ماذا لو كان للكلمات رائحة ولون وطعم تكشف لنا عن جوهر الشيء وتفاصيله المعقدة، بطريقة تنقذنا من موقف محرج أو تدلنا على الخيار الصحيح بلا تفكير، فتجعلنا أكثر دقة ونباهة، وتحولنا إلى كائنات أخرى غريبة عن عالمنا، نضحك بخفة، ونبكي بشدة، ونتذوق الأطباق على عجالة. هذا تخيلٌ رهيبٌ جدًا، لكنه ليس مجرد فكرة، إنه سؤال.
حسناً، سواء أكنت في البحرين أو في كندا أو في بريطانيا، فإن تفاعلك مع الكلمات وتعابير وجهك وشعورك المتفاوت سيكون واحدا، ولست أنت فقط بل من سيقرأ معك هذه الحروف هذه اللحظة أو حتى بعد مئة عام.. كيف ذلك؟
تشير نظرية التعبير عن العواطف، التي وضعها داروين، إلى وجود عدد منفصل من المشاعر الأساسية التي نستمد منها جميع المشاعر والأحاسيس، فعلى سبيل المثال، فإن عاطفة الفرح تنبثق منها السعادة والضحك والعطاء، ما يعني أن العواطف مستمدة من هيكل بيولوجي موحد يتقاسمه جميع البشر. كذلك، في دراسة نُشرت في ديسمبر/كانون الأول 2020 في مجلة «Nature» على عالمية التعابير الانفعالية البشرية (العاكسة للمشاعر)، استخدم فيها الباحثون تقنية «الشبكة العصبية العميقة» لتحليل تعابير وجوه 6 ملايين شخص، من خلال مقطع فيديو تم تحميله علىYouTubeمن مختلف دول العالم، كشفت نتائجها عن مدى تشابه الأشخاص في كيفية التعبير عن مشاعرهم، على الرغم من تنوع الأفكار والرؤى بينهم، لكن رأي اللغة مختلفٌ جداً.
يخبرنا الباحثون اللغويون، أنه يوجد آلاف الكلمات التي تصف المشاعر في جميع اللغات، لكنها تتباين تبايناً شاسعا كلما ازداد البعد الجغرافي بين المناطق، والعكس صحيح، فكلمة مفاجأة تعني الدهشة في العربية، لكنها بلغة شعوب شرق آسيا تعني الخوف. وبالرجوع إلى حل هذا اللغز الشائك بين العواطف واللغة، يرى تشومسكي أن القدرة اللغوية هي أمر فطري يوجد لدى الإنسان منذ الولادة، فهي تنمو من خلال التفاعل مع البيئة اللغوية المحيطة في مرحلة الطفولة، عن طريق تكوين قواعد اللغة الأم، على مراحل تصاعدية، حتى تصل لمستوى الاكتمال والثبات. تلك هي الكلمة تحمل أناقتها الخاصة، كما هي تعابير الوجه التي تنقلنا من ضفة إلى أخرى، دون أن نتكلم، عبر ضفاف المحبة والإنسانية الحقة.
كاتبة وإعلامية من البحرين