المعارضة الموريتانية تنتقد نظام الرئيس الغزواني وتدعو لإرساء إجماع عبر الحوار

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط- “القدس العربي”: يبدو أن المعارضة الموريتانية بدأت تنهي مهادنتها لنظام الرئيس محمد ولد الغزواني بعد ستة عشر شهرا من التغاضي عن سياساته، وهو موقف دفع له تساهل الرئيس الغزواني في تغيير سياسات سلفه، مضافا لعودة سلفه محمد ولد عبد العزيز للساحة السياسية “منقذا”، حسب قوله في خرجاته الإعلامية الأخيرة.

فقد أصدرت أحزاب المعارضة الأربعة الكبرى في موريتانيا، وهي أحزاب اتحاد قوى التقدم، وتكتل القوى الديمقراطية، والتناوب الديمقراطي، والصواب، التي هادنت نظام الرئيس الغزواني منذ وصوله للحكم، أصدرت أمس بيانا انتقدت فيه الأوضاع، مؤكدة أن “موريتانيا في أمسّ الحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى إرساء إجماع وطني حول نهج الإصلاح والعدالة الاجتماعية، والتصدي للمفسدين ولكل من تسول له نفسه المساس بوحدة البلد وأمنه واستقراره”.

وأضاف البيان: “إنّ البلد يُعاني من مشاكل جمّة، ويُواجه تحديات جساما، أدّت إلى ظروف بالغة الخطورة قد تعرض بلادنا لأحد احتمالين: فإمّا أن يتمكّن أعداء التغيير والقطيعة مع العشرية المشؤومة من إعادة موريتانيا إلى المربع الأول، وإمّا أن يُزّج بموريتانيا في أُتون الفوضى وعدم الاستقرار؛ ولا أدلّ على ذلك من المحاولات اليائسة التي خرج بها رأس الفساد مُؤخرا، لتضليل الرأي العام وتزييف الحقائق، مبرزا نفسه في دور “القائد المُنقذ”.

وتابع: “ويتطلّب التصدّي لهذه المشاكل والتحديات، قبل كل شيء، الابتعاد كل الابتعاد، عن أساليب وممارسات السلطة السابقة، وإزاحة كل من كان له ضلع في مزاولة تلك الأساليب والممارسات المدمّرة، التي لا زالت قائمة ولا يزال يُعاد، بوتيرة متسارعة، تجديد الثقة في أصحابها”.

وأضافت الأحزاب المعارضة الكبرى: “إننّا في الوقت الذي نتطلّع فيه للمراحل القادمة من الإعداد للحوار الوطني المرتقب، بعد أن أنهت منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان اتصالاتها بالقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، لنحثُّ الحكومة على التعجيل بتبنّي قواعد الحكم الرشيد والشفافية في إدارة الشأن العام، والعمل على إيجاد حلول ملائمة وعاجلة لما يُعانيه المواطن من مشاكل يومية تُثقل كاهله، مشاكل فاقمتها جائحة كوفيد 19، وزاد من وطأتها صيام شهر رمضان”.

وفي نفس السياق، دعا المجلس الوطني لحزب اتحاد قوى التقدم المعارض “لمواصلة الجهود من أجل انطلاق حوار شامل، يفضي إلى بلورة إجماع وطني حول حلول ناجعة لأهم التحديات التي تعترض التطور الاقتصادي والاجتماعي وترسيخ الديمقراطية في البلاد”.

وانتقد رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود، سياسات الرئيس الغزواني مؤكدا في مداخلة أمام المجلس الوطني للحزب “أن حكامة السلطات الراهنة حكامة سيئة وغير شفافية”.

وأشار إلى أنه “بدون أن يكون هناك إصلاح في الحكامة لن يتم علاج المشاكل التي تمر بها موريتانيا”.

وأضاف: “موريتانيا اليوم توجد في مفترق طرق، إما أن تأخذ طريق الإصلاح أو يتواصل التلاعب بالمواطنين، والذهاب بالبلد لمستقنع يصعب أن يخرج منه”.

وتابع: “القضية ليست قضية موارد، يجب أن تكون هناك حكامة رشيدة ويتم تسيير الموجود من الموارد بشفافية ويحصل الإنصاف والعدالة”.

وقد شغل هذا الموقف الجديد الذي عبرت عنه المعارضة الموريتانية عالم المدونين الموريتانيين المغرمين بمتابعة الشأن السياسي، كيث أكد الإعلامي البارز محمد المنى في أبرز تعليق على بيان المعارضة “أنه من التوهم اعتقاد أن سكوت قادة المعارضة طوال ستة عشر شهراً الماضية دليلُ رضاً عن السياسات والممارسات العمومية أو هو صك قبول موقَّع على بياض لسلطة الحكم القائمة”.

وأضاف المدون: “فهؤلاء القادة المعارضون الذين دخلوا السجون وذاقوا صنوف الظلم والتضييق والتزوير والاستهداف طوال عقود متتالية، والذين وقفوا في وجه رؤساء مستبدين طالما استخدموا آلة الدولة ضد خصومهم بلا رأفة ولا رحمة، لا يمكن شراء صمتهم بسهولة وبأي ثمن، لكنهم أرادوا للبلاد أن تلتقط أنفاسَها بعد عقود من مناخات التوتر والشد والجذب والمواجهة، وأن يساهموا في تهدئة الحياة السياسية وتطبيعها، كي يتيحوا بذلك للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني فرصة تنفيذ ولو الربع فقط مما وعد به خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة مانحيه بذلك فرصةً لم تتوفر لمَن سبقه من الرؤساء الآخرين”.

وقال: “هل يستغل الرئيس الغزواني هذه الأجواء الإيجابية ويعلنها حرباً حقيقية ضد الفساد والمفسدين، العدو الأول للتنمية والتقدم والتطور، ويبدأ في استعادة عقود من التنمية الضائعة والفرص المهْدَرة، أم يكرر سيرة أسلافه من الرؤساء العسكريين المتعاقبين الذين انشغلوا بإدارة صراعات السلطة مع رفاقهم، وظلوا في شغل شاغلين عن ساحات البناء والتنمية والتطوير؟”.

وتساءل المدون: “ما الذي يستطيع فعله الآن هؤلاء الذين كانت نتائجهم ضعيفةً للغاية في انتخابات الرئاسة السابقة؟”. قائلا: “الجواب هو أن مثل تلك النتائج ليست مقياساً دقيقاً لقوة أي مكون سياسي في بلد تشرف فيه الإدارة المحلية على الانتخابات ويقوم فيه زعماء العشائر بملء صناديق الاقتراع لصالح مرشح السلطة، مع العلم أن هذه السلطة رغم كل ما بذلته من جهود وما استخدمته من وسائل لم تستطع في الانتخابات الأخيرة أن تتجاوز بمرشحها عتَبةَ الخمسين في المئة إلا بالقليل جداً، وهو مؤشر على وجود وعي متزايد في المجتمع بضرورة القطع مع البدعة الدخيلة على النظام الديمقراطي، وهي «مرشح الدولة» الذي لا مجال لمحاسبته أو معاقبته انتخابياً طالما أن «الدولة» تحميه وتضمن فوزه من خلال الصناديق المحشية والمحاضر المزورة”.

وأضاف المدون محمد المنى: “ها قد جاء بيان الأحزاب الأربعة اليوم ليؤكد أن صمت المعارضة ليس أبدياً، وأنه لا منجاة للرئيس الغزواني من الانتقادات السياسية ومن المحاسبة الانتخابية إلا بإنجازات تبدأ بوضع حد للفساد والمحسوبية وما يحدثانه من هدر ونزيف متواصلين، وبإنهاء البؤس الاجتماعي المتزايد اتساعاً وتعمقاً، وتحريك عجلة التنمية الاقتصادية المتعطلة بسبب تضافر الفساد والفشل وغياب الرؤى والأفكار الاستراتيجية”.

وقال: “من هنا فقط تكون البداية الصحيحة للانتقال الضروري بالبلاد، في أجواء هادئة ومواتية جداً، نحو آفاق جديدة يكللها الجد والوضوح والتفاؤل والتفاهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية