الدوحة ـ»القدس العربي»: استقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مرفوقا بنائبه الشيخ عبد الله بن حمد آل ثاني وممثله الشخصي الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني ورئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني قادة دول مجلس التعاون الخليجي أثناء وصولهم الدوحة لحضور القمة التي كانت محل متابعة ورصد دوليين لتحديد مؤشرات العلاقات التي ستربط مستقبلا دول المنطقة.
وكان أول الواصلين إلى مطار حمد الدولي فهد بن محمود آل سعيد، نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عمان على رأس وفد يضم عددا من المسؤولين الحكوميين. ونقل حال وصوله تحيات السلطان قابوس بن سعيد إلى إخوانه القادة وممثليهم في بيان جدد فيه دعم مسقط لمسيرة المجلس وسعيها المستمر لإنجاح الخطوات الرامية لتطوير مختلف مجالات التعاون.
ووصل ملكُ مملكة البحرين حمد بن عيسى آل خليفة إلى الدوحة وأكد حال وصوله تقدير بلاده لاهتمام دولة قطر بتعزيز التعاون الخليجي المشترك على كافة الأصعدة في ظل الروابط المتينة والعلاقات الأخوية المتجددة لما فيه خير مواطني دول مجلس التعاون. الوفد الثالث كان السعودي يتقدمه الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وليُّ العهد نائبُ رئيس مجلس الوزراء وزيرُ الدفاع. ونقل الأمير سلمان إلى الشيخ تميم تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى القادة وتمنياته للقمة بالنجاح بما يكفل تضامن دول المجلس وتكاتفَها لتقوم بواجبها في حماية مكتسبات شعوب دول الخليج ومصالحها. ووصل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بدولة الامارات العربية المتحدة على رأس وفد رسمي يضم عددا من الوزراء وكبار المسؤولين. ثم كانت طائرة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت التي حطت في مطار حمد الدولي على رأس وفد يضمُّ عددا من كبار المسؤولين والوزراء.
ورافق الشيخ تميم ضيفه الذي ترأست بلاده الدورة السابقة من قمة دول مجلس التعاون إلى فندق الشيراتون الذي احتضن هذا الحدث الذي عقد في ظل تطورات وتحديات محورية تشهدها دول الخليج.
لقاء وزاري تشاروي
وعقد وزراء الخارجية في فترة الظهيرة اجتماعا تشاوريا ناقش جدول الأعمال والبيان الختامي للقمة وإعلان الدوحة. وترأس الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية القطري الاجتماع الذي حضره وزراء الدول في غياب لافت للأمير سعود الفيصل آل سعود الذي عوضه نائبه. وتفادى الوزراء الإدلاء بأي تصريح صحافي باستثناء الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير خارجية مملكة البحرين الذي تحدث عن أهمية هذه القمة التي التأمت في وقت مفصلي.
تأكيد على تجاوز الخلافات الداخلية والتعاون في مكافحة الإرهاب
وافتتح الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر أعمال الدورة الخامسة والثلاثين للمجلس الأعلى لقادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بفندق شيراتون الدوحة. وشدد في كلمته بالمناسبة على أن «الاتحاد الخليجي الذي تضمنته مبادرة خادم الحرمين الشريفين سيظل هدفا ساميا» مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة التحرك بخطوات تدريجية قائمة على تكامل المصالح الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والثقافية بين الشعوب الخليجية، وأن ثمة بديهيات في علاقات دول مجلس التعاون وشعوبه يجب ألا تكون موضع تساؤل في أي وقت.
وشدد الشيخ تميم على ضرورة أن يحدّد مجلس التعاون دوره وموقعه في الخارطة السياسية للإقليم بناء على مكانة دوله الاستراتيجية ومقدراتها ومصالحها المشتركة. كما تطرق إلى عدة ملفات وتطورات اقليمية ودولية من بينها تفشي ظاهرة الإرهاب حيث أكد على ضرورة معالجة هذه الظاهرة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جذورها السياسية والاجتماعية. من جانبه ثمن الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزّياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية دور دولة قطر في مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأشاد بالتطورات الحاصلة في مجال العمل المشترك.
وكرم قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت بمناسبة منح منظمة الأمم المتحدة له لقب «قائد إنساني» وبتسمية دولة الكويت «مركزا للعمل الإنساني» وذلك لجهوده المتميزة في العمل الإنساني الدولي.
قمة بملفات أمنية وسياسية بارزة
الملفات الأمنية والاقتصادية والسياسية تصدرت جدول الأعمال الذي تضمنه البياني الختامي للقمة الذي سبق وأن كشفت أهم محاوره ونقاطه «القدس العربي» في عددها أمس، والذي كشفت فيه عن الإعلان عن تشكيل الشرطة الخليجية الموحدة.
وصادق القادة في جلستهم المغلقة على قرارات هدفت إلى تعزيز التكامل الأمني والعسكري بين دول المجلس وخطوات تعالج تبعات انخفاض أسعار النفط على اقتصاداتها، كما تناقشوا ملف الاتحاد الخليجي والأوضاع بالمنطقة وكذلك العلاقات البينية بين دول المجلس. وتؤسس قمة لعمل خليجي مشترك في المجالات كافة، ولتخطو بالجهود إلى تحقيق حلم الاتحاد الخليجي الذي تناقشه هذه القمة بشكل موسع، التي رفعت سقف التوقعات بشأن مخرجاتها وبيانها الختامي.
تطلعات من قمة الدوحة
وفي تعليق على تطلعات هذه القمّة في دورتها الخامسة والثلاثين، أعرب الدكتور سعد بن عبدالرّحمن العمّار، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن تطلعاته الكبيرة من قمّة الدوحة، إلى تعميق الفرحة وتحقيق آمال الشُعوب الخليجية في مزيدِ التقدُّم والرُّقي. وتحدث السفير حمد راشد المرّي الأمين العام المُساعد للشؤون القانونية في مجلسِ التعاون، عن الإنجازات التي تحقّقت خلال مسيرة أكثر من ثلاثة عقود لدول مجلسِ التعاون. وشدّد على أنّ قمةَ الدوحة ستقدم إضافة نوعيّة لهذه المسيرة الطويلة والحافلة بالإنجازات.
وأكّدَ العميد هزّاع بن مبارك الهاجري، الأمين العام المساعد للشؤون الأمنية على أن التحدّيات الأمنيّة والتفاعلات المتعلقة بهذا الموضوع، والمطروحة على قادة دول مجلس التعاون في قمّة الدوحة. تؤكد على ضرورة تكاثف الجهود بين الدول. وشدد على أن القمة تعتمد مخرجات اجتماع وزراء الداخلية المنعقد في الكويت مؤخرا والتي تتضمن ملف الاتفاقيات الأمنية وتفعيلها وإنشاء شرطة خليجية موحدة لمواجهة التحديات التي تفرضها الظروف الراهنة لاسيما الإرهاب وخطره على أمن الخليج. وكشف نبيل بن يعقوب الحمر، مستشار الملكِ البحرينيِ لشؤون الإعلام، أنه هناك تصورات موحدة لمواجهة تحدّي الإرهاب في المنطقَة، ولتعزيز التكامل الأمني بين دول المجلس.
لقاءات ثنائية ومتعددة
وسجلت القمة لقاءات ثنائية بين قادة دول مجلس التعاون ولقاءات أخرى جانبية جمعت رؤساء الوفود، وأقام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مأدبة عشاء تكريما لإخوانه ونظرائه قادة دول مجلس التعاون ورؤساء الوفود. كما نظم وزير الخارجية القطري الدكتور خالد العطية لقاء لنظرائه وتباحثوا ملفات عدة لاستكمال باقي النقاشات المفتوحة.
بيان ختامي
وبعد يوم طويل من اللقاءات والأحاديث الجانبية تلى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني البيان الختامي للقمة والذي أبرز فيه النقاط التي تم الاتفاق عليها في اجتماع القادة ورؤساء الوفود والتي ركزت أساسا على تعزيز التعاون الخليجي، وتنسيق جهود مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود وضمان سلامة وأمن كل من يعيش على أرض هذه الدول.
ومن الكويت إلى الرياض ثم إلى الدوحة ثلاث محطات رئيسية كانت محورية وأساسية في إعادة قاطرة دول مجلس التعاون الخليجي إلى سكتها، وتدشين عهد جديد من التعاون بعد فترة جفاف كانت سحابة عابرة على سماء المنطقة، مرحلة جديدة انطلقت أمس من قطر التي احتضنت الدورة الخامسة والثلاثين من قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي سجلت حضورا لافتا لقادة الدول الست، والتي طوت عهد الخلافات الماضية.
سليمان حاج إبراهيم