غزة ـ «القدس العربي»: أجريت على مدار الساعات الأربع والعشرون الماضية اتصالات بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، لبحث وقف التصعيد وإنهاء حالة التوتر الميدانية التي جاءت عقب شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة جوية هي الأولى منذ انتهاء الحرب على جنوب القطاع في أواخر اب/ اغسطس الماضي، بعد سقوط صاروخ أطلق على النقب الغربي. وقالت إسرائيل التي أعلنت إبلاغها عن طريق الوسيط المصري عدم رغبة حركة حماس بالتصعيد، أن فصيلا صغيرا هو من أطلق الصاروخ الذي فجر حالة التوتر هذه.
وحسب المعلومات فإن حماس في قطاع غزة أجرت اتصالات مكثفة مع الفصائل الفلسطينية العاملة، في مسعى لوقف التصعيد، وتفويت أي فرصة على الاحتلال لشن عدوان جديد.
جاء ذلك بعد أن شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية فجر السبت غارة هي الأولى على قطاع غزة منذ انتهاء الحرب الأخير «الجرف الصامد» قبل أربعة أشهر، ردا حسب ما أعلن الاحتلال على إطلاق مسلحين من غزة صاروخ على جنوب إسرائيل.
ووفق ما ذكرت القناة الإسرائيلية العاشرة فأن حماس أبلغت إسرائيل عبر الوسيط المصري أنها «لا ترغب بالتصعيد على جبهة غزة وأنها لم تقف وراء إطلاق الصواريخ»، وقدمت حسب ما ذكر وعد بملاحقة مطلقي الصاروخ. وأشارت القناة إلى أن حماس أوضحت أن فصيلا صغيرا أطلق الصاروخ بهدف «زعزعة الأمن والاستقرار الذي ترغب فيه الحركة».
وترافق ذلك مع كشف تقارير إسرائيلية نقلا عن مصادر أمنية بأن تنظيمات صغيرة تعمل في غزة تقف وراء إطلاق الصاروخ.
وفي هذا السياق قال رئيس الهيئة الأمنية والسياسية في وزارة الجيش الإسرائيلية عاموس غلعاد أن حماس «معنية بمواصلة التهدئة مع إسرائيل بسبب وضعها السيء عقب عملية الجرف الصامد» مؤكدا أن عامل الردع «لا يزال قائما في محيط قطاع غزة وعلى الحدود الشمالية». وأضاف «إسرائيل تعمل على دفع أعمال إعادة الاعمار في القطاع، إلا أن الصراعات الداخلية بين قيادة حماس والسلطة الفلسطينية تؤدي إلى تأخير تنفيذ مختلف المشاريع». وقلل في الوقت ذاته من خطر تنظيم «الدولة الإسلامية» على إسرائيل، وقال «هذا التنظيم لا يوجه نشاطه في المرحلة الراهنة ضد إسرائيل». وتفيد معلومات إلا أن الوسيط المصري أجرى اتصالات بين الطرفين، في مسعى لإعادة حالة الهدوء مجددا.
يشار إلى أن هناك تهدئة أرسيت قبل أربعة أشهر بوساطة مصرية، وأنهت أعنف حرب شنتها إسرائيل ضد غزة، ودامت 51 يوما، أدت إلى استشهاد نحو 2200 فلسطيني، وجرح أكثر من 11 ألف آخرين، ونصت التهدئة على وقف الهجمات المتبادلة.
لكن رغم الوساطات هذه ظلت حالة التوتر قائمة في القطاع، وأخلت الأجهزة الأمنية مقراتها خشية من استهداف إسرائيلي غادر.
وحلق قبل ذلك فوق أجواء قطاع غزة في ساعات صباح يوم أمس طيران حربي بشكل كثيف، محدثا أصوات عالية، أثارت الخشية من تجدد القتال، وهو على الأرجح دفع قوات الأمن لإخلاء المقرات.
واستهدفت قوات الاحتلال اول من أمس المزارعين القاطنين في المناطق الشرقية لمدينة خان يونس، وتحديدا في بلدة عباسان، حيث أطلقت صوبهم نيران أسلحتها الرشاشة، ما حال دون إكمالهم أعمالهم اليومية والوصول إلى حقولهم.
كذلك هاجمت الزوارق البحرية الإسرائيلية الصيادين خلال عملهم قبالة بحر مدينة غزة، وأجبرتهم على مغادرة البحر، والعودة إلى الشاطئ، رغم عملهم في مساحة الصيد المسوح بها والمقدرة بـ 6 أميال بحرية.
ولم تتسبب هذه الحوادث في وقوع إصابات في صفوف المزارعين أو الصيادين الفلسطينيين.
وكان الطيران الحربي الإسرائيلي قد قصف فجر السبت أرضا خالية في مدينة خانيونس، بعد ساعات من الإعلان عن سقوط صاروخ أطلق من غزة على أحد مناطق النقب الغربي.
وقال بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أن بلاده «لن تقبل بعودة إطلاق الصواريخ تجاه البلدات جنوب إسرائيل». واضاف «أمن إسرائيل يأتي قبل كل شيء آخر»، وأضاف متوعدا «لن أمر مرور الكرام حتى على إطلاق صاروخ واحد على أراضينا».
وأشار إلى أن رد سلاح الجو على إطلاق الصاروخ الأخير، كان باستهداف مصنع إسمنت استخدمته حماس لترميم أنفاق تم ضربها أثناء عملية الجرف الصامد. وحمل نتنياهو حماس المسؤولية عن أي تصعيد، مشددا على أن إسرائيل «ستعمل على حفظ أمن مواطنيها».
أما وزير الجيش موشيه يعلون فقد قال أن إسرائيل «لن تتسامح مع تجدد إطلاق الصواريخ من قطاع غزة تجاه المناطق الإسرائيلية».
وقال في تصريحات صحافية «الهجوم كان رسالة لا لبس فيها لحماس بأنه لن نقبل مجددا ولن نتسامح بالعودة إلى روتين الاستنزاف وإطلاق النار».
وفي غزة قال إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن ما حدث يعد تصعيد، وهو أمر يمثل «تجاوز خطير لاتفاق التهدئة»، وقال في تصريحات تلفزيونية «حماس ستحمي انتصار المقاومة في معركة العصف المأكول».
ودعا هنية، مصر بصفتها الراعي لاتفاق التهدئة، إلى التحرك لوقف انتهاكات الاحتلال.
وكان الناطق باسم حماس سامي أبو زهري حذر الاحتلال من «تكرار هذه الحماقات»، ودعا المجتمع الدولي إلى «تحمل مسؤولياته تجاه العدوان الإسرائيلي».
أشرف الهور