بين دعم العملية السياسية وصد الوجود الروسي: تعيين ريتشارد نورلاند كمبعوث أمريكي خاص إلى ليبيا

نسرين سليمان
حجم الخط
1

طرابلس – «القدس العربي»: منذ أن بدأت العملية السياسية في ليبيا في التقدم، وإحراز نتائج إيجابية تذكر، عقب سنوات من تعمق الأزمة التي أدت إلى انقسام شديد شهدته الدولة، وحروب طالت البنية التحتية للبلاد، وأودت بالعديد من الضحايا، بدأت القضية الليبية تحتل سلم الأولويات لدى معظم الدول الكبرى لما لهم من مصالح على الأرض، تتنوع بين سياسية واقتصادية.
الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت خطوة أوضحت، وبشكل جلي، رغبتها في التركيز على دعم العملية السياسية في البلاد، واستبعاد كل ما يؤثر عليها بالسلب، ومراقبة الأوضاع عن قرب وعن كثب، خاصة وفي ظل انزعاجها من الدور الروسي الداعم للحرب في البلاد .
الخارجية الأمريكية أعلنت قبل يومين أن واشنطن قد قررت تعيين السفير الأمريكي في طرابلس، ريتشارد نورلاند، مبعوثاً خاصاً إلى ليبيا، إضافة إلى مهمّته كرئيس للبعثة الدبلوماسية في البلاد، وذلك من خلال بيان للخارجية نشرته سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا، الإثنين.
وقالت السفارة في بيانها إن نورلاند سيقود الجهود الدبلوماسية الأمريكية لتعزيز الدعم الدولي لإيجاد حلّ سياسي وشامل ومتفاوض عليه يقوده الليبيون، وتيسّره الأمم المتحدة، من خلال دوره كمبعوث خاص للولايات المتحدة.
وأشارت السفارة إلى أن المهمة الجديدة لنورلاند في ليبيا “مؤشّر على الأهمية الكبرى التي توليها الولايات المتحدة للتواصل الدبلوماسي المُركّز على مستوى عالٍ لدعم العملية السياسية الليبية التي ستبلغ ذروتها في الانتخابات التي ستجري في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021”.
العديد من المتتبعين والمحللين للمشهد أكدوا أن تعيين نورلاند يحمل العديد من الدلالات التي تريد واشنطن إيصالها، والمهام التي ربما لم تعلن عنها، فقد أشار محللون كثر إلى دور تود واشنطن أن تلعبه لتخرج المرتزقة وعلى رأسهم الفاغنر، عقب توسع نفوذها في البلاد.
وزارة الخارجية الليبية وتعليقاً على تعيين نورلاند شددت على أهمية اعتماد موقف موحد للمجتمع الدولي يدعم بشكل فعّال العملية السياسية الجارية وخاصة التنفيذ الأمثل لخارطة الطريق واتفاق وقف إطلاق النار، وصولاً إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية شفافة ونزيهة وفي ظروف يسودها الأمن .
وجاء في تقرير لصحيفة واشنطن بوست إن تعيين الولايات المتحدة لسفيرها في ليبيا ريتشارد نورلاند مبعوثاً خاصاً إلى البلاد، يؤكد تكثيف الجهود لإنهاء حالة عدم الاستقرار وإنهاء التدخل العسكري الأجنبي.
وعلى لسان مسؤول في الخارجية الأمريكية، قالت الصحيفة إن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الدعم الأمريكي لحكومة الوحدة الوطنية التي تسعى جاهدة للتغلب على المشاكل، واستعادة الأمن والخدمات الأساسية، ورسم طريق نحو الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وتابعت واشنطن بوست أن تعيين نورلاند يشير أيضاً إلى تكثيف المحاولات الأمريكية، التي لم تنجح حتى الآن، لإقناع روسيا والإمارات العربية المتحدة وقوى أخرى بإنهاء دورها في تحويل ليبيا إلى صراع كبير بالوكالة والتحرك بشكل أكثر فاعلية لانسحاب القوات الأجنبية.
ونقلت الصحيفة في ختام تقريرها عن المسؤول في الخارجية الأمريكية قوله إنه: “نظراً لوجود العديد من القوات في مواجهة بعضها البعض، ولا يفصل بينها سوى حوالي 50 كيلومتراً، فهناك خطر حدوث سوء تقدير”. وأكد أن هناك نقطة تحول محتملة في المشاركة الأمريكية في ليبيا، بعد سنوات ركزت فيها إدارة ترامب سياستها الخارجية في مكان آخر.
وأضافت واشنطن بوست أن التحدي الرئيسي للسفير نورلاند يتمثل في مواصلة الضغط على الأطراف الليبية المختلفة للمضي قدماً في التزاماتها بخريطة الطريق السياسية والحفاظ على وقف إطلاق النار مع حث الأطراف الخارجية المشاركة في ليبيا في الوقت نفسه، مثل موسكو ومصر والإمارات والأوروبيين على التعاون. المحلل السياسي الليبي بدر شنيبة قال في تصريح لـ “القدس العربي” إن تعيين واشنطن لسفيرها في طرابلس ريتشارد نورلاند مبعوثاً خاصاً إلى ليبيا إضافة إلى مهمّته كسفير يعتبر تتويجاً لنشاط السفير ودوره الواضح في الآونة الأخيرة على الساحة الليبية خاصة فيما يتعلق بمساعي وقف عدوان حفتر على طرابلس، وأضاف المحلل السياسي أن الخطوة تعتبر مؤشراً على صعود ليبيا في سلم الأولوية للسياسة الخارجية الأمريكية بالمقارنة بسياستها خلال إدارة ترامب التي شهدت خفوتاً لدورها في المنطقة، معتقداً أن دور نورلاند سيرتكز أولاً على دعم العملية السياسية الليبية وإيصالها إلى انتخابات 24 كانون الأول/ ديسمبرالمقبل. وقال إن نورلاند سيركز كخطوة ثانية على الضغط على الأطراف المتنازعة لسحب المرتزقة خاصة مرتزقة فاغنر التي تقاتل في صفوف قوات حفتر والتي أوضح نورلاند سابقاً على أهمية خروجها بالنسبة للولايات المتحدة نظراً لتوسع دور روسيا في ليبيا خاصرة الناتو الجنوبية ما قد يهدد مستقبل الاستقرار في المنطقة ويفتح لها التوسع نحو منطقة الساحل الإفريقي.
وختم شنيبة أن مهمة نورلاند لن تكون سهلة أمام تعنت حفتر والأطراف الداعمة له والتي لا تزال تهدد مستقبل العملية السياسية وتسعى لتقويضها بالإضافة إلى تخبط السياسة الأوروبية التي لا زالت تتجاهل خطورة التواجد الروسي عبر مرتزقة فاغنر جنوب المتوسط في حين تزيد الضغط على تركيا لسحب قواتها التي جاءت وفق اتفاقية قانونية بين ليبيا وتركيا.
ومع خبرة نورلاند في التعامل مع روسيا خاصة، يتضح مدى رغبة الولايات المتحدة في لعب دور من خلاله خاصة في ما يتعلق بصد وجودها على الأرض والذي بات مقلقاً، متجاهلاً لكل المطالبات بالخروج والانسحاب، ولضمان عدم استخدامها كورقة حربية توضع كخيار بديل حال فشل حفتر في الوصول إلى السلطة .
الموقف الإيجابي الذي لعبته الولايات المتحدة خلال الآونة الأخيرة وعلى صعيد الساحة الليبية، سيخدم وبشكل قوي العملية السياسية ويدعمها، على الرغم من وجود مصالح لدى الحليف الأمريكي، ولكنها لن تزعج مسار الحلول، وستدعم الانتخابات المنتظرة، حسب متابعين .

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الاسد الاطلسي:

    ريشارد رونللند مغربي الاصل من مواليد المغرب وهو الافضل في فهم المشكل والاقرب الى عقلية شمال افريقيا

إشترك في قائمتنا البريدية