“مسلمو اليونان” أم “أقلية تركية”؟ تراقيا الغربية تعود لتتصدر الخلاف بين تركيا واليونان 

إسماعيل جمال  
حجم الخط
9

إسطنبول- “القدس العربي”: عادت قضية مسلمي “تراقيا الغربية” شرقي اليونان لتتصدر الخلاف بين تركيا التي تصر على اعتبارهم أقلية عرقية تركية وتطالب بمنحهم حقوقاً كاملة، وبين اليونان التي تصفهم بأقلية يونانية مسلمة وتمارس كافة أشكال التضييق عليهم لمنعهم من إبراز أي طابع يتعلق بكونهم “أتراك”.

وعقب الحرب العالمية الأولى وعمليات تبادل السكان التي جرت بين البلدين، بقيت أقلية تركية تعيش في تراقيا الغربية نالت وضع “أقلية” بموجب معاهدة لوزان 1923، وتقول تركيا إن المنطقة يقطنها قرابة 150 ألف “تركي” بينما تصر اليونان على أنهم 120 ألف “مسلم يوناني”.

وإلى جانب حزمة كبيرة من الخلافات المتصاعدة بين البلدين لا سيما فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية والتنقيب عن الموارد شرق المتوسط وقبرص والعداء التاريخي وغيرها الكثير من الملفات، برزت في الأشهر الأخيرة قضية “تراقيا الغربية” إلى الواجهة بقوة، بعد اتهام أنقرة لأثينا بتصعيد انتهاكاتها ضد أتراك تراقيا بما يتعارض مع وضعهم القانوني بموجب اتفاقية لوزان التي باتت محل شك كبير بين البلدين.

وتقول تركيا إنها توفر كافة الحقوق للأتراك المسيحيين من أصول يونانية، وتتيح لهم حرية تعيين البطريرك واختيار الأسماء اليونانية وغيرها من الحقوق، لكنها تتهم اليونان بانتهاء حقوق أتراك تراقيا عبر منعهم من تعيين المفتين، وإزالة الأسماء التركية في منهجية تمارس منذ عقود لصهرهم وسلخهم عن وطنهم وثقافتهم التركية الأم، حسب التعابير التي ترد في بيانات وتصريحات مختلفة لجهات رسمية تركية.

وأثيرت هذه المسألة بقوة خلال المشادة الكلامية الحادة التي حدثت بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بأنقرة منتصف أبريل/ نيسان الماضي، حيث اتهم الوزير التركي اليونان بانتهاء حقوق أتراك تراقيا. وقال: “أنتم لا تسمحون للأقلية التركية بأن تطلق على نفسها تسمية تركية. أنتم تسمونهم مسلمين.. إذا كانوا يعتبرون أنفسهم أتراكا فهم أتراك.. عليكم أن تعترفوا بذلك”.

وفيما فسر على أنه رد تركي على المشادة الكلامية التي جرت بأنقرة، استبق جاويش أوغلو زيارته المقررة الإثنين إلى أثينا، بزيارة تراقيا الغربية، الأحد، ولقاء الأقلية التركية وممثليها هناك. كما زار القنصلية التركية ومدارس وقبور سياسيين راحلين كانوا من أبرز المدافعين عن حقوق أتراك تراقيا، إلى جانب مفتين عينتهم تركيا ولا تعترف بهم اليونان، وهو ما أثار غضب أثينا.

والتقى جاويش أوغلو مفتيين معتمدين اثنين من قبل تركيا، في مدينتي كوموتيني وزانثي، واللذين لا تعترف اليونان بتعيينهما، كما زار قبر الدكتور صادق أحمد، الرئيس المؤسس لحزب “الصداقة والمساواة والسلام” الموالي لتركيا، والذي انتخب عضوا في البرلمان اليوناني عام 1989 قبل أن تغير اليونان قانونها الانتخابي لإدخال عتبة تصويت وطنية بنسبة 3 في المئة للأحزاب من أجل الحصول على مقاعد برلمانية.  كما زار مدرسة بايار للألعاب الرياضية، التي سميت على اسم الرئيس التركي السابق، جلال بايار.

وكتب الوزير التركي: “في اليونان للقاء أفراد من الأقلية التركية في تراقيا الغربية ومناقشة علاقاتنا الثنائية”، وقال: “لقد أكدت أننا سنقف على الدوام بثبات إلى جانب الأقلية التركية في نضالها من أجل حقوقها، وأكدت مرة أخرى دعمنا الحازم”، وتابع: “نريد من اليونان منح الحقوق نفسها، التي نمنحها للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية والأقلية اليونانية، للأتراك في تراقيا الغربية”.

ووصْف أوغلو لسكان تراقيا الغربية بأنهم “أقلية تركية” أثار مجدداً غضب اليونان التي أصدرت وزارة خارجيتها، الأحد، بياناً جاء فيه: “الأقلية المسلمة في تراقيا تعد حوالي 120 ألف شخص يونانيين.. المحاولات المستمرة من تركيا لتحريف هذه الحقيقة وكذلك مزاعم عدم حماية حقوق هؤلاء المواطنين أو التمييز، لا أساس لها من الصحة ومرفوضة بالكامل”، وأضافت الوزارة: “اليونان ترغب في تحسين علاقاتها مع تركيا لكن مع احترام القانون الدولي كشرط مسبق”.

والشهر الماضي، اتهم أردوغان اليونان بانتهاك اتفاقية لوزان، وعقّب على زيارة وزير الخارجية اليوناني لبطريرك الروم الأرثوذكس بإسطنبول بالقول: “هذا الأمر يعد إيجابيا بالنسبة إلى تركيا لكن ولسبب ما، لا تولي اليونان الاهتمام اللازم لمواطنيها من الأقلية التركية في تراقيا الغربية وتمنعهم من انتخاب مفتٍ عام بأنفسهم وتقوم هي بتعيينه وهذا انتهاك لمعاهدة لوزان”، وأضاف: “تركيا لا تقوم بتعيين بطريرك الروم بل يتولى تعيينه مجلس “سان سينود”.. المفتي العام في تراقيا الغربية يجب أن ينتخب بنفس الطريقة من قبل المسؤولين عن الإفتاء أو الأئمة أو ما شابه لكن اليونان لا تتحمل ذلك”.

وقبل أيام، أدانت وزارة الخارجية التركية ما قالت إنه استخدام رئيس الوزراء اليوناني الاسم اليوناني لإحدى القرى التركية في مدينة إسكيجة (شمال اليونان)، ووصف الأطفال الأتراك فيها بـ”اليونانيين”، داعية أثينا إلى “الكف عن إنكارها هوية مواطنيها من أصل تركي”.

وتعقيباً على هذه الواقعة، استنكر رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب “محاولات اليونان المتكررة لطمس وجود أقلية مسلمة تركية على أراضيها”، معتبراً أنها “فشلت فشلاً ذريعا في السابق، ولن تنجح في الحاضر ولا في المستقبل”، وقال: “منذ عقود، تواجه الأقلية التركية في اليونان عقبات تفرضها حكومة البلاد عليهم، بدءا من ممارسة حقوقهم الأساسية في التعليم، إلى التدخل في أمورهم الدينية، وعدم الاعتراف بهويتهم العرقية”.

ويلتقي وزير الخارجية التركي رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس ووزير الخارجية نيكوس ديندياس في أثينا في إطار مساعي البلدين لخفض التوتر واحتواء الخلافات التي تفجرت بين البلدين طوال الأشهر الماضية وكادت أن تتحول لمواجهة عسكرية شرق المتوسط، كما تهدف الزيارة إلى محاولة الترتيب لعقد قمة بين رئيس الوزراء اليوناني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة الناتو المقبلة في بروكسل في 14 حزيران/ يونيو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلم تستلم:

    معهم جنسية يونانية وهم مواليد اليونان: معناها هم مواطنون يونانيون.
    عرقياً هم من الأتراك مثلهم مثل الأوزبك والكزخ والأذريين وغيرهم، لكن هم مواطنون يونانيون ديانتهم الاسلام.
    لا داعي للتصيد في الماء العكر من قبل السلطات التركية.

    1. يقول عادل:

      ولكنك جهلت ان السلطات التركية تطالب لهم بحقوق اليونان تهضمها!

  2. يقول علي البرداوي:

    على الصعيد الإسلامي أجرأ وزيري خارجة هم وزير خارجة تركيا و وزير خارجية إيران هم فقط من وإستطاع الوقوف الند للند ضد كل من يقف ضد مصالح بلدانهم أنا صراحة أحترم هادين الشخصين

  3. يقول Baida rabah:

    السلام. هي الندية أو المعاملة بالمثل.تركيا رئيسها منتخب لا ينبطح و الدول الغربية لا تستطيع الضغط عليه من باب اللاشرعية. هنا تكمن قوته.

  4. يقول تيسير:

    نتعاطف مع المسلمين فى اليونان وفى كل مكان ، ويجب ان يكون لهم الحق فى اختيار اسماء تركية اسلامية ، وممارسة طقوس الدين وبناء المساجد وتعيين الكفتة من قبل مجلس الائمة ولا يحق للحكومة اليونانية ان تتدخل بالخصوص ، ولكن يجب اعتبارهم مواطنين يونانيين مسلمين وليسوا اقلية تركية فى اليونان.

  5. يقول الجزائري:

    مادامت اليونان لم تضيق عليهم في ديانتهم و عبادتهم فهم قانونا يونانيون مسلمون. أردوغان قومي تركي متعصب للنخاع. الإسلام ينبذ العرقية.

    1. يقول مسلم عربي:

      اقرأ تاريخ هذه المنطقة والمذابخ والاغتصابات التي تعرضوا لها، للموضوعية لو كان اردوغان قوميا لما تغير في تركيا شيء عن العسكر، قل شيئا يقبله العقل. بين كل عربي وعربي ومسلم ومسلم جيرانا عصبية وقومية وحتى يتخاصمون على طاجين الكسكس! كنت اعرف مسلم يوناني في ألمانيا صاحب بقالة بعد ان عرفته جيدا تبين أن أصوله تركية ولكن يعيش في اليونان! تركيا تخشى أن تتغول اليونان عليهم بالانصهار شيئا فشيئا بذريعة أنهم مواطنين يونانيين كما يحصل للمسلمين في النمسا!

    2. يقول اللائكيون العرب:

      لو اعتدى عليك احد في فرنسا وصحت واإسلاماه لأشبعك الناس ضربا، أما إن ناديت واجزائراه لهبت الجحافل الجزائرية الشعبية العربية الديمقراطية لنجدتك!

  6. يقول علي غطاس:

    يعني جاي في زيارة لخفض التوتر وفي نفس الوقت يثير مسالة المواطنين الاتراك في اليونان هذا تناقض واضح.

إشترك في قائمتنا البريدية