بلومبيرغ: الهدنة بين ماكرون وأردوغان محكومة برحيل ميركل وحالة العداء تناسبهما أكثر

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: تساءل الكاتب بوبي غوش في موقع “بلومبيرغ نيوز” عن سبب التغير في نبرة العلاقات بين الرئيسي الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.

وقال الكاتب إن التهدئة اللفظية بين الرئيسين مرتبطة على ما يبدو برحيل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن السلطة في بلادها بعد شهرين. وتوقع عدم استمرار الهدنة لأن الرئيسين يربحان كثيرا من حالة العداء.

وتحدث عن رحلة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الأولى لأوروربا الشهر الماضي، حيث كان في مركز الاهتمام عندما شارك في قمة مجموعة السبع ومؤتمر الناتو في بروكسل. وحصلت ميركل على بعض الأضواء نظرا لأن القمة هي الأخيرة لها قبل تنحيها عن السلطة. وبعيدا عن الأضواء، كانت هناك مسرحية تجري بين الرئيسين ماكرون وأردوغان، حيث حاولا ترطيب الأجواء بينهما.

وبحسب وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، فقد اتفق الزعيمان على “مرحلة وقف النار اللفظية” في علاقاتهما. واستخدم لودريان مصطلحا عادة ما يستخدمه مستشارو الزاوج، وهو مناسب لوصف العلاقة بين الزعيمين. فالضغينة المتبادلة بينهما والرفض المستمر نابعة من الحساسيات الشخصية أكثر من الحسابات الجيوسياسية. فقد تحدث الزعيم التركي عن حالة ماكرون العقلية، واتهم الرئيسُ الفرنسي نظيرَه بالكذب وقلة احترامه لفرنسا من بين عدة أشياء.

والسؤال هو عن سبب التعليق المفاجئ في الحرب العدائية؟

فما حدث لم يكن نتيجة حادث أدى إلى لقاء الرجلين في بروكسل، ولا مأساة مشتركة استدعت تنحية الخلافات جانبا، أو وساطة قام بها صديق مشترك لهما. والتفسير المحتمل لهذا هو تغير شخصية القيادة الرئيسية في بروكسل. فوصول بايدن ورحيل ميركل القريب، دفع كلا من ماكرون وأردوغان إلى وضع الخلافات جانبا حتى يكونا ضمن الطاقم. ويضيف أن دور أردوغان قد تلاشى، فلم يعد للزعيم التركي الصلة المباشرة للبيت الأبيض التي تمتع بها في عهد دونالد ترامب. فبعد وصف بايدن له بـ”المستبد” لن يتسامح مع خطابه المعادي لأمريكا والغرب كما كان ترامب. وربما كان هذا هو السبب الذي دفع بأردوغان لتخفيف خطابه في الأشهر الماضية. وكان رده حذرا في نيسان/ أبريل على قرار بايدن الاعتراف بإبادة الأرمن أثناء الدولة العثمانية، ولم يظهر في لقائه مع بايدن في بروكسل التباهي الذي كان يظهر في لقاءاته مع ترامب.

لكن أردوغان سيفتقد ميركل أكثر من افتقاده لترامب. فالمستشارة الألمانية كانت الزعيمة الأوروبية الوحيدة التي يحترمها أردوغان وبصدق. وكان يعتمد عليها لكي تضبط القادة الأوروبيين بمن فيهم ماكرون الذين يريدون الرد وبقوة على الاستفزازات التركية.

ولم تكن علاقاتهما سهلة دائما، فقد اتهم أردوغان ميركل باستخدام أساليب نازية عندما ألغت مناسبة انتخابية في ألمانيا، مما أدى لرد فعل قوي من برلين. من جانبها، ردت ميركل بعداء على تهديد أردوغان بإغراق أوروبا بالمهاجرين. ورغم ذلك، فقد فضّلته وخصّته بزيارة رسمية عام 2018، في إشارة لقادة أوروبا أن ألمانيا لن تمضي في عداء تركيا. ورد أردوغان الجميل بالاستماع إليها أكثر من أي زعيم غربي. فعندما وصلت تركيا واليونان إلى حافة المواجهة البحرية في شرق المتوسط، نزعت ميركل الفتيل بمكالمة واحدة. ووصلت الرسالة إلى ماكرون الذي كان يحرض على مواجهة أوروبية- تركية.

وسيشعر الزعيم الفرنسي بالفرحة لمشاركة بايدن موقفه من أردوغان وأنه مستبد، وربما شعر بالجرأة ودفع باتجاه تهميش تركيا في حلف الناتو. لكنه يتطلع لحمل الراية بعد ميركل، ومن الواجب عليه إظهار موقف رجل الدولة تجاه جار يمكنه فتح الحدود وإرسال 3.6 مليون لاجئ إلى أوروبا.

وأمام هذه الاعتبارات، هناك العديد من المصالح المتضاربة بين تركيا وفرنسا، من شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء إلى شرق المتوسط والقوقاز. ومن الصعب رؤية التزام كل من أردوغان وماكرون بالتهدئة اللفظية. وكلاهما سيحصل على فائدة من العداء المستمر في الداخل والخارج. فماكرون يستخدم الشك المتبادل من طموحات أردوغان لتقوية علاقاته مع العالم العربي. ويتحدث عن التهديد التركي على الديمقراطية الفرنسية، محذرا من حرب التضليل التي قد تستخدمها تركيا للتأثير على الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

ولدى أردوغان حتى عام 2023 قبل مواجهة الناخب التركي، وحاول استخدام منظور الأعداء الأجانب لحرف النظر عن المشاكل الاقتصادية. وعدوانية من ماكرون قد تناسبه جيدا. ولو استمر الرجلان في مواجهة بعضهما البعض، فهل سيقوم خليفة ميركل بوقفهما عن الانزلاق؟

لكل هذا، حاول الرجلان بناء علاقات جيدة مع أرمين لاتشيت، المرشح لخلافة ميركل. وكان أردوغان أول من هنّأه بعد فوزه بزعامة الحزب المسيحي الديمقراطي في كانون الثاني/ يناير. أما ماكرون فقد استضافه في عدة مناسبات. ولو فازت الحصان الأسود أنيلينا بايربوك، زعيمة حزب الخضر، فستكون أخبارا سيئة لأردوغان. فهي ناقدة للحكام المستبدين وستقدم مصلحة الاتحاد الأوروبي على الناتو مما سيفرح ماكرون.

ويخلص الكاتب للقول: “حتى الانتخابات الألمانية في الخريف، من مصلحة الزعيمين الحفاظ على الهدنة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية