“شخصنة وتضليل” و”معيبة”.. مؤسسات “أردنية” تتهم بعضها وثنائية “الرفيق والشيخ” تلتهب وتضرب في العمق

حجم الخط
3

عمان- “القدس العربي”: تماما كما توقعت “القدس العربي” في تقرير سابق لها.

ظاهرة الرفيق والشيخ في هرم الدولة الأردنية ومؤسساتها تحتك ببعضها البعض وبصورة غير مسبوقة تثير ضجيجا نادرا.

الكلام هنا عن رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان الإسلامي الشيخ الدكتور ارحيل الغرايبة وعن رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات واليساري المعروف الدكتور خالد الكلالدة.

مجددا ألهب القطبان في مؤسسات الدولة الدستورية الأجواء كما لم يحصل من قبل والصراع هنا على ما سمي بـ”أخطاء جسيمة” في إدارة الانتخابات الأخيرة جعلتها معيبة وبالتالي ارتفع منسوب التشكيك بإجراءات الهيئة وبنتائج الانتخابات نفسها.

الالتهاب بمعناه السياسي هنا أنتج مشهدا مثيرا لم يألفه الأردنيون في نخبتهم.

والأهم والأكثر حساسية أن الدولة العميقة بمعناها المألوف تمتنع عن التدخل لضبط الإيقاع ومنع حالة الاحتكاك بين مؤسستين داخل أجهزة الدولة، الأمر الذي قد يظهر لاحقا بأن جرعة ما من التشكيك بالانتخابات التي لا تزال طازجة قد تكون مقصودة على نحو أو آخر في إطار حسابات سياسية دقيقة جدا لها علاقة بالداخل أو بالخارج أو بكلاهما.

ألهب القطبان في مؤسسات الدولة الدستورية الأجواء كما لم يحصل من قبل والصراع هنا على ما سمي بـ”أخطاء جسيمة” في إدارة الانتخابات الأخيرة

ما الذي يعنيه ذلك بصورة أكثر تحديدا؟

سؤال في غاية الأهمية لكن الإجابة عليه قد تفترض بأن الأردن العميق يحتاج لإطار يقول مرحليا بأن حصول أخطاء جسيمة في انتخابات عامة حصل عمليا بشهادة الوطني لحقوق الإنسان.

ولكن لا يحظى ذلك بشرعية أو قبول وثمة جهات محايدة أو مستقلة وظيفتها حراسة الحريات يمكنها أن تشخص الخلل وتضع وصفة طبية والأهم يمكنها أن تتحدث بصراحة عن الأخطاء الجسيمة وهو ما فعله المركز الوطني لحقوق الإنسان.

لكن الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات تبدو أو لا تريد أن تبدو أنها الجهة التي أخطأت وينبغي أن تتحمل المسؤولية فقط.

لا بل تدافع الهيئة في بيان طويل ومثير جدا عن نفسها وعن انتخاباتها بعدما أبلغ الناطق باسمها جهاد المومني “القدس العربي” في وقت سابق بأن الهيئة تهتم وتدرس تفاصيل تقرير الوطني لحقوق الإنسان وستصدر موقفا بخصوصه وتتعامل معه كجسم واحد وترد بالتفصيل على كل الملاحظات.

لكن مذكرة الهيئة ردا على المركز أو مذكرة “الرفيق ردا على الشيخ” لم تكن هادئة ولا ناعمة بل خشنة جدا واتهامية وبوضوح باستخدام مفردات وعبارات غير مسبوقة، حتى عندما تختلف المؤسسات الرسمية بعضها البعض فمثل هذه الخلافات كانت تكتم خلف الستارة لكنها اليوم عبر الإعلام والمنصات.

وما يدلل على أن العمق الرسمي سمح بالصراع هو المانشيت المثير الذي عنونت فيه صحيفة الغد اليومية تغطيتها لتقرير المركز الوطني الذي تحدث عن أخطاء جسيمة وتدخلات تعيب الانتخابات.

كما تحدث عن توسع في ظاهرة المال السياسي وافتقار طواقم الهيئة للتدريب والتأهيل وتحدث ضمنيا عن عدم تمكين المواطن الأردني من الاختيار الحر والتدخل لثني مرشحين عن المشاركة.

كانت اتهامات المركز من الصنف الصارخ والقوي والذي تسبب بإحراج كبير للهيئة، على اعتبار أن تقرير المركز كان متشخصنا أيضا

كانت اتهامات المركز من الصنف الصارخ والقوي والذي تسبب بإحراج كبير للهيئة وللدكتور الكلالدة ولرفاقهما وبالتالي الرد تشخصن فورا وعلى اعتبار أن تقرير المركز كان متشخصنا أيضا.

وعلى الأرجح مثل هذا المشهد قد يكون مبرمجا ومقصودا أو سمح به، الأمر الذي يعني توفير الأسس أو المقدمات للإطاحة بعدة رؤوس كبيرة لاحقا خدشت صورة الانتخابات وهيبتها أو يمكن تقديمها كقرابين قبل العودة لمربع الإصلاح السياسي مما يفسر الفوضى التي حصلت.

التعبيرات والألفاظ التي استخدمتها الهيئة في الرد على الوطني لحقوق الإنسان ظهر الأحد كانت قاسية وخشنة جدا عندما اعتبرت بأن تقرير المركز تنقصه المهنية واتسم بالتناقض وليس محايدا ويبلغ درجة من التوجيه السياسي والشخصي ومن التضليل.

فرد رد الهيئة بعض أوراقها وبياناتها فـ 11 % من مراقبي المركز لم يتلقوا أي تدريب و34 % منهم لم يكونوا يعلموا بأنهم يعملون لصالح المركز و40 % فقط منهم خضعوا لتدريب.

تلك اتهامات من العيار الثقيل ترد ضمنيا على اتهامات من العيار الثقيل أيضا.

ألهبت ثنائية الرفيق والشيخ مجددا نقطة احتكاك نادرة.

سمحت الدولة العميقة بذلك، الأمر الذي يعني أن الجميع بانتظار شيء جديد ومهم في المسرح السياسي الداخلي الأردني.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الصخري:

    لو يوجد في وطننا العربي انتخابات ديمقراطية بل تستحق أن تسمى المسرحية الكوميدية…
    كشوفات الفائزين تجهز مسبقا !!!!

  2. يقول شوكت سعدون:

    هل يعني ذلك أن الاتجاهين مستهدفين يمينا ويسارا إن لم يكن ما بينهما أيضا

  3. يقول محمد:

    للأسف العامل البشري يلعب دوره في التدخل والانتقاص من الحيادية في الكثير من الأحيان وكل ما يجري عبارة عن مسرحية تحت اسم الديمقراطية باتت فصولها مكشوفة للجميع ونحن نجد انفسنا بمشاهدتها قسرا كل أربع سنوات ولا حول لنا ولا قوة

إشترك في قائمتنا البريدية