حذرنا من تسونامي سياسي عندما بدأت دول قليلة في اوروبا في دفع العملية السياسية باتجاه اعتراف كلامي باقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967، ورئيس الحكومة ووزراءه من اليمين باضافة حقيقية من اعضاء في الكنيست مصابين بالهذيان، أداروا الظهر للتحذيرات. زعمنا أن علاقات سيئة مع الولايات المتحدة قد تتسبب بأضرار كبيرة لأمن اسرائيل من خلال تبني الامريكيين للموقف الاوروبي. ومرة اخرى أداروا الظهر وضحكوا كما عودونا. وزراء «شجعان» يعتقدون أنه يمكن الطلاق من كل دول العالم والعيش على السيف فقط، وقفوا أمام عدسات التلفاز وهاجموا رؤساء الدول والوزراء الذين حاولوا خلق حوار مع الفلسطينيين. حذرنا من الحساب الذي سيقدم لنا بسبب السياسة الغبية، وها هو الحساب يصل.
البرلمان الاوروبي صوت بأغلبية كبيرة جدا، 498 مع و88 ضد و111 امتنعوا، مع الاعتراف المبدئي باقامة دولة فلسطينية مع استنفاد عملية الحوار بين اسرائيل والفلسطينيين. من يقلل من شأن قرار البرلمان الاوروبي لا يعتبره أمر مهم بل خطوة هامشية وغير ملزمة. من الجدير القول وبشكل حاسم إن تقدير هؤلاء السياسيين الفخورين – لا يوجد فيه أي جديد. ثانيا قرار البرلمان الاوروبي مهم جدا لأنه يحرك ديناميكية سياسية تحمل في طياتها خطر على أمن اسرائيل. من يتجاهل ما حدث لا يجب التعامل معه بجدية.
يمكن الادعاء أن دول اوروبا لاسامية، ومؤيدة للفلسطينيين، ومؤيدة للمسلمين وغير ذلك. حتى وإن كان كل هذا صحيح فمحظور على اسرائيل ترك الساحة السياسية للفلسطينيين واخوانهم المسلمين. إن ما فعلته الحكومة الاسرائيلية الحالية كان اهمال كامل. كل من عينيه في رأسه يرى جيدا كيف أن الخناق الفلسطيني يزداد حولنا. لا يجب أن ندعي اذا ما كان أبو مازن جاهزا أم لا لاتفاق سلام ينهي الصراع بيننا وبين الفلسطينيين. وبالتأكيد هذا ينطبق أكثر على حماس ومنظمات الإرهاب الاخرى التي تعمل في غزة والضفة. اهود باراك، اهود اولمرت، تسيبي لفني وغيرهم يعرفون أنه من غير الممكن الوصول إلى نهاية الصراع، وانما توجد طريق وسط من اجل الحفاظ على العلاقات مع دول العالم. مبادرة سياسية من نتنياهو كان من شأنها تخفيف الضغط على اسرائيل وتجنبها قرار سيء للبرلمان الاوروبي. يمكن القول من اليوم حتى الغد إن هذا القرار لا يوجد له «أسنان»، ومن سيقرر هو المستقبل القريب. والحقيقة هي أن وضع اسرائيل السياسي اليوم أصعب بكثير مما كان عليه قبل بضع سنوات.
إنتبهوا للامور التالية: «من يطلب حق الفيتو لا يستطيع في نفس الوقت مهاجمة وزير الخارجية»، هذه ليست كلمات شخص يساري يكره اسرائيل وخائن، وانما هي كلمات أحد اشخاص المعسكر القومي الذي تعتبر كلمته كلمة: ليبرمان. الآن هو نفذ وعده وكل كلمة من الجملة المقتبسة أعلاه محفورة في الصخر. صحيح أن موقف ليبرمان من اوروبا مختلف، بل وصلف. على وزير الخارجية أن يتذكر أن اسرائيل متعلقة باوروبا من الناحية الاقتصادية أكثر من تعلقها بالولايات المتحدة. والصلف لن يحقق غايته.
توجه الفلسطينيين إلى مجلس الأمن هو دراماتيكي. حتى وإن لم يتم نقاش طلبهم الآن، فانه سيناقش في كانون الثاني عندما تكون اغلبية، وعلى ما يبدو ستكون هذه الاغلبية مع التصويت. لا يجب الاعتماد على أن الولايات المتحدة ستستخدم الفيتو، وحتى إن حدث هذا، فان الديناميكية السياسية قد تؤدي إلى نتائج كارثية لاسرائيل. مسموح القفز في شارع روتشيلد في تل ابيب، مسموح التنكر في عيد المساخر. الألاعيب لن تنطلي على العالم. على مواطني اسرائيل أن لا يركنوا. حكومة اسرائيل تقودنا إلى كارثة وليس إلى أمن.
شيلو روزنبرغ
معاريف 22/12/2014
صحف عبرية
إذا كانت الحقيقة هي أن وضع اسرائيل السياسي اليوم أصعب بكثير مما كان عليه قبل بضع سنوات كما يقول كاتب المقال، فحتما مع إستمرار القيادة الصهيونية على ذات النهج والمنهج، الوضع سوف يزداد سوءً مع الأيام ولم تُخلق بعد القوة المادية القادرة على وقف ذلك. إن ما يوقف ذلك ويُنقذ إسرائيل من المستقبل الأسود الذي في إنتظارها هو، الإنقلاب الذاتي على مفاهيمها الطاغية الباغية المُشبعة إحتيالاً وتزويراً وتضليلاً ناهيك عن الجبروت والغطرسة والخيلاء على نفسها قبل الآخرين، فما يجب أن يدركه الصهاينة هو أن الآخرون بشر مثلهم وعلى هذا الأساس يجب التعامل معهم، وليس بحد السيف كما جرت العادة السيئة، فالعصى لمن عصى على قيم ومبادئ وأخلاق الشرعية السوية الدنيوية وأكثر السماوية التي أغدقت على الشعب اليهودي يوماً نعمة المختار، وليس لمن يدافع عن حقوقه المشروعة المُغتصبة. كل ذلك تدركه واشنطن، ومع ذلك وبمكان إدانة ومحاسبة ومعاقبة إسرائيل، أو بالقليل زجرها وتوبيخها ووقفها عند حدها، كي لا تتمادي في غيها، تراها تواصل دعمها الأعمى، وكأن أمريكا الدولة الأعظم في العالم عميلة لها بل عبدة لأهوائها الشريرة. يا تُرى، الى متى سيبقى الشعب الأمريكي البريئ يدفع ثمن الإرهاب الصهيوني المُذنب؟! لا بد لهذا الشعب المحكوم عليه بسبات الكذب والخداع والتضليل القيادي السياسي والإعلامي أن يصحى يوماً، وعندها الويل لكل من أفرط ويفرط في حقوقه.
أوروبا التي سلطت الكيان الغاصب لأرض فلسطين بالقوة ها هي الآن بدأت تتخلص منه وتنكر وجوده أصلا كما أمريكا التي لولا اللوبي الصهيوني الذي ظهر التفكك باديا عليه بعد توجهه نحو آسيا لهثا وراء المصلحة التي هي المال ما جعل ذاك الكيان منهارا منهك القوى بفعل الزمن بحيث بات خسارة على من أنشأه ومن سانده من صهاينة العالم. بالمقابل فلسطين كل يوم تكسب تأييدا وتزداد قوة بتماسك أبنائها رغما عن العدو الصهيوني الذي بات أجله محتوما. وأي تحرك يقوم به الإحتلال إنما هو وبال عليه في قادم الأيام. لم يبق أمام الصهاينة في فلسطين سوى التسريع في نسق الهروب والخروج بدون رجعة من فلسطين.