لندن– “القدس العربي”: تحت عنوان “الديكتاتوريون يقمعون المعارضة والشركات الأمريكية تبيض صورهم”، قالت كاثي كيلي، من مدرسة ميسوري للصحافة في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، إن حديث الرئيس جوزيف بايدن عن وضع الديمقراطية على رأس سياسته الخارجية تحول مهم عن إدارة دونالد ترامب التي لم تلق اعتبارا لحقوق الإنسان.
وقالت إن بايدن تحدث بعد مرور مئة يوم على توليه الرئاسة متسائلا “من سينجح الديمقراطية أم الاستبداد؟”. وتقول إن كلامه مناسب لأن حرية التعبير وبعد سقوط جدار برلين، اللحظة التي نظر إليها على أنها انتصار للديمقراطية الرأسمالية ونهاية التاريخ، أصبحت عرضة للتهديد حول العالم وأكثر من أي وقت مضى، وبما فيها الديمقراطيات الغربية مثل أمريكا.
حرية التعبير بعد سقوط جدار برلين أصبحت عرضة للتهديد حول العالم
وتضيف أن جهود بايدن للضغط على الدول من أجل فتح مجال لحرية التعبير تتعرض للتقويض من داخل واشنطن، حيث يوجد للدول التي تتهم بانتهاكات حقوق الإنسان أصدقاء أقوياء في العاصمة. وتمثل هذه الدول في عقود مربحة وفي مركز التعديل الأول للدستور الذي يصون الحريات الدينية والشخصية. وقالت إن قائمة العملاء الأجانب في وزارة العدل طويلة ولا يمكن تقديمها بمقال واحد، إلا أنها اختارت ثلاثة أمثلة بمساعدة زميلة لها في مدرسة ميسوري كحالات يجب الضغط فيها من أجل الحريات.
وأشارت إلى أن السعودية، الدولة النفطية، تستحق المرتبة الأولى من ناحية ضخامة النفقات المالية والجرائم المرتكبة. ففي الوقت الذي قررت عدة شركات لوبي التوقف عن تقديم الخدمات للمملكة بعد جريمة قتل جمال خاشقجي في 2018 إلا أن البعض الآخر اتخذ قرارات مختلفة. ومنذ مقتل الصحافي خاشقجي حصلت عدة شركات ضغط أمريكية على أكثر من 73 مليون دولار لتمثيل المصالح السعودية، وذلك بحسب التقارير التي قدمتها لوزارة العدل، وأهمها شركة “كيوأورفيس” التي قالت وقت الجريمة “نتعامل مع الوضع بجدية” و”ننتظر لحين ظهور كل المعلومات”.
وباتت هذه واضحة، فقد اعترفت المملكة بأن الصحافي قتل في القنصلية وتمت محاكمة عدد من المتورطين فيها وأصدرت الحكومة الأمريكية في عهد ترامب حظرا على عدد من المسؤولين المتورطين. وفي شباط/فبراير وافقت إدارة بايدن على الإفراج عن تقرير للمخابرات الأمريكية عن دور ولي العهد السعودي في جريمة القتل، لكنها لم تتخذ أية إجراءات ضده. وفي الوقت نفسه واصلت شركات العلاقات العامة إصدار البيانات التي تصور ولي العهد بصاحب الرؤية والزعيم العالمي، كذلك الذي أعدته شركة إيلدمان وفيه مديح لمدينة المستقبل التي أمر الأمير ببنائها على البحر الأحمر. وحصلت الشركة على 6.7 مليون دولار كخدمات من السعودية، منذ مقتل خاشقجي وقبل أن تنهي عقدها في كانون الثاني/يناير.
وكذا البيان الصحافي الذي أصدرته هوغان لوفيلز الذي ثمن جهود ولي العهد الجديدة في “مواجهة الأيديولوجية المتطرفة ومنع خطاب الكراهية”. وهذا البيان عن بلد يستهدف الصحافيات بحملات كراهية. وحصلت كيوأورفيس على 28 مليون دولار مقابل خدمات منذ مقتل جمال خاشقجي، حسب معلومات وزارة العدل. وقال مدير الشركة مايكل بتروزولو إن فاتورة 18.8 مليون دولار حصلت عليها الشركة مقابل خدمات قدمتها للسعودية على مدى عدة سنوات “ودفعت مرة واحدة”. وحصلت الشركة منذ ذلك الوقت على عقد بـ 9 ملايين دولار للعمل لصالح السعودية ولديها عقد مع هيئة حقوق الإنسان السعودية.
وبالإضافة لهذا فقد قامت شركات اللوبي بإعداد مواد تثمن جهود السعودية الإنسانية في اليمن مثل البيان الذي أعدته هوغان لوفليز ووزعته على موظفي الكونغرس حول الكيفية التي تقود فيها السعودية “الجهود الإقليمية المتعلقة بوقف إطلاق النار الحالي وتخفيف حدة كوفيد- 19 في اليمن. وملصق أعدته براونستين هيات فاير شريك للمؤتمر الذي دعمته السعودية في الكونغرس حول “حماة حياة الأبرياء” في اليمن ونزع الألغام.
أما الدولة الثانية التي قدمت الكاتبة معلومات حول جهود جماعات الضغط لتبييض صفحتها فهي الفلبين التي قامت وعلى مدى السنوات الماضية بمنع كبرى المؤسسات الإعلامية من العمل. كما شنت حملة قانونية وعلى الإنترنت ضد الصحافية وسيدة الأعمال ماريا ريسا والتي حصلت على جائزة اليونسكو لحرية الإعلام ونادي الصحافة الوطني ولجنة حماية الصحافيين. وحصلت شركة العلاقات العامة بي سي دبليو غلوبال على مليون دولار مقابل مساعدة المصرف المركزي الفلبيني الذي يترأسه حليف للرئيس رودريغو دوترتي. واشتملت الخدمات على دليل من 73 صفحة من ورق صقيل وعدد من صور الرئيس نفسه ودعوات للمستثمرين للاستثمار في الفلبين. وقدمت الشركة أيضا بيانات صحافية عن إنجازات فريق دوترتي الاقتصادي وأجندة الإصلاح.
أما الصين فلا تزال شركة سكواير باتون بوغس تمثل المصالح الصينية في واشنطن مقابل 55.000 دولار في الشهر، بحسب آخر عقد يعود إلى تموز/يوليو. وأشارت بيانات الشركة لوزارة العدل إلى أنها حصلت على دفعات 330.000 دولار من السفارة الصينية مقابل عمل ستة أشهر والذي شمل خدمات تتعلق بسياسات هونغ كونغ وشنجيانغ والتيبت، من مناطق أخرى تحاول الصين تكميم حرية التعبير فيها وملاحقة الناشطين.
وفرضت واشنطن عقوبات على مسؤولين صينيين بسبب علاقتهم بانتهاكات حقوق الإنسان في شنجيانغ والتيبت. ولا يوجد لديها أصدقاء في الصحافة. وكان سجن الناشر جيمي لاي في هونغ كونغ آخر الأخبار عن قمع الصين لحرية التعبير. وذكر آخر تقرير لنادي الصحافيين الأجانب في الصين أن السلطات طردت 18 صحافيا أجنبيا بالإضافة لاستفزاز المراسلين في هونغ كونغ والصين. وهناك قلق على المواطنين الصينيين الذين اعتقلوا بدون معرفة التهم أو مكان الاعتقال.
ترى الكاتبة أن المثالية في واشنطن أحيانا تتضارب مع الواقع السياسي
وترى الكاتبة أن المثالية في واشنطن أحيانا تتضارب مع الواقع السياسي، فالسناتور السابق نورم كولمان الذي يعمل مستشارا بارزا في شركة هوغان لفوليز حصل على 6.8 مليون مقابل خدماته للسعودية، حسب سجلات وزارة العدل، ويعمل من خلال علاقاته بالكونغرس نيابة عن المملكة. وبعد مقتل خاشقجي قال إن “مقتله ليس قضية كبرى” و”يجب أن تكون هناك محاسبة” ولكن يجب الحفاظ على “العلاقات الإستراتيجية” بين الأمريكيين والسعوديين ويجب احتواء إيران ونجاة إسرائيل. ونفس الكلام يقال عن كل لاعب على المسرح العالمي، فالفلبين هي مهمة للتعاون الإستراتيجي في جنوب آسيا، أما الصين فهي مهمة لفول الصويا والأفلام. وكل واحدة من هذه تعاونت أمريكا معها في قتال الإرهاب.
ولكن إن لم ندافع عن حرية التعبير والحرية فما الذي نقاتل من أجله؟ وتشير إلى أن 3 أيار/مايو كان يوم حرية الصحافة العالمية والذي اختارته الأمم المتحدة للاحتفاء والترويج للديمقراطية والمحاسبة وحكم القانون. ويستحق الأمر النظر في أن تقويض هذه القيم بات مقبولا اجتماعيا وسياسيا في أمريكا. ولم ترد الشركات التي تمثل السعودية والصين والفلبين على دعوات الكاتبة للتعليق. ولكنها تساءلت عن الكيفية التي توفق فيها بين ما تقوم به من خدمات للدول الأجنبية وحملات مهمة مثل دعم مركز السيطرة على الأمراض ومنعها ودعم جمعية الزهايمر (كيوأورفيس) وفيديو إيلدمان لدعم شركة أيكيا. والأمر أكبر من دعم الرئيس للديمقراطية “فنحن بحاجة إلى فحص جيوبنا وضميرنا قبل أن نفكر بالدفاع عنها أو عدم الدفاع، قصدا أو بدون قصد”.
كذاب ومتصنع
جاء في المقال
ولكن إن لم ندافع عن حرية التعبير والحرية فما الذي نقاتل من أجله؟
المقالة تضيف ”
“فنحن بحاجة إلى فحص جيوبنا وضميرنا قبل أن نفكر بالدفاع عنها أو عدم الدفاع، قصدا أو بدون قصد”
والجميع يعلم الاجوبة، أما السؤال الاول فجوابه أن أمريكا تدعم الديكتاتورية في كل مكان في العالم توجد فيها مصالحها وفي كل بقعة توجد بها مواد طبيعية تحتاجها الشركات الاميركية. أما الدفاع عن حقوق الانسان فليس أكثر من موضة على منصات اللقاءات الصحفية و الحملات الاعلامية أو الانتخابية، و الادلة كثيرا ما نجدها، بالاساس فتح الباب لأنظمة ديكتاتورية لشراء السلاح الاميركي أو للوصول لجمعيات الضغط يامريكا دليل أن المصالح فوق كل اعتبار، المثال الاخر استعمال مجلس الامن للاعتداء على حقوق الانسان بشن حروب واهمية المبررات او لمساندة الذين يعتدون على حقوق الانسان كما بفلسطين. الصحافة الاميركية تزر الرماد في العيون كسياسيي امريكا