لاح في طهران هذا الأسبوع إحباط عميق من أن وعد بايدن الانتخابي في العودة إلى الاتفاق النووي بدا بعيداً جداً وغير متحقق.
إن قصر النفس هناك ولّد، لأول مرة، تهديداً مبطناً بكسر كل القواعد والتقدم رغم كل شيء، لتطوير سلاح نووي.
واضطر وزير الاستخبارات الإيراني، محمد علاوي، إلى استعمال تشبيه من عالم الحيوان كي ينقل هذه الرسالة. عندما ذكر فتوى الزعيم الروحي خامنئي ضد إنتاج القنبلة، أضاف الوزير في الوقت نفسه: عندما يحشر قط في الزاوية سيرد بشكل مختلف. ليس مثل قط يسير بحرية، ولن يكون هذا ذنبنا”.
أعربت واشنطن عن قلقها من هذا التهديد، خصوصاً إذا ما أخذنا بالحسبان أن إيران لم تهرع لتدعي أنه أخرج عن سياقه. فالانطباع الناشئ هو أن الإيرانيين مضغوطون جداً، وبدأوا يفهمون بأن بايدن ليس مثل ترامب أمام ما يتعلق بالمشروع النووي؛ فهو لا يغرد ولا يهدد علناً، ولكنه ليس بالضرورة من يواصل طريق أوباما.
سلسلة خطوات وقرارات اتخذها الرئيس الأمريكي في الأيام الأخيرة كفيلة بأن تشهد على أنه يفضل، بالطبع، أن يوقف إيران بطرق دبلوماسية، ولكنه لا يسارع إلى التنازل. وقد رد رداً قاطعاً اقتراح الإيرانيين برفع العقوبات قبل أن يتوقفوا عن خرق الاتفاق، بل وعارض فكرة التنازلات من الطرفين في آن واحد. ووعد الرئيس بأنه وقبل التوقيع على اتفاق جديد، سيتشاور مع الكونغرس ومع شركائه الأوروبيين ومع حلفائه في منطقتنا، دون أن يذكر إسرائيل والسعودية، بل وأمر بسد طريق الناقلة اليونانية التي حاولت تهريب النفط من إيران.
فضلاً عن ذلك، فإن عدم ذكر بايدن لإيران في خطابه عن سياسة الخارجية، إنما يؤشر إلى اعتزامه أخذ الوقت اللازم كي يسمح لفريق روبرت مالي، مسؤول الموضوع النووي الإيراني، لدراسة عميقة لاحتمال الوصول إلى اتفاق ملزم وأطول مدى مع إيران، يتناول أيضاً موضوع الصواريخ الباليستية والمؤامرات الإقليمية. ولكن الزمن يشد على الإيرانيين بسبب الضرر الهائل الذي يلحق يومياً بالاقتصاد الإيراني المنهار كنتيجة للعقوبات التي فرضها ترامب. من أجل تشديد الضغط على إدارة بايدن للعودة بسرعة إلى الاتفاق، ألقي بالتهديد المبطن من جانب وزير الاستخبارات لإنتاج سلاح نووي، وحذر وزير الخارجية ظريف من أن نافذة الفرص “ليست محدودة بالزمن”. إيران تهدد بأنها ستنفذ بعد عشرة أيام قرار البرلمان بتقييد رقابة وكالة الطاقة الذرية على مواقعها النووية، وفي انتخابات الرئاسة التي ستجرى في حزيران “لن يكون هناك من يمكن الحديث مع في إيران” كون مرشح المحافظين قد ينتصر.
تبث واشنطن تجاه الخارج بأنها التهديدات الإيرانية لا تفزعها. كما أن تقدير الوضع لشعبة الاستخبارات في إسرائيل بأن إيران بعيدة سنتين عن إنتاج القنبلة، يمنح، ظاهراً، الإدارة الزمن اللازم كي تسعى لاتفاقات أكثر استقراراً مع إيران. ومع ذلك، تحذر محافل أمنية أمريكية وأوروبية بأن كل يوم يواصل فيه الإيرانيون تخصيب اليورانيوم بمستوى 20 في المئة، إلى جانب النية المعلنة لتقييد حركة مراقبي الأمم المتحدة الذين جلبوا قبل بضعة أيام أدلة على خروقات جديدة للاتفاق، تقرب طهران من تحقيق سلاح نووي وتضع مزيداً من المصاعب أمام احتمال التوقيع على اتفاق جديد وملزم.
بقلم: عوديد غرانوت
إسرائيل اليوم 11/2/2021