لا أحد يساوره شك في أننا نعيش زمنا صعبا بكل المقاييس، في مشرقنا ومغربنا. لا أحد يمكنه أن يزايد على الآخر بأنه في رفاهية ونعيم. نعيش الوباء في كل مراحله وأحزانه. ونعيش الندرة في الأشياء التي لا تقدر بثمن. ندرة المياه. في عز الصيف تكاثرت انقطاعات مياه الشرب في المدن، التي لم تحسب حسابا لهذه الأيام الصعبة. المدن التي اختفت فيها الأواني البلاستيكية التي كانت تغزو الشرفات والفناءات. ها هي الجزائر الجديدة تخذلنا بالمظاهر البالية التي تعود بين الحين والآخر. بعدما أصبحنا نشتري ماء ربي صباح مساء وفي كل مكان. الخزانات الحديدية التي تحملها الجرارات وضجيجها ستصبح الموسيقى التي نسمعها كل يوم. وكل ما نرجوه أن لا تجف مصادر جلب الماء تلك، وأن يرحمنا رب السماء بالأمطار.
ماذا بقي للمواطن التونسي بعد الغلاء والوباء. تونس التي انتفضت في زمن بورقيبة ضد زيادة بسيطة في سعر الخبز، وقتها في 1984. والآن وبعدما أصبح كل شيء نارا لا يمكن الاقتراب منه في عز أزمة اقتصادية كبيرة، لا انتفاضة ملح ولا خبز، لكن انتفاضة من أجل البقاء وافتكاك الحياة من مخالب وباء كورونا، الذي انتشر في عديد المدن التي أصبحت تستغيث عبر منصات التواصل الاجتماعي. والبلد الذي لم تتغلغل كورونا به تغلغت فيه الاغتصابات وانتهاك الحرمات.
موريتانيا التي انقلبت فيها الأوضاع على النساء وأصبحن فريسة سهلة للمغتصبين. وإن غابت المواجهة الشريفة بين الأحياء حلت لعنة الأحياء على الأموات والاتهامات الجزافية على من صنعوا الدولة وأسسوا للمقاومة في الجزائر.
يعود الأمير عبد القادر ببرنسه ولحافه للظهور على مواقع التواصل الاجتماعي كشخصية توحد حولها الجزائريون من مختلف مشاربهم، وتآلفت قلوبهم. كأنهم يقولون دعوا الأموات يرتاحون. ودعونا نتشبث بما صنعوه من أفعال وحركات ايجابية. مثلما يصنع الأوائل الأمجاد يواصلها الجيل الحالي. وهذه المرة نساء تونس وبطلاته يعدن الأمل ويزرعن بصيص أمل وفرح في ظل الأحزان المتواترة. أنس ودرة. إسمان على مسمى.
النار تلد الرماد: أيت حمودة وتخوين الأمير
بعد تصريحات النائب السابق نور الدين آيت حمودة، نجل الشهيد العقيد عميروش، عن عمالة الأمير عبد القادر الجزائري وبيعه للجزائر، استدعت سلطة الضبط السمعي البصري مدير قناة «الحياة». ما دفع الفناة لأن تحذف الحوار الذي أجرته مع آيت حمودة، كما جاء في موقع «اوراس». حيث يضيف الموقع أن تلك التصريحات أثارت جدلا واسعا وسط الجزائريين. وقررت عائلة الأمير عبد القادر ومجموعة من المحامين مقاضاة نجل العقيد عميروش، إثر التصريحات التي أطلقها تجاه أحد رموز الدولة الجزائرية.
وأطلق العديد من المحامين منهم حسنة بورنان ولحسن تواتي ومحمد زواوي وإبراهيم بوترعة وعادل اسماعيل الخميس الماضي نداء للانضمام إلى قائمة الشخصيات، التي قررت مقاضاة نور الدين آيت حمودة.
وهاجم عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي قناة «الحياة» بسبب سماحها بتمرير تصريحات مسيئة لرموز الدولة الجزائرية.
وعلق أستاذ العلوم السياسية توفيق بوقعدة، قائلاً: «أطالب بغلق دكانة «الحياة» التي سمحت بمرور شخص أساء للأمير عبد القادر، ونشرت فحشاء قول آيت حمودة».
ودونت المحامية حسنة بورنان: «أقترح أن ترفع الشكوى ضد المسيئين لرموزنا التاريخية (المير عبد القادر، مصالي الحاج، هواري بومدين) وأن تكون شكاوى مرفوعة على مستوى جميع ولايات التراب الوطني ضد «آيت حمودة» وقناة «الحياة» التي فتحت المجال لهذا المسيء».
يبدو أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مختلف مشاربهم الثقافية والايديولوجية اتفقوا على رفض هذه الإساءة والتعليق عليها في زمن لا يحتاج لفتح مثل هذه القضايا، التي تعبر عن «شطحات» لتغيير اتجاهات الرأي العام الجزائري وتشتيت أفكاره وتبديد لحمته والتحامه حول رموزه.
بينما تصنع بعض المجتمعات رموزها من الخيال، تتحول الشخصيات التاريخية عندنا، مهما كانت أخطاؤها، إلى كوابيس تقض مضاجعنا في الحاضر. لكل فارس هفوة ولكل جواد كبوة. ولا يوجد في التاريخ من العظماء من لم يتهم بتهمة أو أخرى. واتهام العقيد عميروش بذبح وإعدام ألف مواطن في ما سمي بمؤامرة «لابلويت» أي أولئك الذين التحقوا بالثورة بعد 56، تهم طالت الرموز القديمة والجديدة. وصمت الباحثين وأصوات الحق، تشبه صمت القبور، لكن الجزائر ليست في حاجة لطعنها في شرف رموزها الأموات وفي هذا الزمن بالذات. دعوهم يرقدون بسلام. ولندع الجزائر تستعيد همتها. بعيدا عن فقاعات تكبر ثم تتلاشى بنسفة واحدة.
استغاثة باجة بعد القيروان ورياضيات يصنعن الفرح
إن حمل الوباء على بلد أخضر كتونس عظيم جدا. في كل مرة تريد أن تتعافى وتفتح أبواب الأمل والحياة والنشاط السياحي الحيوي، تتوالى الخيبات في استغاثات بالجملة من مدن بأكملها. بداية استغاثة القيروان، التي رافقت تدوينات ومطالبات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دشن هؤلاء حملة افتراضية تحت شعار «القيروان تستغيث» لمطالبة السلطات بتكثيف جهودها لمساعدة المدينة الواقعة وسط البلاد على الحد من تفشي وباء كورونا. ونشر مدونون صورا ومقاطع فيديو تبرز تردي الأوضاع الصحية في المدينة وفشل المنظومة الصحية في استيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين بالفيروس، يقول موقع أصوات مغاربية – تونس. كما أضاف الموقع أن وزارة الصحة «تفاعلت مع تفاقم الوضع الوبائي في المدينة، وتم ارسال فريق طبي في اختصاصي الاستعجالي والانعاش يقوده المدير العام للصحة فيصل بن صالح. كذلك نشرت رئاسة الجمهورية على صفحتها الرسمية على «فيسبوك» التدوينة التالية: «نتيجة لانتشار عدوى فيروس كوفيد 19 قرر رئيس الجمهورية قيس سعيد السبت 19 يونيو / حزيران 2021 تركيز مستشفى عسكري ميداني في القيروان لمواجهة هذا الوضع الصحي ولمعاضدة الجهود التي يبذلها الإطار الطبي وشبه الطبي في الجهة. وتنفيذا لتعليمات رئيس الدولة بتركيز هذا المستشفى بأسرع الأوقات، ستتحول وحدات من الإدارة العامة للصحة العسكرية في الساعات القليلة المقبلة إلى القيروان للشروع في تركيز هذا المستشفى الميداني».
ولم تتعاف القيروان بعد، حتى انتشرت استغاثة ولاية «باجة» بتسجيل 11 حالة وفاة و494 إصابة بفيروس كورونا. باجة بلاد «المندرة والصابة» تستغيث هي الأخرى. هكذا دونت النائبة في البرلمان «سهير العسكري» على صفحتها على «فيسبوك»: «باجة تستغيث لوحدها. لوحدها تجابه مدينة باجة الجائحة حيث يفتك الوباء بأهالينا في انتشار رهيب للعدوى وارتفاع عدد الضحايا وفي المقابل لامجيب ولا مستجيب على المستوى الحكومي.
وتابعت، حسب ما جاء على موقع «قناة التاسعة» قائلة: «أحمل رئاسة الحكومة ووزارة الصحة المسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في باجة وأمام تصاعد الكارثة وتراخي الحكومة رجاؤنا ودعوتنا للسيد رئيس الجمهورية التدخل عبر توجيه فريق الصحة العسكرية للتدخل الميداني في باجة ومعاضدة مجهود الإطار الصحي في الجهة، مثلما حدث ذلك في القيروان والحاكمة وسوسة».
أمام هذا المشهد الصحي المتأزم في تونس، وبالرغم من صيتها عند جيرانها في المجال الطبي في القطاع الخاص، تأتي بعض الأفراح والانتصارات التي تغير كآبة كل ذلك. فلن يمر فوز أنس جابر بطلة التنس، وباعتبارها أول تونسية وأول عربية تحرز لقبا في بطولة برمنغهام لرابطة محترفات التنس، من دون البهجة التي زرعت على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل رواد منصات التواصل بفرح كبير وفخر بالبطلة وإنجازاتها منذ عدة أشهر. كتب مهدي جمعة على صفحته: «مبروك أنس جابر. نحن فخورون بك وبما تمثله المرأة التونسية المثابرة التي لا تعترف باليأس وتجاهد حتى تحقق الحلم. المرأة التونسية السباقة في رفع الراية الوطنية».
أنس ذات الـ26 عاما زرعت أنسا وألفة، وغيرت بعض الأحزان من على مواقع التواصل الاجتماعي التي بقيت فضاءات للنعي المتكرر. فدون فتحي ليسير: «البطلة أنس جابر تهدي التونسيين رشة فرح في وقت عزت فيه البهجة ونضب معين المرح. المجد للمرأة التونسية».
أنس جابر الاستثناء الجميل، مثلها مثل الدكتورة درة محفوظي، الطبيبة المقيمة في اختصاص الجراحة والرياضية. نساء يصنعن افراح تونس.
كتب أحمد بوشعير على صفحته على «فيسبوك»: «مبروك للدكتورة درة محفوظي الطبيبة المقيمة باختصاص الجراحة ومناضلة المنظمة التونسية للأطباء الشبان، تتويجها بالميدالية الذهبية لألعاب القوى للمرة الثالثة على التوالي في إطار البطولة العربية لألعاب القوى. اليوم درة وأنس رفعوا راية تونس عربيا وعالميا. أكثر من تتويج. برشة أمل. اليوم تونس بنسائها انتصرت. شكرا درة. مبروك لكل التونسيات والتونسيين.
والانتصار الكبير أن تخرج البلاد من أزماتها وأن تبرز كل طاقاتها وتتفتح ورودها وتخضر وسط مغارب نتمنى لها النهوض والتعافي من كل منغصاتها الداخلية والخارجية. وأن تذوب الحدود في السياسات والأفكار لتتسع المساحات والفضاءات.
كاتبة من الجزائر
منذ عقود وخبراء الأنواء ينبهون وينذرون بأن شمال إفريقيا والشرق الأوسط ينتظرهما مستقبل أسود في ميدان الماء ، وهذا قبل فكرة “سد النهضة” ، لكن لا حياة لمن تنادي .
“أوضحت مصالح الشرطة ، في بلاغ إعلامي ، أنه في إطار محاربة كافة الممارسات التي من شأنها المساس برموز الثورة التحريرية قامت عناصر أمن دائرة قمار بمعالجة قضية تتعلق بنشر تعليقات ماسة برمز من رموز الثورة التحريرية بولاية الوادي عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ، … ، ليتم بعدها التنسيق مع الجهات القضائية … ، وتقديمه أمام الجهات القضائية حيث صدر في حقه أمر إيداع بالمؤسسة العقابية”. فلماذا الكيل بمكيالين وليس بمكيال واحد ؟ .