النتائج المتوقعة من قمة أردوغان – بايدن

مع حلول يونيو، ازدادت التحركات السياسية بشكل ملحوظ في تركيا، مثلما هو الحال بالنسبة إلى بقية دول العالم، خاصة على صعيد السياسة الخارجية. في خضم ذلك، يستعد الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي جو بايدن، لعقد اجتماع في بروكسل يوم 14 يونيو، على هامش قمة زعماء الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفي أواخر الشهر الجاري، ستناقش قمة لزعماء دول الاتحاد الأوروبي وضع جدول أعمال «إيجابي» مع تركيا.
تتابع عواصم الاتحاد الأوروبي المسار الذي تخطط واشنطن لاتباعه مع أنقرة، ومن جهة أخرى، انصب تركيزها على المحادثات بين أنقرة وأثينا، وخلال زيارة قام بها الأسبوع الماضي إلى أثينا، أعطى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، رسائل بنّاءة على عكس الموقف الاستفزازي، الذي انتهجه نظيره اليوناني نيكوس دينْدياس، أثناء زيارته لأنقرة الشهر المنصرم. وشدد تشاووش أوغلو على ضرورة استمرار الحوار بدون انقطاع، من أجل حل المشاكل القائمة «على أساس حسن الجوار والقانون الدولي واحترام الحقوق والمصالح المتبادلة».
تركز الوسائل الإعلامية في تركيا حاليا على اللقاء المرتقب بين الرئيسين أردوغان وبايدن، وأهم القضايا التي سيتناولانِها. وفي هذا الصدد، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إن «الزعيمين سيكون لديهما جدول أعمال واسع وشامل في قضايا إقليمية مثل، شرق المتوسط وسوريا وإيران وقره باغ». وأشار سوليفان إلى أن الرئيس الأمريكي يعرف نظيره التركي جيدا، مضيفا: «بايدن وأردوغان يتطلعان لاغتنام هذه الفرصة لمراجعة العلاقات من جوانبها كافة». في سياق متصل، أظهرت مباحثات نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان، في تركيا، أن موقف واشنطن حيال شراء أنقرة صواريخ «إس -400» من روسيا لا يزال مستمراً. وأعتقد أن التركيز على قضايا التعاون من خلال وضع المشاكل القائمة جانبا، غير ممكن إلا بمبادرة من الزعيمين. وتعد أفغانستان وليبيا وأمن أوروبا الشرقية ومستقبل الناتو والعلاقات التجارية، من المجالات التي يمكن اتخاذ خطوات إيجابية بشأنها. وفي الواقع، الكرة الآن في ملعب بايدن من حيث اختيار مسار العلاقات الثنائية بين البلدين. وعلى الرغم من العبء الناجم عن قرار بايدن بشأن المزاعم الأرمنية حول أحداث عام 1915، إلا أن أردوغان أعلن رغبته في «فتح حقبة جديدة» في العلاقات مع الولايات المتحدة. دعونا نرى طبيعة دبلوماسية الزعماء التي سينتهِجها بايدن مع أردوغان، الذي يعرفه منذ فترة طويلة، خلال اجتماعهما وجها لوجه على هامش قمة الناتو.

التركيز على قضايا التعاون من خلال وضع المشاكل القائمة جانبا، غير ممكن إلا بمبادرة من الزعيمين

هناك سيناريوهان محتملان لاجتماع أردوغان وبايدن، لهما أهمية مماثلة للاجتماع الذي انعقد بين أردوغان وأوباما في مايو 2013. أولاً، على الرغم من كل المشاكل، يمكن أن يُظهر بايدن نية لاستعادة العلاقات الثنائية مع أردوغان، ويطلق بداية إيجابية، وهذا يعني أن بايدن الذي نعلم أنه يولي أهمية لآراء المؤسسات، يعمل على تكييف طابعه مع أردوغان، لإحداث فرق في العلاقات مع تركيا. ربما يستحيل حل العديد من المشكلات مثل «إس-400» و»إف-35» و»واي بي جي» و»غولن» ولكن يمكن منع تدهور العلاقات أكثر. ثانيا، يمكن أن يكون اللقاء اجتماعا دبلوماسيا ظاهريا، يعبر فيه الطرفان عن طروحاتِهما حول القضايا الإشكالية، ويتحدثان عن المواضيع التي تثير انزعاج كل منهما، وكلا الزعيمين لديهما الخبرة الكافية في هذا الإطار، وإذا تم عقد مثل هذا الاجتماع، فإن الانطباع الذي سيتشكل لدى الرأي العام التركي هو أن إدارة بايدن لم تتخل عن موقفها «السلبي» خلال الحملات الانتخابية. وإذا قرر الانتظار لما بعد انتخابات عام 2023 في تركيا، فهذا يعني تضييع فرصة تحسين العلاقات بين البلدين خلال فترة بايدن.
وفي تقرير لها حول اللقاء المرتقب، قالت «وول ستريت جورنال» الأمريكية إن «هدف بايدن خلال اجتماعه بأردوغان، يجب أن يتمثل في وضع حجر الأساس لتحالف جديد، عبر انتهاج سياسة تقدر القيمة الجيوسياسية لأنقرة.. تركيا الحالية لم تعد كما كانت في عهد أجدادكم». خلال الكلام، ستظهر نتائج اجتماع أردوغان وبايدن، وكذلك قمة قادة الاتحاد الأوروبي، في نهاية الشهر الجاري. ومن الواضح أن الدبلوماسية انتعشت بصورة لافتة في المنطقة من جديد، فالوِلايات المتحدة التي تنسحب تدريجيًا من أفغانستان، بدأت تعطي إشارات الانسحاب من العراق أيضًا. بدورها رفضت باكستان منح الجيش الأمريكي المنسحب من أفغانستان قاعدة على أراضيها. في ضوء هذه التطورات، يجب على دول المنطقة أن تبذل جهودًا دبلوماسية مكثفة لسد الفجوة التي ستتشكل في محور العراق وسوريا. ويبدو أن حرارة الصيف ستزيد من سخونة الدبلوماسية.
كاتب تركي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    أردوغان إشترى منظومة الأس 400 من روسيا لأن أمريكا رفضت بيعه الباتريوت!
    هل كان الأمريكان يحمون الصهاينة برفضهم, أم يخافون من التصنيع التركي لباتريوت محلي؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول الحضارة الانسانية لايعرفها الامريكان واوباما:

    ماذا نتوقع من بلد اجرام وقتل وخيانات، لاشيء بل الاسواء لانهم شرسين حيوانيا لااكثر.

إشترك في قائمتنا البريدية