تعيين وزير ثم «اختراع مهام» له… الأردن يشتكي من «القمة إلى القاعدة» من آلية اختيار «الوزراء»

بسام البدارين
حجم الخط
1

عمان – «القدس العربي» : قد يكون التعديل الوزاري الأخير على حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة في الأردن هو «الأسوأ حظاً» من بين سلسلة التعديلات الوزارية المتكررة. ولذلك السبب، بطبيعة الحال، فقد هوجم هذا التعديل مراراً وتكراراً ومن كل الأطياف والنخب أفقيا وعامودياً حتى قبل أن ينضج أو يعلن.
حجم «السأم الشعبي» العارم والضجر من آلية اختيار الوزراء يبدو أنه يقلق الجميع ويدفع في اتجاه المطالبة الأفقية هذه المرة مادام شعار الإصلاح السياسي الجذري قد رفع بتغيير النهج والآلية. لكن واحدة من الملاحظات الأساسية على غالبية من يطالبون بتغيير نهج اختيار الوزراء هي تلك التي تؤشر بأن هؤلاء الناقدين أنفسهم يقبلون الدخول لوزارة على أساس مسطرة النهج الذي ينتقدونه.
لا بل العدد الأكبر منهم أيضاً يلجأ بين الحين والآخر إلى انتقاد رئيس الوزراء الذي يجري تعديلات وزارية دون أخذ اعتبارات المحاصصة الجغرافية والديمغرافية وأحياناً العشائرية، بالاعتبار. برزت خلال اليومين الماضيين على نطاق منصات التواصل مداخلة مثيرة للأكاديمي وعضو البرلمان الأسبق محمد القطاطشة، تم تداولها بشكل كبير على أساس أن شخصية مثل القطاطشة سئمت هي الأخرى من آليات التعديل الوزاري؛ فقد تحدث الأخير عن منهجية غريبة في اختيار الوزراء الذين لا يعرفون لماذا يغادرون الحكومة ولا لماذا يدخلونها أصلاً.
يسأل المذيع النشط محمد الخالدي القطاطشة عن تقديره، فيجيب الأخير ساخراً من مقولة إن الشعب الأردني أصلاً يهتم بالوزراء والتعديلات، مشيراً إلى أن شخصاً ما تضربه الشرطة في اعتصام يمكنه أن يصبح وزيراً، وأن شخصاً آخر يخرج للتو من جولة وسط جيرانه وأقاربه يصبح وزيراً أيضاً.
ثمة موجة سخرية كبيرة في بطن مثل هذا التعليق، والقطاطشة يعود إلى تجربة تشكيل الحكومات والأحزاب، مؤكداً بأن الأردن هو الدولة الوحيدة في العالم التي يوجد فيها وزراء دولة دون أحزاب.
كانت «القدس العربي» قد سألت، في اتصال هاتفي، رئيس الوزراء الدكتور الخصاونة شخصياً عن تراكم عدد كبير من وزراء الدولة في طاقمه، لكنه أشار إلى أن عددهم في الحكومة التي سبقته والتي قبل، كان قريباً.
طبعاً، لا أحد وسط النخبة الأردنية يفهم لماذا يتم تعيين وزراء دولة ثم اختراع مهام وصلاحيات لهم، لكن الجواب معروف وله علاقة بالرغبة في زيادة عدد الحقائب الوزارية أحياناً لإرضاء شرائح أو مجاملة مكونات، وفي بعض الأحيان لتعويض شخص ما عن موقع ما أو وظيفة فقدها.
تحصل في المشهد الأردني مناقلات لا أحد يفهمها بين الوزراء عبر محطات التعديل الوزاري التي تشكل بدورها فرصة أحياناً لتصفية حسابات رئيس الوزراء شخصياً السياسية وغيرها، وهو وضع ينبغي أن يعتدل أو يتغير.
ويقر عضو مجلس الأعيان والباحث الأكاديمي البارز الدكتور مصطفى الحمارنة، أمام «القدس العربي» بأن الذهنية والمضمون في منهجية التوزير ينبغي فعلاً أن يتم إصلاحهما عبر الإعلاء من شأن الكفاءة والمهنية ودون الاستمرار في الغرق في كلاسيكيات موروثة عند تشكيل واختيار الوزراء.
«نحتاج إلى مقاربة منهجية منتجة أعمق»… يؤكد الحمارنة، وهو يؤشر على مشكلات وتحديات قديمة ومزمنة تعبر مع الحكومات، مقترحاً مقاربة تأمل وطنية أعمق قليلاً لاستعادة المبادرة وتحقيق درجة أعلى من الانسجام بين القطاعات الوزارية.
مثل غيره من شخصيات العمل العام الوطنية، يجد الحمارنة أحياناً صعوبة في فهم ما الذي يحصل مع رؤساء الوزارات أو حتى الوزراء عندما يتسلمون الحقائب ويشتبكون مع الميدان، وفوارق المبادرة هنا تؤسسها البرامج برأيه وليس الأشخاص. و في كل حال، لا يجد الحمارنة طريقة للفهم كيف يمكن أن ينتج وزير في قطاع خدمي دون تحقيق أعلى معدلات الانسجام والتوافق بين أفراد الطاقم الوزاري المعنيين بكافة قطاع الخدمات.
تلك آمال سياسية رومانسية وفقاً لما تهم فيه بعض الآراء داخل مرجعيات ومؤسسات القرار بأن المواطن الأردني بطبيعته ومع غياب الأحزاب يبحث دوماً عن تمثيل له في الوزارة لتلبية احتياجاته ليس أكثر ولا أقل.
لكن تلك الرومانسية لم تعد حالمة، فالضائقة الاقتصادية والإخفاق المستمر لممثلي المكونات الاجتماعية في الوزارة عناصر تساهم في مراكمة الضجر من آلية اختيار الوزراء في المملكة.
والكثير من المؤشرات تتراكم لتقول ضمنياً اليوم بأن عدد الذين تغضبهم أو تثير قلقهم التعديلات الوزارية أكبر بكثير في عمق المجتمع من عدد الذين يرضيهم توزير أي من ممثليهم بين الحين والآخر، مع أن الشارع لا يفهم بعد لماذا يتحول وزير مختص بالإعلام إلى وزير يحمل حقيبة الثقافة، أو وزير بخبرة هندسية يشهد لها الجميع في قطاع الإنشاءات إلى وزير إعلام، مع أن مكانه الأفضل قد يكون وزارة الأشغال.
في كل حال، واضح أن الاعتماد على وصفة المحاصصة فقط يطيح بقيمة المهنية والكفاءة، ويكرس الانطباع بأن من يصبح وزيراً لا يعلم لماذا دخل أو غادر الحكومة بعد، فكل الكلام عن مصفوفات حكومة الرزاز وعن برامج التقييم الوزاري بقي على الورق، وقد لا يعكس الواقع الميداني والعملي.
بقي التذكير بما كان يقوله قبل 15 عاماً وزير البلاط الأسبق مروان المعشر، بأن إدارة الأمور بالطريقة القديمة لم تعد مطلوبة ولا منتجة. الغريب أن الواقع يشير إلى عكس ما يذهب إليه المعشر تماماً.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أحمد طراونة-لندن.:

    أبداً أعزائي، المسألة هي بالواقع حسب ونسب وهذا او هذه من هي امة او أمها وذاك او تلك من هو ابية أو اباها نقطة اول السطر.
    المناصب في البلد شبة أعطيات و هبات بدون أدنى درجة من الاهمية لجمع المعلومات عن المرشح او المترشحة ولنا مثالاً في ذلك الوزير مالك حداد الذي ظهر بعد يومٍ واحد من أداء اليمين بأن الرجل ذو سجل إجرامي وقد قضى فترةً كان موقوفاً بها… أُخد جانبان بهدوء و قيل لة قدم إستقالتك بدون فضائح….

إشترك في قائمتنا البريدية