لندن- “القدس العربي”: في مقال نشرته مجلة “ذي أتلانتك” لكيم غطاس، تساءلت فيه عن السبب الذي يدفع الناشطين العرب للاحتجاج بعد تجربة الربيع العربي الفاشلة. وتقول الكاتبة إن هناك جيلا جديدا من الناشطين العرب والقادة الذي لعبوا دورا في الانتفاضات الفاشلة، تعلموا الدروس من تلك الثورات التي جعلت حلم الديمقراطية بعيدا والديكتاتوريين متمترسين في مواقعهم والحروب التي دمرت دولا بكاملها.
ووسط اليأس والخوف، هناك جيل جديد من المحتجين والناشطين الذي خرجوا إلى الشوارع منذ 2019 في بلدان مثل السودان والعراق ولبنان والجزائر. وتعلم هذا الجيل الجديد درسا مهما، وهو أن الثورات يمكن أن تغير النظام لكنها لا تنشئ الدول. وهم يقومون بتنظيم أنفسهم ودراسة قوانين الانتخابات والتخطيط للدولة التي يريدون بناءها، دولة تخدم المواطنين لا الحكام.
تعلم هذا الجيل الجديد درسا مهما، وهو أن الثورات يمكن أن تغير النظام لكنها لا تنشئ الدول
وتعلموا من نكسات عام 2011 أن ما ينتظرهم أبعد من انتصار سريع في انتخابٍ واحد. ولكنهم يواجهون بالإضافة للتحديات المعروفة التي تواجهها المعارضة والناشطون، عالما يمثل عائقا كبيرا لمن هم في العالم العربي، حيث يتم تصيدهم واحدا بعد الآخر ويطلق عليهم النار في الشوارع أو في بيوتهم ويختفون قسريا أو يرمون في السجون، رجالا ونساء على حد سواء. ويحظى بعضهم باهتمام دولي، أما الآخرون فلا ترد أسماؤهم إلا في الأخبار المحلية.
ففي العالم العربي حتى أفغانستان هناك جيل واعد من الناشطين والمشرفين عليهم ممن لديهم دور في بناء مستقبل بلادهم يُلاحقون ويُسحقون. ولا أحد يعرف كيفية وقف عمليات الإسكات المنظّمة. وينبع كل هذا من ثقافة الحصانة من العقاب التي تنتشر في المنطقة والتي يغض الطرف عنها. والسبب هو اعتقاده أن الاستقرار الذي يقدمه هؤلاء الديكتاتوريين، والقائم على القمع والتعذيب والذي غذى الغضب والتطرف والهجرة. وربما رد قادة الولايات المتحدة وأوروبا متسائلين عن البديل للديكتاتوريين والمستبدين والميليشيات التي تحكم العالم العربي.
وفي معظم الحالات فالخيارات البديلة عن القمع تتعرض للتصفية أو السجن. وفي هذه الحالة لا يوجد بديل تقدمي منظم أو ليبرالي جاهز لأن يتحرك ويملأ الفراغ بعد سقوط الديكتاتوريين. وفي الوقت الذي تعمل فيه إدارة جوزيف بايدن على سياستها في الشرق الأوسط، عليها الالتفات لهؤلاء المحتجين والحركات السياسية الناشئة ليس كجزء من أجندة حقوق الإنسان التي دعمتها الإدارات السابقة ولا من ضمن جهود تغيير الأنظمة أو إثارة ثورات جديدة، لأن الاحتجاجات هذه هي مثل حركات الحقوق المدنية، فهم لا يطالبون بالثورات كما فعل جيل 2011، بل يريدون الإصلاح وإنهاء الفساد والطائفية. وبعبارات أخرى حكم رشيد وحكم القانون والعدالة.
ففي العراق كان الهتاف الذي تردد طوال عام 2019 هو “نريد دولة”. وتشير الكاتبة إلى أنها سافرت في آذار/ مارس 2011 مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى القاهرة بعد سقوط حسني مبارك. وبعد جولة صباحية في ميدان التحرير، التقت بمجموعة الشباب الثوريين الذي أسقطوا مبارك وأنهوا حكمه الذي استمر 30 عاما. وكان اللقاء خاصا، لكن فريقها نقل لاحقا بعضا مما ورد فيه للصحافيين. وسألت كلينتون الشباب عن تحضيراتهم للانتخابات البرلمانية. وأثارت أجوبتهم دهشتها، حيث قالوا لها إنهم ثوريون ولا يتعاملون مع السياسة وأن زخم الثورة سيقودهم للنصر في صناديق الاقتراع. لكنهم خسروا بالطبع أمام الجماعة الأكثر تنظيما “الإخوان المسلمون” ثم الدولة العميقة في انقلاب قاده عبد الفتاح السيسي عام 2013.
سألت كلينتون الشباب عن تحضيراتهم للانتخابات البرلمانية، فقالوا لها إنهم ثوريون ولا يتعاملون مع السياسة وأن زخم الثورة سيقودهم للنصر في صناديق الاقتراع
ولم تثر إجاباتهم دهشة الكاتبة؛ لأن السياسة في العالم العربي هي كلمة قذرة. وتعني أن من يمارس السياسة في الجزائر ومصر والعراق يجب أن يكون من ضمن حاشية الديكتاتور بما يقتضيه ذلك من بناء علاقات مع الأقوياء والإذعان والقبول بالانتهاكات والفساد والمحسوبية وتبنّي شعارات فاسدة عن معارك تترك المواطنين جوعى. وعادة ما يبتعد أصحاب النزاهة عن الحكم، ولا أحد من جيلها أو أصدقائها في لبنان فكّر سابقا بالدخول في السياسة إلا في وقت قريب.
وأشارت إلى حلقة نقاش عقدتها وقفية كارنيغي في آذار/ مارس، وهي زميلة غير مقيمة في المؤسسة، لكنها لم تشارك في تنظيم المناسبة. وجمعت جيلاً من ناشطي 2011 و2019 من مصر وليبيا وسوريا والعراق وتونس والجزائر. وقدّم المشاركون في اللقاء الافتراضي الذي سهلته منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وكلوب هاوس وتويتر بحيث استطاع من واجه المنع المشاركة، عددا من التحديات والدورس من العقد الماضي.
وكان أهم ملمح في النقاش هو البراغماتية والقبول بواقع فشل محاولة تغيير النظام من الخارج. وتقبلوا فكرة الدخول في مضمار السياسة “القذرة” على أمل أن تتلاشى هذه لو دخلوا بأعداد متزايدة. وسيدخلون نظاما زوّر قوانين الانتخابات وتدخل في عملية اختيار المرشحين وفضّل من هم جزء من النظام. وسيشاركون في نظام عادة ما تلغى فيه الانتخابات وتؤجل ويتعرض فيه المرشحون المستقلون للتحرش والقتل.
ويشارك في قتل واغتيال وقمع الناشطين أطراف عدة. ففي العراق ولبنان هناك الميليشيات التي تدعمها إيران والقوى الخارجة عن سيطرة الدولة. ففي أثناء الاحتجاجات العراقية التي بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 قتل حوالي 500 محتج على يد الأجهزة الأمنية والقناصة المقنعون بالأسود. وفي العام الماضي قتل 30 ناشطا وعضوا في جماعات العمل المدني في اغتيالات حُمّلت الميليشيات المدعومة من إيران مسؤوليتها.
وفي لبنان تعود الاغتيالات إلى عام 2005، حيث تم استهداف المفكرين التقدميين والسياسيين والصحافيين الذي كانوا سيشكلون بديلا عن سنوات السيطرة السورية الفاسدة وتحدي دور إيران ووكليها المحلي حزب الله.
وحتى لو أرادت الولايات المتحدة حماية كل ناشط فلن تستطيع عمل هذا في لبنان والعراق. أما في مصر وسوريا فالقمع والتغييب هو من عمل الدولة، ولكن في مناطق خارجة عن سيطرة بشار الأسد تتم تصفية أي شخص يتحدى سيطرة الجماعات الإسلامية المتشددة.
وتحولت مصر إلى جمهورية الخوف في ظل السيسي، وبـ60 ألف سجين سياسي بمن فيهم شخصيات علمانية ومفكرون إسلاميون وصحافيون وبرلمانيون سابقون، رجال ونساء. وتحقيق المحاسبة يحتاج إلى نهج مختلف في كل دولة، ففي العراق ولبنان تظل مستحيلة حتى تستطيع الدولة فرض سلطتها. أما في الدول ذات النظم القضائية الفاسدة فالمحاسبة عبث. ولهذا يلجأ الناشطون إلى الخارج بناء على مبدأ الصلاحية أو الاختصاص العام أو جنسية المتهمين.
حتى لو أرادت الولايات المتحدة حماية كل ناشط فلن تستطيع عمل هذا في لبنان والعراق. أما في مصر وسوريا فالقمع والتغييب هو من عمل الدولة
ومع ذلك تظل هذه الجهود عبثية حتى تعيد واشنطن تأطير مواقفها وأولوياتها في المنطقة وتأخذ بعين الاعتبار مبدأ المحاسبة مع الشركاء والأعداء والتعامل مع الحركات السياسية أو الناشطين على أنها جماعات حقوق مدنية. وستكون إدارة بايدن حذرة من إثارة اضطرابات مثل 2011 في منطقة الشرق الأوسط.
وترى الكاتبة أن هناك مساحة للأمل يحقق من خلالها الناشطون الذين يطالبون بالإصلاح انتصارات في الانتخابات، مثل انتخابات العراق في تشرين الأول/ أكتوبر. وفي لبنان ظهرت عدة حركات معارضة بدأت بالتحضير للانتخابات البرلمانية في العام المقبل. وهم يواجهون تحديات لمواجهة المؤسسة السياسية التي تحاول التمسك بمزاياها وأمراء الحرب وحزب الله، إلا أنها حركة واعدة تعمل على تشكيل جبهة موحدة وبناء “دولة واحدة” من خلال توحيد المعارضة ودعم المرشحين وتعبئة الناخبين.
ويظل السودان من أنجح الأمثلة في احتجاجات عام 2019، وسيعقد انتخابات في الصيف المقبل. ولكن التقدم ليس تاما ومحفوف بالمخاطر. ولكن الحكومة الانتقالية المدنية- العسكرية حققت تقدما من ناحية إلغاء الحكم الإسلامي وفصل الدين عن الدولة وتعيين أول امرأة كوزيرة للعدل.
ما شاهدناه نحن المصريين ان الاخوان المسلمين هم من دافعوا عن الثورة وهم كانو احد اهم اركانها ان لم يكونو قادتها .. وكون انهم جماعة منظمة استطاعت ان تكسب الانتخابات فهذا ميزة لها ونقص عند الاخرين .. كما ان الاخرين من جماعات تدعي انها من بني ليبرال وعلمان ويساريين ويمينيين وناصريين وشيوعيين الخ الخ ..و الذين يتهمون الاخوان بانهم ركبو ثورة يناير .. هؤلاء هم انفسهم من دعموا الانقلاب العسكري وانقلبوا عما كان يعتبر من مبادئهم في الحرية والعدالة والديمقراطية والتي ثبت لاحقا انهم اول اعدائها .. كيدا في جماعة سياسية بخلفية اسلامية كل ذنبها انها استطاعت ان تكسب ثقة الشعب ورأيه الحر .. هذه الجماعة التي تم حرقها وقتلها وسحلها واعتقالها بمساعدة هؤلاء الذين يدعون وصلا بالحرية والعدالة بتحالفهم الاجرامي مع انقلاب عسكري سيساوي بغيض
صدقت يا صعيدي يا أصيل
رد على الاستاذ الصعيدي المصري فعلا هذا ما حدث بالفعل و الكثير حتى الان لا يدرك و لا يستوعب النقطة الفارقة بين مبارك و السيسي و التي ادت الى استمرار مبارك ثلاثين عاما بينما تؤكد استحالة استمرار السيسي و لن اذكرها بالطبع ثم بالفعل تعلمنا الكثير ثم لقد نجحت الثورة المصرية حتى اتت برئيس منتخب انتخابات حقيقية فكسروا الدستور و القانون ليدمروا الثورة بقتل الاف المصريين و بمساعدة مافيا المؤسسة منذ جمال عبدالناصر في الداخل و الخارج الذي لا يقبل بالديمقراطية للمسلمين و خاصة إذا كانت على حدود اسرائيل لانهم لا يريدون مسلمين احرار بل يريدونهم عبيد تحت ديكتاتور عسكري يوافق على نهبهم لبلادنا و يطيع اوامرهم و يحمي اسرائيل كما وعد السيسي في الأمم المتحدة مرتين