بيروت- “القدس العربي”: شكل مقر الرئاسة الثانية في عين التينة محطة لافتة للقاءات مواكبة مع مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الرامية إلى مساعدة الرئيس المكلف سعد الحريري وتذليل العقبات أمام ولادة حكومة من ثلاثة أثلاث. لكن هذه المبادرة على غرار مبادرة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يبدو أنها تسير بين الألغام وهي تعرضت لنكسة بعد موقف رئيس الجمهورية ميشال عون الذي حمل رسالة واضحة إلى الحريري، وكأن الهدف من إطلاق هذه المواقف قطع الطريق أمام كل مبادرة لا تؤمن رؤية العهد في تشكيلة متوازنة يختار هو وزراءها المسيحيين وحقائبهم وتتضمن الثلث المعطل.
وتتجه الأنظار في هذين اليومين إلى طريق بعبدا – بكركي حيث من المتوقع حصول تواصل أو لقاء بين الرئيس عون والبطريرك الراعي لمناسبة الجمعة العظيمة أو عيد الفصح يكون مناسبة لاستعراض الاتصالات الآيلة إلى تشكيل الحكومة بعد زيارة الحريري إلى الصرح البطريركي. واستبق البطريرك الماروني هذا التواصل بإعادة تأكيد موقفه أنه “ليس مع استقالة رئيس الجمهورية”، معتبرا أن “هناك آلية في الدستور لذلك ترتكز على الخيانة الوطنية”، وجدد دعوته في لقاء مع مجموعات من الثورة “إلى مؤتمر لحماية لبنان من الموت النهائي”، كاشفا عن تلقيه دعوة رسمية لزيارة الإمارات، ومعلنا أن غالبية السفراء العرب الذين التقاهم يؤيدون الحياد.
وكان الراعي أوفد إلى الرئيس بري الوزير السابق سجعان قزي ومدير مكتب الإعلام في الصرح البطريركي في بكركي وليد غياض اللذين نقلا إليه تحيات البطريرك وأطلعاه “على الجهود التي يبذلها لإنقاذ لبنان على المدى القريب من أجل الوصول إلى حكومة ترضي الرأي العام اللبناني والمجتمعين العربي والدولي”. وقال الوزير قزي “اطلعنا من دولة الرئيس نبيه بري على الجهود التي يبذلها هو أيضا بالتواصل مع غبطة البطريرك والقيادات الوطنية للخروج من الأزمة الحكومية المستعصية حتى الآن”. وأضاف “أظن أن تكافل الجهود بين كل مرجعيات الخير والمرجعيات الوطنية في هذا البلد يمكن أن تؤدي إلى الخروج من هذا المأزق، وكما يقول غبطته دائما إذا صفت النيات، وفي جلسة وجدانية لرئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف لتأليف حكومة طال انتظارها”.
وعلمت “القدس العربي” أن الوفد “أطلع الرئيس بري على مبادرة البطريرك حول حياد لبنان والدعوة إلى مؤتمر دولي، واستمع منه إلى مبادرته لتسهيل تأليف الحكومة، وكان هناك توافق على النظرة إلى تشكيل حكومة اختصاصيين ومن دون ثلث معطل لأي طرف”.
وأعقب هذا اللقاء استقبال بري رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الذي وضع رئيس المجلس في أجواء ونتائج زيارته لموسكو عشية إطلالة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عصر الأربعاء. في وقت برزت حركة للسفير المصري ياسر علوي على عدد من الأطراف بينها الرئيس بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بعد سلسلة زيارات قام بها السفير السعودي وليد البخاري.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان تحدث إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والرئيس المكلف مستنكرا بحسب بيان الخارجية الفرنسية “الجمود الكامل منذ أشهر في المناقشات الهادفة إلى تشكيل حكومة في لبنان، حتى مع استمرار البلاد في الغرق في أزمة اقتصادية واجتماعية وإنسانية وسياسية كبرى يدفع الشعب اللبناني ثمنها كل يوم وتضع البلاد في ظل توتر خطير وغير ضروري”. وذكر بأن “القوى السياسية اللبنانية ككل تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا المأزق”، ومشيرا إلى أن “التعطيل المتعمد لأي احتمال للخروج من الأزمة يجب أن يتوقف فورا، ولا سيما من جانب بعض الفاعلين في النظام السياسي اللبناني، من خلال مطالب متهورة ومن زمن آخر”.