إذا صحت الأنباء التي نشرت مؤخراً وأفادت بأن رئيس النظام السوري الأسد وافق على أن يلتقي مسؤولين إسرائيليين كباراً، فستكون أمامنا خطوة استراتيجية مهمة تشير إلى خروج الأسد الابن عن سياسة أبيه، الذي ربط مصير بلاده بالإيرانيين بخلاف رأي كل الدول العربية. محمد سموني، المنفي السوري، ورجل الإخوان المسلمين، ومؤسس ومدير عام معهد الجسور الذي يعمل في تركيا ولندن، كان قد نشر مؤخراً أن الروس نجحوا في جلب مسؤولين إسرائيليين وسوريين كبار إلى لقاء في قاعدة الجو الروسية في سوريا. وواضح أن لا أساس من الصحة لهذا النبأ، ولكن موسكو وجدت من الصواب أن تنفيه علناً. فقد نفى مصدر سياسي روسي عليم النبأ، ولكنه أضاف بأن كانت في الماضي كما اليوم أيضاً محاولات من جانب روسيا لعقد محادثات بين سوريا وإسرائيل لإيجاد حل للوضع السائد بين الدولتين.
تروي وسائل الإعلام اللبنانية عن توتر متصاعد بين الأسد وحلفائه الإيرانيين و”حزب الله”، ممن لا يرون بعين العطف أي إمكانية لأن يتحدث الأسد مع إسرائيل.
وبالتوازي مع هذه الأنباء، تروي وسائل الإعلام اللبنانية عن توتر متصاعد بين الأسد وحلفائه الإيرانيين و”حزب الله”، ممن لا يرون بعين العطف أي إمكانية لأن يتحدث الأسد مع إسرائيل. وقد وصل التوتر بينهم إلى توجيه تهديدات مبطنة بين الطرفين. وادعى “حزب الله” بأن السوريين مرتبطون بالانفجار الذي وقع في آب العام الماضي، وكاد يخرب كل ميناء بيروت. ويتهم “حزب الله” سوريا بتهريب المازوت والأدوية والدولارات من لبنان إليها. فردت دمشق بتلميحات بأن معقل “حزب الله”، الضاحية الجنوبية في بيروت، مكشوفة للإصابة.
وحسب المصدر الروسي، فإن موسكو معنية بحوار إسرائيلي سوري، وروسيا مستعدة لهذا الأمر على مراحل. في المرحلة الأولى، استضافة لقاءات غير ملزمة بحثاً عن القاسم المشترك وجوانب الخلاف، وفي المرحلة الثانية، إجراء محادثات ملزمة. كل ذوي الشأن على علم بأن زمن المحادثات الملزمة غير مناسب. ففي آذار ستجري انتخابات في إسرائيل، وفي نيسان ستجرى انتخابات رئاسية في سوريا. وعليه، فإن الروس سينظرون بعين العطف الآن إلى محادثات جس النبض غير الملزمة.
وحسب معهد الجسور، فإن هدف اللقاءات هو اتخاذ خطوات تمنع نفوذاً إيرانياً في الجولان. كما أن قوة الأمم المتحدة المسؤولة عن الرقابة على اتفاق فصل القوات بين الدولتين – جندت للمهمة. وزيادة عدد جنودها ستساعد في إبعاد الإيرانيين كما تطلب إسرائيل. وفهم الأسد بأن الأسرة الدولية لم تعد تطالب برحيله كشرط لحل الحرب الأهلية في بلاده. وهو سيكون جزءاً من إعادة بناء سوريا. لهذا الغرض، عليه أن يتقرب من الغرب ومن الدول العربية التي تطبع علاقاتها مع إسرائيل، كما يرغب في تلقي مساعدة مكثفة لإعادة بناء بلاده. وإذا ما أراد، فعليه أن يقيد النفوذ الإيراني في سوريا. وإذا ما قرر الأسد بعد الانتخابات إجراء تغيير استراتيجي، والاستجابة إلى طلب الروس والحديث مع إسرائيل، فسيؤدي الأمر إلى تغيير جوهري في المنطقة، وينبغي لإسرائيل منذ هذه اللحظة أن تستعد له. يجب أن تكون المرحلة الأولى محادثات عميقة مع الروس.
بقلم: إسحق ليفانون
معاريف 4/2/2021