أعمال التشكيلي التونسي خليل قويعة: نصوص بصرية تستكشف الطبيعة الإنسانية

خليل قويعة باحث وفنان تشكيلي تونسي، أستاذ الجماليات وعلوم الفن في جامعة صفاقس التونسية، وباحث في جامعة تولوز الفرنسية. من مؤلفاته «تشكيل الرؤية» و«عمارة الرؤية» 2007، «بنية الذائقة وسُلطة النموذج» 2013، «العمل الفني وتحولاته بين النظر والنظرية» 2019، و«مسار التحديث في الفنون التشكيلية، من الأرسومة إلى اللوحة» 2020. والكتاب الأخير فاز منذ أيام بجائزة الشيخ زايد في دورتها الخامسة عشرة.
يرصد قويعة مكامن الجمال في تجاربه المرسومة، كتلك التي يرصدها في تدويناته المكتوبة عبر مشروعه الجمالي الضخم، من كتب وإصدارات في مجال التنظير الفني، ذلك من خلال عشرات الكتب والدراسات والعديد من المعارض والمشاركات بأعماله الفنية منذ منتصف الثمانينيات حتى الآن، يرصد فيها جماليات الجغرافيا والتاريخ للطبيعة البشرية، عبر حفريات جمالية ذات طابع معرفي عميق، يعتمد على الخامات المتعددة في كثير من الأحيان، ويلجأ إلى الأحبار الملونة والرسومات على الورق في أحيان أخرى بالنتائج نفسها تقريبا، مع فارق أن الأولى تصدح بصوت عال، والثانية همس مرهف للنصوص البصرية المرسومة نفسها.

التجربة

تجربته الفنية كأنها عملية تعرية لوحات رسوبية، طيات النفس العميقة، نتاج تفتت وترسب وامتزاج ما تم التقاطه من اليومي المعاش، عبر سنوات طويلة من المعايشة لحياة الناس والتحصيل العلمي والفني والأكاديمي، الذي يرصد في أعماله الفنية مواطن الجمال، في مناطق غاية في الخصوصية كامنة في عالم جغرافيا النفس البشرية، الواعية بكل التحولات الثقافية والاقتصادية والتاريخية الكبرى للمجتمعات العربية التي ما زالت ترزح تحت وطأة التغيرات الكبرى لحلم لم يكتمل بعد.

التقنية

تجربة الفنان بمثابة عملية بحث عن حالة السكون، والحفاظ على الذكريات والأحلام الأجمل كحفريات معرفية في لوحاته ذات معالجات بمعاجين وملامس الرمل والحصى .. مدن بعيدة، أصداف بحرية وأسماك متحجرة، وإشارات إلى اتجاه واحد بأسهم غالبا ما تكون إلى الأمام، دوائر ومربعات، بقايا قصائد حب وأخرى كأنها ملاحم بطولية لشعوب المتوسط، مناظر داخلية لطبيعة البشر المكتظة بالمشاعر الإنسانية النبيلة في حب الوطن والتغني بمحاسنه. مساحات طينية شديدة الاحمرار تتقاسم الألفة مع أخرى زرقاء ترسم فضاء رحباً لتحليق طيور في ترحالها الأبدي نحو الحرية، يتخذ الفنان خليل من أشكالها الجمالية، التي تنتجها ذاكرة الشعوب، ثيمة للانعتاق والتحرر.

نصوص بصرية

حفر في العمق ودراسة جمالية وأركيولوجية لمناطق شمال المتوسط وما مر بها من حضارات متعاقبة، ذلك الباحث الجمالي المتجول في ردهات التاريخ، فنصوصه البصرية ترجمة لأنفاس تلك الشعوب وطموحاتها وما تم وسمه من علامات في ذاكرتها المحكية، والمصورة في مطبوعات كانت قد انتشرت في مجتمعاتنا العربية عامة، والتونسية خاصة، واطلاعه الكبير عما تم إنتاجه في الغرب من حركات طلائعية ومدارس، وما تبعها من دراسات وتنظيرات للفنانين والنقاد، فتحولت كل هذه المعارف إلى فهم تشكيلي وذائقة مبصرة، انعكست في هذه الأعمال الفنية ذات الملامح المعاصرة، أصيلة بمفرداتها المحلية وحديثة في خطابها الفني، ومعالجاتها، وطريقة الأداء عنده التي تضفي جمالا آخر على هذه الأعمال. فالفنان يركز على الجماليات المتفق عليها بشكل غير معلن بين كل التجريديين، وأشكال أخرى تقترب من السرد لقصص أخرى من قاع الذاكرة الإنسانية بأسلوب شخصي.

فنان تشكيلي من ليبيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بلي محمد من المملكة المغربية:

    مرة اخرى يحلق بنا المنبر في سماء تونس العربية الخضراء الجميلة ليعرفنا على وجه من وجوهها المتميزين الدين سحرتهم الريشة فابها يرسمون مايرونه جدير بالرسم سواء كان وردة او زهرة او حصنا اوقلعة او خيمة اوكهفا او قصرا تاريخيا او فرسا ويمكن ان يعبر بريشته عن ما نعيشه اليوم من قضايا متنوعة مضحكة وغير مضحكة فاتحية للمحلل الفني وللفنان التشكيلي

    1. يقول عدنان معيتيق:

      شكرا على مرورك الجميل بلي محمد واهتمامك

إشترك في قائمتنا البريدية