يتوقع أن يتضمن اتهاماً لبن سلمان.. نشر تقرير المخابرات الأمريكية حول قتل خاشقجي.. تحد خطير لمساعي التقارب بين أنقرة والرياض

إسماعيل جمال  
حجم الخط
0

إسطنبول – “القدس العربي”: يتوقع أن تنشر إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن خلال الأيام القليلة المقبلة تقرير الاستخبارات الأمريكية حول جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي حيث تشير كافة التكهنات إلى أنه سيتضمن اتهاماً مباشراً لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالمسؤولية عن إصدار أوامر قتل خاشقجي.

هذا التطور يأتي في ظل محاولات حثيثة تجري في الأسابيع الأخيرة لتحسين العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتركيا التي يتوقع أن تجد نفسها أمام استحقاق كبير يدفعها للاختيار بين تجاهل التقرير للحفاظ على سير محاولات إنهاء الخلافات مع الرياض، أو استغلال التقرير لإعادة إثارة قضية خاشقجي على المستوى الدولي والدفع نحو معاقبة كافة المتهمين بالمشاركة في الجريمة التي هزت العالم.

ومن المقرر أن تنشر إدارة بايدن، خلال الأسبوع المقبل، التقرير الذي يحتوي على الخلاصات التي توصلت إليها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حول جريمة قتل خاشقجي، وهو التقرير الذي رفضت الإدارة الأمريكية السابقة نشره وفضلت أن يبقى سرياً وذلك بفضل العلاقات الجيدة التي كان يتمتع بها بن سلمان مع الرئيس دونالد ترامب.

والجمعة، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” عن أن التقرير وهو ملخص غير سري للنتائج أصدره مكتب مدير الاستخبارات الوطنية “سيجري نشره مطلع الأسبوع المقبل”، موضحةً أن التقرير خلص إلى أن بن سلمان هو من “أمر بقتل خاشقجي”، في تطور سيضفي مزيداً من التعقيد على العلاقات السعودية الأمريكية.

وبحسب مصادر تركية غير رسمية، فإن السعودية بدأت في الأسابيع الأخيرة مساعي حثيثة لتحسين العلاقات مع تركيا وذلك في محاولة لتنويع تحالفاتها عقب وصول بايدن للسلطة، والذي صرح خلال الأيام الأخيرة مسؤولون بإدارته عن أنه ينوي مراجعة العلاقات مع السعودية، في حين أبدى تهميشاً علنياً لولي العهد السعودي عبر التأكيد على أن نظيره هو الملك سلمان وأنه سيتخاطب معه وليس مع ولي العهد محمد بن سلمان.

وبالتزامن مع المصالحة الخليجية مع قطر التي تشير كثير من التقديرات إلى أنها ستساهم في دفع أي تقارب سعودي تركي، أقدمت الرياض وأنقرة على عدد من الخطوات وأطلق مسؤولو البلدين عددا من التصريحات أعطت مؤشرات قوية على وجود حراك حقيقي ومحاولات حثيثة لطي صفحة الخلافات تدريجياً وإعادة بناء العلاقات بين البلدين.
فإلى جانب تعيين السفير التركي الجديد في الرياض، جرى لقاء بين وزيري خارجية البلدين مولود جاوش أوغلو وفيصل بن فرحان، وذلك عقب اتصال هاتفي جرى بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والملك سلمان بن عبد العزيز، بالتزامن مع تراجع السعودية عن إجراءات كانت تهدف للتضييق على دخول المنتجات التركية إلى السوق السعودية.

كما أطلق وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان تصريحات “تصالحية” نادرة تجاه تركيا، وقال في لقاء مع وكالة رويترز إن المملكة “لديها علاقات طيبة ورائعة” مع تركيا و”لا توجد بيانات تشير إلى وجود مقاطعة غير رسمية للمنتجات التركية”.

في المقابل اعتبر وزير الخارجية التركي أن “الشراكة القوية بين تركيا والمملكة العربية السعودية ليست لصالح البلدين فحسب؛ بل للمنطقة بأكملها”، في خطاب تصالحي هو الأبرز منذ سنوات.

وفي ظل هذه الأجواء الإيجابية، وتراجع حدة التصريحات الرسمية الهجومية، من المتوقع أن يعيد نشر تقرير الاستخبارات الأمريكية قضية خاشقجي إلى الواجهة مجدداً، ويتسبب بالكثير من المتاعب لولي العهد السعودي الذي يبدو أنه سعى من خلال محاولات التقارب مع السعودية إلى تنويع حلفائه وتجنب تبعات هذه القضية في ظل فقدان الأمل بإمكانية بناء علاقات جيدة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

هذا التقرير، سيشكل تهديداً حقيقياً لجهود تحسين العلاقات التركية السعودية وسيشكل اختباراً صعباً للجانبين اللذين وإن لم يعلنا بشكل صريح عن ذلك، فإنهما يسعيان بقوة لإنهاء الخلافات وتحسين العلاقات لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الصعبة التي تنتظر البلدين.

وفي هذا الإطار، ستكون تركيا أمام خيارات صعبة، أبرزها يتمثل في استغلال التقرير الأمريكي لإثبات روايتها السابقة بوجود مستوى سياسي كبير أمر بتنفيذ جريمة قتل خاشقجي على أراضيها، وبالتالي تعيد إثارة ملف بن سلمان على الصعيد الدولي وتضغط بقوة من أجل محاسبته وهو ما قد يقود تدريجياً إلى تهديد مكانة ولي العهد السعودي وفرص بقائه في السلطة.

لكن في المقابل، فإن هذا الخيار يعني التضحية بمسار تحسين العلاقات الجاري حالياً، وذلك على أمل رضوخ السعودية لضغوطاتها بشكل أكبر مستقبلاً باعتبار أن أي حل توافقي بين أنقرة والرياض على محاكمة المشاركين في جريمة خاشقجي سيكون مقبولاً على الصعيد الدولي.

إلا أن الخيار الثالث يبقى الأصعب على تركيا، والمتمثل في تجنب التصعيد وعدم إبراز التقرير الأمريكي، وهو ما قد يفتح عليها باباً واسعاً من الانتقادات في هذه القضية ويسبب لها الكثير من الإحراج داخلياً وخارجياً، وبالتالي يتوقع ألا تبدي أنقرة أي تراجع في مطالبها المتعلقة باغتيال خاشقجي إلا بعد إقدام السعودية على خطوات حقيقية لمعاقبة المتهمين بالجريمة، وكشف تفاصيلها كاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية