غزة ـ «القدس العربي»: أعلن إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن العلاقات بين حركته وبين إيران “قديمة ومتينة”، مؤكدا في الوقت ذاته حرص حماس على إقامة علاقات مع جميع الدول. لكنه أشار إلى وجود تراجع في العلاقة مع مصر، التي دعاها للضغط على إسرائيل لإنهاء حصار غزة، وانتقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة فتح، لعدم التزامهم باتفاق المصالحة.
وقال في سياق مقابلة بثتها فضائية “الأقصى” التابعة لحماس، الليلة قبل الماضية حين جاء على العلاقة التي تربط حركة حماس بإيران إنها “قديمة ومتينة”، مشيرا إلى أن نقطة الالتقاء معها في الدعم الذي تقدمه للمقاومة والقدس، مؤكدا أيضا أن العلاقة مع إيران “ليست على حساب ثوابت الشعب الفلسطيني أو ثوابت الحركة داخلياً وإقليمياً”. وشدد على أن الشعب الفلسطيني كونه شعبا يرزح تحت الاحتلال “بحاجة لعمق استراتيجي عربي وإسلامي”.
ولم تعد العلاقة بين الطرفين كما كانت منذ أن خرجت قيادة حماس من سوريا الحليف الأقوى لإيران في المنطقة، مع تفجر الثورة هناك.
وزار هنية إيران خلال توليه رئاسة الحكومة الفلسطينية بعد الانتخابات الفلسطينية التي أجريت مطلع عام 2006، وفازت فيها حماس. ومؤخرا زار وفد رفيع من الحركة العاصمة الإيرانية طهران، وهناك ترتيبات لزيارة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل المقيم في قطر إلى طهران قريبا.
وتحدث هنية عن علاقة حماس مع دولة قطر، وقال إن العلاقة معها “وطيدة”، وأضاف “إنها وقفت وما زالت مع الشعب الفلسطيني بشكل عام وغزة بشكل خاص”. وأكد هنية على متانة العلاقات القطرية بالشعب الفلسطيني وحركته، التي ارتفعت بموقفها المناهض للحصار والعدوان وزيارة والد الأمير إلى غزة.
وحين تطرق إلى ملف المصالحة الأخيرة التي تمت بين قطر ومصر، استبعد هنية أن تؤثر هذه المصالحة على دعم الفلسطينيين، وقال “لا يمكن أن تكون مصالحة قطر مع مصر على حساب دعمها لشعبنا، وقادة حماس ورئيس مكتبها السياسي يقيمون في قطر، ولم يطلب أحد منهم أي شيء سواء بالإقامة أو النشاط السياسي والإعلامي”.
وجاء هنية في المقابلة على علاقات حماس بمصر التي تشهد توترا منذ أن تم عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وقال إن هناك اتصالات مع المخابرات المصرية، وإن هذه الاتصالات “لم تنقطع”، لكنه أشار إلى أنها “ليست بالمستوى التي كانت عليه في السابق في عهد الرئيس المصري محمد مرسي وما سبقه”. وانتقد الحملات الإعلامية التي تشنها وسائل إعلام مصرية ضد حماس، وقال إنها “حملات تشويه، لا تعبر عن ضمير الشعب المصري”.
وفي حديثه عن الحملة الأمنية التي تقوم بها مصر في منطقة شمال سيناء المتاخمة لحدود غزة، قال إن هذا حق لمصر، “بشرط ألا تؤثر تلك الإجراءات على الشعب الفلسطيني وأهل قطاع غزة”. وطالب مصر بفتح معبر رفح، ومتابعة الملفات الفلسطينية لا سيما الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي والضغط على إسرائيل لإنهاء الحصار وإقامة ميناء ومطار في غزة.
وتغلق مصر معبر رفح البري منذ أن شرعت قبل أكثر من شهرين في حملة أمنية في سيناء، وتوسطت مصر في التهدئة التي أبرمتها الفصائل الفلسطينية مع إسرائيل، وأنهت حرب “الجرف الصامد” قبل أكثر من أربعة أشهر.
وشملت المقابلة الحديث عن ملف المصالحة الداخلية مع حركة فتح، التي تشهد في هذه الأوقات توترا كبيرا، نجم عنه تبادل للاتهامات بين الحركتين. وقال هنية إن المصالحة تمر في هذه الأوقات بـ “منعطف خطير”، وانتقد أداء الرئيس الفلسطيني محمود عباس تجاه تحقيق المصالحة، وقال “على الرئيس أن ينطلق بعيدا عن الحسابات الضيقة والخاصة، والنظر للفضاء الواسع لقضيتنا ومتطلبات الإجماع الوطني”. وأضاف “ما لم تكن هناك إرادة سياسية حقيقية من عند الرئيس عباس بضرورة الالتزام بما تم التوقيع عليه، ستبقى الأمور تراوح مكانها”.
وفي الوقت ذاته أكد على أن لحماس والفصائل الحق في أن تدرس الخيارات “حتى لا نسمح باقتطاع غزة من المشروع الوطني”.
وأكد أن المصالحة “تسير ببطء شديد بسبب عدم الإيفاء بالتزامات اتفاق الشاطئ، والملفات المنوطة بحكومة التوافق الوطني”، موضحا وجهة نظر حماس تجاه المصالحة، وقال إنها تؤمن بأن تكون قائمة على “الشراكة وعدم إقصاء أي طرف”.
ولم يبد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس تفاؤلا كبيرا، تجاه زيارة وفد وزاري من حكومة التوافق الوطني لقطاع غزة في هذه الأيام قادما من الضفة الغربية. وقال “الزيارة يمكن لها أن تضع القطار على السكة وتعالج المشاكل الحقيقية التي يعاني منها القطاع”، ومتهما الحكومة بأنها لم تنجح في التعبير على أنها لـ “الكل الفلسطيني”. وأضاف “تتعامل مع غزة وكأنها خارج الجغرافيا السياسية، ولم تقم بالمهمات المنوطة بها حسب الاتفاقات الموقعة”.
وفي السياق قال إن الحكومة لم تدرج موظفي غزة ضمن الهيكل الإداري للحكومة والسلطة، وأنها “تتعامل بانتقائية” مع غزة.
ووقعت حركتا فتح وحماس في نيسان/ أبريل الماضي اتفاقا، لإنهاء الخلاف، وفق تفاهمات القاهرة والدوحة، أفضى في حزيران/ يونيو الماضي إلى تشكيل حكومة توافق وطني من شخصيات مستقلة، لكن الخلافات حول الحكومة تفاقمت، واتهمتها مرارا حماس بأنها لا تكترث بقضايا قطاع غزة وهمومه، في حين تتهم حركة فتح خصمها حماس بعدم تسهيل عمل الحكومة في القطاع.
وبشأن ملف تعامل حماس مع النائب محمد دحلان، المفصول من فتح، في ظل خلافاته مع الرئيس عباس، قال هنية إن حماس تتعامل بشأن اتفاق المصالحة مع فتح والرئيس عباس الذين وقعت معهم الاتفاق.
وقال وهو يتحدث عن تعامل حماس مع دحلان في غزة “الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة، تدفعنا لنرحب بكل من يريد تقديم أي مساعدات غير مشروطة، وغير مرتبطة بأجندة إقليمية، وأن يجري توزيعها بشفافية”.
وفي ملف المفاوضات والتسوية، قال هنية إن هذه المفاوضات “وصلت إلى الفشل ولا حاجة لها ضمن مسيرة الشعب الفلسطيني”. وانتقد المشروع الفلسطيني المقدم في مجلس الأمن لتحديد سقف زمني لإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقال إنه “ينافي حقوق الشعب الفلسطيني وفيه تلميحات بإسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين”.
إلى ذلك أكد وجود أسرى من الجنود الإسرائيليين في قبضة الجناح المسلح لحركة حماس خلال الحرب الأخيرة، لكنه لم يعط أي تفاصيل حول الملف.
أشرف الهور