ثروة عمرو أديب تجلب عليه المشاكل… وخصومه ينصحونه بالكف عن دعوة الأغلبية للصبر على الفقر

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: نصائح ملهمة أسداها أصدقاء الإعلامي المقرب لقلب النظام ورأسه عمرو أديب، وخصومه على حد سواء، عقب خروجه من المستشفى، إثر حادث مروع نجا منه بأعجوبة، بينما لحق ضرر بالغ بسيارته ذات الأربعة ملايين جنيه، والتي حظيت باهتمام الفقراء أكثر من صاحبها.. لا تتحدث باسم الغلابة وأفراد الطبقة الوسطى أولئك الذين أصبحوا مجرد أجساد يسكنها الخوف والشعور بالهزيمة، دعهم لحال سبيلهم وامض في جني ريالاتك ودولاراتك، ودع الأغلبية الفقيرة لحال سبيلها، في انتظار ما يعده لها القدر، إما أن ينقذها أو يدفع بها للقبر.. كانت تلك أبرز الرسائل التي انهالت فوق رأس أديب. اللافت أن الأسئلة التي لاحقت الإعلامي وانتشرت بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي أحيت الجدل حول الأجر الذي يتقاضاه سنوياً، بحسب تعاقده مع الأمير تركي آل شيخ والذي يصل لـ48 مليون جنيه. وواصلت الصحف المصرية الصادرة أمس الخميس 18 فبراير/شباط، لليوم الثاني على التوالي الاهتمام بتفاصيل الحادث الذي وقع لعمرو أديب، غير أن القضية الأبرز التي احتشدت لها الصحف كانت حول تنظيم النسل، وهي القضية التي دخلت فيها دار الإفتاء داعماً للدولة والرئيس السيسي الذي اعتبر الزيادة السكانية أبرز المشاكل، ورفعت مؤسسات وكتاب شعار “كفاية2” من أجل إقناع الأسر بعدم الإفراط في الإنجاب، من أجل السيطرة على قنبلة الانفجار السكاني، وبدورها أجازت دار الإفتاء المصرية للدولة اتِّخاذها ما تراه من وسائل وتدابير لتنظيم عملية النسل، وترغيب الناس فيه. وعبر هاشتاغ “تنظيم ـ النسل جائز”، أقرت الإفتاء تنظيم النسل، مؤكدة أنه يعني المباعدة بين الولادات المختلفة، وليس المنع أو القطع المطلق للنسل.
ورفضت دار الإفتاء الاستدلال بآية: “وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ” كحُجة على تحريم تنظيم النسل، مؤكدة أنه لا مانع شرعًا من تنظيم النسل أيًّا كان السبب، سواء لحاجة أو لأمر ضروري أو تحسيني. وانتهت إلى أن: “تنظيم النسل ليس منعا من الإنجاب المطلق، فالمحظور هو المنع المطلق.
ومن الاخبار التي اهتمت بها الصحف كذلك: هنأت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، المصرية ليلى بنس، المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية وإحدى رائدات مؤتمر “مصر تستطيع بالتاء المربوطة”، وذلك لتصدرها المركز الأول في قائمة مجلة “فوربس” لأفضل مستشاري إدارة الثروات على مستوى الولايات الأمريكية لعام 2021، وتحديدا في جنوب كاليفورنيا. ومن تقارير أمس: فتحت اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحافيين، برئاسة خالد ميري وكيل النقابة، باب تلقي طلبات الترشح في الانتخابات التي ستجرى الشهر المقبل على مقعد النقيب و6 مقاعد للعضوية.
ضحايا الحكومة

أولت ماجدة الجندي في “الأهرام” أولوية لمن يعانون بعلم الحكومة: “كل مرة يتم فيها إعلان تخفيض فائدة الأوعية الادخارية، تهوي قلوب آلاف من الأسر، وربما ملايين من أرباب الأسر المتوسطة، المستمرين في الحياة، فقط بفضل الله وفضل الستر، الذي كانت توفره عوائد هذه الأوعية، ولسد بوابات الإنفاق التي لا تتوقف. ملايين من الطبقة المتوسطة خدموا الحياة بإخلاص، وفوجئوا بمتغيرات اقتصادية كشفت ظهورهم. يتكلم خبراء المال بنظريات عن دواعى تخفيض عوائد الأوعية، وضرورتها، وعلى رأسها تشجيع الناس على وضع مدخراتهم في مشروعات استثمارية، وليس المقام هنا الدخول في جدل حول طروحات إصلاحية تقول بها النظريات، فلهذا مجاله ومتخصصوه، لكنني أتكلم عن هؤلاء، الذين بالكاد يتحصلون على معاشات لم تعد تسد حتى بعد الزيادة، فاتورة نور أو مياه أو ضريبة عقارية. اتكلم عن واقع معيشي لملايين من الطبقة المتوسطة.. آباء يعيلون ابناء أنهوا دراساتهم ولم يعملوا، أجداد مازالوا يسهمون في مصاريف أحفاد.. سيدات وسادة شغلوا مناصب رفيعة ومنحوا لأربعة عقود ذواتهم لهذا البلد بما يرضي الله.. لا تاجروا ولا سقعوا ولا ارتشوا، وتواكبت الظروف أو تكالبت مع بلوغهم الستين، فكانت النواة التي تسد بعض الشيء عوائد أوعية ادخارية، كل جنيه ينقص في هذه العوائد يترك فراغا ماليا لا سبيل أمام هذه الفئة لتعويضه، فلا هم بإمكانهم صحيا أو ماديا الاستثمار، أو عمل مشروعات، ولا هم يجدون فرصا أخرى للدخل، وأنا على يقين من أن كثيرين منهم لو وجدوا في شيخوختهم فرصا للعمل، لسعوا إليها، كل ما استطاعوا عمله حتى لا ينكشف الستر، كان بيع حتتين دهب على مكافأة نهاية الخدمة أودعوه وعاء ادخاريا وحاولوا ضبط الحياة”.

آخرتها فقر

أخيرا والكلام ما زال لماجدة الجندي، وجدنا صوتا لا يطبق النظرية بدون طلة على الواقع المعيشي.. وجدت من المتخصصين من يدرك الحال ويعي الأبعاد ..الدكتورة بسنت فهمي الاقتصادية والشخصية العامة في مداخلة لها مع أسامة كمال في برنامجه “تسعين دقيقة”.. كانت الدعوة للتعليق على ظاهرة عودة توظيف الأموال في صورة المستريح، الذي يلم فلوس الناس بإغرائهم بربوية عالية، ثم يختفي بالفلوس بعد مدة..الدكتورة بسنت وسعت من زاوية الرؤية، وكان في ما قالته ما يستحق التوقف، وبالذات للأثر الذي يحدثه التخفيض المستمر لأسعار الفائدة في البنوك على حركة دوران الاقتصاد وعلى القوة الشرائية.. وربما على خروج المدخرات من البنوك، بعد النجاح الذي كان منذ سنوات في الشمول المالي (استقطاب المواطن من كل الشرائح ليضع فلوسه في البنك). أكدت أنها لا تتفق مع تخفيض سعر الفائدة، بل لم تكن تتفق معه، وكثيرا ما حذرت منه، لأنه قد يخلق مشكلات أكبر و«حايطلعوا لنا بتوع توظيف الأموال تاني»، كان مدخلها دعوة واضحة لأن نكون واقعيين، وعلينا أن نرى أن أعدادا كبيرة من المصريين، تعبوا، ويعولون في استمرار حيواتهم على فائدة البنوك… هناك شرائح من العمالة تأثرت، وعلى رأسهم العاملون في صناعة السياحة التي ضربت في مقتل منذ 2011، ومنهم من باع بيته أو سيارته ليتمكن من الصرف على تعليم أبنائه، ومنهم أصحاب المعاشات والمرأة المعيلة والعديد من الفئات.

الفيروس الصهيوني

أخيرا كما أوضح جلال عارف في “الأخبار” تم حل المشكلة، وسمحت إسرائيل بمرور أول دفعة من لقاح كورونا للفلسطينيين في غزة، وكانت السلطة الفلسطينية في رام الله قد تلقت كمية صغيرة من لقاح سبوتنيك الروسي، قررت استخدامها لتحصين الأطباء الذين يتعاملون مع الجائحة في الضفة وغزة بصورة عاجلة. لكن السلطات الإسرائيلية منعت نقل جرعات اللقاح إلى غزة، انتظارا لقرار سياسي. واستغرق الأمر أياما قامت فيها السلطات الفلسطينية بتصعيد الموقف الذي كشف أن السلطات الإسرائيلية، التي تتباهى بموقعها المتقدم من حيث نسبة من تلقوا التطعيم من مواطنيها، تمنع وصول اللقاح للفلسطينيين، وتخالف كل القواعد والقوانين الدولية، التي لا تمنعها فقط من عرقلة وصول اللقاح للفلسطينيين، بل تحملها مسؤولية الحفاظ على صحة ما يقرب من خمسة ملايين فلسطيني مازالوا تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي. وربما أرادت إسرائيل بهذا التصرف الفج أن ترد على قرار المحكمة الجنائية الدولية، التي أقرت فيه سلطتها في التحقيق في أي جرائم حرب أو ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية. لكنها كانت تدرك أنها لا تستطيع المضي في هذا الطريق أكثر من ذلك، ولهذا كان القرار بتمرير شحنة اللقاح، التي لا تزيد عن ألف جرعة. وليبقى السؤال مطروحاً عن مسؤوليتها ومسؤولية العالم عن توفير الكميات اللازمة من اللقاح لملايين الفلسطينيين في الضفة والقطاع، ثم ليبقى السؤال الأهم إلى متى يبقى حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة، التي أقر بها العالم على حدود 67 بعيداً عن التحقق؟ وهل ستكون عرقلة إسرائيل لوصول اللقاح للفلسطينيين فرصة جديدة ليدرك العالم، أن فيروس العنصرية الصهيونية أخطر بكثير من فيروس كورونا على سلام المنطقة والعالم. أزمة اللقاحات الفلسطينية تجسد الموقف. لا يحتاج الفلسطينيون إلى المعونات الإنسانية، بل إلى الدولة المستقلة والسيادة الكاملة على قدسها العربية والضفة والقطاع. بدون ذلك لن يكون هناك إلا طريق الدولة الواحدة بالحقوق المتساوية، وبدون عنصرية توفر كل شيء «بما فيها اللقاح» لمن ينتمون إليها، ثم لا تسمح بوصول اللقاح إلى الفلسطينيين إلا بالضغوط الدولية، أو خوفا من المسؤولية عن جريمة جديدة ضد الإنسانية.

معارضة بدون مشاكل

أثناء افتتاحه عددا من المشروعات، تطرق الرئيس السيسي في كلمته إلى المعارضة التي يحتاجها الوطن الآن، وقالها صريحة «من حق الناس أن تعترض وتنتقد وتقول رأيها، ولكن على المعترض أن يكون ملمًا بالظروف التي تمر بها البلاد، وبطبيعة الموضوع الذي يتحدث عنه». وبدوره أكد سامي صبري في “الوفد”، على أن الرئيس يريد معارضة رصينة تقوم على تفهم قضايا الوطن، تعتبر نفسها جزءاً من الدولة، مثلما يحدث في كل العالم المتقدم، وكل الأنظمة السياسية الديمقراطية، ففي أمريكا العديد من الأحزاب ولكن يبرز منهما حزبان يتناوبان على السلطة (الجمهوري والديمقراطي) يتنافسان من أجل تقدم الشعب الامريكي، وكذلك الحال في بريطانيا وفرنسا. الرئيس يؤمن تماما بحقوق الإنسان، وبحرية التعبير، ولكنه يريد ممن ينادي بها أن يعي جيدا أن هذه الحقوق وتلك الحرية ليست مطلقة، وإنما نسبية، وتختلف من دولة لأخرى، ومن نظام لآخر، حسب الظروف والتحديات، فليس من الضروري توفير كل الحقوق، إذا كان ذلك يضر بأمن البلد، وينسف ما تحقق من مكتسبات سياسية واقتصادية واجتماعية. وسبق أن تحدث الرئيس عن هذا المفهوم بالنسبة للإعلام الرشيد، فهو ليس مع تكميم الأفواه، ولا الإفراط في المديح، الذي يأتي بمردود سلبي على ما تقدمه الدولة من إنجازات في شتى المجالات. الرئيس في حديثه عن المعارضة الوطنية المسؤولة، لامس جانبا كبيرا مما يريده المصريون خلال المرحلة المقبلة، فبعد الاستقرار الأمني والإصلاح الاقتصادي، لابد من إصلاح سياسي فعال، يبدأ بالحياة الحزبية، كونها القادرة على صنع معارضة وطنية بناءة، تعمل ولا تصرخ، تحتفي بالإيجابيات، تكشف السلبيات وتضع الحلول والبدائل ووسائل العلاج، وهي الشروط التي حددها الرئيس للمعارضة الوطنية الحقيقية، التي ترفع من مستوى الوطن والمواطن بقوله «من حق الناس أن تعبر عن رأيها، ومن حقها أن تعارض سياسياً، ولكن بهدف تحسين أحوال الناس وحياتهم، وعلى المعارض، أو المتكلم أن يكون ملماً وعلى دراية بما يقول، فنحن نتقبل من يقول لنا انتبهوا.. لديكم مشكلة، أو ما تفعلونه خاطئ».

طريق الثروة

مقطع فيديو طريف تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه طفل متسول يعد أمام أحد الأشخاص حصيلة يوم واحد من التسول تبلغ جملتها 900 جنيه، ويعني ذلك أن دخل الطفل في الشهر يبلغ 27 ألف جنيه، وفي السنة 324 ألف جنيه. رقم لافت.. كما يقول الدكتور محمود خليل في “الوطن”، وربما يكون هناك من يربح أكثر من ذلك عن اليوم الواحد. أسباب عديدة تقف وراء تفشي ظاهرة التسول هذه داخل المجتمع المصري. وتميل التقارير البحثية التي صدرت في هذا السياق إلى التوقف أمام ما هو تقليدي منها، كأن تتحدث عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وغيرهما. الفقر والبطالة ظاهرتان لا يخلو منهما زمان أو مكان، ووجودهما داخل مجتمع لا يعني بالضرورة ارتفاع معدلات التسول. وإذا أردنا أن نفهم ظاهرة التسول داخل أي مجتمع، فعلينا أن نسأل أولاً عن حال معادلة «الفساد والاجتهاد» في داخله. بناء على هذه المعادلة تستطيع أن تقسم أي مجتمع إلى 3 فئات: فئة الأثرياء المخمليين، وفئة المجتهدين، وفئة المتسولين. تتجه فئة المجتهدين من المصريين إلى بذل جهد أكبر لتحقيق دخل يكفي لستر متطلباتها المعيشية، قد يتجلى هذا الاجتهاد في العمل في وظيفتين (لاحظ على سبيل المثال ظاهرة العمل في وظيفة صباحاً، وفي إحدى شركات الأمن مساء)، أو من خلال ممارسة أكثر من نشاط يؤدي إلى تحقيق أرباح إلى جوار مرتب الوظيفة الهزيل. وثمة قاعدة يقتنع بها قطاع لا بأس به من المصريين، ملخصها أن «الاجتهاد يؤدي بصاحبه إلى الستر». أعلى فئة المجتهدين في مصر توجد «فئة الأثرياء المخمليين» الذين تداخلت عوامل أخرى مع الاجتهاد في تكوين ثرواتهم، قد يكون من بينها الرزق الحلال، وقد يكون من بينها أيضاً الفساد.

سيكولوجية متسول

ثمة قناعة راسخة لدى العديد من المصريين مفادها كما أكد وواصل الدكتور محمود خليل، بأن أي ثراء يتحقق لفرد لابد أن يكون مرده الفساد، ويدعم هذه القناعة بعض الممارسات الشاذة والعجيبة من جانب فئة الأثرياء. فها هو فلان يشترى سيارة لزوجته في عيد الحب ثمنها ملايين الجنيهات.. وها هو علان يتباهى بطائرته الخاصة.. وها هو ثالث يلتقط صوراً له في قصره المخملي. صور الحياة المخملية تلك تنتقل بين المصريين في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى، بسبب وجود الموبايل في كل يد وتيسُّر الطريق أمام أي شخص يريد أن يطلع أو يشاهد عبر مواقع التواصل. والنتيجة إعلاء قيمة «الفساد» على قيمة «الاجتهاد». وقد لا يكون من المبالغة أن نقول إن التسول وجه من وجوه الفساد داخل المجتمع. فالمتسول يتعامل مع زبونه على أنه لص وأن عليه أن يعطيه ويجزل له العطاء، حتى يغسل أمواله الغارقة في مستنقع الذنوب، لذا فإن المتسول الذي لا يأخذ لا يجد غضاضة في أن يسب الزبون، وإذا أسمعه مجتهد نصيحة توجهه إلى احتراف عمل معين، فإنه يلعنه جهراً أو سراً، لأنه يؤمن أن الجميع لصوص. المتسول يرى أن الجميع يسرقون وينهبون أو في أقل تقدير متسولون مثله، وإلا بماذا يفسر تلك الإعلانات التي تطن في أذنه لجمعيات ومؤسسات تطالبه بالتبرع من أجل المرضى والفقراء والعجزة وغير ذلك؟ التسول جانب من جوانب التشوه العام الذي يعيشه مجتمعنا.. وسوف يظل قائماً ما اختلت معادلة «الفساد والاجتهاد».

نعمة لو استثمرت

نتحول نحو الزيادة السكانية، حيث أكد أحمد التايب في “اليوم السابع” أن تنظيم الأسرة هو طوق النجاة للحد من أخطار الزيادة السكانية، لأنها تقضي على اليابس والأخضر، سواء على المستويات الاقتصادية أو الاجتماعية في ظل الخلط والعشوائية، حول حرمة تنظيم النسل، فنجد هناك من يستغل الدين في هذه القضية استغلالا عاطفيا، خاصة أن السبب الرئيسي في الزيادة السكانية مرتبط دائما بالعادات والتقاليد، فهناك من يرفضه بحجة “العزوة” وهناك من يعتبره حراما، لأنه ضد مقاصد الشريعة، وهناك من يرفضه لأنه يعتقد أن الحكومات تتخذها وتتاجر بها حال الفشل، وكل هذه اتجاهات للأسف تؤثر قطعا في مواجهة الظاهرة. والأزمة تكمن في الاعتقاد السائد بأن حق الإنجاب حق يخص الوالدين فقط، متجاهلا أنه حق عام، المجتمع شريك فيه، وأنه لابد أن يكون النسل قويا ليمتلك القدرة على حماية الوطن والدين نفسه، ولهذا تبذل الدولة والمنظمات الأهلية مجهودات مضنية وأموالا طائلة في التوعية، فالدولة على سبيل المثال تتيح كل الخدمات الطبية والعلاجية لتنظيم الأسرة بالمجان، وتدشن حملات إعلامية وإعلانية باستمرار عن خطورة الظاهرة، إضافة إلى أن مؤسسات الدولة الدينية كدار الإفتاء أو الأزهر الشريف، أكدت مرارا وتكرارا في فتاوى رسمية، أن الشريعة الإسلامية لم تمنع تنظيم النسل باستخدام الوسائل اللازمة، إذا لم يقدر رب الأسرة على توفير الحياة الكريمة لأبنائه، وأنه لا يوجد نص شرعي صحيح يمنع من ذلك. ورغم الإيمان بأن الزيادة السكانية تعمل على ارتفاع معدلات نسب البطالة في المجتمعات، بل تحدث مشكلات مزمنة، سواء في الإسكان أو الحركة داخل المجتمع، وتمس الأسرة المصرية بشكل مباشر في معيشتها اليومية ومستقبلها، إلا أنه ما زال هناك من يخلط بين تنظيم النسل وتحديده.

فتيل الأزمة

نبقى مع الزيادة السكانية حيث يرى محمد حسن البنا في “الأخبار” أن ندرك أن الزيادة السكانية العدو الأول للتنمية والتقدم في مصر. هذا كلام العلماء والمسؤولين، أتمنى أن يصبح إدراك كل مواطن ومواطنة. جودة الحياة التي نتمناها تتوقف على تنظيم الأسرة. وهذا لن يتم ونحن مستمرون في عمليات الإنجاب، حتى أصبح متوسط الزيادة السكانية 3.3 فرد كل دقيقة بحسب الإحصاءات، وهو ما تنتج عنه زيادة بأكثر من 1.7 فرد في السنة. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قدم عدة توصيات، أهمها ضرورة الحشد لدعم سياسي من أجل تحقيق مستهدفات السيطرة على معدلات الزيادة السكانية. والتأكيد على قومية هذا التحدي المهم، وتأثيره في متوسط نصيب الفرد من الخدمات المهمة، كالتعليم والصحة والنقل، بل كل الخدمات في الدولة تتأثر بالزيادة السكانية. وأوصى الجهاز بدراسة إصدار قانون خاص لمواجهة معدلات الزيادة السكانية، يؤسس لأدوار الوزارات والهيئات الحكومية المعنية بقضية الزيادة السكانية. وتوفير استثمارات محلية لتصنيع وسائل منع الحمل في الداخل، بدلا من الاعتماد على الاستيراد. وتدريس القضية السكانية في المناهج التعليمية. وتعزيز دور رجال الدين الإسلامي والمسيحي، لشرح صحيح الدين لمواجهة المعتقدات الخاطئة لدى بعض المواطنين. هنا أؤكد على أن الدين بريء من الزيادة السكانية. وقد فصل لنا رجال الدين ذلك منذ زمن بعيد، وتابع الكاتب قائلا: هل تعلمون أنه رغم جائحة كورونا، إلا أن معدلات الزواج تظهر أن 27٪ من المتزوجين أقل من 20 عاما. وهو ما يعني زيادة العمر الإنجابي للسيدات من المستوى الحالي. وأن متوسط الخصوبة المستهدف هو 1.3 مولود.

فشلنا ونجح المغاربة

استطاع لوبي مصالح الاستيراد أن يجعل بلادنا مجرد سوق لسلع الغرب، الذي يستوردون نفاياته، ويبيعونها للمواطن المصري بأغلى الأسعار، ولم يستثن هؤلاء أي سلعة استراتيجية للتكسب منها على حساب الاقتصاد المصري، بل المواطن المصري. تابع مجدي صالح في “البوابة نيوز”، مافيا القمح التي كانت تستورد أردأ الأنواع بأسعار وتبيعه للدولة بأسعارمرتفعة، كانت تشتري أجود أنواع القمح من المزارع المصري، بأسعار أقل كثيرا من أسعار القمح المستورد من الخارج، وهي أنواع من الأقماح، غالبا ما كانت تكون مليئة بمواد وحشائش غريبة، فضلا عن احتوائها علي كميات من القوارض النافقة. ولولا انتباه الدولة المصرية مؤخرا لهذه المافيا الجهنمية، لاستمر الحال على الدرجة نفسها من الخيانة، التي تمت في السابق، وعرّضت الاقتصاد المصري لخسائر فادحة، من العملة الصعبة التي كلفت الخزانة والمواطن المصري مليارات من الدولارات، لصالح فئة فقدت ضمائرها، واستساغت نهب مال الشعب. الأمر نفسه الذي جري في مجال القمح لعقود طويلة، انسحب أيضا على المافيا التي تستورد السيارات، وكانت لها يد طولى في إغلاق مصانع السيارات “نصر”، التي كان يعتمد عليها السوق المصري، في ستينيات وسبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي. مافيا الاستيراد التي نجحت في إغلاق مصانع السيارات المصرية، التي كانت تبيع السيارة “نصر”، الملائمة للبيئة المصرية والمستهلك المصري، من حيث قوة الهيكل ورخص السعر وتوافر قطع الاستيراد، استطاعت هذه المافيا إهدار صناعة وطنية، استطاعت أن تحرز خطوات ناجحة في مجال صناعة سيارات الركوب الجماعي، والسيارات الخاصة، بالإضافة الي سيارات النقل، وظلت هذه السيارات التي تم إنتاجها في فترة الستينيات قادرة على التواجد في السوق المصري حتى الآن. وفي الوقت الذي كانت فيه مافيا الاستيراد، تمارس ضغوطها على صانع القرار المصري، لإقناعه بعدم وجود جدوى اقتصادية لتوطين صناعة السيارات في مصر، كانت دولة المغرب الشقيق تصنع مجدها، في مجال صناعة السيارات، وتوطينها لديها، وتصدير الفائض للخارج، مستفيدة من الاتفاقيات الخاصة، بعدم وجود جمارك ورسوم بينها وبين الدول العربية، لكي تصبح الدول العربية خاصة مصر أكبر مستورد للسيارات المصنعة في المغرب.

مناضل مختلف

من شاهد جنازة المناضل البدري فرغلي التي تابعتها كريمة كمال في “المصري اليوم” تأكد أن صاحب القضية أهم كثيرا من صاحب المنصب.. مئات الألوف من المشيعين، رغم أن الجنازة كانت في بلدته في بورسعيد، فماذا لو كانت في القاهرة؟ لتضاعفت الأعداد عشرات المرات.. جنازة البدري فرغلي دليل على أن من عاش عمره مناضلا من أجل المبدأ والقضية تكتب الجماهير اسمه من نور داخل قلوبها وعقولها.. خبر وفاة البدري فرغلي ملأ الفيسبوك، وصورته احتلت البوستات العديدة التي كتبت عنه.. كان الرجل المتواضع البسيط يعبر عن مئات الألوف من العمال، ويدافع عن حقوق مئات الآلاف من أصحاب المعاشات.. لم يبحث عن قضيته الشخصية، بل بحث عن قضايا وحقوق كل هؤلاء. يوم الأربعاء الماضي أدخل البدري فرغلي مستشفى آل سليمان، إثر إصابته بجلطة في الساق، حيث أجريت له جراحة عاجلة.. صباح الخميس أصر على السفر لحضور جلسة محكمة القضاء الإداري في القاهرة التي تنظر دعوى تفسير حكم ضم العلاوات الخمس لأصحاب المعاشات.. عندما تقدم للشهادة أمام المحكمة تقدم من المنصة وهو يستند إلى مرافقه، فسأله القاضي عما به، فقال له مرافقه إنه قد أجريت له بالأمس جراحة لتسليك جلطة في القدم، فتعجب القاضي من إصراره على الحضور وعاتبه على ذلك.. هكذا كان حتى في آخر لحظات حياته، ومهما كانت حالته، مدافعا عن قضيته. لا يوجد من لا يعرف البدري فرغلي في بورسعيد، لذلك كان يدخل الانتخابات وينجح مثنى وثلاث ورباع، ليدخل البرلمان ليصول ويجول تحت القبة، فكان برلمانيا شهيرا من خلال استجواباته الشهيرة.. هكذا كان بالنسبة للمصريين يعرفونه وكأنه من نجوم السينما، بل وأكثر، كانوا يعلمون ما الذي يدافع عنه وكيف يتصدى للقضايا التي تهمهم بحق.. علينا أن ندرك هنا أن هناك نوابا يدخلون البرلمان ويخرجون منه، بدون أن يعرف الناس أسماءهم، بينما كان هو علما مرفوعا يشهد له الجميع.. كانت معركته الأخيرة من أجل رفع المعاشات نموذجا على نضاله من أجل مئات الألوف الذين يتحدث باسمهم.

خسارة يا فضل

اهتم فاروق جويدة في “الأهرام” بالثناء على مطرب يواجه السجن: “كان صوت فضل شاكر على درجة كبيرة من الإحساس والصدق، وقد جمع الملايين الذين أحبوا صوته في العالم العربي.. لقد حكم القضاء اللبناني على فضل شاكر بالسجن في أكثر من قضية بلغت 22 عاما، ومنها جرائم تتعلق بالإرهاب ولا شك في أن هذا الصوت الجميل الواعد يمثل خسارة كبيرة، أنا لا أتحدث هنا عن أحكام القضاء، ولكن أن يتورط فنان بهذه الموهبة وهذه المكانة في جرائم تصل به إلى السجن، فهذا درس يجب أن يتعلم منه الكثيرون. إن فضل شاكر انطلق في سماء الأغنية العربية وحقق إنجازات ضخمة، وكان ينتظره مستقبل واعد، ولكن للأسف الشديد لم يحافظ على موهبته ونجاحاته وجمهوره. إنه خسارة كبيرة وهناك الملايين الذين يشعرون بالحزن على هذه الموهبة، وهي خلف القضبان.. لا أدري هل هناك فرصة لتقديم التماس أمام القضاء اللبناني لتخفيف الحكم؟ أم هناك شهود يمكن أن يقفوا بجانبه في هذه المحنة؟ كان من الممكن أن يتربع فضل شاكر على القمة ما بقي من سنوات عمره، ولكن أن يسلك طريقا آخر وينتهي به المشوار هذه النهاية المؤسفة.. هل هي الأقدار، أم سوء الاختيار أم فقدان البصيرة؟ فضل شاكر خسارة كبيرة أيا كانت الأسباب، ولكنه درس لكل صاحب موهبة. كان أمام فضل شاكر مشوار طويل وقد وصل إلى مكانة بين أبناء جيله واستطاع أن يتجاوز الكثيرين منهم، وكانت لديه فرص واسعة أن يحقق نجاحات أكبر.. وكان شيئا غريباً أن يتورط مع جماعات إرهابية، ويشارك معها ويتخلى عن ذلك الفنان الحساس الرقيق وينسى كل أغانيه الجميلة التي حركت المشاعر.. إن تجربة فضل شاكر تجربة قاسية ما بين يد كانت تعزف للحب ويد تطلق الرصاص.. إن الإنسان واحد واليد واحدة ولكن للأسف الشديد كان القرار الخاطئ”.

أمشير وخلافه

أعلنت هيئة الأرصاد الجوية قبل أيام عن طقس غير مستقر، وانخفاض في درجات الحرارة، إلى هنا والموضوع عادى ومتوقع، كما أشار أكرم القصاص في “اليوم السابع”، لكن كالعادة في ظل انتشار خبراء الهبد الكوني، خرج علينا شخص مدع يطلق على نفسه « الدكتور فلان رئيس مركز تغير المناخ في مكان ما»، ونشر تسجيلا صوتيا حذر من موجة من البرد، الأشد منذ سنوات طويلة، من يوم 16 إلى 18 فبراير/شباط ويرجح أن تتساقط الثلوج على «القاهرة والجيزة والدلتا.. وأنها حالة غير مسبوقة، وبرد لم تشهده مصر من قبل». انتشر التسجيل الصوتي، ونقلت بعض المواقع ووكالات الأنباء، ولجأ خبراء الهبد الطقسي للتجويد، فأضافوا أن هناك عاصفة التنين، وعواصف وأحداث غير مسبوقة، وعلى الرغم من أن هيئة الأرصاد اضطرت لإصدار بيانات تكذب فيها هذا الكلام، وتؤكد أن البرد عادي. وتابع الكاتب: نقلت بعض المواقع عن الخبير إياه هذا الكلام، والمثير للأتربة والتهجيص، عدد من خبراء «الولا حاجة» تحولوا فجأة إلى خبراء أرصاد وكل واحد منهم ماسك حديدة، وطالع ينشر بوستات ورسائل صوتية وفيديوهات تخوف، اللي يقول عاصفة التنين، واللي ديناصور وحالة من التجويد التهجيصي لناس غالبا ليس لهم علاقة بالطقس، ولا الأرصاد. بعد انتهاء الموضوع مرّت الحالة بشكل عادي وكما هو متوقع، مطر في بعض المناطق، وأمطار أكثر غزارة في الإسكندرية والدلتا، ليس فيها أي شيء غير طبيعي، ولو رجعنا إلى خبراء الهبد الطقسي لوجدنا هذه التوقعات الهلامية نفسها طوال سنوات سابقة، وهي تنبؤات على مواقع التواصل، تسبب خوفا ورعبا، وتدخل ضمن نشر الأكاذيب، ولو كان الشخص المزعوم بالفعل في هيئة علمية، يفترض أن يتم سؤاله عن مصادر هذا «الهبد» الذي تسبب في ذعر غير مفهوم، فضلا عن أنه يتعارض مع تقارير الجهات المخول لها أن تتحدث، ونتذكر أحد كبار الهجاصين قبل عامين خرج وأثار خوف الناس من إعصار مدمر في البحر المتوسط، يضرب مصر والشرق الأوسط، مستغلا أنه يحمل اسم «ناسا» ونسب هذا الكذب إلى صحف ومواقع عالمية، وكذبه الخبراء وقالوا إن البحر المتوسط يستحيل أن تكون فيه أعاصير، ومع هذا لا يزال يواصل تهجيصاته.

الأرزاق على الله

الكتابة من وجهة نظر محمد أمين في “المصري اليوم” هي أن تكون حراً مستقلاً في ما تتناوله من قضايا.. تنبع من ضميرك ولا تُملى عليك من أحد.. وليست الكتابة أن “تزيط في الزيطة” أو تعلق على التريند، أو القصة التي يريدونك أن تتناولها بالتحليل الإيجابي.. والكتابة ليست حالة كراهية أو أنها انتقام، ولكنها حالة تطهر.. فأنت لا تكتب حين تكتب لتنتقم أو تسخر، أو تهين من تكتب عنه، ولكنها حالة سمو.. لا تنتظر عنه أجراً ولا شكراً.. للأسف لا يعرف الكثيرون ذلك سواء من الكتّاب أو الحكام.. ولو عرف الحكام ذلك لاستراحوا.. ولو عرف الكتّاب ذلك لما خافوا من أي تهديدات.. باختصار أن تقول كلمتك وتمضي والأرزاق على الله! وتربطني علاقات طيبة للغاية بحكومات ما بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني.. أكتب عنهم فلا يغضبون، وأكتب لهم فلا يشعرون بأنني أمدحهم مع المداحين.. إنما لكل مقام مقال.. فقد أشيد اليوم بأحد، وأنتقده غداً ولا يعتبر ذلك نقصاً في الشخصية.. فالحق أحق أن يتبع.. وأتلقى منهم الردود، وهم يطمئنون إلى أنني سأتعامل معهم بالجدية اللازمة، بدون تهويل أو تهوين.. ولا أذهب إليهم في الوزارات ولا أنتظر منهم شيئاً.. فقط كل ما أرجوه أن يتعاملوا مع طلبات الجمهور والقراء بالجدية اللازمة. وقد حرصت ألا أكتب في قضايا خاصة أو عن الوزراء، ولكن عن عمل الوزراء أحسنوا أو أساءوا.. لا أتحدث عن شخص الوزير أو المسؤول.. علاقتي بهم هي علاقة عملية تنتهي بانتهاء مهمة الوزير.. شخصه لا يعنيني.. وانتهى الكاتب إلى أن “الأرزاق على الله”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية