لندن– “القدس العربي”: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” افتتاحية قالت فيها إن ليبيا خطت خطوة غير متوقعة ويمكن للولايات المتحدة مساعدتها على تثبيتها، وأضافت أن الذكرى العاشرة للربيع العربي حملت معها ذكريات أليمة عن الدم والأزمات الإنسانية وفي حالات عدة عن طغيان جديد في الشرق الأوسط والذي تبع الثورات الشعبية.
ولم تنجح سوى تونس في الحفاظ على الديمقراطية. وبعد انتخابات رئاسية وحيدة وانقلاب عسكري تعيش مصر في ظل أسوأ الأنظمة القمعية في تاريخها الحديث، أما سوريا واليمن فتعيشان حربا أهلية مستمرة.
وهذا السجل التراجيدي يجعل من التطورات الأخيرة في ليبيا تحولا مثار ترحيب. وبعد عقد من الفوضى اتخذت الدولة الغنية بالنفط خطوة مهمة نحو النظام السياسي الجديد. ففي يوم الثلاثاء تولت حكومة الوحدة الوطنية السلطة رسميا وحلت محل الحكومة التي شكلتها الأمم المتحدة والنظام المنافس لها في شرق ليبيا. فقد تحاربت القوى المتنافسة التي تدعمها أطراف داخلية وآلاف من المرتزقة في حرب انتهت إلى طريق مسدود قبل أن تقبل بوقف إطلاق النار في تشرين الأول/أكتوبر. وهو ما سمح لوسطاء الأمم المتحدة بتنظيم مؤتمر سياسي أدى لانتخاب الثري عبد الحميد دبيبة.
بعد عقد من الفوضى اتخذت الدولة الغنية بالنفط خطوة مهمة نحو النظام السياسي الجديد. ففي يوم الثلاثاء تولت حكومة الوحدة الوطنية السلطة رسميا
وصادق البرلمان في يوم الإثنين على حكومته التي تضم أول وزيرة للخارجية. وتواجه الحكومة الجديدة معوقات كبيرة بدءا من إعادة الخدمات الأساسية وتوحيد مؤسسات المصرف المركزي ومؤسسات الدولة الأخرى والتحضير للانتخابات المقررة في كانون الأول/ديسمبر. وأهم ما يواجه الحكومة هي الدول الخارجية والمرتزقة البالغ عددهم 20.000 شخص أرسلتهم روسيا وتركيا ولم تنسحب بعد، بالإضافة للكميات الضخمة من السلاح التي شحنت إلى داخل البلد في خرق لقانون حظر السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة على البلد. لكن الدبلوماسيين الذين تابعوا التطورات في البلد منذ الحملة التي قادها حلف الناتو لإسقاط معمر القذافي يشعرون بالدوار مما يصفونه عودة البلد المحتملة من الانزلاق نحو الهاوية.
وبعيدا عن السبعة ملايين نسمة فإن الرابح الأكبر من التسوية هي تركيا التي تدخلت العام الماضي إلى جانب حكومة طرابلس وأجبرت خليفة حفتر وقواته على الانسحاب وسجلت نقطة ضد المرتزقة الروس الذين يدعمونه. وينظر لدبيبة على أنه حليف لتركيا وتعهدت الحكومة الجديدة بالحفاظ على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي منحت أنقرة حقوقا مهمة.
ولكن نجاح الحكومة يعتمد على قرار الرئيس الروسي فلاديمير يوتين سحب مرتزقة شركة فاغنر إلى جانب المقاتلات وأنظمة الدفاع الصاروخية والأسلحة الثقيلة. وكشفت الصحيفة في الشهر الماضي أن الروس يعززون من قواتهم و”يتحصنون” منذ اتفاق وقف إطلاق النار. وتعتبر الولايات المتحدة طرفا مهتما وليس جزءا من التنافس ويمكنها المساعدة على تقوية النظام الجديد. فهي وإن لم يكن لديها تأثير على موسكو لكنها تستطيع الضغط على تركيا ومصر والإمارات العربية المتحدة للتوقف عن شحن السلاح إلى البلد.
ويمكنها مساعدة دبيبة على إعادة الخدمات الأساسية ومحاربة فيروس كورونا والتحضير للانتخابات المقررة. وقال مسؤول أمريكي إن الولايات المتحدة ستلقي بثقلها، وهذا أمر جيد لاستخدام المصادر الدبلوماسية وبثمار موعودة وهي إنقاذ دولة واحدة من حطام الربيع العربي.