تونس- ماهر جعيدان: أدى رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، نهاية الشهر الماضي، زيارة عمل إلى الدوحة استغرقت ثلاثة أيام، دعا خلالها إلى رفع حجم الاستثمارات القطرية في بلاده وتنويع مجالاتها.
تأتي زيارة مسؤولين تونسيين إلى قطر تدعيما للحركة الدبلوماسية الحثيثة لجلب استثمارات وتمويلات في ظل وضع اقتصادي صعب تعانيه بلادهم، وبحثا عن حلول للخروج من الأزمة الخانقة.
الرئيس التونسي قيس سعيد، أجرى أيضا زيارة سابقة إلى قطر منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لدفع العلاقات المشتركة.
سعيد أكد حينها “ضرورة عقد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التونسية القطرية خلال الربع الأول 2021.. ودعوة مجلس رجال الأعمال التونسي القطري إلى الانعقاد في أقرب الآجال”.
بدوره، أدى راشد الغنوشي رئيس حركة “النهضة” زيارة غير معلنة مطلع مايو/ أيار الماضي إلى قطر.
وكان رياض الشعيبي المستشار السياسي لرئيس حركة “النهضة”، أكد “أن زيارة الغنوشي لقطر كانت زيارة خاصة وأن ما يقوم به مع أطراف دولية هو إيجاد حلول للاقتصاد التونسي، والأزمة الصحية في البلاد”.
وكثف المشيشي، زياراته الخارجية لتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية وإيجاد السبل لتعبئة الموارد المالية، خاصة بعد لقاء وفد حكومي يرأسه وزير الاقتصاد والمالية والاستثمار، للقاء كبار مسؤولي صندوق النقد الدولي لإقناعهم باستئناف الدعم التمويلي لتونس.
وتوقفت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي نتيجة غياب الاستقرار الحكومي، وعدم التزام الحكومات المتعاقبة بتنفيذ تعهداتها المالية.
تأتي أهمية قطر كونها بين أهم عشر دول الأولى المستثمرة في تونس خلال 2020، دون احتساب الطاقة (أول بلد عربي من حيث تدفقات الاستثمارات العربية المباشرة)، حسب تصريح مدير وكالة الاستثمار الخارجي بتونس عبد الباسط غانمي.
وكان ماهر مذيوب، مساعد رئيس البرلمان، أقر أن “تونس تعول على قطر لمساعدتها في تعزيز موقعها التفاوضي مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يقدر بنحو 4 مليارات دولار”.
كما بعث المشيشي، من قطر رسائل طمأنة حول الإصلاح الاقتصادي، معتبرا أن “القطاع الخاص لا بد أن يلقى حظه ويجد التشجيع اللازم وهو ما يتم العمل عليه خلال هذه الفترة”.
الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي قال إنه “من الواضح أن الحكومة ليس لديها تطمينات للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، وتجسد ذلك من خلال الزيارات إلى ليبيا وفرنسا وقطر”.
وأضاف: “لدينا احتياجات كبيرة ومبلغ كبير يجب تسديده كديون تصل إلى 15.6 مليار دينار (5.50 مليارات دولار)، بالعملة الصعبة في ظل التزامات قاسية الأشهر المقبلة”.
وحذر من “الوصول إلى مرحلة العجز عن سداد الديون الخارجية، وهذا يعطي انعكاسا سيئا ويشجع مؤسسات التصنيف السيادي للنزول بتونس إلى التصنيف (C)، ما يثنيها عن الاقتراض مجددا من المؤسسات المانحة”.
وأوضح أن “هذه الزيارات هي بحث عن حلول بديلة إذا تعثرت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي اشترط هذه المرة توقيع المنظمات الوطنية، ولكن هناك خلاف على محتوى البرنامج خاصة مع المنظمة الشغيلة”.
ويرى الشكندالي أن “المؤسسات المانحة لا يمكن أن توقع مع حكومات ترى أنها غير مستقرة، والرسائل التي تبعثها رئاسة الجمهورية سلبية باعتبار أنها تقول إن هذه الحكومة لن تكون مستقرة في الأشهر القادمة”.
واعتبر أن “الوعود التي أخذناها من ليبيا وفرنسا وقطر، لا تُحسم على أرض الواقع بسهولة باستثناء ليبيا، التي ستذهب بمغامرة مع تونس حتى إن لم تكن حكومة مستقرة”.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، إن “تونس تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية ومالية وسياسية وصحية صعبة”.
وأضاف أن “مستحقات الدين العمومي بلغت 16.3 مليار دينار (6 مليارات دولار) سنة 2021، وفي مقابل ذلك تونس في حاجة إلى تعبئة قروض إضافية بقيمة 18.7 مليار دينار (6.85 مليارات دولار)”.
وتابع أن “الدولة لا تستطيع دخول السوق المالية الدولية لتقترض، إن لم يكن لديها برنامج مع صندوق النقد الدولي، في حين تونس ليس لديها برنامج مع الصندوق”.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن “تونس لديها إشكال مع صندوق النقد الدولي في برنامجي 2013 و2016 لأنها تعهدت القيام بإصلاحات ولم تلتزم بذلك”.
وفي ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها الاقتصاد التونسي، فإنها “إذا لم تستطع الاقتراض فلا يمكن لها تسديد الدين وهذا يعطينا فكرة على مدى صعوبة الوضع والموقف”، وفق قوله.
وأكد سعيدان أنه “لا بد من المرور عن طريق صندوق النقد الدولي وهذا ما يؤدي إلى تجديد تونس التزامها في إصلاحات صعب تحقيقها”.
(الأناضول)
الدول عليها أن تحذر أين تضع ودائعها وأموالها خاصة في البلاد التي يسري فيها الفساد مثل النار في الهشيم.