بغداد ـ «القدس العربي» ـ من مصطفى العبيدي: على العكس من معظم شعوب العالم، استقبل العراقيون العام الجديد بمشاعر القلق وغياب الفرح وضعف الأمل، في ظل مستقبل محفوف بالمخاطر ومؤشرات لا تبعث على الاطمئنان سواء ما يتعلق بميزانية 2015 التقشفية، أو ما يتعلق بالوضع الأمني المتأزم أو بمأساة ملايين النازحين والمهجرين من ديارهم.
وبالرغم من بعض مظاهر الاحتفالات التي حاول نفر من الشباب أن يشغلوا أنفسهم بها عبر إطلاق الألعاب النارية والتجمع في بعض مناطق العاصمة مساء مثل ساحة الفردوس التي نصب فيها متطوعون شجرة كبيرة مزينة بالمصابيح، ومع بعض الحفلات البسيطة في الفنادق والنوادي القليلة الموجودة في بغداد.
وحتى إلغاء حظر التجوال لليلة السنة الجديدة لاتاحة الفرصة للمحتفلين إلا أن الإقبال لم يكن كبيرا كالسابق بسبب الوضع العام والمخاوف الأمنية من التحرك ليلا، إلا أن مشاعر الجميع الذين التقاهم مراسل الصحيفة في بغداد، اجمعت على أمنية أساسية وهي عودة الأمن المفقود وإنهاء الطائفية وتحرير أراضي الوطن من داعش والميليشيات والفساد، مع أمنيات بتحسن الوضع الاقتصادي الذي يبدو أنه بعيد المنال.
وعبّر الكثير من الشباب العراقيين من خريجي الجامعات المتجمعين في شوارع العاصمة العراقية، عن إصابتهم بالإحباط من مشروع ميزانية 2015 الذي لا توجد فيه فقرة لتعيينات جديدة عدا بعض الوظائف في الجيش والشرطة.
وذكر مصطفى جاسم المتعاقد مع وزارة العلوم منذ اربع سنوات، أن العام الجديد لا يحمل مؤشرات خير، حيث كان يأمل في تثبيت تعيينه هذا العام ولكنه تفاجأ بعدم وجود تعيينات جديدة في ميزانية 2015 بل إنه يخشى ان يتم التخلي عن المتعاقدين وانهاء عقودهم مع الدوائر الحكومية.
وفي هذا السياق، فقد أعلن مصدر أمني أن الشرطة النهرية أنقذت في آخر ساعات عام 2014 شابا أقدم على الانتحار بالقاء نفسه من فوق جسر الجمهورية وسط بغداد إلى نهر دجلة هربا من البطالة.
وذكرت المدرسة منار علي ان شجرة الميلاد والعام الجديد التي يضعونها كل عام وسط ساحة المدرسة، امتلأت هذه الأيام بأوراق الأمنيات التي أجمعت على الدعاء بعودة الأمن إلى العراق واستقرار الأوضاع .وأشارت ان معظم الطالبات تخلن عن امنيات التخرج والتعيين والزواج الذي كنا معتادين أن نراها في تلك الأوراق كل عام، واصبح الهم المشترك هو غياب الأمان عن شوارع العراق ومدنه.
أما محمد عبد الله فقد ذكر في اتصال هاتفي من مخيم النازحين في السليمانية أن كل ما يتمناه الآن هو العودة مع عائلته إلى الفلوجة في محافظة الأنبار، وأنه قلق جدا على والديه الذين بقيا في دارهم هناك ورفضوا ترك المدينة رغم القصف المتواصل عليها طوال العام الماضي، وأكد عبد الله ان حياة الملايين من النازحين لا تطاق واصبحوا يائسين من المستقبل ومن مد يد العون لهم سواء من الحكومة او من المنظمات الإنسانية.
وتحدث محسن الجنابي التاجر في شارع النهر ببغداد، أن الوضع الاقتصادي في السوق شبه المشلول هذه الأيام بعد اخبار الميزانية التقشفية والضرائب التي تنوي الحكومة فرضها لسد العجز على معظم الخدمات والواردات من الخارج، إضافة إلى الوضع الأمني المقلق في المناطق الغربية والشمالية، كل ذلك أجهض الفرحة بقدوم العام الجديد.
ويبدو أن المؤشرات السلبية في الوضع الأمني والاقتصادي السائدة حاليا والمتوقع امتدادها للعام الجديد فرضت نفسها على الواقع العراقي وحرمت العراقيين من التمتع بفرحة العام الجديد الذي يبقى الأمل والدعاء فيه فقط إلى الله لانقاذ الشعب العراقي من هذه المحنة.