منع السياسيين من قيادة جمعية أرباب المقاولات في المغرب يشعل الصراع بين «الباطرونا» و«الاستقلال»

ماجدة أيت لكتاوي
حجم الخط
1

الرباط ـ «القدس العربي»: انفجر صراع بين حزب «الاستقلال» المغربي المعارض والجمعية المهنية التي تضم أرباب المقاولات والمعروفة اختصاراً بـ«الباطرونا» إثر المصادقة على مشروع قانون تنظيمي يتعلق بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان المغربي) يروم محاربة «الترحال السياسي» والحفاظ على استقلالية فريق «الاتحاد العام لمقاولات المغرب».
وتنص التعديلات على عدم قبول الترشح لانتخابات ممثلي المنظمات المهنية بتزكية من حزب سياسي، مما سيضمن لها تشكيل فريق خاص بها في مجلس المستشارين طيلة مدة الانتداب، وذلك بهدف الحفاظ للمنظمات المهنية للمشغِّلين الأكثر تمثيلية على فريق برلماني، مع ضمان استقلاليته، ولتمكينها من التعبير عن انشغالات الفاعلين الاقتصاديين والمقاولات المغربية.
وبالموازاة مع المصادقة على مشروع القانون، قام «الاتحاد العام لمقاولات المغرب» بالمصادقة بدوره على تعديل بالقانون الأساسي، وتحديداً المادة الرابعة منه، مانعاً بذلك الجمع بين تولي مسؤولية قيادية في الاتحاد وبين التواجد في هيئة تقريرية وتنفيذية لحزب ما.
وصرح عبد الإله حفظي، رئيس فريق «الباطرونا» في مجلس المستشارين، لوسائل إعلام محلية، أن الغرض من هذا التعديل هو «ضمان تحصين استقلالية الاتحاد العام لمقاولات المغرب ونائبه ورؤساء الاتحادات الجهوية، أما باقي المسؤوليات في الاتحاد فلا يمنع ـ وفق التعديل المذكور ـ توليها بالنسبة للأشخاص الذين لديهم عضوية في الهيئات التقريرية الحزبية».
وأوضح أن التعديل الذي أقره اتحاد «الباطرونا» على قانونه الأساسي «لا يستهدف أي مكون أو حزب سياسي» متابعاً «لسنا ضد ممارسة أرباب المقاولات للسياسة أو الانتماء لحزب معين، كما أننا نرفض تصريف مواقف حزبية باسم الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ذلك أن الاتحاد منظمة مهنية للمشغلين، وليس حزباً، وإن كان يضم المئات من أرباب المقاولات الذين يحملون انتماءات سياسية مختلفة».
عادل بنحمزة، القيادي في حزب «الاستقلال» أوضح لـ«القدس العربي» أن المشكل انطلق مع تقديم حزبه لمرشحين أقوياء يتمتعون بحظوظ وافرة، لرئاسة الفروع الجهوية للاتحاد العام لمقاولات المغرب بجهات الصحراء الثلاث، بالإضافة إلى الدار البيضاء، لافتاً إلى الرمزية والثقل الذي تتمتع به هذه الجهات الأربع. وقال القيادي الاستقلالي إن قيادة «الباطرونا» استبقت النتائج وأدخلت التعديلات على قانونها الأساسي لقطع الطريق أمام مرشحي حزب «الاستقلال».
وكتب عبد الله البقالي، القيادي في الحزب نفسه ومدير صحيفة «العَلم» الناطقة بلسانه «الذي نعلمه، هو أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب تنظيم لمهنيي ورجال ونساء الأعمال، شغله الرئيسي الدفاع عن مصالح هذه الفئة من المواطنين بما يحفظ حقوقهم طبقاً للقانون، لكن أن يشتغل هذا التنظيم بحسابات سياسية لمناصرة طرف سياسي ضد آخر، فإن ذلك يعني إضعافاً حقيقياً لهذا التنظيم المهني الكبير، وهذا ما لا يمكن قبوله».
ولا تمنع التعديلات أعضاء «الاتحاد العام لمقاولات المغرب» من الانتماء السياسي وإنما أقرت حالة التنافي بين تحمل المسؤولية في الأجهزة التقريرية للاتحاد وتحمّل المسؤولية في الأجهزة التنفيذية للأحزاب السياسية، حيث لم يعد ممكناً الجمع بين تولي مسؤولية قيادية في المنظمة وبين التواجد في هيئة تقريرية وتنفيذية لحزب سياسي معين.
ويرى عادل بنحمزة أن تعديل النظام الداخلي بشكل يمنع كل من له صفة تقريرية في مؤسسة حزبية جهوياً أو وطنياً من الترشح لمسؤولية الرئيس أو نائب الرئيس أو رئيس فرع جهوي، ينقل الحديث عن أحقية «الباطرونا» بالحصول على فريق «مجلس المستشارين» إلى الاعتداء على الدستور من خلال الاعتداء على الحق في الانتماء السياسي وإدخال بدعة «التنافي» بشكل فج لا يستند إلى أساس.
وأوضح لـ«القدس العربي» أن التَّنافي يضعه المشرع لأسباب واضحة تتعلق بمؤسسات الدولة، أما المنظمات المدنية فلا يمكنها أن تفرض على أعضائها، تحت أية ذريعة، أي أمر يتعلق بحقوقهم المدنية والسياسية، فالتعديل الذي خضع له النظام الداخلي للاتحاد في سابقة تاريخية، يعني بكل بساطة حسم عدد من الاستحقاقات التنظيمية الوطنية والجهوية عبر آلية الإقصاء القبْلي.
واعتبر القيادي في حزب الاستقلال أن هذه الخطوة مسيئة جداً لإطار من المفروض أن يكون مدافعاً وحامياً للممارسة الديمقراطية بغض النظر عن نتائجها.
على العكس من ذلك، يرى محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني، أن التوجه الذي اختارته «الباطرونا» سليم، موضحاً أن الانتماء السياسي لا يمنع أي شخص من وُلوج الهيئات المهنية، وأن القرار الذي اتخذته «الباطرونا» مسألة تنظيمية.
وأفاد ضمن تصريحه لـ«القدس العربي» أن القوانين التنظيمية تنص على وجود فريق كامل ومتكامل مكون من «الباطرونا» في مجلس المستشارين، لافتاً إلى أن الهدف يتمثل في تمثيلية خالصة وكاملة للاتحاد حاضرة بمجموعة من المؤسسات الانتخابية من مجالس جماعية ومجلس النواب والمستشارين.
وخلُص المتحدث إلى أن قرار «الباطرونا» يبقى داخلياً، ولها كامل الحق في اختيار أن يكون من يمثلون قيادتها يرتدون قبعات سياسية من عدمه.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الاسد الاطلسي:

    فصل المال عن السياسة او بالاحرى المشرعين عن الاقتصاد شيء فيه كلام كثير فهو ايجابي من جهة حيث يمكن للحوكمة والمحاسبة و مراقبة المال العام و ضمان التنافس الشريف
    لاكن في المقابل لسنا دولة شمولية حرية الملكية الفردية متاحة للجميع
    اذن عليهم البحث عن حل آخر

إشترك في قائمتنا البريدية