في أعقاب فشل المفاوضات الثلاث بين السودان ومصر وإثيوبيا في كينشاسا حول سد النهضة، ارتفع الحديث عن تدخل عسكري للقاهرة والخرطوم لتدمير السد. ويبقى هذا مجرد حديث وكل مغامرة عسكرية مآلها الفشل ونشر فوضى في شرق القارة الافريقية بشكل خطير للغاية، من دون تحقيق الهدف المنشود.
وتدرس مصر والسودان نوعية الرد على قرار إثيوبيا ملء سد النهضة، وبدأت تصدر تصريحات تهديد عسكرية، بل تواترت من عسكريين مثل الرئيس الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي هدد بتحويل المنطقة إلى برميل بارود، إذا تضررت مصر في نقطة ماء واحدة، والسياسي المدني حمدين صباحي، الذي دعا إلى تعبئة الشعب المصري استعدادا لمواجهة إثيوبيا، وانضمت السودان عبر رئيسها العسكري برهان إلى جوقة التهديد بالحرب.
والتلويح بالحرب شعار يتم التهديد به منذ سنوات ضد سد النهضة ولم يقع. وبدأ يتحول إلى ما يشبه الحديث عن الحرب الأمريكية ضد إيران، وهي الحرب التي كان يتكهن بها خبراء وإعلاميون وسياسيون، بينما في الواقع لم تتجاوز التصريحات الإعلامية، لأن كل المؤشرات العسكرية والجيوسياسية تشير ومنذ سنوات عديدة إلى استحالة وقوع هذه الحرب، وسبق لي أن كتبت مقالا في «القدس العربي» في هذا الشأن بعنوان «واشنطن لن تشن حربا ضد إيران لا الآن ولا مستقبلا» في 27 فبراير 2017. وعلى الرغم من التصريحات والمناورات الحربية الجوية بين مصر والسودان منذ أسبوعين، تبقى فرضية الحرب مستبعدة. مستبعدة على الرغم من أنه يوجد سبب رئيسي، بل مشروع لشن الحرب، لأن مصر المستقبل ستتضرر من تراجع منسوب جريان النيل، بشكل لم يسبق في تاريخها منذ القدم. فقد استفادت مصر من مياه النيل منذ ظهورها ككيان عبر التاريخ، والآن مصر المستقبل مهددة بفقدان شريان الحياة هذا، وعليه، هذا الملف الشائك يتجاوز النظام الحالي، هل سيربح نظام السيسي سياسيا أم سيخسر؟ ستربح المعارضة أم لا؟ ويبقى الأساسي هو إلى أي حد، في حالة تنفيذ إثيوبيا لمخططاتها بشأن النيل، ستتغير مصر بنيويا في المستقبل، نتحدث عن أجيال وأجيال.. إنه ملف ينظر إليه بمعايير طويلة المدى نظرا لضرره الأبدي المرتقب. ومن دون التقليل من قوة الجيش المصري والسوداني، في حرب مثل التي ترغب مصر في تنفيذها ضد سد النهضة، لا تنفع تقارير المؤسسات التي تقارن القوة العسكرية للدول، بل تنفع معايير أخرى، لأنه لا توجد حدود مشتركة بين مصر وإثيوبيا، وحتى في حالة دخول السودان الحرب، فالبلدان يفتقدان لميزة الإنزالات العسكرية الضخمة لتنفيذ عمل حربي ضخم.
التلويح بالحرب شعار يتم التهديد به منذ سنوات ضد سد النهضة ولم ينفذ.. ويشبه الحديث عن الحرب الأمريكية ضد إيران
*في المقام الأول، هل تتوفر مصر على اللحمة الوطنية التي تتجاوز مفهوم الوحدة كلاسيكيا؟ منذ نجاح الثورة المضادة، ارتفع العنف في مصر بشكل مرعب، عشرات الآلاف من الضحايا والمعتقلين، وسيادة أجواء الخوف في كل المؤسسات، وهذا يجعل اللحمة الوطنية ضعيفة للغاية، وغالبا ما يؤدي انخراط دولة هشة في لحمتها الوطنية في الحروب إلى الخسارة ومزيد من التفكك. والأمثلة واضحة، فقد تسبب الرئيس العراقي في أجواء الرعب، وجعل الشعب العراقي مفككا ويعيش المآسي بعد حرب 2003. ويوجد المثال الأرجنتيني، وكيف انهزمت الأرجنتين في مواجهة بريطانيا خلال حرب المالوين سنة 1982 والتي كانت تعيش تمزقا وديكتاتورية مرعبة. إن فاتورة الرعب التي تمارسها الأنظمة تسبب في فاتورة تاريخية، وهي التفكك لأن العنف يكون موجها ضد أبناء الشعب وليس ضد الخارج لحماية الأمن القومي للبلاد.
*في المقام الثاني، كانت مصر تتسلح لمواجهة مع إسرائيل، العدو التاريخي قبل توقيع السلام، لأن إسرائيل كانت مصدر الخطر، فقد نشبت بين الطرفين حروب متعددة. وكان مصدر الخطر الآخر هو فقدان مصر لحصتها من مياه النيل، منذ بدء حديث إثيوبيا عن بناء السد في الخمسينيات، وانتقلت إلى التنفيذ نصف قرن لاحقا. وتراجع خطر إسرائيل خلال الـ30 سنة الأخيرة، ولم يحضر تهديد فقدان حصة النيل، لأن إثيوبيا تأخرت كثيرا في تنفيذ مشروعها القومي، ولهذا بقيت مصر من دون تحديث أجندتها العسكرية الدقيقة، باستثناء توظيف الجيش في مواجهة الإرهاب الداخلي، كما يحدث الآن في سيناء. لم تمتلك قيادة البلاد رؤية عسكرية بعيدة المدى، وهنا تختلف الدول الكبرى ذات المؤسسات الصلبة ومراكز التفكير عن الدول الهشة. وعلاوة على هذا، كانت مصر مكبلة بالسلام الموقع مع إسرائيل، وحرمت اتفاقية السلام مصر من تطوير الأسلحة الاستراتيجية، وهي الصواريخ الباليستية، وعليه، لماذا لن تنجح الحرب المصرية ضد إثيوبيا في تدمير السد؟
على الرغم من احتلال مصر مرتبة متقدمة في الترتيب العالمي للجيوش، فهي تمتلك جيشا كلاسيكيا لخوض حرب كلاسيكية، ولا تمتلك أسلحة حاسمة لضرب مصادر الخطر البعيدة جغرافيا، مثل حالة سد النهضة الإثيوبي. ومع استحضار خطر انهيار السد، وما قد يسببه من فيضان جارف مثل تسونامي، وهو ما يزيد من صعوبة تنفيذ ضربة ضد السد، فاستهداف سد النهضة لتوقيفه عن العمل يتطلب طريقتين وهما: استعمال طائرات مقنبلة تنفذ مئات الطلعات أو مئات الصواريخ الباليستية الدقيقة لضرب بنية السد. ولا تمتلك مصر طائرات مقنبلة، فهي مقتصرة على دولتين أساسا، وهما الولايات المتحدة بمقنبلاتها الشهيرة من عائلة (بي) مثل بي 52، وروسيا بمقنبلاتها من عائلة (تو) مثل تو 95 أو تو 160. ولا تستطيع الطائرات المقاتلة التي لدى مصر من أف 16 الأمريكية ورافال فرنسية وسوخوي 35 الروسية من تنفيذ هذه العمليات. وعلاقة بالصواريخ، لم تعمل القيادة العسكرية المصرية على تطوير صناعة صواريخ دقيقة، خشية الضغط الغربي والعقوبات، خوفا على الأمن القومي الإسرائيلي. بينما دول مثل إيران أدركت كيف تحولت الصواريخ إلى سلاح حاسم، ولهذا راهنت على تطوير منظومة صواريخ رادعة تحميها من أي هجوم أمريكي، بل غربي على شاكلة ما تعرض له العراق.
وقد تنفجر الحرب السودانية – المصرية ضد إثيوبيا، ولكنها ستبقى بدون تحقيق الهدف الرئيسي الذي هو تدمير السد، لهذا ستكون مغامرة عسكرية بدون معنى.
كاتب مغربي من أسرة «القدس العربي»
ولن يقع!
هناك دفاعات جوية صهيونية تحمي السد!! ولا حول ولا قوة الا بالله
ربما لا يمكن تدمير السد كحاجزضخم للمياه …..ولكن يمكن الحاق ضرر بالغ بمنشات توليد الطاقة و هي غالية الكلفة ودون استخدام الطيران ….وبالتالي منع استفادة اثيوبيا منه حتى التوصل إلى اتفاق
صدقت، فالجيوش العربية مهمتها حماية الكرسي من الشعوب المظلومة.والقوم باعوا النيل مجانا نظير الحلف على شاشات التلفزيون. إنهم أسود على المواطنين المقهورين نعام أمام الأعداء، وما زالت الجعبة تحمل الكثير منالهزائم في ظلال الحكم العسكري الفاشل!
استفزاز إثيوبيا بالماضي تسبب بتحجيمها لحدودها الحالية فطردتها إريتيريا من أراضيها بدعم دولي ولم يعد لإثيوبيا شواطيء على البحر الأحمر، والآن يتراكم استفزاز إثيوبيا وسيقود لتكاتف دولي لتحجيم أكثر لها بإبعادها عن حدود السودان بعمق 100كم وطول 500كم وإعادة تلك المناطق لشعوب أصلية وقصر إنفاق ثروة المناطق لتحسين عيش مواطنيها وحصر إثيوبيا بالوسط منزوعة سلاح وتدويل منطقة سد النهضة ومحيطه بنصف قطر 15كم حول السد وفرض إدارة دولية فنية لملء وتشغيل السد بعضوية كل دول المجرى والمصب بما يحفظ حقوق جميع الأطراف
تهديدات و شطحات الجنرال بلحة…مجرد ذر للرماد في العيون…لأنه أجبن من أن يُقدم على مغامرة أكبر منه و من حجمه الذي يعرفه الجميع….كل خرجاته تُعتبر كلام ليل يمحوه النهار… عاش من عرف قدر نفسه…!! و شكرا
مصر تراكم فقط الأسلحة، ولا تنفها وقت الشدة، الجيش المصري موجه لقمع من يطالب بالحرية. وخسرت مصر مع نظام يدعي الوطنية.
سد النهضة استثمرت فيه الدول الغربية المليارات والنظام المصري يعلم ذلك فالتمويل والتروبينات كلها غربية من شركات سيمنز الألمانية وآلستوم الفرنسية وكلها تم شراؤها بالدين والتقسيط المريح لإثيوبيا وبالتالي ليس للمصريين إلا التضرع إلى الله كي تمطر عليهم السماء مباشرة وبدون الحاجة إلى إثيوبيا وما يأتي من النيل من مياه فهو خير وبركة ومافي لزوم للعنتريات والتهديد والوعيد.
اذا ما انسدت كافة ابواب الحل السلمي لموضوع سد النهضة واضطرت كل نجمن مصر والسودان لضرب سد النهضة ،، لا يجب ان يغيب عن البال. ان سدود السودان ستكون اهدافا لاثيوبيا. كم ان السد العالي المصري لن يكون بعيدا عن اية عمليات رد انتقامية من اثيوبيا ، وما تحتاجه اثيوبيا هو صواريخ باليستية دقيقة ،، تأتي من اين ،،،