
يوجد هنا اخفاق استراتيجي وتكتيكي للواقع وجدول الاعمال. استراتيجي، اليسار والوسط يجب أن يتحدثا إلى الناخبين بقول الحقيقة: باستثناء الجماهير العربية – الإسلامية واليهودية – الاصولية، فان الحياة الاقتصادية في اسرائيل جيدة نسبيا. صحيح أنه يمكن تحسينها وصحيح ان الاجهزة العامة المركزية تعاني من نقص هائل في الميزانية، ولكن التغييرات المنشودة لن تتحقق دون نقلة سياسية تسمح بتغيير عميق في سلم الاولويات. فالمبادرة السياسية – الأمنية تسبق الاقتصادية – الاجتماعية، وبدونها فان الفارق في مستوى المعيشة، في مستوى الخدمات العامة وفي مستوى الانتاجية بين اسرائيل والدول الغربية المتطورة سيتعمق.
تكتيكيا، فان الخطوة الاكثر لمعانا لحزب المعارضة في حملة الانتخابات هي السيطرة على أجندة حزب السلطة الخصم.
وهذا بالتأكيد صحيح في اسرائيل: مشكوك أن يكون لاحزاب اليمين جواب مقنع على سؤال «ماذا بعد» في السياسة الخارجية، الأمن والقومية. يوجد لها، بالمقابل، وفرة من الخطط للاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
ان الاسرائيليين لن يصوتوا بجموعهم لليسار وللوسط اذا ما تنافست هذه الاحزاب مع اليمين المتزلف شعبيا في قطع الوعود لتخفيض «غلاء المعيشة» وتخفيض السكن. ولكن سيكون لها أمل في اقناع الناخبين بصحة طريقها، اذا ما ركزت دعايتها قبل الانتخابات على التحذير والتخويف الخطير – نعم، التخويف – من التدهور إلى دولة ثنائية القومية عنيفة ومليئة بالعمليات يتعاطى العالم معها كدولة بشعة. إذ ان هذا هو الانتخاب المصيري للعام 2015، ولا شيء غيره.
لا جبهة مضادة لبيبي يجب ان تقيم احزاب الوسط واليسار، بل جبهة لانقاذ الدولة اليهودية. مؤسف جدا أن في نهاية الاسبوع الماضي بدأ (مرة اخرى) قادة هذه الاحزاب يتحدثون عن «الثلاجات الفارغة» و «الطبقة الوسطى المنهارة» و «بيبي منقطع»: هذه وصفة مؤكدة بما يكفي لعدم الانتصار في الانتخابات.
يديعوت 7/12/2014
سيفر بلوتسكر