تونس.. شظايا أزمة سعيد والمشيشي تصيب “مكافحة الفساد”

حجم الخط
2

تونس- عائشة الغربي: أحدثت إقالة رئاسة الحكومة التونسية هشام المشيشي، لرئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (دستورية) عماد بوخريص، جدلا قانونيا وسياسيا في البلاد.

وعينت الحكومة القاضي عماد بن الطالب علي رئيسا للهيئة خلفا لبوخريص الذي سيُدعى إلى مهام أخرى، وفق بيان نشرته الحكومة قبل أيام، دون توضيح أسباب الإقالة أو المهام الأخرى.

ولم تتجاوز فترة ترؤس عماد بوخريص للهيئة 10 أشهر، منذ أن عينه رئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ في أغسطس/آب الماضي، مكان شوقي الطبيب الذي أعفي من مهامه آنذاك.

وأرجعت جهات قرار الإقالة إلى تصريح بوخريص في مارس/آذار الماضي، قال فيه “إنّ الهيئة تمتلك ملف فساد كبير”.

رئيس الدولة “ينحاز”

وذكر حينها، أنّ الملف “يهم شخصيات نافذة في تونس، وسيتم الكشف عن تفاصيله قريبا”.

من جهته، استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، بقصر قرطاج، رئيس الهيئة المُقال “الذي أطلع رئيس الدولة على كل الصعوبات التي وجدها وواجهها وعلى الأسباب الحقيقية التي أدت إلى إقالته، فضلا عن الجوانب القانونية التي لم يقع احترامها في قرار الإقالة”، وفق بيان الرئاسة.

وقال سعيد في لقائه ببوخريص إنّ “إعفاءه كان متوقعًا لأنه أثار جملة من القضايا وقدم جملة من الإثباتات المتعلقة بعدة أشخاص”.

هذا اللقاء، عده مراقبون له علاقة بشكل أو بآخر بالأزمة السياسية التي تعرفها البلاد إثر الخلافات بين الرئيس سعيد ورئيس الحكومة المشيشي؛ بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير/كانون الثاني الماضي.

ورغم مصادقة البرلمان على التعديل، إلا أن سعيد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبرا أن التعديل شابته “خروقات”، وهو ما يرفضه المشيشي.

من جانبه قال بوخريص في حوار له مع صحيفة المغرب (المحلية)، نُشر الأربعاء، إنّ هناك “مستشاري سوء في الحكومة”.

وأكد على “ارتباط جزء مهم وفاعل بمنظومة الحكم بأخطبوط الفساد”.

وعبّر، وفق الصحيفة، “عن خوفه على البلاد بسبب هذه القرارات اللامسؤولة، التي ستكون لها تبعات ونتائج وخيمة على صورة تونس”.

بدورها، استنكرت منظمة “أنا يقظ” (مستقلة) في بيان لها، قرار تعيين بن طالب على رأس هيئة مكافحة الفساد، ووصفته بالتعيين المشبوه.

وذكرت “أنا يقظ” أنّها رفعت دعوى جزائية ضده بتاريخ 16 يونيو/حزيران 2020 بتهمة “الإضرار بالإدارة والتستر على جملة من التجاوزات القانونية وخرق الإجراءات والتراتيب المعمول بها”.

“القضاء العدلي”.. استقلالية القضاة

في المقابل، أعلن مجلس القضاء العدلي (قضائي مستقل) ، الثلاثاء، في بيان أنه أقر “إنهاء إلحاق قضاة من الصنف العدلي (ممن يجلسون على منصات القضاء) لشغل مناصب برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والوزارات والهيئات التي لا يفرض القانون وجوبية وجود قاض عدلي ضمن تركيبتها”.

وذكر المجلس أنّ القرار يأتي لحرصه “على تكريس مبادئ الاستقلالية والحياد والنأي بالسلطة القضائية عن جميع التجاذبات السياسية”.
هذا القرار عده رابح الخرايفي الباحث في القانون الدستوري، أنّه “تاريخي يمثل تكريسا حقيقيّا لاستقلالية السلطة القضائية وحمايتها من العبث، بإخراج القضاة من قلب المعارك السياسية والتجاذبات”.

وأضاف أن هناك تأخر في “أخذ هذا القرار الشجاع والجريء”.

وتابع: “المجلس الأعلى للقضاء أقر باسترجاع القضاة العدليين أي أن القاضي بن طالب مطالب بالعودة إلى عمله واعتبار قرار التسمية لاغ”.

وذكر أنه “إذا تمسك بالمنصب فيمكن له أن يقدم استقالته أمام القضاء أو أن يُعرض أمام مجلس التأديب”.

في المقابل، قال القاضي السابق في المحكمة الإدارية، أحمد صواب، إنّ “قرار المجلس متسرّع وانطباعي، وهو نتيجة للصراع حول ملف هيئة مكافحة الفساد”.

وذكر أنّه “يعد إفراغًا تاما لحق القاضي في النقل، والأصل أنه لا يجوز إفراغ حقه الدستوري في الإلحاق الكامل”.

كما أوضح أنه ينال من الحقوق المكتسبة لمن هم في وضعية إلحاق أساسا.

وبين “مبدئيّا أصبح القاضيان بن طالب وبوخريص مطالبان بالعودة إلى القضاء”.

وأشار إلى أنّ هذا القرار قابل للطعن أمام المحكمة الإدارية.

واعتبر أحمد صواب، أنّ “عزل عماد بوخريص مخالف لروح التشريع ونصه، الذي يقتضي بقاءه على رأس الهيئة لمدة 6 سنوات ولا يجوز قطعها إلا في حالة خطأ جسيم أو تتبع جزائي”.

وتابع “الهيئة دستورية مستقلة ولا تتدخل فيها أية سلطة، وبالتالي فهو قرار غير شرعي”.

تجاذبات سياسية

وعن علاقة الإقالة بالأزمة السياسية، لفت رابح الخرايفي أنّ “تصريح رئيس الهيئة بوخريص في شهر مارس/آذار الماضي، الذي قال فيه إنه سيحيل ملفات ثقيلة لسياسيين نافذين، أزعج لوبيات الفساد في الحزام السياسي للحكومة الذي تحرك ليُقيله قبل أن يحيل هذه الملفات على القضاء.”

وبين أن هناك تقديرًا من اللوبي بأن الهيئة أصبحت أداة في يد رئيس الجمهورية لمكافحة الخصوم.

وأكمل: “هناك فرضية أخرى مسكوت عنها وهي محاولة حشر رئيس الجمهورية مرة أخرى في الزاوية لمراكمة المشاكل ليبرز مرة أخرى كمعطل لعمل المؤسسات في حال رفض أن يؤدي رئيس الهيئة الجديد أداء اليمين أمامه”.

فيما علق القاضي صواب بأنّ القرار ليس مفاجئا، لأن “عماد بوخريص عند تسميته خلفا للعميد شوقي الطبيب، وضع نفسه وسط تجاذبات سياسية، خاصة أن الطبيب أقيل من الهيئة بعد خلاف سياسي عميق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال آنذاك، إلياس فخفاخ”.

وأضاف “ما يؤكد تعيينه السياسي، أنّ شوقي الطبيب عُزل في نفس الظروف التي عُزل فيها بوخريص، لكن رئيس الجمهورية استقبل الثاني ولم يستقبل الأول وقال عن إقالته إنها غير شرعية”.

هل أخطأ رئيس الهيئة المُقال؟

وعن تصريحات رئيس الهيئة المُقال المتعلقة بملف الفساد، رأى القاضي صواب، أنه مضى عليها أكثر من شهرين دون أي جديد.

وقال: “لا يليق بقاض التصريح بمثل ذلك دون تقديم أية مستجدات، خاصة أنه قال سوف يكشف عنها قريبا”.

وأوضح أنّ هيئة مكافحة الفساد أصبحت في سبات في عهده، كما قام وفق قوله بـ”مجزرة في حق الأعوان (رجال الأمن) ولم نرَ في فترة رئاسته ملفا خارقا أو تطويرا في الهيكلة”.

وأضاف “بوخريص لم يعرف بنضاله أو أحكامه الجريئة وكان منسجما مع نظام زين العابدين بن علي (الذي أطاحت به ثورة 2011)”.

يُذكر أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أُحدثت في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وتتولى اقتراح سياسات لمكافحة الفساد، وإصدار مبادئ توجيهية عامة، كما تبدي رأيها في مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمكافحة الفساد.

وتجمع الهيئة، البيانات المتعلقة بالفساد، وتسهل الاتصال بين الجهات الفاعلة، وتنشر ثقافة مكافحة الفساد.

ولا تحل الهيئة محل أي هيكل رقابي آخر قائم لأنها تتلقى الطلبات والمعلومات المتعلقة بقضايا الفساد، وتحقق فيها ويجب عليها إحالتها إلى العدالة.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ماغون:

    النهضة تتحكم في المشهد السياسي كما تشاء وتريد ولا أحد يستطيع إزاحة النهضة من موقعها قيد أنملة.
    النهضة متغلغلة في جميع مفاصل الدولة ومجرد الإطاحة بالنهضة يعتبر ضربا من الخيال.
    خطأ النهضة الوحيد أنها لم تقم وزنا للوضع الإجتماعي وحالات الفقر والتشغيل وكثير من المناظرات جمدتها.
    خطأ النضهة الشارع الذي هو من سيطيح بها كما أطاح بأعتى القوى المتحكمة.
    ما لم تتدارك النهضة وضعها فإنها ساقطة لا محالة ولو بالتآكل من قبل الدهر.

  2. يقول ماغون:

    النهضة تتحكم في المشهد السياسي كما تشاء وتريد ولا أحد يستطيع إزاحة النهضة من موقعها قيد أنملة.
    النهضة متغلغلة في جميع مفاصل الدولة ومجرد الإطاحة بالنهضة يعتبر ضربا من الخيال.
    خطأ النهضة الوحيد أنها لم تقم وزنا للوضع الإجتماعي وحالات الفقر والتشغيل وكثير من المناظرات جمدتها.
    خطأ النهضة الشارع الذي هو من سيطيح بها كما أطاح بأعتى القوى المتحكمة.
    ما لم تتدارك النهضة وضعها فإنها ساقطة لا محالة ولو بالتآكل من قبل الدهر.

إشترك في قائمتنا البريدية