لندن-»القدس العربي»: انشغلت العديد من المؤسسات الحقوقية والإعلامية العالمية طوال الأسبوع الماضي بالتنديد بالاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف مراسلة قناة «الجزيرة» في الأراضي الفلسطينية جيفارا البديري، ومن ثم اعتقالها قبل أن تقوم سلطات الاحتلال بإخلاء سبيلها في وقت لاحق، وهو ما اعتبره الكثير من الإعلاميين والمنظمات الحقوقية محاولة من قبل الاحتلال بطمس الحقائق والتعتيم على ما يجري من عدوان إسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مراسلة قناة «الجزيرة» القطرية يوم الخامس من حزيران/يونيو الحالي، بعد أن قامت بالاعتداء عليها، وأفرجت عنها في وقت لاحق من اعتقالها بالقدس المحتلة، كما قررت إبعادها 15 يوما عن حي الشيخ جراح.
وروت مراسلة «الجزيرة» ما تعرضت له منذ لحظة اعتقالها أثناء تغطيتها وفريق «الجزيرة» مظاهرات المتضامنين مع حي الشيخ جراح في الذكرى الـ54 للنكسة، حيث أوضحت أنها كانت بجانب زميلها المصور نبيل مزّاوي عندما استهدفها عناصر شرطة الاحتلال بشكل هجومي.
وقالت البديري إن عناصر شرطة الاحتلال طلبوا منها بطاقتها الصحافية، فطلبت منهم منحها 3 دقائق لإحضارها من السيارة، ولكنهم لم يمهلوها وبدأوا بركلها، قبل أن يضعوا الأغلال في يديها واقتيادها بوحشية إلى سيارة الشرطة.
وأضافت أن التهمة التي اعتقلت على أساسها هي «الاعتداء على مجندة إسرائيلية» مؤكدة أن التهمة لا أساس لها، مشيرة إلى أنها كانت تقول لهم حين اعتقلوها «ابتعدوا عني، أنا صحافية».
وأثار اعتقال البديري والاعتداء عليها موجة استنكار واسعة، حيث قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن «جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحافيين لا تتوقف حيث كان آخر هذه الجرائم الاعتداء على مراسلة الجزيرة جيفارا البديري ومن ثم اعتقالها كما تم الاعتداء على المصور نبيل مزاوي وتكسير الكاميرا».
وأضافت المنظمة أن «مقاطع الفيديو التي التقطت للحدث تثبت همجية قوات الاحتلال وان عملية الاعتداء على البديري ثم الاعتقال كانت ممنهجة ومتعمدة بهدف منع نقل حقيقة ما يجري من انتهاكات واعتداءات على سكان حي الشيخ جراح والمتضامنين معهم».
وبينت المنظمة أن الشهود ومقاطع الفيديو تؤكد أن جيفارا تعرضت للضرب أثناء الاعتقال على أيدي قوات الاحتلال كما أكد محاموها أنها تعرضت للضرب أثناء نقلها في سيارة الشرطة إلى مقر التحقيق.
وشددت المنظمة على ضرورة توفير الحماية للصحافيين في فلسطين في ضوء الاستهداف المنهجي الذي يتعرضون له لمنعهم من نقل حقيقة ما يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال من قهر وقمع وقتل واعتقال.
كما دعت المنظمة إلى ضرورة محاسبة كل الذين تورطوا في حادث الاعتداء على طاقم «الجزيرة» وكذلك ملاحقة كل الجرائم التي ارتكبت بحق الصحافيين فبدون محاسبة وملاحقة تجد قوات الاحتلال نفسها طليقة اليد لتفعل ما تشاء.
من جهته، قال رئيس مؤسسة العدالة الواحدة الحقوقية بفرنسا، المحامي خالد شولي، في بيان، إن الاعتداء على البديري ومصور القناة نبيل مزاوي «يشكل حلقة جديدة في مسلسل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأطقم الصحافية، في محاولة يائسة لحجب صور ومشاهد الانتهاكات التي تمارسها السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة».
وشدد على مبدأ الحماية التي يتمتع بها الصحافيون والمكفولة وفقا لقواعد القانون الدولي والقانون الإنساني، خاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف.
ولفت الشولي إلى القرارات الدولية التي تشدد على حماية الصحافيين، ومنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 109/60 لسنة 2005.
ودعا رئيس «العدالة الواحدة» الاتحاد الأوروبي، والحكومة الفرنسية، إلى التدخل الفاعل من أجل منع سلطات الاحتلال من التمادي في انتهاكاتها، وتأكيد احترام الحماية الخاصة بالصحافيين، وفقا للقانون الدولي والإنساني.
وأكدت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان «شاهد» أن اعتقال البديري في حي الشيخ جراح والاعتداء عليها بالضرب، وتحطيم كاميرا قناة «الجزيرة» هو دليل واضح على تنكر الاحتلال لكل القوانين الدولية حيث تنص المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول على أن الصحافيين يتمتعون بجميع الحقوق وأشكال الحماية الممنوحة للمدنيين في النزاعات المسلحة الدولية. وينطبق الشيء نفسه على حالات النزاع غير المسلح بمقتضى القانون الدولي العرفي.
وقالت المؤسسة «إن الصحافيين يتمتعون بحكم وضعهم كمدنيين بحماية القانون الدولي الإنساني من الهجمات المباشرة شريطة ألا يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية، وتشكل أي مخالفة لهذه القاعدة انتهاكاً خطيراً لاتفاقيات جنيف وبروتوكولها الإضافي الأول. فضلاً عن أن التعمد في توجيه هجوم مباشر ضد شخص مدني يرقى أيضاً إلى جريمة حرب بمقتضى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية».
كما أشارت «شاهد» إلى أن هذه الاعتداءات على الطواقم الصحافية يعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة وليست عشوائية للتغطية على جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين.