الرباط ـ «القدس العربي»: عكس باقي الشباب، اختار المطرب والملحن المغربي منير الغنيمي طريقا صعبا في الموسيقى، وهو طريق الطرب والموسيقى الأصيلة. غنى لكل رواد الأغنية الطربية المغاربة والعرب، أدى أحسن المقطوعات بصوته الذي يستمد بحثه من جيل تميز في العطاء.
لم يتوقف عند حدود استعادة أغاني الرواد، بل خط لنفسه طريقا خاصا، من خلال إطلاقه لمجموعة من الأغاني التي تعامل فيها مع ملحنين وشعراء مغاربة. كما أنه تمكن من الإطلالة على شرفة الأغنية الشبابية، وأنجز أعمالا كملحن لعدد من الفنانين العرب في الخليج والعراق ومصر ولبنان.
التقته «القدس العربي» وسألته عن الحال والأحوال وعن واقع الأغنية الطربية ومزاحمة الأغنية الشبابية لها، وعن ظروف جائحة فيروس كورونا، فكان هذا الحوار:
■ قبل كل شيء، نسألك عن أحوالك الفنية بعد كل هذه المدة الزمنية القاسية في ظل جائحة فيروس كورونا؟
□ أولا، لي الشرف أن ألتقي مع عموم جمهور الموسيقى والفن في العالم العربي بعد هذا الغياب الطويل، من خلال شرفة جريدة «القدس العربي».
أما بخصوص السؤال، فكما يعرف الجميع وفي هذه الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد، فإن أغلب الفنانين في حالة عطالة، وتوقف عن الممارسة الفنية واللقاء بالجمهور، وهذا حال الجميع. اللهم إلا بعض الانشغالات الإبداعية الجانبية والمشاركة في بعض الأعمال التوعوية باللحن والكلمة وحتى الأداء.
■ هل من جديد في الطريق الى جمهور الأغنية الأصيلة؟
□ خلال هذه الفترة، تمكنت من اغتنام الفرصة للاشتغال على أعمال جديدة برفقة كتاب كلمات وملحنين مغاربة، من أجل إخراج مجموعة من الأغاني الطربية قريبا إن شاء الله.
كما أنني أواظب حاليا على إخراج مشروع قديم جديد، راودني منذ مدة وحالت دون خروجه ظروف الجائحة، وهو مشروع متعلق بإعادة أعمال مغاربية خالدة في ألبوم غنائي سيكون بمثابة هدية للمجهور المغاربي.
■ أنت واحد من الأصوات الغنائية التي اختارت طريق الأصالة ولم تركب موجة الأغاني الحالية التي فيها الغث والسمين، كيف تجد نفسك وأنت محاصر بكل هذا الفيض من أغاني السوق؟
□ أولا، هي مسألة اختيار، ثانيا هي قناعة راسخة لدي منذ أن بدأت مسيرتي الفنية، حيث اخترت طريق الطرب والأصالة والحفاظ على موروثنا بتطويره والإبداع من داخله.
كما أنني مؤمن أشد الإيمان، بأن لا شيء يعلو فوق الفن الراقي سواء من جهة الكلمات أو اللحن أو الاداء، وأعتبر تشبثي بالأغنية الطربية بمثابة وعد قطعته لمدرستنا الموسيقية الأصيلة وروادها الذين أخذت منهم المشعل إلى جانب عدد من زملائي الفنانين الأخرين.
فتشبثي بالطرب لم يمنعني من التعامل مع الأغنية الشبابية مطلقا، فقد قمت بتلحين عدد من الأغاني لمطربين مغاربة وعرب، ومن فنانين في العراق ومصر والخليج العربي ولبنان، وهذه الأعمال تتوافق جميعها حول قناعتي بإشعاع الفن الراقي، لذلك لا ضرر في الأغنية الشبابية إذا كانت بمقومات فنية وإبداعية مضبوطة وجيدة.
■ يوما بعد يوم، تتراجع الأغنية الطربية بل كل ما هو جيد وأصيل ينزوي في الظل، في رأيك كيف يبدو الأفق؟
□ التراجع حاصل على مستوى المواكبة الإعلامية وخاصة التلفزيون والإذاعة، كما باقي المنابر أصبحت تخصص حيزا كبيرا للنجوم الشباب بهدف الوصول إلى قراء أكثر، لكنني أشدد التأكيد هنا على أن الأغنية الطربية هي الأصل وهي المعيار وهي الأفق أيضا.
وهنا أشير إلى أغلب المسابقات الغنائية في العالم العربي، تكون فيها قدرة المتسابق على أداء أغنية طربية هو الحاسم في تأهله أو فوزه، لكن مع الأسف بمجرد نيل المتسابق الجائزة الاولى بأغنية طربية، يتوجه مباشرة إلى ما يطلبه السوق، لذلك العيب ليس في النوع الموسيقي بل في اختيارات الشباب.
■ بصراحة، ما هو تقييمك لتجربة الأغنية الشبابية في المغرب بكل أنواعها وأصنافها؟
□ الحقيقة أنها تجربة ناجحة لحد الآن على الصعيد العربي خاصة، حيث نلاحظ أن الأغنية الشبابية المغربية استطاعت أن تشجع مجموعة من الأصوات العربية البارزة لخوض غمار الغناء باللهجة المغربية، وهو ما لم يكن ممكنا قبل هذه الفترة باستثناء بعض النماذج السابقة وهي قليلة، بينما اليوم نشهد تنامي اهتمام الفنانين العرب بالأغنية المغربية.
وحتى لا نكون منتقدين لمجرد الانتقاد، فهناك عينات قليلة لبعض الأغاني الهابطة فنيا والساقطة من حيث كلماتها، لكن في الغالب الأعم الأغنية الشبابية استطاعت أن تجد لها مكانا بارزا في المشهد الموسيقي، ليس المغربي فقط بل العربي والعالمي أيضا.
■ كنت قد أعلنت في وقت سابق عن مشروع موسيقي غنائي مغربي اسباني، أين وصل الآن؟
□ تقصد أغنية «las jemelaas» كانت تجربة ناجحة جدا، ولقيت انتشارا واسعا في إسبانيا، حفزتني على خوض تجربة جديدة أفكر في صيغتها قريبا.