تونس ـ «القدس العربي»: انطلقت في تونس الأحد عملية التصويت في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية داخل البلاد، وسط إقبال متواضع من قبل الناخبين وتسجيل عدد من الحوادث الأمنية من بينها استهداف أحد مراكز الاقتراع، في ظل نفي حزب نداء تونس شائعات حول إحباط مخطط لاغتيال مرشحه الباجي قائد السبسي.
ويختار أكثر من خمسة ملايين ناخب (موزعين بين الداخل والخارج) رئيسا دائما من بين المرشحين الباجي قائد السبسي ومنصف المرزوقي.
وشهدت ساعات الصباح الأولى إقبالا متواضعا من قبل الناخبين حيث لم تتجاوز النسبة 14 بالمئة داخل البلاد، حسب مصادر هيئة الانتخابات التي أكدت أيضا أن نسبة التصويت في الخارج الذي بدأ الجمعة ويستمر حتى نهاية يوم الأحد، لم تتجاوز 16 بالمئة حتى الآن.
وأكد عضو الهيئة نبيل بافون لـ «القدس العربي» تسجيل بعض التجاوزات البسيطة خلال عملية التصويت تتعلق بمحاولة التأثير على الناخبين وخرق الصمت الانتخابي من قبل بعض ممثلي المرشحين، كما أشار أيضا إلى وجود بعض التجاوزات خلال الحملة الانتخابية التي انتهت يوم الجمعة، لكنه أكد بالمقابل أنها لا تُعتبر تجاوزات خطيرة يمكن أن تؤثر سلبا على المسار الانتخابي.
وأضاف «نتمنى أن يستمر هذا الأمر في يوم الاقتراع الذي يتضمن عادة أغلب المخالفات، نحن لدينا وسائل ردع لهذه المخالفات والتصدي لها، لكننا نتمنى من المترشحين الاثنين أن يحترما موعد الصمت الانتخابي وأعتقد أنهما سيكونان برقي الحملة التي واكبت العملية الانتخابية».
وكان قرار الهيئة منع ممثلي المرشحين ومراقبي المنظمات الأهلية من التواجد في ساحة مركز الاقتراع أثار جدلا كبيرا في البلاد، حيث بررت الهيئة هذا القرار بالحيلولة دون «تكرار محاولات التأثير على الناخبين التي تمت خلال الدورة السابقة»، فيما وصفت بعض المنظمات المسؤولة عن مراقبة الانتخابات القرار بأنه «سياسي ويدعو للتشكيك بنزاهة الانتخابات وشفافيتها».
وقال بافون «القرار الجديد يسمح لممثلي المترشحين والمراقبين بالتواجد داخل مكاتب الاقتراع لكنه يمنعهم من التواجد في ساحات مراكز الاقتراع كما في الانتخابات السابقة، وهذا ما أثار الجل حاليا، ولكن مجلس الهيئة الآن بصدد دراسة هذها الأمر حاليا وقد نعيد النظر في هذا القرار».
من جانب آخر، نفت مصادر من حزب نداء تونس ما أُشيع حول إحباط قوات الأمن السبت مخططا لاغتيال المرشح الباجي قائد السبسي، مشيرة إلى أن التواجد الأمني المكثف في محيط منزله بولاية أريانة (شمال) يأتي في إطار طبيعي لحماية مرشحي الرئاسة.
وشهدت البلاد عدة حوادث أمنية، من بينها هجوم على أحد مراكز الاقتراع في ولاية القيروان (وسط) وهو ما أدى إلى إصابة أحد عناصر الأمن بجروح، وإطلاق نار على دورية للحرس الوطني في ولاية سليانة (شمال غرب) من قبل مجهولين.
وتأتي هذه الحوادث بعد يومين من تهديدات أطلقها جهاديون ينتمون لتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش) عبر فيديو نشروه على موقع يوتيوب وتبنوا فيه اغتيال القياديين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وخلال وجوده في أحد مراكز الاقتراع، علّق رئيس الحكومة مهدي جمعة على هذه الحوادث بقوله «نحن مستهدفون منذ بدء العملية الانتخابية (…) لكن الحمد الله فقد تمكنا من إجهاض كل المحاولات بفضل اليقظة والعمليات الاستباقية»، مشددا على أن الرد الأفضل على مثل هذه العمليات يكمن فى الإقبال الكثيف للناخبين على مراكز الاقتراع.
وكان رئيس هيئة الانتخابات شفيق صرصار حذر أيضا من هجمات إرهابية قد تستهدف العملية الانتخابية، مشيرا إلى أن الهيئة «راجعت بالتنسيق مع الجهات الأمنية مكاتب الاقتراع ذات التوقيت الخاص»، في إشارة إلى المراكز في الولايات الحدودية مع الجزائر التي يفترض أن تفتح أبوابها في العاشرة صباحا وتغلق في الثالثة ظهرا بخلاف بقية المراكز في البلاد التي تفتح أبوابها في الثامنة صباحا وتغلقها عند السادسة ليلا.
ويوضح بافون هذا الأمر بقوله «لدينا 10 آلاف وخمسمئة مكتب اقتراع، وقد اتخذنا احتياطات حول 124 منها فقط فيما يتعلق بتوقيت فتح المراكز وإغلاقها، وهذه الاحتياطات مبررة مناخيا وأمنيا، فخلال هذا الشهر تهطل أمطار غزيرة في هذه المناطق وفترة بزوغ الشمس أيضا تكون قليلة، كما أن التوزع الجغرافي للسكان يضطرهم لقطع مسافات طويلة للمشاركة في التصويت، لذلك رأينا أنه من الأفضل أن تتم عملية التصويت في هذه المراكز في وضح النهار، أضف إلى ذلك الوضع الأمني المضطرب في هذه المناطق الحدودية، وبالنسبة لدينا سلامة الناخب هي أهم من أي شيء آخر».
يذكر أن وزارة الدفاع التونسية أعلنت عن تخصيص حوالي 36 ألف عنصر أمن لتأمين العملية الانتخابية بالكامل، فيما أصدرت وزارة الداخلية بيانا أكدت فيه منع توقف السيارات أمام مراكز الاقتراع خلال يوم الأحد «لحسن سير العملية الانتخابية من الناحية التنظيمية»، كما قررت خلية الأزمة المكلفة بمتابعة الوضع الأمني في البلاد إغلاق معبري «رأس الجدير» و «الذهيبة» على الحدود مع ليبيا لمدة أسبوع (باستئناء الحالات المستعجلة والإنسانية) بهدف استكمال المسار الانتخابي بدون أية مشاكل أمنية.
ويمنح القانون هيئة الانتخابات ثلاثة أيام للإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات، ولكن بافون يؤكد أن الهيئة ستعلن عن النتائج يوم الإثنين، مذكّرا المرشحين بضرورة انتظار نتائج الهيئة و «عدم التصريح بما يمكن أن يتوفر لهما من معطيات بخصوص النتائج حتى لا يكون هناك بعض الضوضاء والتشويش على العملية الانتخابية».
حسن سلمان