باماكو: عيّنت المحكمة الدستورية في مالي، الجمعة، الجنرال عاصمي غويتا رئيسا انتقاليا للبلاد، وذلك عقب انقلابين عسكريين قادهما في غضون أشهر، متجاهلا الضغوط الدولية والإقليمية والتهديدات بفرض عقوبات على مجلسه العسكري.
وقال غويتا في أول تصريحات له عقب تعيينه رئيسا انتقاليا لمالي إنه سيقوم في غضون أيام بتعيين رئيس وزراء من المعارضة، بعد إطاحته برئيس البلاد المؤقت باه نداو، ورئيس الوزراء مختار وان.
ولد غويتا عام 1983 وهو ضابط عسكري ورئيس اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب، المجلس العسكري الذي استولى على السلطة من الرئيس السابق إبراهيم أبو بكر كيتا في انقلاب قاده في أغسطس/ آب الماضي.
كان يقود القوات الخاصة المالية في وسط البلاد برتبة عقيد، بعد أن تلقى تدريبا من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وقام بمواجهة الجماعات المسلحة المتطرفة في البلاد.
قاد العقيد غويتا انقلابا عسكريا في 18 أغسطس 2020، ضد الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، وسط احتجاجات شعبية على الفساد وفشل الحكومة في القضاء على الجماعات المسلحة.
قام لاحقا بتهميش حركة تجمع القوى الوطنية “M5” المعارضة، التي قادت الاحتجاجات ضد أبو بكر كيتا.
بعد أن قاد انقلاب أغسطس 2020، واجه غويتا ضغوطا دولية وإقليمية من المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (إيكواس)، وتهديدات بفرض عقوبات، ما اضطره لتقاسم السلطة مع المدنيين.
وأصر وسطاء من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) على أن تضطلع قيادة مدنية بتسيير المرحلة الانتقالية في مالي، التي من المقرر أن تنتهي مع الانتخابات في فبراير/ شباط المقبل.
وأكدت المجموعة في إعلان مشترك على أن نائب الرئيس الانتقالي “لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يحل محل الرئيس”.
تم تعيين العقيد غويتا نائبا للرئيس الانتقالي، باه نداو، واستحوذ الموالون لغويتا، على أهم الحقائب الوزارية وعلى رأسها حقيبتا الدفاع والأمن، بينما وقع الاختيار على باه نداو لرئاسة البلاد، ومختار وان، رئيسا للحكومة لمرحلة انتقالية، تمتد 18 شهرا وتنتهي في مارس/ آذار المقبل، مع موعد إجراء انتخابات.
واجهت الحكومة الانتقالية صعوبات على عدة أصعدة، دفع ذلك رئيس الوزراء إلى تقديم استقالته للرئيس نداو، الذي أعاد تكليفه بتشكيل حكومة جديدة.
أطاح التعديل الحكومي الأخير بوزير الدفاع ساديو كامارا، ووزير الأمن موديبو كوني، العضوين البارزين في المجلس العسكري، الذي تشكل بعد انقلاب صائفة 2020، وتم تعييّن كل من الجنرال سليمان دوكوري، والجنرال مامادو لامين بالو، على التوالي بدلا منهما.
رأى مراقبون أن التعديلات التي أجراها “وان”، على الحكومة بالتشاور مع الرئيس نداو، كان واضحا منها أنها تهدف لإضعاف جناح زعيم الانقلابيين غويتا، من خلال التحالف مع جناح آخر في الجيش.
دفع هذا الأمر غويتا إلى بدء انقلاب ثان هذا الشهر، حيث أمر بتوقيف كل من الرئيس الانتقالي باه نداو، ورئيس الحكومة مختار وان، مع وزير الدفاع الجديد، واقتيد الثلاثة إلى ثكنة في بلدة “كاتي”، قرب العاصمة باماكو، نفسها التي بدأ منها انقلاب أغسطس.
ولمح زعيم الانقلابيين ضمنيا، بأن الرئيس سعى لتهميشه، وأن التعديل الحكومي جرى بدون التشاور معه، رغم أنه “يتولى صلاحيات وزارات الدفاع والأمن”، معتبرا هذه الخطوة “خرقا لميثاق المجلس الانتقالي” الذي تشكل بعد الإطاحة بالرئيس السابق، بحسب بيان نشره غويتا مؤخرا.
أدان مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، الانقلاب العسكري في مالي، وهددت فرنسا والاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات، ومن المتوقع أن يعلق الاتحاد الإفريقي عضوية مالي ضمن هيئاته.
من سيكون رئيس الوزراء الجديد؟
أعلن عاصمي غويتا، في وقت متأخر الجمعة، عزمه تعيين رئيس وزراء من المعارضة.
ولفت إلى أن رئيس الوزراء الذي سيدعمه سيكون من حركة تجمع القوى الوطنية “M5” المعارضة، التي قادت احتجاجات ضد الرئيس السابق، والتي همشها الجيش بعد انقلاب آب/ أغسطس.
(الأناضول)