اعزم نفسك على فنجان قهوة سادة على روح المرحوم، قبل قراءة هذه السطور، كما فعلت قبل الكتابة، لأنها تحتاج إلى تركيز في الكتابة، وتركيز كذلك في القراءة، وحتى لا تصاب بدوار البحر، وإن كنت لا أعرف الحكمة في توزيع أهل البندر «القهوة السادة» في سرادقات العزاء؟ ففي الصعيد لا يوزعون «قهوة سادة» أو «قهوة بالحليب» لأن الحزن عندنا لا بد وأن يأخذ حقه بالتمام والكمال!
في الأسبوع الماضي نُشر على نطاق واسع أنه تم التخلص من المنتج الأوحد في المحروسة «تامر مرسي» وعدد من أركان حكمه، منهم المشرف على الإنتاج، وقيل إن هذا كله بسبب فساد مالي وسرقة 34 مليون جنيه في قول، و50 مليوناً في قول آخر، وسبق هذا قرار تامر مرسي وقف التعامل مع المخرج محمد سامي، بسبب ما شاب عمله في مسلسل «الأغراب» الذي عرض في رمضان هذا العام، من مشاكل، بسبب مجاملة المخرج للسيدة حرمه، التي أوكل لها أحد الأدوار المهمة في المسلسل، وقيامه بالتعديل على النص المكتوب ليعطيها مساحة أكبر ووضعاً متميزاً في العمل، وما إلى ذلك من محسوبية، فلم تكن زوجته فقط التي استفادت من إخراجه للمسلسل، فشقيقته أيضاً كانت معه فيه!
ولم أهتم بخبر محمد سامي، لكني شعرت بوخز الضمير، من أن أكون سبباً في ما جرى لـ «تامر» عندما كتبت هنا أنه أسرف في كتابة اسمه على كل مسلسل، في المقدمة وفي النهاية وفي الوسط، وكأنه ينافس الجنرال على أيهما يُذكر اسمه أكثر من الآخر، وأن هذا الإلحاج في نشر الاسم، يجعل منه شخصية معروفة، بما يؤهله لخوض الانتخابات الرئاسية، فإذا علمنا أنه المنتج لأربع عشر عملاً دفعة واحدة، لأدركنا أنه صار أهم شخصية في الوطن العربي، بما يؤهله لخوض الانتخابات، ليس في مصر فقط وإنما على رئاسة مصر والسودان معاً.
ولأني ومن خلال متابعة دقيقة لملفات الفساد، أدرك تماماً أن الأنظمة المستبدة في أوطاننا تستخدمها فقط في ضرب من تريد ضربه لأسباب أخرى، فهذه ليست أنظمة تحارب الفساد، أو تأخذ على يد المفسد، ولهذا لم أهضم فكرة أن تكون الإطاحة بتامر مرسي ومن معه هو الاستيلاء على 50 مليون جنيه أو أكثر أو أقل، ولا تمنع الرغبة السلطوية في التخلص منه عدم صحة الاتهام بالفساد!
ومهما يكن، فيبدو لي كقطب صوفي متقاعد، أن هذه الأزمة التي جرت بإقالة المنتج الأوحد ومن معه، وأيضاً انهاء خدمات المخرج محمد سامي والسيدة حرمه، أنها تصاريف القدر، وإذا كنت قد كتبت في الأسبوع الماضي، أن أحداث غزة ضربت الموسم لأولي الأمر منهم، الذين ينتهزون نهاية الشهر الفضيل، ثم ينصبون مهرجانهم السنوي، عبر برامج «التوك شو» في الاحتفال بمسلسلاتهم التلفزيونية، وكيف أنها فتح في مجال الانتصارات الوطنية، ودرس في الدراما للعالم، وكيف نجحت الدراما المصرية في لفت أنظار المشاهدين على ظهر البسيطة. لتعيش البلاد في لحظة عظيمة من الانتصارات الوطنية. والجديد أنه لم تكد الحرب تضع أوزارها حتى تفجرت قضية إقالة تامر مرسي، ولك أن تتصور شعور المواطن الذي لم يجد من يحنو عليه، عندما يسمع عن هذا الملايين المسروقة؟!
حقل الألغام
ويبدو أن القوم انتهبوا لذلك، فتركوا تامر مرسي ينفي الخبر، ولم تتدخل أي جهة لتنفي أو تؤكد، هذه الاتهامات المنشورة، التي تسربت إلى منصات التواصل الاجتماعي، واتهام المنتج الأوحد ومن معه بإهدار المال العام، وكيف أن «جهة سيادية» حققت في المخالفات، وفي صدد اتخاذ إجراءات قانونية ضد هؤلاء، وهنا لا بد من الانتباه إلى أنه من المفروض أن تكون قد انتهيت من قهوتك السادة، فقد أوشكنا على الدخول في حقل الألغام وفي ما قد يصيبك بالدوار، إن لم تكن مستعداً للسطور التالية!
الأصل أن تامر مرسي هو صاحب شركة «سينرجي» فكيف تتم اقالته من شركة هو مالكها، والأصل كذلك أن الكيانات المهيمنة على الإعلام «بوضع اليد» لصالح الأجهزة الأمنية، هي شركات خاصة قانوناً، فكيف الحديث عن اهدار المال العام» وعن تدخل أحد «الأجهزة السيادية»؟! أعتقد أنهم يقصدون جهاز الرقابة الإدارية، الذي يقع اختصاصه الوظيفي داخل دائرة المؤسسات الرسمية التابعة للدولة، أما أموال الشركات الخاصة، فليست حتى «في حكم المال العام» صحيح أنك تعلم، وأنا أعلم، والجنين في بطن أمه يعلم، أن هذه الشركات مملوكة لجهات رسمية، لكن الوضع القانوني لا يقول هذا، لكن نحن في مرحلة تداخل فيها العام مع الخاص، واختلطت فيها الأوراق، والتفت الساق بالساق!
وليس أدل على وضعية هذا الشركات المالكة للصحافة، وجميع القنوات التلفزيونية، عدا «صدى البلد» و«تن» المملوكة لدولة الإمارات العربية المتحدة، أن جريدة «الأهالي» التي يصدرها حزب التجمع الوطني الوحدوي، سبق لها أن نشرت عن فساد مسؤولة سابقة وزوجة لمسؤول حالي، فهرولت الأجهزة الأمنية لمصادرة العدد، وبالمخالفة للقانون، ولأول مرة منذ حوالي أربعين عاماً تصادر هذه الصحيفة، التي تعرضت للمصادرة في عهد السادات أكثر من مرة بقرارات من الجهات القضائية، وقد قبض القاضي المتخصص في مصادرتها الثمن بتعيينه وزيراً للعدل، لكن المصادرة هذه المرة دون أي إجراء قانوني، ومع أن الجريدة لم تنشر أسماء لا المسؤول الحالي ولا زوجته المسؤولة السابقة، لكن لم يكن الأمر في حاجة إلى جهد لمعرفة اسمها واسم بعلها؛ أنعم وأكرم!
ومنذ متى تنفر أجهزة الدولة خفافاً وثقالاً دفاعاً عن مسؤولة سابقة، ومسؤول حالي، ليس هو الجنرال، لكن إذا عُرف السبب بطل العجب، فالمسؤولة كانت وزيرة، وقد أخرجت من الوزارة لكي تقوم بمهمة وطنية أكبر تمثلت في رئاستها لشركة «ايجيل كابيتال»، التي تملك منظومة الإعلام، وقد ادعينا حينئذ البراءة وسألنا ومن أين جاءت الوزيرة السابقة بالأموال لتأسيس شركة بهذا الحجم، وإذا جمعنا ما تقاضته من أجر بعد تخرجها وعملها سكرتيرة لدى رجل الأعمال نجيب ساويرس وعملها الوزاري، فلا تمكنها «تحويشة العمر» من افتتاح مطعم كشري، منافساً لكشري «أبو طارق» وليس شركة كبرى تستحوذ على ملكية عشرات الصحف والقنوات التلفزيونية؟!
ومما قلته في الوضع بريئاً، إن القانون يلزم الوزير أن يقدم إقرار ذمة مالية عند دخوله للوزارة، فلماذا لا ينشر لنقف على أملاكها قبل توليها المنصب الحكومي، فربما كانت من الاقطاعيين الذين يملكون ما يؤسسون به «اقطاعية إعلامية». وهل يمكن أن تتدخل السلطة بكل عنف فتصادر صحيفة محدودة التوزيع والتأثير حماية لصاحبة «اقطاعية خاصة»؟! ولماذا لا ترد عبر صحفها وقنواتها على هذه الاتهامات إلا إذا كانت ضمن المحميات الخاصة، وبعيداً عن حالة البراءة، فنحن نعلم أنها ليست أكثر من مندوبة عن المالك الحقيقي، تماماً مثل المنتج الأوحد تامر مرسي» الذي نشر أنه أهدر مالاً من المفترض أنه ماله الخاص، وتمت اقالته من شركة هو مالكها، لنأتي إلى «إشكالية المقال» على وزن «إشكالية البحث» عن الأكاديميين!
الخلايا العنقودية
تارة يُقدم تامر مرسي على أنه رئيس شركة «سينرجي» وتارة يُعرف بأنه صاحب الشركة المتحدة، ويبدو أنه يرأس شركتين، ومن الواضح أن هناك أكثر من شركة في هذا المجال، بدأت بشركة إعلام المصريين، ثم قيل إن شركة «إيجيل» الحديثة استولت على الشركة الأخيرة، لنصبح أمام كيانات لا تعرف فيهم الأب من الأم، أو التابع من المتبوع، ويبدو أن الأجهزة الأمنية التي استفادت من نظام «الخلايا العنقودية» لجماعة الجهاد، فاعتمدته عند تأسيس شركاتها المالكة للإعلام!
ومعذرة فقد انتهت المساحة، قبل أن ينتهي الموضوع، وفي «القدس العربي» في منحهم للمساحة كمن يقطعون من لحم الحي، فليسوا كرماء مثل أهل الحكم في مصر الذين منحوا شخصاً حديث عهد بمجال الإنتاج الدرامي، كل هذه الأملاك والضيع، فيتصرف فيها تصرف المالك في ما يملك، فيكتبون اسمه في العمل الواحد «عدد نجوم السما.. وحشتيني»!
إنه «المال السايب» وقلة خبرة العسكر في المجال!
صحافي من مصر
الفاسد الأول بمصر هم العسكر, وأقصد كبار ضباطهم!
أما صغار الضباط فأغلبهم أبناء هؤلاء!! ولا حول ولا قوة الا بالله
ياحسرة على العباد، مصر الكبيرة أصبحت مزرعة للعسكر الغبي، المتهافت على المال والشهوات
نرجو من القدس العربي ان تكون سباقة في التحقيق في حذف يوتيوب وغوغل كل فيديوهات فض اعتصام ميدان رابعة تحت نيران الجيش المصري حسب ما نشر اليوتيوبر المصري عبدالله الشريف في حلقته “الاختيار أمام الحقيقة”: