تلعب المناطق الصناعية بشكل عام في فلسطين دوراً مهماً في مساهمتها الكبيرة في التشغيل وفي الناتج المحلي الإجمالي والتصدير، فيما تعرف المنطقة الصناعية بأنها قطعة أرض طورت وقسمت إلى وحدات صناعية وفقاً لخطة شاملة، وتتوفر في هذه المنطقة خدمات البنية التحتية الكاملة والتي توفرها البلديات.
وتوجد في قطاع غزة منطقة صناعية كبرى، تأسست قبل 25 عاماً ومقامة على مساحة تقدر بـ500 دونم، ويبلغ حجم الاستثمار في هذه المنطقة ما يقارب من 190 مليون دولار.
وبحسب معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني «ماس» فهناك ثلاثة دوافع رئيسية لإنشاء المناطق الصناعية، فالدافع الأول تطويري يقوم على تحسين مستوى الصناعة في منطقة معينة، والدافع الثاني ترويجي لتشجيع إنشاء صناعات جديدة وتطوير الصناعات القائمة وخلق علاقة بين الصناعات، عبر تعزيز الروابط الخلفية للصناعات القائمة بالمستحدثة.
وتعتبر غزة بالرغم من ضيق المساحة الجغرافية وصعوبة الحياة الاقتصادية فيها، حاضنة ناجحة للمشاريع الاقتصادية كون المواطن مستهلك بالدرجة الاولى، فهناك أموال تستثمر في إقامة مشاريع صناعية وتجارية، الأمر الذي يشكل فرصة للاستثمار الناجح في غزة، فقد افتتحت العلامة التجارية للملابس التركية «أل سي وايكيكي» أول فرع لها في قطاع غزة ويمتد المعرض على مساحة 2000 متر.
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة التركية في غزة، ناصر الحلو، إن الشركة التركية تهدف لأن تكون واحدة من أفضل ثلاث علامات تجارية لبيع الأزياء بالتجزئة في أوروبا في عام 2023 وإلى تقديم منتجاتها بأسعار مناسبة لكل أسرة في جميع أنحاء العالم، منوهاً إلى أن سلسلة متاجر الشركة تضم أكثر من ألف متجر على مستوى أكثر من خمسين دولة حول العالم.
وقال الحلو، «اليوم في قطاع غزة نستمر في مسيرة الخطة التوسعية للشركة، ونقدم ما تنتجه من ملابس مختلفة بجودة عالية وأسعار مناسبة للجميع، عدا عن العروض والتخفيضات التي نعلن عنها بين الحين والآخر» معتبراً أن افتتاح هذا المركز التجاري يشكل تحدياً للحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع والأوضاع الاقتصادية الصعبة، لافتاً إلى تزامن افتتاحه مع مشروع محطة توليد الكهرباء المتجددة في منطقة غزة الصناعية.
في سياق ذلك بين الخبير الاقتصادي معين رجب، أن الاقتصاد الفلسطيني يحتاج إلى إقامة مثل هذه الاستثمارات، خاصة وأنه يعاني عدة اختلالات هيكلية في كل الأسواق ومن ضعف البنية التحتية وكذلك استحواذ قطاع الخدمات، بمعنى أن تركيز الاستثمارات ينحصر في الأنشطة الخدماتية، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر.
وأشار رجب لـ»القدس العربي» إلى أن القطاع الصناعي يمثل أهم القطاعات الاقتصادية لغزة، والمطلوب من الجهات المعنية، تشجيع هذا النوع من الاستثمارات وتحديداً إقامة مناطق صناعية سواء كانت الاستثمارات محلية أو أجنبية.
وأوضح أن إقامة مثل هذه المناطق، سيكون له مردود اقتصادي جيد سواء على صعيد تشغيل أكبر قدر ممكن من الأيدي العاملة، وتخفيض معدلات البطالة الذي بدوره سينعكس على تحسين معدل الدخل، وتحسن مستوى المعيشة وحدوث انتعاشة اقتصادية.
وحث رجب الحكومة والجهات المختصة، على تشجيع المستثمرين لإقامة مناطق صناعية في غزة، وتوفير الأراضي المناسبة والملائمة لكل صناعة، وتقديم حزمة من الحوافز والتسهيلات التشجيعية للمستثمرين، والتفكير جدياً وبشكل مختلف من قبل صناع القرار الاقتصادي، للتوجه نحو الاستثمار في القطاعات الإنتاجية.
من جهته قال الخبير الاقتصادي أنور أبو الرب أن القطاع الصناعي الفلسطيني في غزة يعاني كغيره من القطاعات الاقتصادية الفلسطينية، وتتمثل الأزمة القائمة في ضعف البنى التحتية للمناطق الصناعية، الأمر الذي يؤثر في إنتاجية ومنافسة هذه المناطق أمام الصناعات الإسرائيلية والخارجية.
وأوضح أبو الرب لـ»القدس العربي» أن هناك أسبابا كثيرة تؤثر على المناطق الصناعية، وهو ابتعاد جزء كبير من هذه المناطق عن مناطق الاستيراد والتصدير، والمتمثلة بالمعابر والموانئ التي تخضع برمتها في الضفة وغزة للسيطرة الإسرائيلية، الأمر الذي ينعكس على حالة المنتج من تلفه في حال تأخر تسويقه، وتحمل المنتج تكاليف النقل ورسوم الانتظار.
وأشار إلى أنه علاوة على ذلك، هناك أزمة تتمثل في تراجع الاهتمام الحكومي بتطوير هذه المناطق ودعمها، فالأولوية لدى الحكومة هي جباية الضرائب من أرباح المصانع من دون أن توفر بيئة مناسبة للاستثمار، وضرورة تخصيص الحكومة جزءاً من مواردها المالية تحت بند تطوير القطاع الصناعي والمناطق الصناعية عموماً، وتعديل قانون ضرائب الدخل والقيمة المضافة التي تفرض على المواد الداخلة في التصنيع، وتعديل قانون تشجيع الاستثمار بما يسمح بمواكبة التطورات الحالية.
ودعا إلى إيجاد حل سريع وعادل لأصحاب المصانع المدمرة في الحروب الماضية، والعمل على إعادة إعمارها من جديد لتمكينها من المشاركة في الناتج القومي، والمساهمة في خفض معدلات البطالة، والعمل على تقديم المساعدة السريعة للقطاع الصناعي في غزة، وصرف تعويضات لما له من أهمية في النهوض بالاقتصاد الوطني.