لندن ـ «القدس العربي» من الصعب فهم الدمار الذي أصاب سوريا ليس لأن عدد الضحايا ضخم جدا، بل لأن الأرقام حول الحرب غير واضحة، فعدد القتلى وصل حسب بعض التقديرات إلى 200.000 الذي تقول صحيفة «واشنطن بوست» إنه جاء من منظمة في كافنتري- إنكلترا لا تقدم معلومات عن الطريقة التي تتوصل فيها لمعلوماتها.
وهذا تعليق قدمته مجلة «أتلانتك مونثلي» في تقرير لها عن طريقة مختلفة لإحصاء عدد الضحايا بقياس نسبة البيوت المضيئة في الليل لتلك المظلمة.
وتقول المجلة إن مسألة ارقام الضحايا هي محل للجدال بين الأطراف وفي مرحلة ما توقفت الأمم المتحدة عن إحصاء عدد القتلى السوريين. لكن باحثين في جامعة «وهان» الصينية لجأءا إلى طريقة أخرى غير تقليدية لمعرفة أثر الحرب على السوريين.
ففي دراسة نشرت في «المجلة الدولية للاستشعار عن بعد» قام كل من تشي لي وديرين لي بتجاوز أرقام القتلى واستخدما الأقمار الصناعية الأمريكية التي تحلق على بعدد 500 من مستوى سطح الأرض.
وناقش الباحثان ان المنظر التي تقدمه الأقمار الصناعية من الفضاء يتيح مصدرا مهما وموضوعيا للمعلومات عن الأزمة.
اختفاء النور
وفي محاولة لتقييم محتوى الصور توصل الباحثان إلى تراجع الأنوار الليلية بنسبة 74% في كل أنحاء سوريا في الفترة ما بين آذار/ مارس 2011 وشباط/ فبراير 2014.
والاستثناء كانت العاصمة دمشق ومدينة القنيطرة القريبة من الحدود الإسرائيلية حيث تراجعت الإضاءة الليلية فيها بنسبة 35% مقارنة مع مدينة حلب التي تراجعت الإضاءة فيها بنسبة 88%، وبعبارات أخرى فسوريا تضيء ليلها بنسبة ربع ما كان عليه الحال قبل الحرب.
والصور التي وفرتها الدراسة قدمت ملمحا عن الإضاءة في سوريا في الليل في آذار/ مارس 2011 وكيف اطفئت الأنوار في الكثير من المناطق وتراجعت إمدادات الكهرباء خاصة في مدينة حلب، خاصة عندما تقارن صور سوريا في الليل بتلك في الدول المجاورة: تركيا ولبنان والأردن وإسرائيل حيث لم تتغير مستويات الإضاءة فيها منذ ثلاث سنوات.
ولا يعني الظلام الذي يخيم على سوريا الدمار والموت فقط ولكنه يشير إلى تلاشي النشاطات الإنسانية ونضب الإمدادات الكهربائية وتدمير البنايات. وكذلك يؤشر أيضا إلى تهجير نصف السكان السوريين، وعندما يهجر الناس بيوتهم تطفأ الأنوار.
وبناء عليه لاحظ الباحثان علاقة بين عدد المشردين في داخل وطنهم في كل محافظة ومستوى الإضاءة في الليل.
وتقول المجلة إن الحرب السورية لا تعتبر فقط حالة إنسانية طارئة وجبهة جديدة للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب ولكنها واحدة من النقاط العمياء الواضحة. وفي غياب الصحافيين الأجانب فالصور التي تلتقط عبر الأقمار الصناعية تقدم بديلا يرصد حركة كل شيء من حركة الأسلحة الكيميائية إلى زيادة أعداد المخيمات التي تستقبل اللاجئين وإلى تدمير المعالم التاريخية والأثرية المهمة.
ويرى الباحثان الصينيان أن الصور الفضائية تقدم تكنولوجيا للحصول على المعلومات والبيانات عن النزاع. وتمنح طريقة لفهم العلاقة بين المشردين وقلة نسبة مستخدمي الكهرباء مما قد يساعد الباحثين على تقدير حجم الهاربين من العنف.
ساعدوا اللاجئين
وفي الوقت الحالي ما يهم اللاجئين السوريين هو البحث عن أمان وتوفر الخدمات في المناطق التي هربوا إليها. ومع دخول فصل الشتاء هناك مخاوف من تعرض اللاجئين للبرد والجوع والأمراض التي تأتي مع الفصل القارص عادة في سوريا ودول الجوار المحيطة بها.
ولهذا دعت منظمات دولية مثل «أمنستي إنترناشونال» و «أوكسفام» الدول الغنية لاستيعاب اللاجئين.
وتحدثت هيرييت شيروود مراسلة صحيفة «الغارديان» في القدس عن تحالف مكون من 36 منظمة دولية دعت الدول الغربية الغنية لإعادة توطين اللاجئين.
وتناقش هذه المنظمات أن الدول الجارة لسوريا التي بدأت تتأثر بالحرب الدائرة فيها لم تعد تستطيع تحمل المسؤولية عن أزمة تعتبر الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت المنظمات إن الدول الغنية يجب أن تستوعب نسبة 5% من 3.6 مليون نسمة بنهاية عام 2015.
وجاءت الدعوة لحماية وتوفير الأمن للسوريين قبل انعقاد مؤتمر تنظمه الأمم المتحدة في جنيف اليوم الثلاثاء ويهدف لدفع الدول استيعاب أعداد إضافية من اللاجئين السوريين. ومن بين المنظمات التي تدعو لحماية السوريين بالإضافة لأمنستي وأوكسفام، هناك «أكشن إيد» و «سيف ذا تشيلدرن» و «إسلاميك ريليف».
ووصف مارك غولديرينغ من أوكسفام أزمة اللاجئين السوريين بالقول «هذه أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، فقد أدت لتشريد مليوني مدني معظمهم من النساء والأطفال، ونحن نعول على الحكومات في جنيف للتحرك وإظهار التضامن الدولي المطلوب وتقديم المساعدة الماسة للاجئين الذين تتعرض حياتهم للخطر».
ويقول إن غالبية الذين شردتهم الحرب منذ عام 2011 استقبلتهم خمس دول في المنطقة وهي تركيا ولبنان ومصر والأردن.
وتلقت كل من السويد وألمانيا حوالي 100.000 طلب لجوء من لاجئين سوريين. فيما تعهدت فرنسا وبريطانيا وبولندا وإيطاليا وإسبانيا تقاسم واستقبال 2.000 لاجئ. ورفضت بريطانيا الانضمام لبرنامج إعادة التوطين للاجئين السوريين الضعفاء واالذي دعت إليه الأمم المتحدة.
وبحسب أرقام أمنستي فلم تستقبل بريطانيا سوى 90 لاجئا. ولم تقدم دول الخليج أي عروض لاستقبال سوريين حيث يقول السيد علي من أمنستي إنترناشونال ان «غياب الجاهزية من دول الخليج تحديدا لتوطين سوريين يعتبر مخجلا، فالعلاقة اللغوية والدينية يجب أن تجعل دول الخليج في مقدمة من يقدم الملجأ الآمن للسوريين الهاربين من الاضطهاد وجرائم الحرب في سوريا».
وفي تطور جديد قد يؤثر على وضع اللاجئين قام الأردن وتركيا ولبنان بوضع قيود على حركة تدفق السوريين إلى أراضيها في الأشهر.
وفي الإسبوع الماضي قرر برنامج الغذاء العالمي تعليق عمليات توزيع المواد الغذائية لآلاف السوريين بعد أن فشل في تمويل عملياته لشهر كانون أول/ ديسمبر.
وجاء هذا في وقت حذرت فيه منظمة الطفولة العالمية (يونيسيف) من تعرض أكثر من 15 مليون طفل في العالم خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا.
ويواجه السوريون الهاربون من الحرب مشاكل تتعلق بتوفير الملجأ والمعيشة وتجاوز الآثار النفسية للحرب، وتأمين التعليم لأبنائهم فهناك جيل ضائع من الأطفال ممن أصبحوا اليوم عرضة للاستغلال وأجبروا على العمل في مهن صعبة لمساعدة عائلاتهم. كما ويعاني معظم العائلات التي هاجرت من الفقدان والتشتت.
البحث عن المفقودين
وهناك بعض العائلات التي تنتظر عودة المفقودين. ففي تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» عن عائلات فقدت أبناءها في الحرب.
وجمع التقرير شهادات أمهات فقدن أبنائهن الذين اختفوا بدون أثر، وهي قصص من طرفي النزاع، فمن هؤلاء غدير ملوك من مصياف السورية سمعت أن ابنها العامل في الخدمات الطبية قد قتل، وظلت تنتظر وصول جثته وحضرت له قبرا، لكن الجيش اتصل بها وأخبرها أن ابنها لم يمت ولكنه مفقود.
وفي المقابل ففريزة وهبة من بلدة دوما التي تعتبر واحدة من معاقل الثورة السورية لم تسمع ومنذ عامين عن ابنها الذي كان يعمل سائقا لسيارات الهلال الأحمر واتصل بها قائلا إنه ينقل جرحى ومن ضمنهم شقيقه الذي كان يقاتل إلى جانب المعارضة.
ويرى التقرير أن الأمهات اللاتي قسمتهن الحرب والولاء ينتظرن عودة أبنائهن وهناك من ينتظرن عودة الأزواج ويعشن بين الحزن والأمل. فهيام مخلوف (29 عاما) زوجة ضابط في الجيش السوري تقول إنها لم تره منذ عامين، وآخر مرة جاء للبيت كانت في عيد ميلاد ابنه.
قصة وهبة
وتبلغ السيدة وهبة من العمر 72 عاما، وكان زوجها يعمل حدادا، وكذا اثنان من ابنائها حيث انضم احدهما غيلان البسواني للجيش السوري الحر فيما أصبح الثاني سائق سيارة إسعاف. وتقول وهبة إن ابنها كان شخصا وديا ويريد مساعدة الناس «وكنت سعيدة عندما بدأ العمل مع الهلال الأحمر». وفي بداية عام 2012 بدأ الجيش بقصف المناطق السكنية في دوما.
وفي 29 حزيران/يونيو بدأ النظام هجوما كبيرا على دوما، حيث جلست السيدة وهبة مع زوجها في البيت وزوجات أبنائها وحفيدتها.
وتقول إن اشتباكات حدثت حول الحي. واتصل غيلان بالبيت وقال إنه سيحضر بالسيارة لمساعدة العائلة على الهرب.
وأخبرها بأنه أخذ معه شقيقه علاء الذي أصيب بجراح.
وبعد ذلك اتصل وأخبرها أنه لم يستطع الوصول إليهم «وهذه هي المرة الأخيرة التي سمعت صوته».
وفيما بعد سمح للهلال الأحمر بدخول دوما حيث قام المسعفون بجمع 500 جثة نتيجة للهجوم الذي نفذه الجيش حسبما قال عامل في الهلال الأحمر.
وفي الوقت الذي ألقى فيه الجيش باللوم على المقاتلين لما حدث من قتل في دوما، قال شهود عيان إن المسؤولين عن القتل هم الجنود.
وبعد شهر قتل ابنها عماد وهو يقاتل مع المعارضة قرب دمشق. وقام أصدقاؤه بدفنه خارج دوما وأعادوا متعلقاته الشخصية «لم أزر بعد قبره» تقول والدته، وتم اعتقال رابع أولادها عبد الناصر حيث أخذته القوى الأمنية ولم يعد.
قصة ملوك
ويحاول التقرير المقارنة بين المفقودين للعائلات السنية وتلك العلوية. حيث يشير إلى غدير ملوك، حيث كان ابنها وئام يوسف مع قافلة خدمات طبية عندما ضربها صاروخ من المقاتلين التابعين للجيش السوري الحر. وكان يوسف طالب تمريض قبل الحرب.
وفقدت السيدة ملوك زوجها الذي كان عقيدا في الجيش قبل الحرب، وقامت بتربية ثلاثة أولاد وابنيها في دمشق، وانضم أحد ابنائها للجيش فيما عملت واحدة من بناتها كممرضة.
وفي 21 تموز/يونيو 2012 تلقت ملوك خبرا أن ابنها قتل، وبعد اسبوع أخبرها الجيش أنه مفقود.
وكان وئام كما يقول شقيقه حسام دافعه للانضمام للجيش حيث يعمل مع القوات المرابطة قرب حرستا.
ويقول إنه قابل أحد الناجين من هجمات المعارضة وأخبره ان وئام لا يزال على قيد الحياة. ورغم محاولاته ووالدته البحث عن شقيقه في مستشفيات دمشق ومشارحها ولكن بدون نتيجة.
ولكن سجينا لدى المعارضة تم إطلاق سراحه في عملية تبادل تعرف على صورة وئام وقال إنه تلقى علاجا من إصابة في البطن والكتف ثم نقل لسجن التوبة.
ويقول عبدالرحمن الشامي المتحدث باسم جيش الإسلام إنه لا يعرف عن وئام يوسف ولكن عددا من جنود النظام هم سجناء في ذلك السجن.
وفـي الوقت الذي تقدر فيه منظمات أعـداد القتلى إلا أن من اختفوا أثناء الـحرب التي مر عليها أكثر من ثلاثة أعوام غير معروف.
وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن الرئيس السوري بشار الأسد مسؤول عن اختفاء 85.000 سوري.
وأسرت المعارضة 7.000 من جنود النظام السوري حيث استخدم بعضهم في عمليات تبادل السجناء.
وتقدر وزارة المصالحة الوطنية التابعة للحكومة عدد الذي اختفوا في النزاع بحوالي 20.000 شخص، ورفض علي حيدر، وزير المصالحة تقديم أرقام عن المفقودين في سجون النظام.
إعداد إبراهيم درويش:
يقال ان 60% من المتوفين بسرطانات الرئة كانوا من المدخنين وهذه حقيقة يهمل البعض معرفة جزءها الاخر: ان اكثر من 60% من المدخنين يعيشون حياة طبيعية بعيدة عن المصحات والمشافي. الان يتحدثون بنفس المنطق ان “مشردي الحرب” او “المهاجرين” او “النازحين”، او “اللاجئين” -وهي صفات مختلفة التاسيس والمعاني في قواميس القانون- تضم عددا من “الناس”، “المواطنين”، “السكان”، “النازحين” يتجاوز المليون وفي أقوال اخرى 2 مليون، وفي أقوال اخرى 3 مليون، بينما لا حديث عن امن وسلامة عشرات ملايين السوريين الاخرين الذين يعيشون داخل سوريا، ولا عن ملايين الفلسطينيين والعراقيين واللبنانين الذين شملتهم او حذفتهم احصاءات خطاب المعارضة الداعي لتقتيل الطوائف المسيحية والاسلامية الاخرى التي لا شك انها ستباد في حال تحكم الدواعش واذنابهم في سوريا ولاحديث لاي احصاء عن ملايين السوريين المقيمين خارج سوريا في كل قارات العالم منذ ايام الاحتلال العثماني وممارسات تابعيه الدموية البشعة ضد الطوائف والقرى غير السنية المختلفة عقائد سكانها عن عقيدة حريم السلطان. من المهم في التاريخ والسياسة عدم المبالغة وان نقسط في حساب منافع وخسائر اي وضع.