أنطاكيا – «القدس العربي»: شهدت الأسابيع الماضية تراجعاً في وتيرة العمليات التي ينفذها مقاتلو تنظيم «الدولة الإسلامية» في البادية الشامية، الواقعة ضمن حدود سيطرة النظام السوري غرب الفرات.
ويقول الصحافي زين العابدين العكيدي والمقيم في دير الزور انه خلال الشهرين الاخيرين حدث تراجع في وتيرة العمليات هناك التي يقوم بها تنظيم «الدولة» في البادية الشامية، والمثلث الساخن في بوادي محافظات دير الزور والرقة وحماة، حيث شهدت هذه المناطق عشرات الهجمات والعمليات التي نفذها عناصر التنظيم ضد قوات النظام السوري والميليشيات الحليفة له خلال الشهور الثلاثة من العام الجاري.
ويبدو ان تدخل الجيش الروسي بقوة أكبر كان له أثر في انخفاض حدة عمليات التنظيم، حيث قام الروس باستخدام تقنيات عسكرية متطورة في المعارك ولجأوا إلى أسلوب جديد لاحتواء التنظيم، ويبدو انه ناجح للآن ولو مؤقتاً، حيث تم استخدام عدد كبير من الطائرات الحربية والمروحيات وطائرات الاستطلاع في البادية، إضافة لقيام الروس بتغييرات في طبيعة وهيكلة القوات التي تقاتل في الـبادية تحـت مظلة النـظام السـوري.
فقد تم إقصاء ميليشيا الدفاع الوطني عن مواقع متقدمة عدة في عمق البادية بسبب هشاشة هذه الميليشيا أمام هجمات تنظيم «الدولة» كون أغلب مقاتليها هم أشخاص عديمو الخبرة غالباً ويقاتلون لأجل المال فقط، او هرباً من التجنيد الإجباري، اضافة لتفشي ظاهرة الفساد ضمن صفوفها، فأغلب المهمات التي توكل لمجموعات الدفاع الوطني في البادية لا تنفذ اغلبها بسبب تهرب العناصر وقادة المجموعات والرشاوى، لذلك اعتمدت القوات الروسية في حملاتها الثلاث الأخيرة على قوات من مرتبات الفيلق الخامس الذي تدعمه وزارة الدفاع الروسية، اضافة للفرقة (25) في جيـش النظام والمدعومة كذلك من قبل الروس، وقوات نخبة من لواء الـقدس الفلسـطيني والذين قدمـوا من محـافظة السـويداء.
القوات الروسية كانت قد شنت حملتين كبيرتين في البادية الشامية، الأولى كانت بتاريخ 19 نيسان/أبريل المنصرم، بحملة توجهت نحو المناطق الممتدة من بادية دير الزور الجنوبية وصولاً إلى السخنة في ريف حمص الشرقي، تلتها حملة ثانية بتاريخ 22 أيار/مايو الجاري واستهدفت البادية الجنوبية لمدينة تدمر شرق محافظة حمص، إضافة لقيام الطائرات الروسية بشن غارات جوية عدة على منطقة جبل البشري في ريف دير الزور الغربي، ويبدو ان الحملات الروسية قد اثمرت عن تدمير شبكة الانفاق للتنظيم، حيث عرضت القناة الخامسة في التلفزيون الروسي تقريراً مصوراً عما سموه بالاكتشاف الكبير للجيش الروسي قرب تدمر، وهو عبارة عن سلسلة ضخمة من الأنفاق المرتبطة مع بعضها البعض سموها بـ«المدينة الضخمة تحت الأرض» والتي تبعد مسافة 90 كم تقريبًا عن مدينة تدمر، وتم تصميمها من قبل مقاتلي تنظيم «الدولة» بحيث يمكن العيش فيها لفترات طويلة، وهي محمية بشكل جيد. وفي سياق متصل قال رئيس الوحدة الهندسية في القوات الروسية في سوريا العقيد أندريه كالينوف، إن خبراء المتفجرات الروس دمروا شبكة كهوف وأنفاق قرب تدمر، وهي فعلياً كانت تستخدم كمركز قيادة للتنظيم وتحتوي على معدات اتصال وأسلحة وذخائر ووثائق.
وعن طبيعة الحملات الروسية الاخيرة قال أبو الحسن وهو قيادي لإحدى المجموعات التابعة للواء القدس العاملة في البادية الشامية، قال بتصريح خاص لـ«القدس العربي» «إن القوات الروسية بات هدفها الحالي هو زيادة مساحة المناطق المؤمنة في عمق البادية، وهي عمليات تهدف لاحتواء هجمات التنظيم، وليس للقضاء عليه بشكل كامل كون هذا الموضوع صعب حالياً لعدة اسباب، فالاهم اليوم هو تأمين الطرق التي تصل بين محافظات الرقة وديرالزور وتدمر وحمص، وتأمين حقول النفط والغاز الطبيعي والقطع العسكرية في البادية، وذلك بإنشاء نقاط متقدمة في عمق البادية لدرء وصد هجمات التنظيم كي لا تصل لهذه المناطق، وقريباً جداً ستكون هناك حملة جديدة لتمشيط بادية منطقة الرصافة التابعة لبادية حمص الشرقية بإشراف وتغطية روسية براً وجواً».
ويبدو ان الضغط الروسي على التنظيم في البادية قد قلص حجم وضرر هجمات الأخير في البادية الشامية، وحسب موقع البادية 24 فإن آخر هجوم شنه مقاتلو تنظيم «الدولة» ضد قوات النظام كان بتاريخ 22 أيار/مايو الجاري، في بادية دريهم بريف حلب.
إلا ان موقع «دير الزور الان» قال ان مقاتلي التنظيم لا يزالون يتحركون على جانبي الفرات، ثم يعودون للبادية، هذا ولا زال نشاط التنظيم في مناطق شرق الفرات الخاضعة لسيطرة قوات قسد متصاعداً، ويقوم مقاتلوه بشن هجمات متتالية ضد قوات قسد والمتعاملين معها بشكل دوري.